ليبيا

الجيش الليبي يدق أبواب مصراتة الشرقية … وإندماج المحاور جنوب طرابلس

يستمر تقدم الجيش الوطني الليبي في المناطق الغربية لمدينة سرت الساحلية، مستغلاً في ذلك حالة التخبط التي أصابت الميليشيات التابعة لقوة حماية سرت والموالية لحكومة الوفاق في طرابلس، عقب العملية الخاطفة للجيش في مدينة سرت.

عمليات سرت تتواصل

في الوقت الحالي تمكنت وحدات الجيش الوطني من تأمين كامل منطقة الوشكة غربي مدينة سرت، وأصبحت المعارك حالياً تدور في نطاق منطقتي أبو قرين ووادي زمزم، اللتين إن تمت السيطرة عليهما، لن يتبقى على الطريق الساحلي الا مدينة تاورغاء ومنطقة الكراريم، قبل الوصول إلى بوابة مصراتة الشرقية.

هذه المناطق تعتبر هي الأهداف الرئيسية للجيش في هذا النطاق خلال المرحلة الحالية، بالإضافة الى مدينة زليتن غربي مصراتة، التي بدأت عناصر الاستطلاع والمخابرات التابعة للقيادة العامة للجيش الليبي، عمليات خاصة بداخلها، تنشر فيها منشورات تدعو المسلحين داخل المدينة لعدم مقاومة تحركات قوات الجيش الوطني.

تمكنت وحدات الجيش عبر عدة كمائن في الوشكة وأبو قرين من مصادرة أعداد كبيرة من العربات المسلحة، بجانب أسلحة متنوعة منها صواريخ محمولة على الكتف مضادة للطائرات، وقدمت مقاتلات سلاح الجو العربي الليبي بطلعات قتالية، استهدفت فيها التعزيزات القادمة من مصراتة، والتي حاولت الوصول الى منطقة أبوقرين، واستهدفت رتلاً قرب كوبري السدادة.

داخل سرت، بدأت وحدات تابعة لوزارة الداخلية في الحكومة الليبية المؤقتة، في الإنتشار داخل المدينة وتفعيل مؤسساتها، كذلك نفذت وحدات أمنية وعسكرية مداهمات في الحي الأول بالمدينة، أعتقلت على أثرها عدد من المنتسبين لميليشيا (قوة حماية سرت)، وأغلبهم كانوا سابقاً ضمن ميليشيا (مجلس شوري ثوار بنغازي)، و(مجلس شوري مجاهدي درنة). 

من التطورات اللافتة ايضاً داخل المدينة، إعلان الكتيبة 604، التي كانت سابقاً تتبع لقوة حماية سرت المنضوية تحت قيادة رئاسة الأركان التابعة لحكومة الوفاق، انضمامها للوحدات التابعة للجيش الوطني، وأستعدادها للقتال دفاعاً عن سرت ضد أية محاولات من جانب قوات حكومة الوفاق للهجوم على المدينة.

إندماج المحاور جنوبي طرابلس

في محور صلاح الدين، حققت القوات تقدماً مهماً خلال الساعات الماضية، حيث أمنت بشكل كامل محيط مسجد السويحلي، وتوغلت شمالاً في المناطق الجنوبية لحي بوسليم، وقد بدأت قوات الوفاق المتواجدة في الحي، في إخلاء بعض المواقع من ضمنها محيط السجن المركزي، بعد أن سيطرت وحدات الجيش الوطني على منطقتي جزيرة الشريف ومقبرة سيدي حسين، وتوغلت وصولاً الى منطقة مسجد أبو شعالة.

بهذا التقدم تغيرت بشكل كبير محاور الهجوم جنوبي العاصمة، حيث اتحدت محاور كل من (طريق المطار – معسكر حمزة – مشروع الهضبة – السويحلي – صلاح الدين)، لتصبح محور واحد اساسي يمتد من طريق المطار غرباً الى معسكر التكبالي والسدرة شرقاً. وقد أتمت وحدات الجيش في طريق المطار تأمين جسر الفروسية ومقر معسكر رئاسة الأركان التابعة لحكومة الوفاق، الذين كانت قد تراجعت عنهما خلال الأيام الماضية.

في هذه الأثناء تواصل وحدات الجيش في المحور الغربي للعاصمة، غربي وجنوبي مدينة الزاوية، في استعداداتها وعملياتها الاستطلاعية، للبدء خلال الساعات المقبلة في تفعيل كامل لهذا المحور، حيث أرسلت كتيبة طارق بن زياد المقاتلة تعزيزات إلى مدينة العجيلات، غربي مدينة صبراتة، وبدأت عمليات تمهيدية ليس فقط في أتجاه غربي مدينة الزاوية، بل أيضاً في أتجاه شرقي الجيب الساحلي الموالي لحكومة الوفاق في اتجاه الحدود مع تونس، والذي يشمل بعض المدن الساحلية منها مدينة زوارة، وقد دخلت وحدات الجيش بالفعل الى منطقة (الجميل) التي تبعد نحو سبعة كيلومترات جنوب مدينة زوارة.

سلاح الجو الليبي أستمر في نشاطه المكثف لليوم السادس على التوالي، حيث قدم دعماً نارياً للوحدات المقاتلة في محاور صلاح الدين وخلة الفرجان، وكثف من غاراته على مطار الكلية الجوية في مصراتة، وقصف مخزن للذخيرة في مشروع الموز في منطقة السبعة جنوبي طرابلس، بجانب مناطق في عين زارة، وتجمعات في محيط كوبري السواني.

جهود القاهرة مستمرة لبلورة موقف دولي وإقليمي واضح

بيان مهم في ما يتعلق بالشأن الليبي صدر عقب اللقاء المشترك الهام الذي انعقد الأربعاء الماضي، بين وزراء خارجية كل من مصر وفرنسا وقبرص واليونان وإيطاليا، حيث أكد البيان على مواقف الدول المشاركة في الاجتماع، في ما يتعلق بمذكرتيّ التفاهم بين تركيا ورئيس المجلس الرئاسي الليبي لحكومة الوفاق في طرابلس، واللتين تشكلان انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة والقانون الدولي. وأكد البيان أن تلك المذكرات قد أدت إلى المزيد من التقويض للاستقرار الإقليمي، وأن كليهما يعتبر لاغياً وباطلاً، فالمذكرة الأمنية وأي قرار بإرسال قوات إلى ليبيا تعد انتهاكًا خطيرًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2259 وغيره من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة، وتهديدًا للأمن والاستقرار الإقليميين، كما ان مذكرة ترسيم الحدود البحرية تنتهك الحقوق السيادية للدول الأخرى، ولا تتوافق مع قانون البحار. كما أدان الوزراء المشاركين في الأجتماع بشدة الأعمال التركية المستمرة في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص ومياهها الإقليمية.

عقب هذا الاجتماع، وصل وزير الخارجية المصري سامح شكرى الى العاصمة الجزائرية، لتنسيق الموقف معها، خاصة بعد أن فشلت الزيارة التي قام بها وزير الخارجية التركي الى الجزائر في تعديل الموقف الجزائري من الملف الليبي، أو جعله يقترب أكثر من الموقف التركي. مصر في هذه المرحلة تحاول البناء على هذه النقطة، وتقريب وجهات النظر بينها وبين الجزائر في ما يتعلق بالملف الليبي، وهي وجهات اختلفت دائماً في ما يتعلق بالتكتيكات، لكنها شبه متطابقة في ما يتعلق بالاستراتيجيات.

تحركات سياسية دولية مستمرة لوقف إطلاق النار

خلال الساعات الماضية، بدأت عدة تحركات سياسية على المستوى الدولي، بهدف فرض وقف لإطلاق النار في طرابلس. أهم هذه التحركات كان البيان الذي صدر عقب لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وحمل البيان دعوة لوقف إطلاق النار في طرابلس بدءأً من منتصف ليل يوم 12 يناير. الخطوات الروسية على المستوى السياسي في ما يتعلق بالملف الليبي بدأت في التزايد بصورة ملحوظة، فقد تهاتف المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا ميخائيل بوغدانوف، مع كل من رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، ووزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة، لبحث هذه المسألة.

تقاطعت الدعوات الروسية لوقف إطلاق النار مع جهود إيطالية في نفس الإطار، حيث عرض رئيس الوزراء الإيطالي على قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، أن يتم تطبيق وقف لإطلاق النار، بالتنسيق مع حكومة الوفاق، التي سيزور رئيس مجلسها الرئاسي خلال الساعات المقبلة روما. وفي نفس الإطار جاءت زيارة  وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي لويجي دي مايو الى الجزائر، حيث تحاول إيطاليا حشد دعم أقليمي لدعوتها وقف إطلاق النار في طرابلس. فرنسا لم تغب عن هذه الجهود، حيث يزور حالياً وزير خارجيتها تونس، لمحاولة إستطلاع حقيقة موقفها من الملف الليبي.

الجيش الوطني الليبي من جانبه، ثمن الدعوة الروسية، لكنه أكد في بيان له على إستمرار عملياتها في كافة محاور طرابلس، وأصدر قراراً تم بموجبه توسيع منطقة حظر الطيران في أجواء طرابلس، لتشمل قاعدة معيتيقة الجوية، وأصدر تحذيراً واضحاً لشركات الطيران المدنية، التي كان بعضها أداة أساسية في أيصال أفراد الميليشيات السورية إلى طرابلس. رد قيادة الجيش الليبي أغلق الباب ولو مؤقتاً، أمام أي محاولات من جانب أي طرف إقليمي أو دولي، لفرض إيقاف لإطلاق النار، تستفيد منه بالدرجة الأولى قوات حكومة الوفاق التي تتراجع في معظم الجبهات القتالية حول طرابلس، خاصة المحاور الجنوبية.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى