
معركة طرابلس .. تقدم للجيش الليبي، وإنتظار لخطوة تركيا القادمة
بات واضحاً من خلال التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتصريحات أخرى لوزير دفاعه خلوصي آكار في مقابلة متلفزة مع قناة (أن تي في) التركية، أن القرار التركي بإرسال وحدات من الجيش الى طرابلس بات قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ، فوزير الدفاع آكار قال صراحة أن عمليات التحضير لإرسال القوات الى ليبيا قد بدأت بالفعل (حتى قبل تسلُم رئاسة البرلمان اليوم لنص مشروع القرار الذي يضم طلب التصويت على إرسال قوات الى ليبيا). وقد أكد أردوغان في تصريحاته على ان بلاده سترسل قواتها الى ليبيا، وستقدم كافة أنواع الدعم العسكري على كافة المستويات لقوات حكومة الوفاق في طرابلس.
تصعيد تركي مستمر في ليبيا
ويتوقع أن يوافق البرلمان على طلب الرئاسة التركية تفويضها إرسال قوات الى ليبيا، وهو تفويض محدد المدة بعام واحد فقط قابل للتمديد، وفقًا للمادة 92 من الدستور التركي المتعلقة بإرسال قوات عسكرية إلى دول أجنبية. هذا يتم في ظل معارضة متزايدة لهذه الخطة من جانب عدة إحزاب تركية، مثل حزب الشعب الجمهوري، الذي أعرب نائب رئيسه أونال شفيق، أثناء لقاؤه بوزير الخارجية مولود أوغلو، عن معارضة الحزب إرسال أية قوات تركية الى ليبيا، مؤكداً أنه ينبغي أن تكون الأولوية للدبلوماسية، وليس لأن تكون تركيا جزءا من حرب بالوكالة، وأضاف أن أرسال قوات إلى هناك في هذه الحالة سيوسع تأثيرات الصراعات في المنطقة ويؤدي لانتشارها.
على مستوى التجهيزات التركية، كشف قائد سلاح المدفعية في قوات حكومة الوفاق، فرج مصطفى اخليل، في حسابه على موقع فيس بوك، أن الدعم التسليحي الذي تلقته قوات الوفاق في طرابلس من تركيا يشمل أسلحة مضادة للطائرات وللدبابات، ويتوقع أن تحاول تركيا إرسال المزيد من الطائرات دون طيار الى ليبيا، وقد لوحظت محاولات لإنشاء مهابط جديدة لتشغيلها في طرابلس، مثل مهبط جاري إنشاؤه في منطقة السبعة شمالي منطقة عين زارة.
استمرت لليوم الرابع على التوالي عمليات نقل المرتزقة من سوريا الى ليبيا عبر المطارات التركية والطائرات المدنية الليبية، وأوضحت صورة نشرتها بعض العناصر المرتزقة التي يتم نقلها الى ليبيا، عن ان عمليات النقل تتم أولاً من منطقة تجميع المرتزقة في مدينة غازي عنتاب جنوبي تركيا بإتجاه إسطنبول على متن طائرات النقل العسكرية من نوع “أيه-400” التابعة لسلاح الجو التركي، ومن ثم تقلع مساء كل ليلة ما بين ثلاثة إلى ستة طائرات مدنية تابعة لخطوط طيران محلية ليبية في أتجاه طرابلس ومصراتة. وقد بدأت المعلومات تتوارد من ليبيا حول أماكن تجميع المرتزقة عقب وصولهم الى طرابلس، ومن بين هذه المناطق منطقة غوط الريح قرب مدينة غريان جنوبي العاصمة، ومنطقة الكريمية غربي مطار طرابلس.
تتقاطع هذه التفاصيل مع حالة إستنفار ملحوظة في مدينة غازي عنتاب، التي أعلن حاكمها حظراً للتجوال في 48 منطقة من مناطقها، منذ بداية الشهر القادم وحتى يوم 15 المقبل. جدير بالذكر أن رئيس فرع شركة الخطوط الجوية الأفريقية الليبية بالمنطقة الشرقية سراج الفيتوري، كشف في تصريحات صحفية عن قيام إدارة الشركة بطرابلس بتسيير رحلات مشبوهة بين طرابلس وإسطنبول خلال الأيام الماضية، لم يتم الإفصاح عنها ولم تكن ضمن الرحلات المجدولة، مؤكداً أنها وصلت إلى إسطنبول ولم تكن تحمل على متنها مسافرين.
أستمرت كذلك المحاولات التركية لتوريط الجزائر في مساعيها لتشكيل (حلف) لها في ليبيا، أخر هذه المحاولات كان تغريدة على حساب وزارة الدفاع التركية على موقع تويتر، تفيد أن فرقاطات بحرية تركية رست في أحد الموانئ الجزائرية، بذريعة تقديم الدعم المرتبط بعمليات حلف الناتو البحرية. إلا أن وسائل إعلام جزائرية عدة نفت هذا النبأ جملة وتفصيلاً.
تحركات سياسية مستمرة لتحجيم الخطوات التركية
سياسياً بدأت مصر في جولة من المشاورات والتحركات السياسي، بهدف إقناع الدول العربية والإقليمية بحسب اعترافها بحكومة الوفاق في طرابلس، ودعت في هذا الأطار الى جلسة طارئة لجامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، خلصت الى بيان يشدد على رفض التدخل الخارجي أيا كان نوعه، إلى جانب دعم العملية السياسية من خلال التنفيذ الكامل لاتفاق الصخيرات الموقع في ديسمبر 2015 باعتباره المرجعية الوحيدة للتسوية في ليبيا. كما هاتف الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون للتباحث بشأن هذا الملف، وكذلك هاتف وزير الخارجية المصرية سامح شكري نظيريه الإيطالي والقبرصي، لمناقشة أخر مستجدات الوضع في طرابلس.
شهدت الأربع والعشرين ساعة الماضية زيارة خاطفة ومهمة لقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر الى القاهرة، وتناول مع الرئيس المصري ملف سحب الاعتراف العربي بحكومة طرابلس، وقبل هذه الزيارة وصل الى الرجمة وزير خارجية اليونان نيكوس دندنياس، وقابل خلال الزيارة عدة مسؤولين في الحكومة المؤقتة بجانب المشير حفتر. يضاف الى هذا موقفين مهمين، الأول كان للمبعوث الأممي الى ليبيا غسان سلامة، أكد فيه على ان الإتفاق البحري بين تركيا وحكومة طرابلس سيكون مساهماً رئيسياً في تدويل الأزمة في ليبيا. التصريح الثاني كان لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، دعا فيه الى وقف القتال في ليبيا، وأشار الى رفض بلاده لإعادة تنفيذ (حظر للطيران) ينفذه حلف الناتو فوق الأراضي الليبية، مؤكداً على أن كل ما حدث في ليبيا منذ عام 2011 يتحمل مسؤوليته الحلف.
تقدم ميداني للجيش الليبي في محوري صلاح الدين وطريق المطار جنوب طرابلس
استمرت وحدات الجيش الوطني الليبي في تأمين مكتسباتها الميدانية في محوري جنوب طرابلس (صلاح الدين – طريق المطار)، ففي محور طريق المطار، قامت وحدات الجيش بتأمين محيط معسكر النقلية والمقر السابق لرئاسة الأركان، وواصلت تقدمها شمالاً، لتنتقل المعارك إلى المناطق الواقعة ما بين حي الزهور ومشروع الهضبة، لتصبح على تماس مع أخر جسر تسيطر عليه قوات حكومة الوفاق قبل أحياء وسط طرابلس، وهو جسر الأكواخ الذي يقع غرب حيي الزهور والأكواخ، وهو ما يجعل الوحدات المقاتلة في هذا المحور قاب قوسين أو أدني من أقتحام وسط العاصمة. وقد حاولت قوات الوفاق من خلال راجماتها المتواجدة في شارع ولي العهد إيقاف تقدم قوات الجيش الوطني على طريق المطار، لكن الدعم المروحي القتالي أفشل هذه المحاولات.
كانت المعارك أشد في محور صلاح الدين، فبإعتراف الناطق باسم ما يسمى بقوة مكافحة الإرهاب التابعة لقوات حكومة الوفاق، عبد الباسط تيكة، أضطرت قواته على مدى الأيام الماضية، للانسحاب من محور صلاح الدين على شكل مجموعات للحفاظ على حياة المسلحين أمام تقدم قوات الجيش الوطني. وقد نفذت قوات الوفاق سلسلة من عمليات القصف المدفعي على مناطق تقدم قوات الجيش الوطني، خاصة في المناطق الجنوبية لحي بوسليم، وفي المناطق التي سيطر عليها الجيش سابقاً، مثل كلية الشرطة ومبنى الجوازات ومدرسة الهندسة العسكرية، بجانب معسكر التكبالي الذي أمنته قوات الجيش الوطني مؤخراً، وقد تمكنت قوات الجيش من الوصول الى تقاطع طريق السدرة وأطراف حي الزبير. من التطورات اللافتة هنا إفشال وحدات الجيش في المناطق الجنوبية لحي بوسليم لهجوم انتحاري مزدوج نفذه شخصان يرتديان حزامين ناسفين، وهو هجوم هو الأول من نوعه، يذكرنا بهجمات مماثلة خلال عمليات تطهير مدينة بنغازي.
باحث أول بالمرصد المصري



