مصر في أرقام

جهود ترميم وبناء الكنائس.. ترسيخ دولة “المواطنة”

  من أجل ترسيخ قيم المواطنة ومبادئ المساواة بين أبناء الشعب المصري، قامت القيادة السياسية الحالية على تطبيق الحرية الدينية للمواطنين سواء على اختلاف عقائدهم بإصدار قانون بناء وترميم الكنائس في 2016 طبقاً للنص الذي وُضع لأول مرة في دستور 2014، وهو القانون الذي شرع ترخيص الكنائس والمباني التابعة لها، التي بُنيت خلال العهود السابقة بدون ترخيص، وتسهيل الحصول على تراخيص لبناء كنائس جديدة. واعتبر هذا القانون بمثابة الحل الأزلي للأزمات التي كنا نشهدها في عملية ترميم وبناء الكنائس.

جاء هذا القانون استكمالا لجهود الدولة في ترميم الكنائس التي تعرضت للحرق والاعتداءات خلال فترة حكم الاخوان. كما يُعد هذا القانون حُلم طال انتظاره قرابة مائة وستون عاما من قانون “الخط الهمايوني”، خاصة فيما يتعلق بالبند الثالث الذي نص على أن “السلطان شخصيًا وفقط له الحق في ترخيص بناء الكنائس وترميمها، وكذا المقابر الخاصة بغير المسلمين”، ونظرًا لانفراد السلطان العثماني بسلطة اتخاذ القرارات الخاصة ببناء الكنائس؛ فوقف هذا القانوني العثماني عائقًا أمام المسيحين في بناء أو ترميم دور عبادتهم.

ولم تنتهي الشروط التعجيزية حتى بعد الانتهاء من العمل بـ”الخط الهمايوني” في  عام 1934، بل استمرت الشروط المقيدة في عهد وزارة “عبدالفتاح يحيى باشا”، من خلال لائحة “العزبي باشا”، وكيل وزارة الداخلية التي تحتوي على عشر شروط شديدة التحكم في عملية بناء الكنائس، لذلك تقدمت العديد من التقرير تطالب بتجاوز هذه اللائحة، والتي كان أشهرها التقرير الذي أعده الدكتور “جمال العُطيفي”، وكيل مجلس الشعب في عهد الرئيس “أنور السادات”، والذي كان من أهم نقاطه تعديل القوانين الخاصة بدور عبادة المسيحين، وإلغاء الشروط التعجيزية التي تعوق هذه القوانين، إلا أن تلك التوصيات لم تنفذ أبدًا على أرض الواقع، إلى أن جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي باهتمام الدولة لدور العبادة، وذلك من خلال تحمل الدولة تكلفة إنشاء كنائس للطوائف المسيحية في المدن الجديدة. وقد تم بناء أكبر كنيسة وكاتدرائية في مصر والشرق الأوسط بالعاصمة الإدارية الجديدة كاتدرائية “ميلاد المسيح”، التي تُعد بمثابة أيقونة تؤكد إيمان الدولة بحرية المعتقد. 

قانون بناء الكنائس

يُعد قانون بناء الكنائس الذي صدر في 2016، خطوة متقدمة تحسب للبرلمان والحكومة المصرية لما له من مردود إيجابي في تحقيق المواطنة الكاملة للأقباط، وتوفير العديد من التسهيلات لبناء دور العبادة ومنشأت الكنيسة المتمثلة في عدة نقاط ومن بينها: 

  • أصبح القرار النهائي لترخيص في يد محافظ الإقليم وليس كما كان من قبل في يد الرئيس الذي تشغله مشاغل كثيرة. 
  • تيسير مسارات المُوافقات والتراخيص اللازمة لترخيص بناء كنيسة جديدة، وذلك من خلال ما نصت عليه المادة الخامسة من القانون “ضرورة التزام المحافظ بالرد على الطلبات المُقدمة إليه بخصوص هذا الشأن في مدة لا تتجاوز أربعة أشهر من تاريخ التقدم بالطلب، والالتزام بتقديم رفض مُسبب في حالة رفض الطلب”.
  • كما تساهم المادة الخامسة من القانون من الانتهاء مما كان يحدث من قبل في بناء الكنائس أو المباني الخدمات من دون موافقات أو بناءها في الخفاء. 
  • نص القانون على توفيق أوضاع كافة المباني المُقامة قبل صدور القانون. 
  • وفي حالة عدم توفيق اوضاع المنشأة تبقى تمارس تلك المنشأة التي لم ترخص دورها الديني وذلك بنص في المادة الثامنة (وفي سائر الأحوال لا يجوز منع أو وقف ممارسة الشعائر والأنشطة الدينية في أي من المباني المشار إليها أو ملحقاتها لأي سبب). 

لجنة توفيق أوضاع الكنائس

C:\Users\DELL\Desktop\1539874212138390100.jpg

تشكلت لجنة “توفيق أوضاع الكنائس” تنفيذًا لما نصت عليه المادة الثامنة من قانون بناء الكنائس الذي أقره مجلس النواب، الصادر في سبتمبر 2016. وبصدور قرار رقم 199 في 26 يناير 2017، بتشكيل لجنة وزارية لتوفيق أوضاع الكنائس ولحل مشاكل تقنين دور العبادة المسيحية التي كانت مُعلقة لعقود طويلة، حيث يعتبر هذا القرار بمثابة قرار مؤسسي رئاسي.

وتم تشكيل اللجنة برئاسة رئيس الوزراء وعشرة أعضاء، ستة منهم وزراء، وهم: وزراء الدفاع والإنتاج الحربي، والإسكان والمجتمعات العمرانية، والتنمية المحلية، والشئون القانونية ومجلس النواب، والعدل، والآثار. كما تضم اللجنة ثلاثة ممثلين عن: المخابرات العامة، والرقابة الإدارية، والأمن الوطني، بالإضافة إلى ممثل واحد عن كل طائفة معنية

ويتمثل دور لجنة توفيق أوضاع الكنائس في تقنين أوضاع الكنائس، حيث يعتبر تلك المهام في غاية الأهمية والتعقيد نظرًا للعدد الهائل من الكنائس ومباني الخدمات التابعة للكنيسة القائمة بدون تراخيص أو مستندات ملكية، أو لأنها كنائس قديمة للغاية، حيث أن بعضها يعود إلى القرون الأولى للميلاد، وقد تم هدمها وإعادة بنائها عشرات المرات، دون وجود أوراق ومستندات، أو بسبب حصول بعض الكنائس على تصريحات شفوية لبناء الكنائس، رغم استكمال المستندات اللازمة للحصول على ترخيص، الأمر الذي أنتج طائفة كبيرة من الكنائس المرخصة موضوعيًّا، وإن كانت من الناحية الرسمية تُعتبر غير مرخصة لأنها لا تمتلك الموافقة الصريحة بالترخيص.

جدير بالذكر أن إذاعة  “دوم راديو” الألمانية، أشادت بالجهود المبذولة من قبل الحكومة المصرية فيما يتعلق بتقنين وضع نحو 1171 كنيسة في مصر التي بنيت بالماضي دون التراخيص المطلوبة معتبرة هذا الأمر يمثل خطوة تقدمية بالنسبة للطوائف المسيحية في مصر مقارنة بالتشريعات القديمة المقيدة التي طبقت في عام 1934، حيث حظرت بناء القباب على دور العبادة المسيحية وكذلك تثبيت الأجراس ورنينها”. 

كما أشادت بموقف الرئيس عبد الفتاح السيسي لافتتاحه أكبر كنيسة في الشرق الأوسط ومسجد بجوار بعضهما البعض بقلب العاصمة الإدارية الجديدة. وفي إطار موقف الشريعة الإسلامية في بناء الكنائس، أوضح الأزهر أن الشريعة الإسلامية لا تحظر مباني الكنائس، وأن أماكن العبادة المسيحية يجب حمايتها من الهدم، فيما أشار الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إلى قول مفتي مصر “الليث ابن سعد”، “إن بناء الكنائس في مصر بعد الإسلام وهي من عمارة الأرض، وهي مكان يذكر فيها اسم الله كثيرا”.

نتائج أعمال اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس

حتى الآن، تم توفيق أوضاع 512 كنيسة، فضلاً عن توفيق أوضاع 352 مبنى، بالإضافة إلى 30 كنيسة ومبني تم تقنين أوضاعها بشرط استيفاء اشتراطات السلامة الإنشائية، ليبلغ بذلك إجمالي ما تم توفيق أوضاعه حتى الآن 894 كنيسة ومبنى على مستوى الجمهورية.

أما بالنسبة لتوزيع الجغرافي للكنائس والمباني التي تم توفيق أوضاعها بواسطة لجنة تقنين أوضاع الكنائس برئاسة رئيس مجلس الوزراء والتي تغطي القطاعات الجغرافية بأنحاء الجمهورية، حيث جاء توزيعها على النحو التالي: 

أولًا: محافظات الوجه القبلي.. تحتوي محافظة المنيا (127) كنيسة ومبنى، و ومحافظة سوهاج (66) كنيسة ومبنى، و محافظة أسيوط (54) كنيسة ومبنى، ومحافظة أسوان (26) كنيسة ومبنى، ومحافظة الأقصر (22) كنيسة ومبنى، ومحافظة بني سويف (18) كنيسة ومبنى، ومحافظة قنا (12) كنيسة ومبنى، ومحافظة الفيوم (2) كنيسة ومبنى، ومحافظة الوادي الجديد (2) كنيسة ومبنى، وشرقًا محافظة البحر الأحمر بها (11) كنيسة ومبنى. 

ثانيًا: محافظات الوجه البحري..  تشمل محافظة القليوبية (81) كنيسة ومبنى، ومحافظة الإسكندرية (77) كنيسة ومبنى، ومحافظة البحيرة (66) كنيسة ومبنى، ومحافظة الشرقية (61) كنيسة ومبنى، ومحافظة الغربية (29) كنيسة ومبنى، ومحافظة الدقهلية (26) كنيسة ومبنى، ومحافظة المنوفية (8) كنائـس ومبان، ومحافظة الإسماعيلية (6) كنائـس ومبان، ومحافظة كفر الشيخ (5) كنائـس ومبان.

فضلاً عن محافظة القاهرة (39) كنيسة ومبنى، محافظة الجيزة (109) كنائـس ومبان، ومحافظة السويس (10) كنائـس ومبان، ومحافظة مطروح (7) كنائـس ومبان. 

ترميم وتأهيل الكنائس الأثرية

تعرضت 20 كنيسة للحرق والسلب والنهب والتدمير من قبل عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي، وذلك عقب فض قوات الأمن المصرية للاعتصام الإرهابي “رابعة، والنهضة”. وفي 14 أغسطس 2013، أصدر الفريق أول عبد الفتاح السيسي والقائد العام للقوات المسلحة في ذات الوقت تكليفا لرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء كامل الوزير، بسرعة بناء وإعادة ترميم ورفع كفاءة جميع الكنائس التي تم الاعتداء عليها في ذات الوقت، على نفقة القوات المسلحة والانتهاء من أعمال الترميم بأسرع وقت ممكن. 

فتم ترميم كنيسة السيدة العذراء المعلقة بمصر القديمة بتكلفة 101 مليون جنيه، فضلاً عن ترميم دير الأنبا بضابا بنجع حمادي بتكلفة 4 ملايين جنيه، وترميم دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون وكنيسة أبي سرجة بمصر القديمة على نفقة الكنيسة بنسبة إنجاز 100%، هذا بالإضافة إلى أنه جار ترميم 19 كنيسة وديرا أثريا على مستوي الجمهورية، إلى جانب تأهيل وتطوير كنائس مصر القديمة وفم الخليج. وبالنسبة لمشروع إحياء مسار العائلة المقدسة فقد تم تشكيل لجنة مختصة لإدراج مسار العائلة المُقدسة على قائمة التراث غير المادي لليونسكو. كما جاري إصدار كتاب عن مزارات العائلة المقدسة في مصر.

بناء وترميم الكنائس المصرية خلال الفترة (2014- 2019)

تم تنفيذ بناء كنائس بمدن الجيل الرابع، حيث شملت افتتاح كاتدرائية “ميلاد المسيح” بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتنفيذ 6 كنائس بمدينة حدائق أكتوبر، فضلاً عن 7 كنائس جاري تنفيذها بكل من مدن (المنصورة الجديدة- العلمين الجديدة- غرب قنا- العبور الجديدة- شرق بورسعيد- أكتوبر الجديدة- غرب أسيوط)، وكذلك ٦٦ كنيسة وملحقاتها للطوائف الثلاث “الأرثوذكسية والإنجيلية والكاثوليكية” في المنيا تمت الموافقة على أعمال الإحلال والتجديد لها ما بين مبانٍ للخدمات وسكن للرعاة خلال الفترة (سبتمبر 2016 – ديسمبر 2018).

كما صدر عديد من قرارات تخصيص الأراضي لبناء الكنائس بالمدن الجديدة، منذ عام 2014 حتى العام الجاري، أما في عام 2014 تم صدور قرارات تخصيص لبناء 7 كنائس في 5 مدن هي (العبور- الفيوم الجديدة- طيبة الجديدة – سوهاج الجديدة- القاهرة الجديدة) كما تم صدور قرارات تخصيص لبناء 5 كنائس في 5 مدن هي (طيبة الجديدة- العاشر من رمضان- الشروق- العبور- 6 أكتوبر) في عام 2015. 

وفي عام 2016، تم صدور قرارات تخصيص لبناء 9 كنائس في 8 مدن هي (الصالحية الجديدة- 6 أكتوبر- الفيوم الجديدة- أسوان الجديدة- أسيوط الجديدة-15 مايو- المنيا الجديدة- بدر)، أما في عام 2018 تم صدور قرارات تخصيص لبناء 10 كنائس في 6 مدن هي (سوهاج الجديدة- قنا الجديدة – السادات – العاشر من رمضان – ناصر – العاصمة الإدارية الجديدة)، وبالعام الجاري تم صدور قرارات تخصيص لبناء 4 كنائس في 3 مدن هي (المنصورة الجديدة – حدائق أكتوبر – بني سويف الجديدة).

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى