
تصعيد تركي قريب في طرابلس … الجيش الوطني يستعد
تتزايد المؤشرات الميدانية والسياسية داخل العاصمة الليبية وخارجها، على أن معركة طرابلس ستشهد خلال الأيام القليلة المقبلة، جولة تصعيد جديدة من جانب ميليشيات حكومة الوفاق، ومرتزقتها السوريين، ومن خلفهم الدعم التركي المستمر بالعتاد والسلاح، عبر الطائرات والسفن المدنية، وهي مؤشرات، دعت وحدات الجيش الوطني الليبي في محاور القتال بالعاصمة، وشرقي مصراتة، إلى إعلان استنفارها الكامل، واستعدادها للجولة المقبلة من المعارك، التي قد تكون هي الجولة الحاسمة في مرحلة ما بعد استقالة غسان سلامة.
المؤشرات الميدانية … الميليشيات تتجهز للهجوم
بدأت المؤشرات الميدانية، التي تؤشر على بدء الميليشيات التجهيز لهجوم كبير على مواقع الجيش الوطني في طرابلس، في الظهور بشكل واضح منتصف الشهر الماضي، بعد أن تزايدت وتيرة نقل الأسلحة والذخائر من تركيا إلى ميناء طرابلس، عبر سفن الشحن المدنية، ومن بينها سفينة الشحن الألبانية (آنا)، القادمة من ميناء مرسين التركي، والتي أستهدف الجيش الوطني بالمدفعية، حاويات الأسلحة التي تحملها، عقب تفريغها من على متنها في ميناء طرابلس.، وهي العملية التي أسفرت عن مقتل ثلاثة ضباط أتراك على الأقل.
تعززت هذه المؤشرات، يوم الجمعة الماضي، بعد التصاعد الكبير في عمليات الدرونز التركية في أجواء العاصمة الليبية، حيث شهد هذا اليوم، معركة جوية كبيرة، بين الدفاعات الجوية للجيش الوطني، والدرونز التركية، التي انطلقت من نقطتين رئيسيتين، الأولى هي مطار معيتيقة المدني، والثانية هي مصفاة النفط الموجودة في مدينة الزاوية غربي العاصمة. حاولت الدرونز استهداف مواقع الجيش الوطني والمناطق المدنية في كل من قصر بن غشير، مطار طرابلس الدولي، وادي الربيع، سوق الخميس، الطويشة وقاعدة الوطية الجوية، إلا أن الدفاعات الجوية للجيش الوطني نجحت في إسقاط كافة الدرونز المشاركة في هذا الهجوم، والتي تراوحت أعدادها بين سبعة وعشرة طائرات، قبل ان تقوم بقصف أهدافها، عدا طائرتين تم اسقاطهما عقب قصفهما لمحيط مطار طرابلس الدولي ومنطقة قصر بن غشير.
عقب هذه المعركة الجوية، بدأت ميليشيات طرابلس، وما يتبعها من عناصر مرتزقة سورية الجنسية، في الهجوم على مواقع الجيش الوطني في جميع محاور العاصمة، خاصة المحاور الجنوبية مثل محور مطار طرابلس الدولي، ومنطقة السبعة، ومحور مشروع الهضبة. بجانب محور العزيزية، الذي حاولت من خلاله الميليشيات، الضغط على وحدات الجيش الوطني المتواجدة في جنوبي مطار طرابلس، وفي منطقة الرواجح في محور القره بوللي شرقي العاصمة. يضاف إلى ذلك هجمات أخرى للميليشيات من مواقعها في السدادة شرقي مصراتة باتجاه مواقع الجيش الوطني غربي سرت. وهي هجمات تم إحباطها بشكل كامل من جانب الجيش الوطني، خلال الساعات الأولى لبدئها. ترافقت هذه الهجمات مع ضربات للمدفعية التركية، أنطلاقاً من مرابضها في عين زارة (معسكر فاطمة)، ومنطقة السبعة (مبنى الأمن الخارجي)، ومنطقتي غابة النصر ومشروع الموز. وهي عمليات مستمرة منذ أسابيع، خاصة ضد منطقة قصر بن غشير.
في أعقاب انكفاء هذه الهجمات، بدأت ميليشيات العاصمة في إغلاق بعض الطرق والمحاور داخل العاصمة، بشكل مؤقت، وذلك لتأمين عمليات نقل وتخزين الأسلحة والذخائر، في مناطق قريبة من خطوط التماس جنوبي العاصمة، وذلك بهدف الأستعداد لموجة هجوم كبيرة، متوقعة خلال الأيام المقبلة. فأغلقت الميليشيات الطريق الساحلي السريع، الرابط بين قلب العاصمة ومنطقة جنزور، والمار على منطقة غوط الشعال، من أجل نقل كميات من الذخائر والأسلحة إلى منطقة قرجي.
كذلك أغلقت الميليشيات لفترة وجيزة، الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة ومنطقة القره بوللي الواقعة شرقها، وتحديداً النطاق المار بمنطقتي النقازة والقويعة، وذلك لنفس السبب السابق ذكره. يضاف إلى ذلك قيام ميليشيا (الردع) بحملة إعتقالات وخطف طالت عدد كبير من المدنيين، على خلفية اتهامات بدعمهم للجيش الوطني، وذلك في عدة مناطق بالعاصمة، من بينها غوط الشعال. كل ما سبق كان من الدوافع الأساسية، التي حدت بقيادة الجيش الوطني الليبي، لإستهداف بعض هذه المواقع، بجانب مرابض المدفعية الخاصة بميليشيات الوفاق، وكذا العملية الميدانية التي تم من خلالها، دخول مدينة العزيزية الإستراتيجية جنوبي العاصمة، وهو ما أدى إلى قطع طريق الإمداد الرابط بين العاصمة ومدينة غريان.
من المؤشرات الميدانية المهمة في هذا الصدد، رصد طلعات جوية لسلاح الجو التركي، إلى مطار جربة التونسي، وهي طلعات كانت بعض الأنباء الصحفية قد تحدثت عنها خلال الأسابيع الماضية، دون أن يوجد ما يؤكدها بصورة قطعية. الطائرات المقصودة هنا هي طائرات النقل العسكري من نوع سي 130، وعلى الرغم من أن الأوساط الصحفية في تونس، تربط بين هذه الطائرات، وبين المشاركة التركية في معرض الطيران الدولي، الذي يقام هذا الشهر في مدينة جربة التونسية، إلا أن عدد الطائرات التركية التي وصلت إلى تونس، وكذلك نقل هذه الطائرات بعض الدرونز التركية، بحجة عرضها في هذا المعرض، كلها مؤشرات تثير الشكوك، خاصة في هذا التوقيت.
كذلك، شملت العمليات الجوية التركية قبالة الساحل الليبي، تواجد لطائرات المراقبة الساحلية ATR-72، تابعة لسلاح الجو التركي. يضاف إلى ما سبق، المعلومات التي أفاد بها المتحدث بإسم الجيش الوطني، عن ان عدد من الضباط الأتراك، المتمركزين في مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس، بدأوا بالفعل في الأنتقال إلى مدينة مصراتة، تحت ضغط الضربات المتكررة لمواقعهم داخل المطار، من جانب قوات المدفعية التابعة للجيش الوطني.
كان قد صرح المتحدث بإسم الجيش الوطني، بإن قوات الجيش أحبطت سابقاً عدة محاولات من جانب ميليشيات الوفاق، للهجوم على محور الوشكة – أبو قرين، من أجل الدخول إلى مدينة سرت شرقي العاصمة، ومن ثم تهديد الهلال النفطي. وعلى ما يبدو فإن ميليشيات الوفاق تتجهز بالفعل لتنفيذ ذلك، فقد زار وزير الداخلية المفوض في حكومة الوفاق فتحي باشاغا أمس، قوات ما يعرف ب (غرفة العمليات الميدانية لسرت والجفرة)، أجرى خلالها لقاءات مع قادة الميليشيات المتمركزة غربي محور التماس في الوشكة – أبو قرين.
باحث أول بالمرصد المصري