
مشروع الربط الكهربائي مع السودان ..خطوات ملموسة نحو تحول مصر لـ “مركز إقليمي للطاقة”

“12 يناير”.. انطلاقة جديدة تشهدها العلاقات المصرية السودانية، حيث تستعد وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة لإطلاق التيار بخط الربط الكهربائي بين البلدين بقدرة 50 ميجا وات .. ترتفع إلى 100 ميجاوات في المرحلة الأولى، على أن تستكمل باقي القدرات خلال المرحلة الثانية من المشروع.. بدعم مصري كامل .. وبتكلفة اجمالية بلغت حوالي 509 ملايين جنيه، على مسافة 1000 كم، بعد أن انتهت الشركة المصرية لنقل الكهرباء من إنشاء الخط.
وبلغ عدد الأبراج الخاصة بالمشروع، 300 برج على الأراضي المصرية، تم الانتهاء منهم، فضلا عن محطات المحولات الخاصة بالمشروع، والتي أعدتها الشركة المصرية لنقل الكهرباء، وذلك بحسب تصريحات الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، الذي أعلن أيضًا الانتهاء من خط الربط الهوائي المزدوج “الدائرة توشكي (2) / وادي حلفا”، والتي تمثل المحطة الأخيرة ضمن المرحلة الأولى من هذا المشروع العملاق، بجهد 220 كيلو فولت، لافتاً إلى أن الجهد الكهربائي لتلك المحطة – التي تعمل بنظام العزل بالهواء أو AIS – يبلغ 220/66 فولت، وأنه متوقع أن تنقل كهرباء بقدرة 400 ميجاوات، بهدف تأمين نقل إمدادات موثوقة من الطاقة الكهربائية مع الحد من أي فاقد نتيجة عمليات النقل.
وستلعب محطة “توشكي” – التي تقع بالقرب من الحدود المصرية السودانية على بُعد 1000 كم تقريباً من القاهرة – دورًا استراتيجياً في مشروع الربط الكهربائي، والذي يتم عن طريقه ربط شبكة الكهرباء في كلا البلدين؛ انطلاقا من مدينة “توشكي” المصرية وصولاً إلى مدينة “دنقلة” السودانية، بالاعتماد على خط ينقل الكهرباء يمتد بطول 800 كيلومترا، تمثل طول خط الربط الكهربائي، والذي سيسهم في خفض تكلفة الكهرباء للقطاع الاستهلاكي وقطاع الأعمال السوداني، ما يدعم عمليات التنمية المستدامة في كلا البلدين.
فيما يدرس الجانبان – المصري والسوداني – التوسع في هذا المشروع ليصل إلى 3 آلاف ميجا وات في المرحلة الثانية من المشروع.

السودان.. نقطة الانطلاق
ويعد هذا المشروع البداية لسلسلة مشروعات ربط كهربائي، في إطار الخطة القومية لتبادل الطاقة والربط الكهربائي بين مصر والدول المجاورة، وتفعيل التعاون المصري – الإفريقي المشترك في العديد من المجالات، والتي تأتي الطاقة في مقدمتها، حيث تسعي مصر حاليًا لإتمام الربط مع السعودية والأردن وقبرص وجزيرة كريت واليونان وصولا إلى أوروبا، كما يجري دراسة الربط الكهربائي جنوبا لدول القارة للاستفادة من الإمكانيات الهائلة للطاقة المائية في إفريقيا، باعتبار أن عملية الربط ستؤتي بثمار اقتصادية عديدة تتضمن توفير التكاليف وقيمة الوقود المستخدم في المحطات، وكذلك الاستفادة من أوقات الذروة، وتحقيق عائدات مالية للدول التي تمر بها خطوط الربط الكهربائي.
ويساعد مشروع الربط الكهربائي على تعزيز إمكانيات التبادل الكهربائي، ودعم القدرات الكهربائية والتنمية الاقتصادية في كلا من مصر والسودان، وبحسب تصريحات المستشار نادر سعد، المتحدث الإعلامي باسم مجلس الوزراء فإن مصر ستحصل على اللحوم وفول الصويا وعباد الشمس من السودان مقابل قيمة الربط الكهربائي.
ويسمح هذا المشروع بالربط مع باقي دول القارة وتقديم ما يحتاجونه من الكهرباء، باعتبار أن تلك الخدمة ستكون على أرقى مستوى وبأفضل جودة وفقاً للمعاير الدولية، ما يعني فرصة فريدة من نوعها لإطلاق الإمكانيات الهائلة لقطاع الطاقة الإفريقي.
خطوات ملموسة نحو تحول مصر لـ “مركز إقليمي للطاقة”
“تعزيز وتقوية مشروعات الربط الكهربائي لاستيعاب الطاقات الضخمة التي سيتم توليدها من الطاقة النظيفة” هي إحدى استراتيجيات قطاع الكهرباء التي يعمل عليها خلال الفترة الحالية، باعتبار أن الربط أحد الوسائل الهامة لتأمين واستقرار المنظومة الكهربائية، فضلا عن كونه يقلل من التكاليف الخاصة بإنتاج الكهرباء.
ما جعل مصر تتجه صوب مثل تلك المشروعات لدورها المهم في تعزيز أمن الطاقة وزيادة استخدام الطاقة المتجددة على المدى المتوسط والطويل، والذي تجلى في خطواتها على أرض الواقع لرفع قدرات الربط الكهربائي مع دول المشرق والمغرب العربي، بالإضافة إلى مشروع الربط الجاري تنفيذه مع السعودية، والذي سيسفر عنه ربط مصر بدول الخليج وآسيا، ما يجعلها تقترب من أن تصبح مركزًا إقليميًا لتبادل الطاقة مع أوروبا والدول العربية والإفريقية.