المراكز الأمريكية

معهد واشنطن يكشف دوافع إمامة “خامنئي” لـ “خطبة الجمعة” بعد انقطاع 8 سنوات

“خطبة خامنئي النادرة في صلاة الجمعة تعكس أربعة مصادر قلق مُلحة”، هكذا عنون “معهد واشنطن” لدراسات الشرق الأدنى، تقريره حول “إمامة” المرشد الأعلى علي خامنئي صلاة الجمعة الماضية ، في طهران للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، والتي جاءت بالتزامن مع انطلاق احتجاجات شعبية جديدة إثر إعلان “الحرس الثوري الإسلامي” الإيراني مسئوليته اسقاط طائرة أوكرانية الأسبوع الماضي، عن طريق الخطأ، بسبب الضغوط الدولية التي اضطرته لهذا الاعتراف، بعدما أنكر مسبقًا علاقته بالحادث.

وذكر التقرير أن خطبة خامنئي كان تركيزها الأساسي هو السيطرة على الأضرار قبل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الشهر المقبل.

الهدف “الحقيقي” لـ خطبة الجمعة

بحسب التقرير فإن “إمامة” صلاة يوم الجمعة بالعاصمة الإيرانية تحمل رمزية خاصة، وعادة تستخدمها أعلى سلطة بالجمهورية الإسلامية لتوجيه “الرسائل المهمة” من خلالها، ليصبح دور هذا “الطقس الديني” سياسيا بالدرجة الأولى، يتمتع من خلاله المرشد الأعلى بالسلطة الحصرية لتلك الشعائر، سواء أمها بنفسه أو أوكلها إلى أخر، بحسب مقتضيات الأمور.

واستشهد التقرير بعدة مواقف سابقة تدلل على موقفه كان أبرزها المرة الأخيرة التي أّم فيها خامنئي خطبة الجمعة في فبراير 2012، استجابة للضغوط الاقتصادية المتنامية، ولقرار الحكومة بالتفاوض مع واشنطن بشأن البرنامج النووي، معلنا أن واشنطن غير جديرة بالثقة.

لماذا يعود خامنئي مجددا للمنبر؟

أرجع التقرير عودة خامنئي للمنبر بعد ثماني سنوات لاستياء المواطنين واحتجاجاتهم، إثر إعلان إيران مسئوليتها عن حادث “الطائرة الأوكرانية”، بعد ضغوط كندا والسويد وأوكرانيا وغيرها من الجهات الفاعلة، بعدما أنكرت طهران صلتها بالحادث، جعلت خامنئي يستعرض أربعة مصادر قلق رئيسية، خلال خطبته:

أولا: بدا وكأن النظام يهين عوائل الضحايا وينتهك كرامتهم ويثير صدمة وغضب في أوساط إيران من كافة التوجهات الإيديولوجية والسياسية، فضلا عن تحول كثير من المواطنين الذين كانوا يعتادون تصديق سياسات النظام، إلى “غير مصدقين”، ما خلق فجوة واسعة في أوساط قاعدة قوته الاجتماعية ونخبته الحاكمة.

وأوضح التقرير أنه بخلاف احتجاجات البنزين التي اندلعت خلال نوفمبر الماضي، فإنه حتى الأن يتعذر إصلاح أخطاء السياسة التي أججت الاضطرابات الحالية، مستشهدا بمقطع فيديو انتشر على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، للجنرال الإيراني بالحرس الثوري أمير علي حجي زادة، وهو يدافع عن قرار النظام بإخفاء الحقيقة لمدة ثلاثة أيام، لاعتقاده بأنه لو أعلنت الحكومة عن خطأها في ذات الوقت، لكانت أحدثت صدمة في أوساط الجنود وشتتت انتباههم عن واجباتهم الأساسية في وقت يشهد مواجهة حساسة مع الولايات المتحدة.

ثانيا: توقع النظام أن تؤدي حملة القمع العنيفة التي شنها في نوفمبر الماضي، ومراسم تأبين سليماني، إلى إقناع المحتجين بعدم النزول إلى الشارع مجددا، إلا أن حادث الطائرة أججت رغبة المحتجين في التظاهر، ليس فقط للتعبير عن غضبهم إزاء الحادثة، بل لتكرار مطالبهم الأساسية بالتغيير وإدانة أفعال المرشد الأعلى والحرس الثوري، فضلا عن دعوة عدة شخصيات سياسية علنًا لاستقالة خامنئي.

وأشار التقرير إلى أن النظام قد يشن حملة قمع أخرى أو يزيد من حدتها، إلا أن ذلك قد يعني سلسلة عواقب غير متوقعة، قد تحدث أزمة أكبر… من شأنها أن تزعزع الاستقرار، ما جعلت خامنئي يلجأ إلى صلاة الجمعة لانتهاج مسار وسطي في ظل هذه المعضلة.

ثالثًا: خشي المرشد الأعلى أن تؤدي الأزمات والاحتجاجات المستمرة إلى تعزيز الآمال بتغيير النظام في أوساط “أعداء” إيران، ما يعني مزيدًا من الضغوط السياسية والاقتصادية، والتي يمكن أن ترغم طهران إلى العودة على طاولة المفاوضات في موقف أضعف، لذا لابد من انهاء تلك الاحتجاجات قبل أن تتفاقم وتضع النظام في حرج.

رابعًا: تحتاج الجمهورية الإسلامية لإجراء انتخابات تثبت شعبيتها وشرعيتها، بعدما عاشت طويلا على أنها نظام “شبه استبدادي”، وبدا ذلك في محاولة خامنئي لفصل عملية التصويت البرلمانية المقررة الشهر المقبل عن الغضب الشعبي الحالي، في خطبة الجمعة، لتضاف إلى الآلية التقليدية التي تعتمدها الحكومة للتلاعب بنتائج الانتخابات وتشريعها.

 ويعتمد النظام على تلك الاّلية بشكل كبير فقد انتهج “مجلس صيانة الدستور” بصورة غير علنية هذا النمط الذي يعتمد على تجريد أعداد كبيرة من المرشحين للانتخابات البرلمانية من أهليتهم، وتحديدًا من لا يظهرون ولاءهم المطلق بشكل كافٍ للمرشد الأعلى.

وخلص التقرير إلى أن خطبة خامنئي بددت تلك المخاوف دفعه واحدة، من خلال تشديده على “التهديد الذي يطرحه العدو، وسيادة الأمن المطلقة، والأهمية الحيوية لـ الحرس الثوري الإيراني في الحماية من هذا الخطر، فضلا عن مهاجمة الحملة الإعلامية الدولية “الظالمة” ضد حراس الأمة، وكذلك التحذير من مخططات الولايات المتحدة وأعمالها التخريبية، وتشجيع الناس على المشاركة في الانتخابات”.

وفي المقابل.. لم يقم المرشد الأعلى بأي خطوة تنم عن تواضع أو مساومة تجاه خصومه الداخليين أو الخارجيين.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى