
قمة “مصرية فرنسية إيطالية يونانية قبرصية” بالقاهرة الأربعاء.. الهدف: أمن شرق المتوسط وتحجيم الدور التركي في ليبيا
أواخر الشهر الماضي، نقل موقع “فاينانشيال ميرور” القبرصي، تصريحات نقلاً عن وزير الخارجية اليوناني “نيكوس دندياس”، حول قرب عقد قمة رباعية تجمع بين قادة مصر وقبرص واليونان وفرنسا، خلال الأيام الأولى من الشهر الجاري في العاصمة المصرية القاهرة.
ستعقد القمة الأربعاء 8 يناير 2020، وتأتي في ظل تصعيد مستمر من جانب تركيا في ما يتعلق بالملف الليبي بجانب ملف شرق المتوسط . وزارة الخارجية المصرية أكدت أن الاجتماع سيضم وزراء خارجية كل من “مصر وفرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص”، وسيبحث مُجمل التطورات المُتسارعة على المشهد الليبي مؤخراً، وسُبل دفع جهود التوصل إلى تسوية شاملة تتناول كافة أوجه الأزمة الليبية، والتصدي إلى كل ما من شأنه عرقلة تلك الجهود؛ بالإضافة إلى التباحث حول مُجمل الأوضاع في منطقة شرق البحر المتوسط.
المحاور التي ستتم مناقشتها في هذا الاجتماع الهام، تتعلق بشكل أساسي ببناء توافق بين الأطراف الخمسة يترجم في تحركات على الأرض لتحجيم الدور التركي في ليبيا خاصة بعد قرار البرلمان التركي إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا وشروع أردوغان في إرسال مئات من المرتزقة المسلحين من شمال سوريا إلى الغرب الليبي في شكل يمثل تهديد حقيقي للدول الإقليمية كما أنه يمثل تهديد لجنوب أوروبا. كما أن الدول الخمسة سيناقشون آليات للعمل على ضمان الاستقرار في شرق المتوسط، والتأكيد على الرفض الإقليمي والدولي للاتفاقية البحرية التي وقعها الرئيس التركي أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج.
فمنذ أيام قليلة، وقعت كل من قبرص واليونان وإسرائيل، الاتفاقية الخاصة بمد خط لنقل الغاز الى أوروبا، تحت إسم “خط إيست ميد”، وقد دعمت فرنسا هذه الخطوة التي كانت تركيا تستهدف قطع الطريق على إمكانية تحقيقها، باتفاقها الأخير مع حكومة السراج في طرابلس بخصوص الحدود البحرية. وستتم خلال هذا الاجتماع مناقشة تفاصيل هذا الإتفاق، والدور المصري المستقبلي فيه في ما يتعلق بعمليات الإسالة. كما أن الجانبين اليوناني والفرنسي يحتاجان لمراجعة نقطة هامة تتعلق بمشاركة إيطاليا في هذا المشروع، وطريقة انتقال الغاز بعد ذلك إلى فرنسا.
مصر خلال هذا الاجتماع تناقش ملف أساسي وهو عزل تركيا وحكومة الوفاق على المستوى الدولي، لأن الاعتراف الإقليمي والدولي بحكومة طرابلس كان من ضمن الذرائع الرئيسية التي اتخذتها تركيا لتبرير خطواتها الأخيرة تجاه ليبيا، لذلك فإن مبدأ سحب الاعتراف الدولي، ولو حتى تم بشكل فردي، سيكون مؤثراً في إظهار حقيقة شرعية هذه الحكومة. في نفس الإطار فإن هناك رغبة في عزل تركيا على المستوى الإقليمي وسيكون هذا متوافق كليا مع الوضع الفعلي في شرق المتوسط، حيث أن تركيا حالياً غير مرضي عنها من كل الدول الأوروبية الرئيسية، وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا وألمانيا، على خلفية سلوكها في ما يتعلق بغاز شرق المتوسط، وفيما يخص ملف اللاجئين بجانب سياساتها في ليبيا.
الملف العسكري أيضاً سيتم بحثه خلال هذا الاجتماع، فاليونان وقبرص تريدان صيغة مشتركة لمهمة عسكرية لحفظ الاستقرار في شرق المتوسط، تضمنان بها حماية مناطقهما الاقتصادية وأجوائهما من الانتهاكات التركية. ومصر من جهتها تبحث مع اليونان من فترة طويلة، إمكانية إجراء سلسلة من المناورات البحرية والجوية المشتركة، في النطاق الرابط بين ليبيا ومصر واليونان، مع إمكانية توسيع هذه المناورات لتصبح مهمة بحرية شبه دائمة، تمارس حق التفتيش والزيارة على السفن المشتبه في نقلها لشحنات مشبوهة، مما يقطع الطريق على السفن القادمة من تركيا الى طرابلس، محملة بالذخائر والأسلحة. وهنا قد يكون للبحرية الفرنسية دور مهم، خاصة وأنها بدأت في التواجد بشكل دائم مع البحرية الإيطالية في منطقة شرق المتوسط. كما أن ردود الفعل المصرية واليونانية تجاه التحركات التركية العسكرية المقبلة في الملف الليبي، تعتبر من النقاط الرئيسية في هذا الملف، لأن اندلاع صراع بحري محدود او واسع بين مصر وتركيا، قد يهدد مصالح دول أوروبية عديدة ومن بينها فرنسا في شرقي البحر المتوسط.
ليست هذه القمة الأولى بين مصر واليونان وقبرص، حيث باتت القمم بينهم دورية ومتتالية، لكن الحضور الفرنسي يضيف الى هذه القمة أهمية خاصة، ففرنسا تعتبر هي البلد الأوروبي الأكثر قرباً الى وجهة النظر المصرية في ما يتعلق بالملف الليبي، وتحتفظ بعلاقات جيدة مع الجيش الليبي وقيادته، وتتفهم المخاوف المصرية المتعلق بأمنها القومي في ظل التحركات التركية الأخيرة، وكذا المخاوف القبرصية واليونانية المتعلقة بمناطقهما الاقتصادية. وشهدت الفترة الماضية مشاورات متتالية بين الخارجية المصرية والفرنسية، وكذلك اتصال مطول منذ عدة أيام بين الرئيسين المصري والفرنسي، جرى خلاله استعراض الموقف في ما يتعلق بالملف الليبي بشكل عام، وما يتعلق بالتدخل التركي في ليبيا بشكل خاص.
باحث أول بالمرصد المصري