
الدكتور محمد مجاهد الزيات: لا يجب المزايدة على موقف الدولة والدخول في سجالات لا معنى لها تؤدي في النهاية إلى سوء العلاقات
قال الدكتور محمد مجاهد الزيات المستشار الأكاديمي للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أنه كان هناك انتظار لتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بشأن العلاقات المصرية الخليجية وتناوله للقضايا الخاصة ذات التأثير على علاقاتنا الخارجية مع الدول الشقيقة التي نعتز بعلاقتها معها، إذ كادت أن تحدث أزمة بسبب تراشق إعلامي خلال الفترة الماضية، وكان من الضروري أن يؤكد السيد الرئيس على ما أكد عليه من نقاط، وهي أنه إذا لم يكن هناك تصريح رسمي أو موقف رسمي فالعلاقات جيدة، ولا يجب أن يزايد أحد على موقف الدولة أو موقف رئاسة الدولة أو موقف الحكومة، وأنه حريص بشكل أكبر على الدولة ومن ثم يتطوع للدخول في سجالات لا معنى لها تؤدي في النهاية إلى سوء العلاقات.
وأشار “الزيات” في مداخلة هاتفية مع برنامج “مصر جديدة” المذاع عبر قناة “etc”، إلى أن السيد الرئيس أشار في حديثه إلى أنه منذ توليه السلطة وهو عف اللسان عند تناوله لأي خلاف حدث، وعلى سبيل المثال عندما كان يتعرض الرئيس التركي لشخصية القيادة السياسية المصرية أكثر من مرة، لم يتعرض له السيد الرئيس بأي لفظ وتجاهل ذلك تمامًا، وكذلك الأمر في الخلافات المصرية مع قطر في فترة من الفترات، لم يمس الرئيس السيسي القيادة القطرية بكلمة في خطاب له، مما يسهل العودة إلى العلاقات بعد ذلك، إذن فالمشكلة في من يتصورون أنهم أكثر حرصًا على الدولة، ويزايدون ويتخذون مواقف تعوق عودة العلاقات إلى طبيعتها عندما تتحسن الأمور.
مضيفًا أنه عندما يتحدث اثنان من الأكاديميين السعوديين وينتقدون شيئًا في مصر، فهذا أمر طبيعي للغاية انطلاقًا من أن مصر دولة كبيرة، وبالتالي عليها أن تتحمل انتقاد الأشقاء ولا يجب أخذ هذه الانتقادات بحدة كبيرة ويجب التعامل معها ببساطة والرد عليها وهو ما حدث في عدة أمور سابقة، مشيرًا إلى أن هذه التصريحات خرجت في شكل تغريدات ولم تصدر في صحف رسمية ولم يكن هناك موقف رسمي من الدولة، منوهًا إلى وجود تناقض في مواقف بعض الصحفيين لهذه القضايا وتناولهم لها، مما ترتب عليها آثار سيئة على العلاقات المصرية مع أشقاء محترمين وقفوا إلى جانبها.
وأكد أن وقوف الأشقاء بجوار مصر على المستوى الاقتصادي والسياسي، جاء انطلاقًا من أن مصلحة الأشقاء تتمثل في استقرار مصر كونها ركيزة الاستقرار في المنطقة بأكملها، وإنه إذا حدث لا شيء لا قدر الله في مصر سيؤثر على الجميع، ولذلك فإن الجميع يعمل على دعم الاستقرار في مصر وبالتالي فإن العلاقات هنا مصالح متبادلة، مضيفًا أنه من الطبيعي كذلك أن يحدث تباينًا في الرؤى بين مصر والأشقاء الخليجيين بشأن بعض القضايا، لأن كل دولة لها وجهة نظرها في تحقيق مصالحها، ويجب عند حدوث هذا التباين أن يكون هناك وضوح في علاجه بين مصر وأشقائها.
وأشار الدكتور محمد مجاهد الزيات، إلى أنه في ظل ما يثار عن حساسيات معينة من بعض القضايا مع بعض الأشقاء حدث اجتماع للمجلس الاستشاري المصري السعودي، وعاد المجلس بعناوين كبيرة للغاية لم تقدم أي شيء، مشددًا على أن يكون هذا المجلس بمثابة حوار إستراتيجي محدد ومجدول وله هيكلية، يجلس فيه الجانبان المصري والسعودي ويتبادلان بوضوح وجهات النظر يقبلها كلا منهما، وذلك حتى تكون الأمور معالجة بالطريقة الصحيحة ولا تسمح للآخرين بالاستفادة منها.
وأكد كذلك أنه لابد من التسليم أن لكل دولة رؤيتها في التعامل لتحقيق مصالحها وقد لا تتفق المصالح ببين الدول بنسبة مئة في المئة، ومن ثم يكون هناك هامش فيه نوع من التباين وليس الاختلاف وعلى سبيل المثال الأزمة السورية، فهناك تباين في المواقف بين مصر وعدد من الدول الأشقاء في الخليج، ولكن لكل منهما موقفه طالما أن هذا لا يؤثر على العلاقات الثنائية، ولا يجب أن يُفرض على مصر رأي من الآخر ولا تفرض مصر رأيًا على الآخرين، وهذا يتم من خلال حوار مباشر وتباين مستمر حتى لا نترك الأمور تتسع، وأن المصير المشترك يفرض علينا أن نقف معًا ونتفهم المخاوف الموجودة ونتواجد فيها بشكل كبير حتى يتأكد المصير المشترك وحتى لا تكون هناك منح لا ترد.
واقترح المستشار الأكاديمي للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن يكون هناك هيكلة مؤسسية تعقد لقاءات كل ستة أشهر يتم فيها تبادل الآراء بشأن القضايا المفتوحة بلا حساسية وفي اجتماعات مغلقة، وأنه يجب علينا تجاوز الماضي والتعامل على الواقع الجديد لهذه الدول التي حققت درجات عليا من التقدم والإنجاز، ومن ثم هناك تطلعًا للتعاون في هذا الإنجاز، وأن مصر لا تحتاج إلى منح أو مساعدات حتى لا تؤرقنا كلمة سنفرض شروطًا على المساعدات، وأنها تحتاج إلى الاستثمار والتعاون والتصنيع والعمل المشترك، وعندما تقام هذه الأمور يتم تجاوز الحساسيات، وكذلك اقترح “الزيات” عقد لقاء بصفة دورية بين المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية وعدد من الصحفيين، لمناقشة القضايا المختلفة ويبين الرأي الحاكم الذي يحدد كيفية التناول لمثل هذه القضايا.