
المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية يناقش “الدور الحزبي في تعزيز التنمية المستدامة لمواجهة تبعات المناخ” في كوب 27
نظم المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، جلسة حوارية بعنوان “الأحزاب والتنمية المستدامة والمناخ: الدور الحزبي في تعزيز التنمية المستدامة لمواجهة تبعات المناخ”، يوم الأربعاء 9 نوفمبر على هامش فاعليات مؤتمر المناخ COP27، وقد أدار الجلسة اللواء محمد إبراهيم، نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بحضور النائب محمد مصطفي مصطفى السلاب، عضو مجلس النواب ووكيل لجنة الصناعة وعضو لجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المجلس، ورئيس مجموعة مصطفى السلاب، والنائب عصام هلال، عضو مجلس الشيوخ والأمين العام المساعد لحزب مستقبل وطن، والنائب عفت السادات، عضو مجلس الشيوخ ورئيس لجنة العلاقات الخارجية والعربية بالمجلس، ورئيس حزب السادات الديمقراطي، وعضو غرفة ملاحة الإسكندرية.
في البداية، أكد اللواء محمد إبراهيم أن التغيرات المناخية أضفت مزيد من المسؤولية على الأحزاب والقوة السياسية في مصر وذلك على عدة جوانب، أولها أن هذه القضية أصبحت على جدول الأعمال الدائم للأحزاب السياسية وبعضها ستكون في سلم أولوياتها. وثانيها يتعلق بموضوع التوعية كون الأحزاب عليها عبء نقل قضية المناخ إلى المواطن المصري، لنقله من خانه المتابع أو المشاهد إلى خانة المشارك. وثالثها، الناحية التشريعية فمن المؤكد أن الأحزاب الممثلة في البرلمان بشقيه عليهم عبء كبير لصياغة تشريعات تتعاطى مع هذا التحدي. مشددًا على أن موضوع التغيرات المناخية لا يقتصر على حزب واحد وإنما هو عمل جماعي يتعلق بكافة الأحزاب، وأن الأحزاب لديها دور توعوي كبير، وأن التأثيرات المباشرة للتغيرات المناخية تقع على كاهل الدول النامية.
ومن جانبه، أكد النائب عفت السادات، أن الأحزاب المصرية مؤمنة بأن قضية تغير المناخ هي قضية مجتمعية وليست قضية حكومية وبالتالي تعمل على حث المواطنين على وضع القضية في أولوياتهم والترويج لشعار “إذا لم تفد لا تضر”. وأوضح أن الأحزاب تؤسس لجانًا داخلية خاصة بالتغيرات المناخية تقوم بوضع أجنده بالحزب مرتبطة بقضية التغيرات المناخية ومعنية بتبسيط المصطلحات المستخدمة لوصف القضية حتى تصل إلى المواطنين. كما تنظم الأحزاب جلسات توعوية بشأن قضية التغيرات المناخية، وتقوم بإعداد تشريعات للتعاطي مع تلك القضية لاسيمَّا أن نجاح القمة الـ27 سيحتاج إلى دعم على المستوي التشريعي.
ولفت السادات إلى أن البرلمان بغرفتيه شهد اجتماعات كثيرة ومتعددة خلال الفترة الماضية مع ممثلي وزراتي البيئة والخارجية لمناقشة إصدار تشريعات للحفاظ على البيئة بما يتماشى مع استضافة مصر لمؤتمر كوب 27. واختتم السادات بقول إن COP27 لحظة للدول للوفاء بالتزاماتها نحو تحقيق وتنفيذ اتفاق باريس للمناخ.
أما النائب عصام هلال، فأكد أن التغيرات المناخية هي حجر الزاوية في تحقيق التنمية المستدامة، وأنه إذا كان من أهداف الأحزاب السياسية محاربة الفقر والبطالة ومن هنا نشأت الأحزاب العُمالية وغيرها، فقد ظهرت أحزاب جديدة هي المدافعة عن البيئة والمناخ وخاصة في أوروبا وهي أحزاب الخضر، مشددًا على أن الوضع أصبح من الخطورة بمكان لجعل مشاركة كافة الأحزاب ضرورية؛ نظرًا إلى أنه لن يكون هناك تصدٍ للبطالة والفقر ما لم يكن هناك تصدٍ لقضية التغيرات المناخية.
وأوضح هلال أن الأحزاب السياسية قائمة على قواعد شعبية وهذا ما يميزها عن المؤسسات الحكومية، وهذه القواعد الشعبية مهمتها الأساسية خلق وعي جماعي لدى الشعب في حالة وجود أي ظاهرة تهدد المجتمع، وظاهرة التغير المناخي ينطبق عليها هذا التعريف، وبالتالي نحن نحتاج كوادر شعبية للتوعية بتلك القضية. وأضاف أن حزب مستقبل وطن يمتلك مقارًا في كافة المحافظات تقوم بعقد ندوات شعبية لنشر الوعي بقضية التغيرات المناخية، وهي قضية تهم كافة الأحزاب بصرف النظر عن توجهاتها السياسية، بل الأمر يتطلب اتحادها لخلق الوعي بشأن تلك القضية.
واختتم بالتأكيد على ثلاث نقاط وهي أن الأحزاب شريك أساسي للجهاز الحكومي لوضع الخطة العامة للدولة وبالتالي يجب أن تعمل على مراقبة السلطة التنفيذية في تحقيق التزاماتها بشأن المناخ. وأن الدور الأساسي للأحزاب هو خلق حالة من الوعي الجماعي بالقضية ومحاولة تقويم السلوك الفردي للمواطن فيما يتعلق بسلوكه الضار بالبيئة. وأن مجلس الشيوخ تصدى لهذه الظاهرة بمشروع قانون للسيارات الصديقة للبيئة.
وأوضح النائب محمد السلاب أن قضية التغير المناخي موضوع مهم جدًا وأحد شواغل الرأي العام الدولي، لافتًا إلى أن الدول النامية هي أكثر الدول التي سوف تتأثر بالتغير المناخي رغم كونها لم تكن المسبب له، فقد تعدت نسبة انبعاثات الدول الصناعية الكبرى 80%، بينما لم تتجاوز انبعاثات الدول النامية 20%، ومن المتوقع أن تكون مصر ودول شمال أفريقيا من أكثر الدول تأثرًا من مظاهر التغيرات المناخية مثل ارتفاع منسوب المياه، وانخفاض الأنهار وغيرها من المظاهر.
وأوضح السلاب أن هناك مجموعة من القوانين التي عمل عليها مجلسا النواب والشيوخ بشأن البيئة، لافتًا إلى أن أي تشريع سيصدر من البرلمان لابد أن يراعي البُعد البيئي بما يتفق مع خطة التنمية المستدامة 2030 التي تُحدد 3 محاور؛ اقتصادي بيئي واجتماعي. مقدمًا مثالًا بقانون السيارات الكهربائية الذي نص على إنشاء صندوق خاص لتدعيم صناعة السيارات الصديقة للبيئة. ومؤكدًا أن الدولة والأحزاب تعملان من أجل للحفاظ على البيئة واستخدام التكنولوجيا الحديثة في تقليل الانبعاثات وتخفيض نسبة التلوث، نظرًا للأضرار البالغة لقضية التغيرات المناخية في المستقبل فعلى سبيل المثال يُمكن أن تتضرر زراعات كاملة يعيش عليها الكثير من الأفراد، كذلك من الممكن أن تزداد نسبة التصحر. واختتم بالتأكيد على وجود لجان خاصة بالبيئة داخل حزب مستقبل وطن تقوم بحملات توعوية بين الجماهير.
وعقب كلمات المتحدثين، شهدت الجلسة نقاشًا مفتوحًا مع الحضور، حيث قال أيمن أحمد المحامي من المجلس القومي لحقوق الإنسان، إنه لابد من وجود تحالف حزبي حول هذه القضية نظرًا للحاجة إلى ضبط السلوك العام من خلال تشريعات تأخذ في اعتبارها كيفية معالجة الأضرار الناجمة عن التغير المناخي وكيفية القيام بدور وطني للوقاية من تلك الأضرار، لافتًا إلى وجود تشريعات قديمة كالبيئة والمرور والصرف الصحي وحماية نهر النيل ولكنها متفرقة، وبالتالي لابد من إعادة ضبط بعض نصوص تلك القوانين وتحقيق التكامل والتجانس بينها. واقترح تبني آليه لتعديل اتفاقيات أو إلزام الدول المتقدمة المتسببة في أضرار التغيرات المناخية.
وردًا على هذا التعليق أكد النائب عفت السادات وجود إرادة سياسية في هذا الاتجاه، لافتًا إلى ضرورة وجود تعاون بين المجتمع ككل وليس فقط الأحزاب كون تلك القضية سوف تنعكس على المواطن البسيط ونظرًا لأن الشغل الشاغل للدولة المصرية الآن هو تعظيم قيمة المواطن المصري فإنه سيكون ضروريًا معالجة تلك القضية. بينما أكد النائب عصام هلال أن التحالف الحزبي فرضه الواقع لأنه من مصلحة الأحزاب التصدي لتلك الظاهرة كونها قضة تجذب الشعبية لأي حزب سياسي، وأكد أن مبادرة حياة كريمة مبادرة غير مسبوقة وتشكل حجر زاوية لمعالجة قضية التغيرات المناخية لما تنفذه من مشروعات بيئية وصرف صحي في القرى المصرية.
ورأى اللواء طارق نصير، عضو مجلس الشيوخ والأمين العام لحزب حماة الوطن، أن دور الأحزاب خلال الفترات السابقة لم يكن بارزًا بشكل كبير، لكن منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المسؤولية فإنه بدأ يطالب الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني مشاركة القيادات التنفيذية لتقديم الخدمات للمواطنين. مشيرًا إلى تطبيق إلكتروني يطلقه حزب حماة وطن بالتعاون مع بعض الوزارات بما في ذلك وزارة الاتصالات والنقل يُسمى “مصر الخضراء” وتقوم فكرته الأساسية على تقديم حوافز ومكافئات للأفراد الذين يتبعون سلوكًا صديقًا للبيئة، على سبيل المثال، استخدام مترو الانفاق.
أما الأستاذ ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، فقال إن قضية التغيرات المناخية قضية تجميعية يجتمع حولها كل الأحزاب السياسية وهذا يتطلب تمكين الأحزاب، فهي أحد المسؤوليات الحزبية وتتطلب وجود اتفاق كامل بين الأحزاب بما فيها المعارضة، مشددًا على ضرورة أن يُمكن الإعلام المصري الأحزاب المصرية من القيام بدورها التوعوي في تلك القضية.
بينما رأى الدكتور أحمد زايد مدير مكتبة الإسكندرية ضعف الحضور الحزبي في الشارع المصري، وهو ما اختلف معه النائب عصام هلال الذي أكد أن الأحزاب تسعى إلى تحسين كوادرها، جازمًا بأن حزب مستقبل وطن من خلال كوارده الشعبية استطاع تكوين حلقة وصل بين المواطنين والسلطة التشريعية، مؤكدًا أن الهيئة البرلمانية لحزب مستقبل وطن أدخلت الكثير من التعديلات على القانون المقدم من الحكومة بشأن السيارات الكهربائية لصالح المواطنين.
فيما أبدى النائب عفت السادات اتفاقه مع الدكتور أحمد زايد في ضعف دور الأحزاب نظرًا لوجود فترات طويلة من التشدد وعدم الأريحية في العمل الحزبي، لكنه أوضح أن مؤخرًا هناك تغير كبير وتفهم من الدولة لدور الأحزاب في الشارع المصري، متصورًا أن يكون هناك دور وفرص أكبر للأحزاب المصرية في الشارع.
فيما رأى موسى مصطفي موسى رئيس حزب الغد أن الحديث الآن ينبغي أن يأخذ طابعًا عالمي بمعنى الخروج من نمط الإدارة الداخلية والأحزاب المحلية والانتقال إلى الربط مع ما يحدث عالميًا، مشددًا على ضرورة وجود أدوار خارجية للأحزاب التحرك في لجان معينة وتشكيل تحالف حزبي للتحرك دوليًا وليس محليًا نظرًا لأن كل ما نتحدث بشأنه هو جزء بسيط جدًا من الأوضاع العالمية. وقال خالد قنديل عضو مجلس الشيوخ ونائب رئيس حزب الوفد، إنه لابد من تكثيف مشاركة الأحزاب في قرى مصر وإشعار الفقير بقدرة الأحزاب على الوصول إليه.
ورأى النائب محمد عبد العزيز، وكيل لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب، إنه لا يوجد خلاف جوهري بين ما طرحه الدكتور أحمد زايد والنائب عصام هلال، فقضية التغير المناخي متفق عليها بين أحزاب الأغلبية والأقلية، وبالتالي إذا قامت أحزاب الأغلبية ببذل مجهود كبير للتصدي لها، فنحن في حاجة لبذل المزيد من الجهود بشأنها كونها محل توافق سياسي، وبحاجة إلى مزيد من الوعي الشعبي بهذه القضية وبالتالي نحتاج إلى المزيد من العمل بين أحزاب الأغلبية والأقلية لتحقيق هذا الغرض. متسائلًا بشأن الأجندة التشريعية التي من الممكن أن تقدمها الأحزاب لجعل المسار القادم في الطاقة هو مسار الطاقة النظيفة بحيث يأخذ في اعتباره قضية التغيرات المناخية.
وردًا على التساؤل السابق، قال النائب محمد السلاب إن هناك تشريعات خاصة بإدارة المخلفات وحماية الموارد المائية وتم اتخاذ خطوات بشأنها، وهناك تشريعات خاصة بالصناعة لجعلها صديقة للبيئة وتشريعات لتشديد العقوبات على المخالفين في الصناعة مع وضع ضوابط وشروط لأي مصنع، لافتًا إلى أن مصر ستشهد ثورة صناعية كبيرة خلال الفترة القادمة وبالتالي ستكون الصناعة حديثة ويمكن وضع ضوابط وشروط مسبقة بحيث تكون صديقة للبيئة.
وتساءل الصحفي جمال الكشكي رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي بشأن وجود تصور أو آليات للتنسيق بين كافة الأحزاب للعمل بشأن قضية التغيرات المناخية، وهو ما أجاب عليه النائب عصام هلال بعدم ممانعة حزب مستقبل وطن لتشكيل تحالف بهذا الخصوص لكنه يعتقد أن الواقع فرض بالفعل هذا التحالف ولا يحتاج إلى تشكيله من جديد. وعلق النائب محمد السلاب بأن الحوار الوطني يشتمل على ملف خاص بالبيئة والتغيرات المناخية ويشارك به كافة الأحزاب السياسية حيث تُطرح كافة الأفكار بشأن تلك القضية.
وأخيرًا أكد محمد العماري عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل وطن أن حلول قضايا التغيرات المناخية تتمثل في الشراكات والتأقلم والتكيف، فبالتالي الشراكات على المستوي الحزبي أو الحكومات شيء أساسي.