ليبيا

سفن تركية على الساحل الليبي..”ماكرون” يتحدث والوفاق تترقب

صرح الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، اليوم الأربعاء، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني، أن تركيا قد أخلت بتعهداتها في مؤتمر برلين، وأن بلاده رصدت سفناً تركية محملة بالمرتزقة والإرهابيين قادمة من سوريا إلى ليبيا. أهمية هذا التصريح لا تقتصر فقط على أنه تصريح مباشر وواضح، يتهم تركيا باتهامات، ظل الرئيس التركي يكيلها للجيش الوطني الليبي وقيادته، بل أيضاً لأنه أشار إلى الشق البحري من المجهود التركي الداعم لحكومة الوفاق في طرابلس، وهو الجانب الذي تجاهلته جميع الأطراف حتى الآن، بما فيها البعثة الأممية في طرابلس، وهو أيضاً مؤشر على بدء تركيا في التوجه إلى النقل البحري لهؤلاء المرتزقة، بعد أن باتت عمليات النقل الجوي مكشوفة بصورة كبيرة، وتزداد مخاطرها يوماً بعد آخر.

جدير بالذكر أن البحرية الفرنسية بدأت في مناورات مشتركة مع البحرية اليونانية، وتضمنت تصريحات ماكرون تأكيداً على التزام فرنسا باستقلال وسيادة قبرص واليونان، وهو ما يؤشر إلى تصاعد هجومي في العلاقات بين باريس وأنقرة. أيضاً جاء تصريح الرئيس الفرنسي في نفس اليوم، الذي انتشرت فيه على مواقع التواصل الاجتماعي، صور لبوارج حربية قبالة الساحل الليبي، وهي صور كان الهدف منها الإيحاء بأن البحرية التركية قد وصلت بالفعل إلى الساحل الليبي، وأن (عمليات إنزال) للجنود الأتراك، تجري في الوقت الحالي. لكن بتحليل المعلومات المتاحة، نكتشف أن حقيقة الوضع تختلف تماماً عما تم الإيحاء به.

إنزال بحري تركي في طرابلس؟

الصور المتداولة خلال الساعات الماضية، أظهرت قطعاً بحرية تركية قبالة الساحل الليبي، وهما فرقاطتين من الفئة “أوليفر هازارد بيري”، التي تسميها البحرية التركية “جابيا”، وبقربهما سفينة شحن مدنية. التفاصيل التي تم تداولها مع هذه الصور، أشارت إلى أن القطع البحرية التركية التي وصلت إلى الساحل الليبي، /ميناء طرابلس، هي أربعة فرقاطات وسفينة تموين بالوقود وسفينة شحن مدنية. واستمر تداول هذه التفاصيل لساعات عدة، إلا أن وزارة الدفاع التركية نفسها أحبطت هذه الأنباء.

حيث نشرت عبر حسابها على توتير في نفس اليوم، تسجيل مصور تظهر فيه عملية اعتقال عدد من المهاجرين غير الشرعيين، وتسليمهم في عرض البحر، إلى زورق لقوات حرس السواحل التابعة لحكومة الوفاق، وذلك دون أي تواجد أو حتى اقتراب من الساحل الليبي. وكانت الفرقاطة “غازي عنتاب” هي المنفذة لهذه العملية، وبالتالي اتضح من خلال هذا التسجيل أن التواجد البحري التركي قرب المياه الإقليمية الليبية، هو ضمن مهام مجموعة العمليات البحرية الثانية التابعة لحلف الناتو.

من المعروف أن البحرية التركية تشارك في عدة عمليات بحرية لحلف الناتو، منها عملية “درع البحر المتوسط”، التي تشارك فيها فرقاطة تركية من الفئة “ميكو 200″، وعملية “حارس البحر”، التي تشارك فيها بمجموعة من الفرقاطات التي تنتمي للفئة “أوليفر هازارد بيري”، وهي الفرقاطات جوكوفا 496، جيرسن 491، جوجسو 497، بجانب فرقاطة من الفئة “ميكو 200″، وهي الفرقاطة “أورسيرس “245، وغواصة من الفئة (209 تي2) هي الغواصة تشاناكالي 358.

تصريحات ماكرون تشبه “جرس إنذار”، للتحذير من التوجه التركي الجديد، وأيضاً لإلقاء مزيد من الضوء على استغلال تركيا لتواجد قطعها البحرية ضمن وحدات الناتو في البحر المتوسط، لتنفيذ مثل هذه الأنشطة المشبوهة، التي تساهم أكثر في تعقيد الوضع أكثر في الميدان الليبي، وإلى مزيد من الانتهاكات التركية لتعهداتها في مؤتمر برلين.

الخلافات الداخلية في حكومة الوفاق تتصاعد

سياسياً، استمرت التعليقات والتصريحات من جانب أعضاء في المجلس الأعلى للدولة، وفي جناح الإخوان المسلمين في ليبيا “حزب العدالة والبناء”، من ضمن هذه التعليقات، تصريحات لعضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر، أشار فيها إلى أن المجتمع الدولي بدء في سحب الثقة من حكومة الوفاق، ودلل على ذلك بتصريحات نائبة المبعوث الأممي إلى ليبيا “ستيفاني”، التي أشارت فيها إلى ضرورة انتقال مقر حكومة الوفاق والمؤسسات المالية والاقتصادية، إلى مدينة أخرى خارج العاصمة. كما وصف الشاطر مخرجات مؤتمر برلين بالمشبوهة، ورأى أن الهدف الأساسي منها هو إزاحة حكومة السراج، ومحاولة تشكيل حكومة جديدة متوافقة مع مطالب الجيش الوطني والحكومات الداعمة له.

من التصريحات اللافتة أيضاً، تصريح عضو المؤتمر العام عن حزب العدالة والبناء محمود عبد العزيز، الذي انتقد بيان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، الذي هدد فيه بعدم المشاركة في أية مناقشات سياسية مع قيادة الجيش الوطني في حالة استمرار هذا الأخير في العمليات العسكرية، حيث رأى عبد العزيز أن هذا البيان كان باهتاً وضعيفاً، ولم يغلق الباب بصورة كاملة على الحوار مع المشير حفتر.

جهود إيطالية مستمرة حول عملية “صوفيا”

إيطاليا من جهتها، بدأت في جهود أوروبية، لاستطلاع آراء دول حلف الناتو حول فكرة إعادة تفعيل عملية “صوفيا” البحرية، كي تكون مخصصة لمراقبة تدفق الأسلحة إلى ليبيا. وزير الخارجية الإيطالي “لويجي دي مايو”، عقد سلسلة من المباحثات الهاتفية، مع عدد من وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، من بينهم وزيري خارجية ألمانيا والنمسا، حول هذا الموضوع، الذي ترى روما أنه من الممكن تسهيله في حالة ما إذا انعقد الاجتماع الخماسي المشترك للجنة العسكرية الليبية المعروفة بلجنة (5 + 5) قريباً.

في نفس الإطار، التقي رئيس مجلس الدولة “خالد المشري”، بالسفير الإيطالي في طرابلس، وقد ظهر خلال هذا اللقاء، عدم ثقة المشري ومجلسه بالهدنة القائمة حالياً في العاصمة، أو بالمسارات التفاوضية المقترحة. وذلك عشية بدء مجلس الأمن اليوم اجتماعات لبحث مسودة القرار المقدمة من بريطانيا، حول وقف دائم للعمليات الحربية في ليبيا. ولعل أهم ما في هذه المسودة، هو الطلب المقدم للأمين العام للأمم المتحدة، ببحث الآليات الممكنة لمراقبة وقف إطلاق النار، والتي تتضمن مشاركة بعثات من منظمات إقليمية ودولية، مثل الاتحاد الأفريقي، الذي ينظم على مدى يومين في الكونغو، اجتماعاً حول الملف الليبي، يضم رئيس البعثة الأممية في ليبيا، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ورئيس الكونغو، بجانب ممثلي دول جوار ليبيا.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى