الصحافة الدولية

الصين والفاتيكان يبحثان سبل تنفيذ اتفاقية تعيين الأساقفة

في 14 فبراير وعلى هامش مؤتمر ميونخ للأمن، التقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي ونظيره الفاتيكاني بول غالاغر لبحث علاقات الدولتين، فيما يُعتبر أعلى اتصال رسمي بينهما منذ أكثر من نصف قرن. 

ناقش الطرفان الاتفاق الموقع في 22 سبتمبر 2018 حول تعيين الأساقفة التي سبق أن أثار معارضة شديدة من المحافظين داخل الصين، لأنها كانت المرة الأولى التي سمحت فيها بكين للقوى الدينية الأجنبية بأن يكون لها رأي في شؤونها الداخلية. ورغم أن الاجتماع لم يُنتج جديدًا، إلا أن الجانبين تعهدا بمواصلة المحادثات.

جاء الاتفاق بالتزامن مع دعم الفاتيكان لبكين في مواجهتها لفيروس كورونا، إذ أعرب الفاتيكان في بيان له عن تقدير جهود بكين لمكافحة الفيروس، وأرسل 600 ألف قناع للمساعدة في الوقاية منه في ووهان وباقي المدن الصينية التي ضربها الفيروس، وهو ما قدّرته السلطات الصينية. واختتم بيان الفاتيكان بالأمل في تحقيق تعاون أكبر لتعزيز التعايش السلمي في العالم.   

دعم الفاتيكان لتايوان أحد عناصر الخلاف

أراد الفاتيكان تجديد الاتفاق في محاولة لتعزيز الحرية الدينية وحقوق الإنسان في دولة لها سجل من الانتقادات حول المجال الحقوقي. جدير بالذكر أن الفاتيكان تعد الدولة الأوروبية الوحيدة التي تعترف بتايوان. منذ وصول الشيوعيين إلى السلطة في الصين في عام 1949، قُطعت العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين وتم طرد البابوية عام 1951. 

وفي تصريح للمتحدث باسم الخارجية الصينية، قال إن هناك تقدير لحسن نية الفاتيكان والتحسن في علاقات البلدين، وإن الصين تسعى في نفس الاتجاه، لكن ستتطلب الزيارة البابوية التي تريدها الصين مزيد من المفاوضات والتنازلات التي ربما تشمل قطع العلاقات الدبلوماسية مع تايوان.

ما الذي تريده الصين من الاتفاق؟

رغم أهمية اتفاق توحيد الكنيسة الكاثوليكية الصينية مع البابوية، لكن يبدو أن بكين عازمة على رؤية الوحدة وفقًا لشروطها، لكنها تمنح البابا حق الفيتو. لكن استنكر الأسقف الفخري لهونج كونج ذلك الاتفاق واعتبره خيانة للفاتيكان. من جانب آخر، تريد الصين الاستفادة من القوة الناعمة للفاتيكان للترويج إلى عدم وجود اضطهاد ديني أو منع الشباب من دخول الكنائس، إذ تم تداول بيانات بفقدان وسجن عدد من الأساقفة والكهنة الكاثوليك، وأنه لا يزال وضع الكاثوليك غير مستقر، ويمكن احتجازهم بشكل جماعي في معسكرات مثل المسلمين.

وبعد توقيع الاتفاقية، نشرت الجمعية الوطنية الكاثوليكية الصينية ومجلس الأساقفة الصينيين، وهي المؤسسات الرسمية المشرفة على حوالي 60 أسقفًا صينيًا معترف بهم من قبل الفاتيكان وبكين، على مواقعهم على الإنترنت تعهدًا بالالتزام بمبادئ الاستقلال عن الفاتيكان، بما يدفع الدولة لتعزيز السيطرة على الدين.

تنبع أهمية الاتفاق المذكور في أنه يعد أداة أخرى لبكين –الملحدة رسميًا- لما يراه محللون قمعًا للمتدينين عن طريق اختيار الحكومة للأساقفة الكاثوليك، والتأثير في الأمور الدينية داخل روما، وهو ما يعد أمر كبير الأهمية بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية بسبب السيطرة على الدين خاصة مع الحديث عن التوجهات القمعية للأديان التي ذكرتها إحدى لجان الكونجرس بشأن الصين.

خلاصة القول، يتضح أن الصين من خلال اتفاقها مع الفاتيكان تسعى بقوة للحصول على أدوات تدعم مواقفها الخارجية خاصة في الجانب الحقوقي وتعدد الأديان، لكن يتوقف الأمر على قدرتها على إنتاج واقعي يمكّنها من استكمال جهودها لفرض شروطها على الآخر حتى وإن كان له الحق الصوري في الاعتراض، وفي المقابل يرى الفاتيكان نفسه قد حقق نجاحًا ملموسًا في تعزيز الحرية الدينية مع بكين.

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

فردوس عبد الباقي

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى