
“فورين بوليسي” : لماذا يعارض البيت الأبيض دولة فلسطينية ذات “سيادة”
ذكرت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية أن الولايات المتحدة تسعى لإعادة كتابة تاريخ السلام في الشرق الأوسط وتلقي الضوء في تقريرها على الاستراتيجية الأمريكية للتفاوض والتعامل حول خطة السلام مع مختلف الدول ومنظمة الأمم المتحدة وتشير للطريقة التي تدير بها المفاوضات خلف الكواليس .
ونشرت الصحيفة وثائق تقول إنها التعديلات التي اقترحتها الولايات المتحدة على مشروع قرار فلسطيني مناهض لخطة السلام الأمريكية.
وفيما يلي مقال فورين بولسي والوثائق التي نشرتها.
وفيما يلي مقال فورين بولسي والوثائق التي نشرتها.
وأشار تقرير الصحيفة إلى نجاح إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في منع الفلسطينيين من الوصول لقرار يدين خطة البيت الأبيض للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويعقبها خرق للقانون الدولي من خلال مجلس الأمن هذا الأسبوع.
وأوضح التقرير أن إدارة ترامب عرقلت هذا الأسبوع محاولة الفلسطينيين للفوز بدعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لقرار يدين خطة السلام التي طرحها البيت الأبيض، إدانة من منطلق أنها تمثل خرقا للقانون الدولي.
يأتي هذا بعد محاولات الإدارة السابقة إقناع الفلسطينيين وحلفائهم بالتخفيف من حدة القرار الذي يسعون لتقديمه، وذلك عبر سلسلة من التعديلات الأمريكية التي تزيل الإشارات إلى إسرائيل بوصف «سلطة الاحتلال» وحذف كلمة «السيادة» من وصف كل من الدولتين الإسرائيلية والفلسطينية.
وحصلت ” فورين بولسي” على نسخة من التعديلات الأمريكية على القرار الذي كانت تسعى فلسطين لاستصداره من مجلس الأمن ثم قامت بسحبه في وقت لاحق.
وأوضحت الصحيفة أن الموقف الحالي للولايات المتحدة يتناقض مع الحكم الذاتي الفلسطيني بشدة، رغم ترويج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمبدأ السيادة الوطنية خلال خطابه في سبتمبر عام 2019 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حين أكد في تصريحه أن: «المستقبل ملك للدول المستقلة وذات السيادة التي تحمي مواطنيها، وتحترم جيرانها، وتقدر الاختلافات المحققة لكل دولة خصوصيتها وفرادتها».
واعتبرت الصحيفة أن السيادة بالنسبة للفلسطينيين تعد «مفهوما غير متبلور» لا يمكن الوثوق به في أيدي قادتهم، وذلك وفقا لمقترح ترامب للسلام في الشرق الأوسط، والذي جاء تحت عنوان «رؤية للسلام والازدهار ومستقبل أكثر إشراقا لإسرائيل والشعب الفلسطيني» المعلن في مؤتمر صحفي عقده البيت الأبيض للرئيس الأمريكي في 28 يناير الماضي بصحبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تقول الخطة المعلنة إن “الحل الواقعي يمنح الفلسطينيين السلطة الكاملة لحكم أنفسهم ولكن ليس القوة لتهديد إسرائيل. يسلتزم هذا بالضرورة قيودا على بعض السلطات السيادية في المناطق الفلسطينية.. مثل استمرارية مسؤولية الأمن الإسرائيلية والسيطرة الإسرائيلية على المجال الجوي غرب نهر الأردن”.
وتقول الخطة إن “الحل الواقعي يمنح الفلسطينيين السلطة الكاملة لحكم أنفسهم ولكن ليس القوة لتهديد إسرائيل. يسلتزم هذا بالضرورة قيودًا على بعض السلطات السيادية في المناطق الفلسطينية”.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أنه في وقت سابق من هذا الشهر، عمِد الفلسطينيون – بدعم من إندونيسيا والحكومة العربية الوحيدة في مجلس الأمن تونس – إلى تعميم مشروع قرار «يأسف بشدة» لأن خطة ترامب للسلام “تنتهك القانون الدولي” و”تتعارض” مع مجمل قرارات الأمم المتحدة والمرجعيات المعتمدة دوليا لتحقيق حل عادل وشامل ودائم للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
ولفت تقرير الصحيفة الأمريكية إلى لجوء كبار المسؤولين الأمريكيين في واشنطن وعواصم العالم للضغط على الحكومات الممثلة في المجلس المؤلف من 15 دولة لمعارضة المبادرة، وذلك في محاولة منهم لتفادي تمرير مشروع القرار.
ويذكر التقرير مثالا على ذلك، إذ استدعى الأسبوع الماضي سفير تونس في الأمم المتحدة منصف البعتي بصورة مفاجئة إلى العاصمة ليطرد من منصبه، وذلك بسبب قيادته مفاوضات متعلقة بمشروع قرار فلسطيني أولي.
جاءت إقالة السفير بعد اتصال مستشار ترامب في الشرق الأوسط وصهره جاريد كوشنر بكبار المسؤولين التونسيين لتحذيرهم من أن هذه الخطوة قد تضر بالعلاقات الأمريكية مع تونس.
وأصدرت وزارة الخارجية التونسية بيانا على إثر ذلك تقول فيه إن قرار إعفاء المندوب الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة صدر “لاعتبارات مهنية بحتة تتعلق بضعف الأداء، وغياب التنسيق، والتفاعل مع الوزارة في مسائل مهمة مطروحة للبحث في المنتظم الأممي”، مضيفة أن «عضوية تونس غير الدائمة بمجلس الأمن تقتضي التشاور الدائم والتنسيق المسبق مع الوزارة بما ينسجم مع مواقف تونس المبدئية ويحفظ مصالحها”.
وذكر تقرير الصحيفة أن الوفود الفلسطينية والإندونيسية والتونسية وزعت بعد ذلك مسودة “ضعيفة” تتميز بلهجة أقل انتقادا من النسخ السابقة، ويشار فيها ببساطة إلى أن الخطة الأمريكية ” تنحرف عن الاختصاصات والمعايير المعتمدة دوليا لتحقيق حل عادل وشامل ودائم لهذا الصراع”.
لكن الولايات المتحدة الأمريكية استمرت بمناوراتها – بدعم بريطاني– بهدف وقف تمرير القرار صباح يوم الاثنين، معرِبة عن قلقها من احتوائه انتقادا ضمنيا لجهود السلام التي بذلها ترامب. واقترحت الولايات المتحدة للتعويض عن ذلك إضافة عبارة تقر باتفاق خطة ترامب “مع هدف تحقيق حل عادل وشامل ودائم لهذا النزاع”.
ليس واضحا بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستصوت في النهاية لدعم القرار في حال اعتماد التعديلات الأمريكية المقترحة، أم أنها تستخدم التعديلات لتجنب اللجوء لحق النقض (فيتو) لمنع تمريره من الأساس.
ينوه التقرير إلى أن الفلسطينيين قرروا في النهاية سحب مشروع القرار، متجنبة واشنطن بذلك الحاجة لاتخاذ إجراء ضده. توفر التعديلات الامريكية على أي حال لمحة مهمة لاستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية المتبعة في التفاوض وراء الكواليس في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وضربت الصحيفة أمثلة متعددة على التوجه الأمريكي العام تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يتمثل في سعي الولايات المتحدة إلى إلغاء الأحكام التي اعتبرت ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية أمرا غير قانوني، أو الأحكام التي دعت الدول إلى معارضة أي تغييرات على حدود إسرائيل قبل عام 1967 مما لم يتفق عليه الفلسطينيون والإسرائيليون.
كما أزالت الولايات المتحدة الأحكام التي تدين التغيير الديمغرافي للأراضي الفلسطينية المؤكدة مجددا على عدم شرعية المستوطنات في الأراضي التي استولت عليها إسرائيل منذ عام 1967، بالإضافة إلى “عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة”.
اقترحت الولايات المتحدة أيضا إلغاء أي إشارة صريحة إلى ما يقارب من عشرة قرارات سابقة لمجلس الأمن، فضلا عن الاتفاقات الدولية السابقة مثل مبادرة السلام العربية، والتي حددت الشروط الأساسية للتسوية المستقبلية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني المتواصل منذ عقود. وقدّمت الولايات المتحدة مقترحا بديلا لها يتلخص بصورة مبسطة بأن يذكر المجلس قراراته ذات الصلة.
تعكس هذه الخطوة الشكوك العميقة التي عبر عنها كوشنر وغيره من كبار المسؤولين في إدارة ترامب، حول دور الأمم المتحدة في عملية السلام في الشرق الأوسط، وجدوى قرارات الأمم المتحدة الحالية التي شكلت أساس محادثات السلام في الشرق الأوسط منذ عقود. تحاول إدارة ترامب قلب دبلوماسية الشرق الأوسط تماما عبر البدء من صفحة بيضاء جديدة.
وبرغم ذلك ترى الإدارة الأمريكية أن خطة السلام هي البديل لتلك القرارات وليست مكملة لها أو داعمة لها بأي شكل خطة السلام الأمريكية المكونة من 181 صفحة ذكرت ذلك صراحة حيث ذكر فيها “بينما نحن نحترم الدور التاريخي للأمم المتحدة في عملية السلام، فإن هذه الرؤية ليست تابعة للجمعية العامة ومجلس الأمن والقرارات الدولية الأخرى بشأن هذا الموضوع لأن هذه القرارات لم تحل ولن تحل النزاع“.
وفيما يلي أبرز التعديلات التي طلبتها الإدارة الأمريكية على مسودة القرار قبل سحبه :-

باحث ببرنامج السياسات العامة