الصحافة العربية

قانون العقوبات القطري يثير انتقادات واسعة حول حرية التعبير

أثار إقرار الأمير تميم بن حمد أمير دولة قطر بشأن التعديلات التي أقرها على قانون العقوبات والخاصة بتعديل المادة 136 مكرر جدلاً واسعاً على صفحات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وانتقدتها المنظمات الحقوقية، واعتبرتها تراجعاً مقلقاً عن تعهدات قطر والخاصة بحرية التعبير والحقوق المدنية.

ونشرت صحيفة الراية القطرية بتاريخ 17 يناير الجاري تعديلات بعض الأحكام على قانون العقوبات الصادر عام 2004، ولكن سرعان ما اعتبرها القانونيون عبارات فضفاضة نحو مزيد من تقييد الحريات، وهو ما اعقبها تقديم اعتذار من الجريدة نفسها بتاريخ 19 يناير 2020 عما وصفته بأن الخبر جاء من مصادر غير رسمية.

ونشرت وزارة العدل القطرية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي تويتر بتاريخ 20 يناير التعديلات الموجودة بالجريدة الرسمية في صيغتها النهائية للتعديل والتي تم وصفها بأنها مقيدة بشكل أقل من النسخة المنشورة الأولى، ويمكن الإطلاع على القانون كاملاً هنا.

نص المادة المعدلة قبل التعديل، وما أجرى عليها من تعديلات:

 النص الأول الذي تم تداوله في صحيفة “الراية”:

بموجب التعديلات الجديدة في نص المادة (136) مكرر يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 5 سنوات وغرامة لا تزيد عن 100 ألف ريال قطري، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تناول بإحدى الطرق العلانية من الداخل أو الخارج الشأن العام للدولة أو أذاع أو نشر أو أعاد نشر أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو دعاية مثيرة.

وستطبق العقوبة إذا “كان من شأن تلك الأفعال إثارة الرأي العام أو زعزعة الثقة في أداء مؤسسات الدولة أو القائمين عليها أو الإضرار بالمصالح الوطنية أو المساس بالنظام الاجتماعي للدولة أو المساس بالنظام العام للدولة”.، على أن تُضاعف العقوبة إذا وقعت الجريمة في زمن الحرب”.

ليكون التعديل عقب الانتقادات والمنشور في موقع وزارة العدل القطرية، والجريدة الرسمية ليزيل الجملة الخاصة “تناول إحدى الطرق العلانية من الداخل أو الخارج الشأن العام للدولة” مع الإبقاء على العقوبة والنصوص التي وصفها القانونيون بالفضفاضة والمخالفة للدستور القطري.

نقد المادة المعدلة، والتكذيب القطري:

تراجعت صحيفة الراية القطرية، مقدمة اعتذارها عن تقريرها الذي نشرته حول تعديلات قانون العقوبات، والتي قضي بفرض إجراءات مقيدة على حرية التعبير، وذلك عقب ما أثاره القرار من ضجة بين نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال الشريط الإخباري على صفحتها الأولى، كالتالي: “اعتذار بشأن نشر خبر تعديلات قانون العقوبات”، لافتة إلى أن تقريرها استند إلى مصادر غير رسمية، دون التأكّد من الجهات المختصة، مشيرة إلى حذف الخبر من كافة مواقعها.

ولكن يبدو أن التكذيب القطري لم يختلف كثيراً مع مضمون القانون المنشور في الجريدة الرسمية في موقع وزارة العدل القطرية بتاريخ 20 يناير 2020.

وأثار القانون جدلاً واسعاً ومخاوف حول تأثيره على مساحة الحريات في البلاد، نظراً لأن المادة تنص على معاقبة المتناولين للشأن العام، وإثارة وزعزعة الثقة في أداء مؤسسات الدولة، وهو ما اعتبره ناشطون بأنه كلاماً فضفاضاً ولا يتناسب مع مساحات الحريات التي تدعوها الدولة.

وتساءل أساتذة قانون عما إذا كان هناك أخطاءَ مطبعية في نص المادة، مثلما علق حسن السيد، الذي يُعرف نفسه بأنه أستاذ قانون دستوري في جامعة قطر، نحو شعوره بحدوث خطأ ما، وتوقعه بانه لن يكون المنشور النهائي للمشرع القطري “لانتهاكه الصريح للدستور ولجميع العهود والمواثيق الحقوقية”.

كما تناولت قناة الجزيرة، نقلاً عن منظمة العفو الدولية دعوة قطر نحو الابتعاد عن إصدار القوانين التي من شأنها إسكات النقاد المسالمين.

ووصفها محمد فهد القحطاني، الاستشاري القانوني وكاتب عمود رأي قطري، بأن حرية التعبير حق من حقوق الإنسان، وليس منحة من السلطان.

ما أثارته التعديلات من تعليقات منظمات حقوق الإنسان الدولية:

وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش التعديلات بأنها نكسة لحرية التعبير، وقال مايكل بَيْج، نائب مدير الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش إن قطر تتباهي بانفتاحها المفترض، لكنها تستخدم من خلال هذا القانون نفس الأُطر التي تستخدمها دول أخرى لتكميم الأفواه، ودعا قطر نحو إزالة المواد القانونية المقيّدة لحرية التعبير، وعدم إضافة مواد أكثر غموضا مثل “الأخبار الكاذبة” التي تكبح أي نقاش عام انتقادي حول القضايا الهامة.

أشارت منظمة العمل الدولية ومقرها لندن، أن “القانون الجديد يشكل تراجعا مقلقاً عن الالتزامات التي تعهدت بها قطر عام 2018، عندما صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي وقعت عليه في المجمل 173 دولة”.

كما قالت قالت مديرة البحوث ببرنامج الشرق الأوسط في المنظمة لين معلوف، إن “قطر لديها بالفعل مجموعة من القوانين القمعية، لكن هذا التشريع الجديد يوجه ضربة مريرة أخرى لحرية التعبير في البلاد ويعد انتهاكا صارخا لقانون حقوق الإنسان الدولي”.، وأضافت: “من المقلق للغاية أن يوافق أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على تشريع يمكن أن يستخدم لإسكات المنتقدين السلميين”، وطالبت السلطات القطرية بإلغاء هذه القوانين بما يتماشى مع إلتزاماتها القانونية الدولية.

خلفية القانون كما جاء في صفحة منظمة العمل الدولية:

أشارت المنظمة أن النص الكامل للقانون الذي ظهر في العدد الصادر في 19 يناير من الجريدة الرسمية، قد أصدره الأمير تميم قبل أسبوعين تقريباً، في 8 يناير، ووصفت المنظمة ما نشرته صحيفة الراية القطرية بأنه تقريراً دقيقاً إلى حد كبير حول القانون الجديد على موقعها على الإنترنت. واستنسخت المقالة محتوى القانون، واكتفت بتلخيص العديد من أحكامه دون إبداء أي تعليق أو تحليل تحريري. وبعض الصياغات مختلفة عن النص النهائي، ولكن التفاصيل الأساسية صحيحة، بما في ذلك إشارة دقيقة إلى الحكم بالسجن لمدة خمس سنوات بسبب “إثارة الرأي العام”. مما تسبب من تقديمها اعتذار عما نشرته مسبقاً.

وأضافت المنظمة أن لدى قطر سجلاً من القوانين المقيدة لحريات التعبير بشكل تعسفي على حد وصفها، والمتمثلة في قانون المطبوعات والنشر الصادر عام 1979، وقانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الصادر عام 2014. هذا إلى جانب انتهاكات سجل حقوق الإنسان في قطر، وخاصة معاملتها للعمال الأجانب.

وفي 2012، حُكم على الشاعر القطري محمد العجمي بالسجن لمدة طويلة بتهمة إلقاء قصيدة، في شقته الخاصة أثناء إقامته في الخارج، تنتقد الأمير،وتم الغفراج عنه بعفو بعد أن قضى أكثر من أربعة سنوات في السجن.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى