كورونا

اللجنة الوطنية الصينية للصحة تصدر دليلا شاملا للوقاية والعلاج من فيروس “كورونا”

يستمر فيروس كوفيد-19 في الانتشار  وتتفاقم جائحة الفيروس العالمي يوما بعد يوم وضربه لعدة مناطق في مختلف أنحاء العالم لذلك صار الفيروس بين ليلة وضحاها بؤرة الأخبار ومحور اهتمام كل سكان الأرض ولما كانت الصين هي أكثر دولة لديها خبرة في التعامل مع هذا المرض، فقد صدر عنها كثير من الكتيبات التي ترشدنا إلى الأسلوب الأمثل لمواجهته.

في هذا السياق أصدر بيت الحكمة  ترجمة للنسخة المحدثة الصادرة عن اللجنة الوطنية الصينية للصحة ومكتب الإدارة الوطنية للطب الصيني وهو دليل شامل لفيروس كورونا المستجد ويحتوي الكتيب على معلومات عن طبيعة الفيروس وكيفية الوقاية منه والتأثير النفسي للفيروس وكيفية مواجهته.

أولا : ما هو فيروس كورونا

عرف الكتيب فيروسات “كورونا” بأنها فئة كبيرة من الفيروسات موجودة على نطاق واسع في الطبيعة، وسميت بهذا الاسم نظرا لأنها تتخذ شكل التاج عند فحصها تحت المجهر الإلكتروني.

ويصيب الفيروس الفقاريات فقط حتى الان حيث تصيب في البداية الحيوانات وعندما يحدث تحور في الفيروس حينها ينتقل إلى الانسان ويستنسخ بداخله ومن ثم ينتشر بين البشر مسببا أمراض بالجهاز التنفسي والهضمي والعصبي.

وتتميز الفيروسات التاجية بعدة خصائص أولها حساسيتها للأشعة الفوق بنفسجية والحرارة حيث تنخفض مقاومة الفيروس ويموت أذا ما تعرض إلى حرار 56 درجة مئوية لمدة 30 دقيقة علاوة على أنها لا تتحمل الأحماض او القلويات حيث ان الإيثير ثنائي الإيثيل,  والكحول الإثيلي بتركيز 75% , والكلور المطهر والكلوروفورم , وغيرها من المذيبات الدهنية فعالة في القضاء على الفيروس.

أما عن فيروس كورونا المستجد ” كوفيد-19″ فهو يعد سلالة جديدة من الفيروسات التاجية التي لم تكتشف في البشر من قبل ويمتلك خصائص جينية مختلفة عن فيروسي “سارس” و”مارس” إلا ان الأبحاث الحالية تشير إلى أن هناك تشابها كبيرا بين فيروس كورونا المستجد والفيروس التاجي الموجود في الخفافيش والمسبب لمرض سارس.

وتتعدد مصادر العدوى بالفيروس الا ان الطرق الرئيسية لانتقال العدوي تتمثل في محورين أساسيين وهما؛ أولًا:  التعامل المباشر مع المريض الحامل للفيروس عن طريق استنشاق الرزاز عند العطس او السعال او الكلام او حتى ملامسة اليد الملوثة بالفيروس لتجويف الفم أو الانف أو العين أو غيرها من الأغشية المخاطية.

ثانيا : التعرض للعدوى عن طريق الهباء الجوي في البيئة المغلقة حيث ينتشر الرزاز الخارج من المريض ويظل عالقًا في الهواء مشكلا بعثرات رغوية.

يذكر أن الفيروس بإمكانه ان يبقي نشطًا على أزرار المصاعد ومقابض الأبواب وغيرها لمدة تتجاوز 48 ساعة.

ثانيا : الأعراض والتشخيص

وأشار الدليل الشامل لفيروس كورونا المستجد إلى  أن فترة حضانة الفيروس تمتد من يوم إلى نحو 14 يومًا وفي أغلب الأحيان تظهر الاعراض خلال 3 إلى 7 أيام.

وتتمثل الاعراض الرئيسية التي تظهر على المريض في :

  • الحمّى والسعال الجاف والاعياء الشديد .
  • الضيق في التنفس وانخفاض نسبة الاكسجين في الدم في الحالات الشديدة.

بالإضافة إلى الأعراض المذكورة فقد تظهر بعض الأعراض غير الشائعة مثل:

  • ظهور اعراض أولية كفقدان الشهية والقيء والاسهال والصداع.
  • خفقان بالقلب و ضيق الصدر والتهاب الملتحمة والام عضلات الأطراف ومنطقة اسفل الصدر.

جدير بالذكر انه نادر الحدوث مع أعراض حمل الفيروس ,  انسداد الانف والرشح والتهاب الحلق واعراض البرد العادية.

وأفاد الكتيب بأن الأشخاص الأكثر عرضة للعدوى هم الذين تعرضوا لبيئات بها اشخاص أو حيوانات برية أو أشياء ثبت بالتحليل إصابتها بفيروس كورونا المستجد مثل :

  • شخص له سجل سفر أو إقامة خلال 14 يوما لمنطقة موبوءة بالفيروس.
  • أن يكون الشخص على اتصال مباشر خلال 14 يوما بأحد المرضي الحاملين للفيروس.
  • فحص التصوير التشخيصي الطبي للإصابة بالالتهاب الرئوي حيث تظهر في المرحلة المبكرة من المرض بقع صغيرة سوداء وتغيرات بينية في الرئة.
  • عند فحص الدم الوريدي في مرحلة مبكرة من المرض, يكون العدد الإجمالي لخلايا الدم البيضاء قليلًا نسبيًا وعدد الخلايا الليمفاوية منخفضًا.

 الا ان التجمعات هي الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس وانتقال العدوي بكل سهولة فالأفراد بشكل عام يفتقرون الي المناعة ضد الفيروس الذي يتسم بسرعة الانتشار في التجمعات البشرية.

التدابير المتخذة عند الإصابة بالفيروس

إذا ظهر على الفرد أعراض اشتباه في الاصابة بفيروس كورونا المستجد فينبغي عليه في البداية اتباع الاجراءات الوقائية وعزل نفسه عن المحيطين به والحفاظ علي مسافة مناسبة بينه وبين افراد عائلته والمخالطين به. وتتمثل إجراءات العزل في المنزل كالاتي:

  • تهيئة غرفة فردية جيدة التهوية مع منع الزيارات اثناء فترة العزل.
  • تقييد الأنشطة التي يمارسها الشخص المشتبه في اصابته مع تقليل المساحة التي يشاركها مع باقي افراد الاسرة.
  • في حالة العطس والسعال يجب التخلص من الشيء الذي لامس الفم والانف في سلة مهملات مخصصة لذلك .
  • تعقيم ملابس وأدوات المشتبه في اصابته في درجة حرارة تتراوح بين 60-90 درجة مئوية.
  • علي بقية افراد الأسرة استخدام أدوات الوقاية في التعامل مع المشتبه به ومنع الشخص المتعامل مع المريض من مخالطة الغير لحين تأكده من عدم الإصابة هو الاخر.

 اما في حالة تطور الاعراض وشدتها,  يقوم المريض بالاتصال بالخط الساخن التابع للدولة لعمل التحاليل اللازمة واذا تأكدت الاعراض فيتم عزل المريض بإحدى مستشفيات العزل و فرض إجراء مراقبة صحية على البيوت والتجمعات التي اختلط بها المريض لمدة 14 يوم,  وهو اجراء شائع في المجتمع الدولي,  وخلال فترة المراقبة ، يقوم موظفو الصحة  بقياس درجة الحرارة مرتين على الاقل لمن كانوا على اتصال بالمريض كما يستعلمون عن حالتهم الصحية، فإذا ما ظهرت أي أعراض على الحالات المتصلة بالمريض يتم ارسالها فورًا الي المؤسسات الطبية المعنية بالتشخيص والعلاج والعزل.

ووفقًا  لـ “خطة التشخيص والعلاج  فإن المعايير التي يتم على أساسها خروج

المريض من الحجر الصحي ومغادرة المستشفى تتمثل في:

  • عودة درجة حرارة الجسم لوضعها الطبيعي لأكثر من ثلاثة  أيام.
  • تحسن أعراض الجهاز التنفسي بشكل ملحوظ.
  • تحسن ملحوظ في التصوير الطبي التشخيصي للعلامات الموجودة على الرئة.
  • نتيجة اختبار سلبية للحمض النووي للعينات الفيروسية في الجهاز التنفسي لمرتين ويكون الفاصل الزمني لأخذ العينات يوما واحدا على الأقل.
  • عند استيفاء المعايير المذكورة أعلاه يمكن التصريح للشخص المتعاف بالخروج من الحجر الصحي ومغادرة المستشفى، أو تحويله حسب الحالة إلى قسم آخر لتلقي العلاج.

وقد أشار الكتيب بأنه لا توجد الي الأن ادوية محددة فعالة لعلاج حالات العدوي بفيروس كورونا المستجد, الا ان الخبراء في كل انحاء العالم لا يتوانوا عن فحص الأدوية الفعالة في علاج الالتهاب الرئوي الناجم عن الفيروس وتطوير ادوية ولقاحات جديدة من شأنها القضاء علي اعراضه.

ثالثًا : الوقاية

افرد الكتيب العديد من التدابير الواجب اتخاذها يوميًا للوقاية من عدوي فيروس كورونا المستجد.

أولًا الوقاية الشخصية

  • تقليل الخروج من المنزل وتجنب الذهاب للمناطق الموبوءة بالفيروس والحد من التواجد في الأماكن المزدحمة وتنفيذ تدابير الوقاية الشخصية .
  • الحرص علي النظافة الشخصية والعادات الصحية السليمة و الاحتفاظ بترمومتر لقياس درجة الحرارة, ولوازم التطهير المنزلي .
  • لا حاجة لوضع الكمامة في الأماكن المفتوحة جيدة التهوية انما يتم وضعها في الأماكن المزدحمة المغلقة ضعيفة التهوية.
  • تعتبر كل من الكمامات المصنوعة من القطن أو الاسفنج أو الكربون النشط غير فعال في الوقاية من فيروس كورونا.
  • اتباع الطرق السليمة لغسل الايدي الممثلة في فرك الايدي جيدًا بالصابون والمطهر والماء الجاري النظيف لمدة تتجاوز العشرون ثانية مع التنشيف جيدًا بعد الغسل.
  • التهوية الفعالة للأماكن المغلقة والممثلة في أن يكون وقت التهوية ثلاث مرات يوميًا لمدة 15-30 دقيقة كل مرة, في الأوقات من الساعة 9 حتي 11 صباحًا, ومن الساعة 1 حتي الساعة 4 بعد الظهيرة, ومن الساعة 7 حتي 10 مساء.
  • تقوية المناعة عن طريق الالتزام بنظام غذائي معقول, والمكون من 250-400 جرام من الحبوب والنشويات مع 150-200 جرام من البروتينات عالية الجودة مثل اللحوم الحمراء والسمك والبيض واللبن والبقوليات ومنتجاتها, بالإضافة الي تناول الكثير من الخضروات والفاكهة مع تناول كميات معتدلة من مصادر الدهون عالية الجودة كالمكسرات والفول السوداني وغيرها .
  • التأكد من شرب كمية كافية من الماء علي مدار اليوم بإجمالي 1500 – 2000 مللي يوميًا .
  • الفصل بين الطيور و الحيوانات النيئة والمطبوخة في المبرد المنزلي وتجنب ملامسة الاغشية المخاطية بعد ملامسة أو غسل الطيور النيئة.
  • عدم الاشتراك في استخدام المناشف او أدوات تناول الطعام مع الغير.
  • الامتناع عن التدخين وشرب الخمر والتقليل من تناول الأطعمة اللاذعة والحارة.
  • ü      ضمان النوم الكافي, فالسهر يدمر الجهاز المناعي مما يسهل الإصابة بالعدوي, فيجب ان ينام الشخص البالغ من 7-8 ساعات يوميًا.
  • تقليل أوقات استخدام الأجهزة الالكترونية وزيادة أوقات ممارسة الرياضة.

ثانيًا تطهير المنزل :

  • التطهير الدوري للهواتف المحمولة ومقابض الأبواب و الريموت كونترول وما الي ذلك من المتعلقات الشخصية الصغيرة.
  • يمكن القضاء علي الفيروسات باستخدام الكحول الإثيلي بتركيز 75%, أو منتجات الكلور الشائعة علي ان تكون تلك المحاليل مخففة عند الاستعمال.
  • تجنب خلط الكلور بمنظفات المرحاض  لأن منتجات الكلور تتكون بشكل رئيسي من مركب هيبوكلوريت الصوديوم، ومنظفات المرحاض تتكون من حمض الهيدروكلوريك، وعندما يتم خلطهما معا يحدث تفاعل كيميائي وينتج غاز الكلور السام.
  • نقع المناشف و ملابس والفراش بالطهر لمدة 20 دقيقة قبل الغسل بماء نظيف جاري, وغسلها مرة اخري بمنظفات الغسيل.
  • غلي الاكواب وأدوات الطعام لمدة تتراوح ما بين 15-30 دقيقة لتطهيرها.

ثالثًا: إجراءات الوقاية عند الذهاب الي المستشفى

  • تجنب الذهاب الي المستشفى باستثناء حالات الطوارئ والحالات الحرجة التي تتطلب العلاج الفوري.
  • اذا اضطررت للذهاب الي المستشفى فقم باختيار اقرب مؤسسة صحية لك يمكنها تلبية احتياجاتك وبها اقل عدد ممكن من العيادات.
  • يلزم علي المريض والشخص المرافق وضع كمامة جراحية طبية اثناء طريقهما الي المستشفى وخلال فترة تواجدهم بها.
  • تجنب ركوب المواصلات العامة اثناء الذهاب الي المستشفى .
  • الحفاظ علي تعقيم اليد باستمرار طوال فترة الزيارة.
  • الحفاظ علي مسافة بينك وبين الاخرين خلال التواجد في المستشفى.
  • عند العودة من المستشفى يجب خلع الملابس فورًا وغسلها بالمطهر والماء الجاري.

رابعًا : الرعاية النفسية

 افاد الكتيب بأنه في مواجهة الوباء, سيصبح لدي الافراد مستويات مختلفة من القلق والتوتر والذعر والغضب, وسيربطون أي وعكة صحية تنتابهم بالوباء المنتشر, ويمكن ان تؤدي هذه التغيرات النفسية الي بعض الاعراض الجسدية, مثل الشعور بضيق الصدر و ضيق التنفس و وفقدان الشهية والصداع, ويمكن ان يمرّ بعض الناس بمجموعة من الاعراض الأخرى مثل صعوبة النوم و الاستيقاظ المبكر والكوابيس وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الاعراض الأخرى.

أما عن ردود الأفعال الناجمة عن الضغط النفسي لدى المرضي المعزولين فهي اكثر حدة من الناس العاديين, فهناك بعض المرضي سيشتكون من ظلم القدر, بينما سيندم البعض الاخر علي افعالهم التي أدت الي اصابتهم بالمرض, في هذه الحالة، سيطلب بعض المرضى مرارًا إجراء فحوصات طبية، وسيصعب إرضاؤهم بينما سيرفض آخرون تناول أدوية معينة؛ كما يمكن أن يتصرف بعض المرضى بشكل متطرف انفعاليا. وبالتالي، ستؤدي هذه التغيرات النفسية إلى تفاقم الاعراض الجسدية.

تخفيف العبء النفسي في فترة الوباء

ذكر الكتيب بعض الأدوات التي من سبيلها ان تخفف العبء النفسي لدي “الافراد عامة والطاقم الطبي خاصة ” اثناء فترة الوباء ويتمثل تخفيف العبء النفسي للأفراد في؛ فهم الوضع الوبائي جيدًا ومعرفة طرق الوقاية من مصادر موثوق فيها بالإضافة الي اتخاذ الإجراءات الوقائية الفعالة والحفاظ علي جدول منتظم لأوقات العمل والراحة و تعزيز ممارسة الرياضة,  وبناء عادات يومية جيدة.

وأخيرا تطرق الكتيب للصحة النفسية الخاصة بالطاقم الطبي في الخطوط الامامية , حيث يواجهون الفحوصات السريرية كل يوم, غير عابئين بإرهاقهم الجسدي والمعنوي علاوة علي قلقهم المتزايد علي اسرهم وذويهم وقد أشار الدليل الشامل لفيروس كورونا الي عدة إجراءات يجب ان يتبعها الطاقم الطبي لتخفيف حالته النفسية و منها فهم ردود الأفعال المحتملة الناجمة عن الاجهاد في العمل والاستعداد النفسي لها قبل البدء في العمل والحرص علي اخذ قسط من الراحة لضمان النوم الكافي بجانب البقاء علي اتصال مع العائلة والأصدقاء والتشجيع والدعم المتبادل بين رفاق العمل.

+ posts

باحثة ببرنامج السياسات العامة

د.آلاء برانية

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى