تغير المناخ

قمة شرم الشيخ لتغير المناخ: دور مصر وإفريقيا في سيناريوهات المستقبل

أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء مشاركته في اجتماع قمة تغير المناخ التابع للأمم المتحدة في جلاسكو –بريطانيا في نوفمبر 2021 اهتمام مصر باستضافة القمة التالية المقرر عقدها في 2022. وقد قبل مكتب أمانة الأمم المتحدة لتغير المناخ (UNFCCC) الدعوة، ورشحت مدينة شرم الشيخ-مصر لانعقاد المؤتمر السابع والعشرين للقمة والذي يعرف بـCOP 27  في الفترة من 7 إلى 18 نوفمبر 2022. لذلك فإن من الضروري إلقاء الضوء على ظاهرة الاحتباس الحراري والحلول المقترحة لها دوليًا، ودور دول القارة الإفريقية، وعمل رأى عام مساند.

حسب تعريف الأمم المتحدة، فإن ظاهرة تغير المناخ هي “التقلبات المناخية التي لوحظت خلال فترات زمنية مماثلة والتي ترجع بشكل مباشر أو غير مباشر إلى النشاط البشري الذي يغير في تكوين الغلاف الجوي للكرة الارضية “. هذه التقلبات والتحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس قد تكون تحولات طبيعية، على سبيل المثال من خلال التغيرات في الدورة الشمسية. ولكن منذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيس والمباشر لظاهرة تغير المناخ، ويرجع ذلك أساسًا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز كمصادر أساسية للطاقة.

ينتج عن حرق هذا النوع من الوقود انبعاثات غازية تعمل مثل غطاء أو طبقة حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس، ورفع درجات الحرارة وهو ما يعرف بظاهرة ” الاحتباس الحراري”.

ويعد غازا “ثاني أكسيد الكربون” و”الميثان” هما المكون الأساسي والنسبة الأكبر لهذه الانبعاثات. إذ تأتي غالبًا من خلال الأنشطة والاستخدامات اليومية لمصادر الطاقة (الفحم والنفط والغاز) في النقل والصناعة والمباني والزراعة وأنشطة أخرى كثيرة هي المصدر الرئيس لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. كذلك تعد مدافن القمامة مصدرًا رئيسًا لانبعاثات غاز الميثان والذي ينتج عن التحلل البكتيري للمركبات العضوية.

أظهر التقرير الأخير للاتحاد الأوروبي الخاص بتغير المناخ لسنة 2021 ارتفاع نسبة الزيادة في ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من الأنشطة المختلفة على مستوى العالم في الثلاثة عقود الأخيرة (من سنة 1990 حتى 2020) بنسب غير مسبوقة، فقد وصلت في بعض المجالات مثل الصناعة إلى 72%.

وقد أظهر التقرير الأخير لعام 2021 للمكتب التابع للأمم المتحدة لتغير المناخ أن هناك علاقة مباشرة بين الزيادة في كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة والمتراكمة، والزيادة في درجات الحرارة وظاهرة الاحتباس الحراري للكرة الارضية (شكل رقم 1). وقد اعتمدت هذه الدراسة على معلومات تغطي الفترة من سنة 1850 حتى 2021.

 وبناء عليه وضعت الأمم المتحدة خمسة سيناريوهات محتملة للمستقبل حتى عام 2050، بحيث يتوقف كل سيناريو على كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة، سواء انبعاث منخفض جدًا، أو منخفض، أو متوسط، أو عالٍ، أو عالٍ جدًا.

وذكر التقرير أن تركيز هذه الغازات وصل إلى أعلى مستوياته، وأن الانبعاثات مستمرة في الارتفاع. ونتيجة لذلك، أصبحت الأرض الآن أكثر دفئا بنحو 1.1 درجة مئوية مما كانت عليه في أواخر القرن التاسع عشر. كان العقد الماضي (2011-2020) هو الأكثر دفئًا على الإطلاق.

وارتفاع درجة الحرارة هو فقط بداية قصة تغير المناخ، فالحياة على الأرض سلسلة متصلة الحلقات؛ بمعنى أن حدوث تغير في منطقة معينة على الكرة الأرضية يمكن أن يؤثر في مناطق أخرى من العالم. فتغير المناخ قد يتسبب في الجفاف الشديد والتصحر، وندرة المياه، والحرائق الشديدة في مناطق الغابات، وارتفاع مستويات سطح البحر، والفيضانات، وذوبان الجليد القطبي، والعواصف الكارثية، وتدهور التنوع البيولوجي. وقد حدث الكثير من ذلك بالفعل.

في عام 2015 تم الاتفاق التاريخي بين 197 دولة في الأمم المتحدة على “اتفاقية باريس للمناخ”، وكان من أهم نتائجها ما يسمى بالطريق إلى الحالة الصفرية من الانبعاثات الكربونية (غاز ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان) بحلول العام 2050 (The road to Net Zero).

وتم اعتماد خطة من خمس خطوات إذا تم تنفيذها بالكامل في عام 2050 وانعدام الانبعاثات الكربونية -أو ما يعرف بالحالة الصفرية- سوف يؤدي ذلك إلى إبطاء الزيادة في درجة الحرارة بحوالي 3 درجات مئوية. وهذه الخطة الآن في مرحلتها الثالثة، وهدفها العمل على خفض الانبعاثات بنسبة 45% على الأقل مقارنة بمستويات عام 2010؛ وذلك للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة عند 1.5 درجة.

ولكن في تقرير الأمم المتحدة لعام 2018، وبناءً على خطط المناخ الحالية، تظهر التوقعات المستقبلية أنه إذا استمرت الزيادة في الانبعاثات بهذا المعدل فإن الزيادة في درجة الحرارة ستصل إلى 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن الحالي.

تأتي الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي تسبب تغير المناخ من كل جزء من العالم وتؤثر على الجميع بلا استثناء. ولكن نصيب بعض الدول من هذه الانبعاثات أكثر بكثير من غيرها. فحسب التقرير الأخير لسنة 2021 للهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة (IPCC) هناك 10 دول تنتج 68% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم. بينما 100 دولة (أغلبها من الدول النامية) تنتج 3 في المائة فقط من إجمالي الانبعاثات.

وتمثل الصين والولايات المتحدة المنتج الأكبر لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 45% من مجمل الانبعاثات على مستوى العالم. يليهما الاتحاد الأوروبي والهند، ثم روسيا واليابان والبرازيل وإندونيسيا وإيران وكندا بنسبة 23%.  فالعالم الآن يواجه تحديًا كبيرًا بما يهدد النظام البيئي والحياة على هذا الكوكب، وهذا يتطلب من دول العالم اتخاذ بعض الخطوات والإجراءات، بعضها تم البدء فيها والبعض الآخر لم يوضع محل التنفيذ أو تم تأجيله.

لدينا أيضًا اتفاقيات عالمية في هذا الشأن، مثل اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس التي أكدت أن هناك ثلاث فئات واسعة من الإجراءات يجب البدء فيها وهي: خفض الانبعاثات، والتكيف مع تأثيرات المناخ، وتمويل التعديلات المطلوبة.

ويأتي خفض الانبعاثات عن طريق تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح التي تؤدي إلى تغير المناخ على رأس هذه الإجراءات.

أولًا نلقي نظرة على مصادر الطاقة المتجددة ونسبة إنتاجها على مستوى العالم بالمقارنة بالوقود الأحفوري (الفحم والبترول والغاز)

مصادر الطاقة المتجددة حسب ما حددتها الوكالة الدولية للطاقة المتجددة هي:

  1. الطاقة الشمسية (Solar Energy)
  2. طاقة الرياح (Wind Energy)
  3. الطاقة الحيوية (Bioenergy)
  4. الطاقة الكهرومائية (Hydropower)
  5. الطاقة الحرارية الأرضية (Geothermal Energy)

(هناك نوع سادس ما يزال في مراحل الأبحاث العلمية وهو توليد الطاقة من المحيطات من خلال حركة الأمواج أو اختلاف درجات الملوحة أو الطاقة الحرارية في الأعماق).

وذكر التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية لعام 2021 أن إجمالي استخدام الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الحيوية والكهرومائية في توليد الكهرباء في مزيج الطاقة العالمي وصل إلى 29٪، ارتفاعًا من 27٪ في عام 2019. وكان ذلك بسب قلة الطلب على الوقود الأحفوري بسبب أزمة وباء كورونا ولجوء كثير من الدول إلى حلول ومصادر بديلة للطاقة. 

وهذه النسبة هي الأعلى في استخدام مصادر الطاقة البديلة لتوليد الكهرباء منذ الثورة الصناعية. يبين الشكل التالي الزيادة في مصادر الطاقة المتجددة على مستوى العالم في الفترة من 2014 – 2020 (تقرير الطاقة المتجددة REN 2021)

وذكر التقرير أن مصادر الطاقة المتجددة شكّلت في عام 2020 أكثر من نصف الزيادة في إمدادات الطاقة العالمية، وأن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح شكّلا ثلثي مصادر الطاقة المتجددة. فطاقة الرياح تسهم بما يعادل 275 تيرا/وات في الساعة (17%) والطاقة الشمسية بحوالي 145 تيرا/وات في الساعة، وهو ما يقرب من 18% ويقترب من 1000 تيرا/وات في الساعة في سنة 2021.

وأوضح تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة لسنة 2021 أن هناك زيادة في إنتاج الطاقة المتجددة على مستوى العالم بنسبة 3% عن السنة السابقة، وأن الزيادة مستمرة إلى الآن في سنة 2021. وأكد التقرير أن هذا المعدل في الزيادة يمكن أن يصل في نهاية العام إلى 8%، بما يعادل 8300 تيرا/وات/ ساعة، وهو أعلى معدل زيادة سنوي في العقدين الأخيرين.

وتم التأكيد على نفس الظاهرة في التقرير السنوي لمنظمة الطاقة العالمية لسنة 2021 بأن جائحة كورونا تسببت في عام 2020 في قلة الطلب على الوقود الأحفوري عالميًا بسبب توقف كثير من الأنشطة، وعليه انخفضت الانبعاثات إلى قيمة تعد الأدنى في خلال نفس الفترة (31.5 جيجا طن). ومن جهة أخرى فإن نسبة الانبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون ارتفعت مرة ثانية لهذا العام 2021 بنسبة تعد الأعلى في خلال العقدين الماضيين (33.00جيجا طن). ويصدر ثلثا هذه الانبعاث نتيجة الأنشطة المختلفة في الدول الصناعية الكبرى.

تأتي الدول النامية -وبخاصة دول قارة إفريقيا- في مقدمة الخاسرين من ظاهرة تغير المناخ، رغم أن القارة تتسبب في اٌقل من 3% من الانبعاثات الكربونية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري. فحسب التقرير السنوي للبنك الدولي لعام 2021 يستمر التأثير السيء لتغير المناخ في اتجاهه المأساوي والدمار على دول القارة. 

فقد أثرت فيضانات عام 2020 في شرق إفريقيا على أكثر من مليون شخص، وبلغ نهر النيل أعلى مستوياته منذ نصف قرن. كذلك تسبب أسوأ انتشار للجراد منذ 25 عامًا، بسبب الظروف الجوية غير العادية، في معاناة حوالي مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي في القرن الإفريقي على المدى الطويل. كذلك أثرت الأعاصير في مارس 2019 على أكثر من 1.5 مليون شخص في موزمبيق.

ووفقًا لتقارير للبنك الدولي، ارتفع معدل الفقر في المناطق المتضررة إلى 79% من 64%، وانخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 4.7% إلى 2.4%. علاوة على ذلك، قدرت بعض دراسات مخاطر الكوارث أن هذه البلاد تواجه خسائر سنوية في المتوسط بحوالي 440 مليون دولار بسبب الفيضانات وحدها.  كذلك قد تشهد إفريقيا انخفاضًا في إجمالي الناتج المحلي بنسبة تصل إلى 30٪ بحلول عام 2050 بسبب تغير المناخ.

لا تستطيع البلدان الإفريقية ذات المواقف المالية الصعبة ومستويات الديون المرتفعة تحمل تكاليف كل هذه التغيرات أو الصدمات المناخية، وأصبحت الحاجة إلى مكافحة هذه الآثار أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. لذلك فإن الدول الصناعية الكبرى بكونها أكبر المنتجين للغازات الكربونية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري وافقت في اتفاقية باريس لعام 2015 على الالتزام بدفع 0.12% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنويًا حتى عام 2025 لتلبية احتياجات الدول النامية؛ كوسيلة لتمويل البنية التحتية للطاقة المتجددة والمستدامة، وتسهيل الانتقال إلى اقتصاد الطاقة منخفض الكربون في إفريقيا، كأحد أهم الحلول لظاهرة التلوث والانبعاثات الكربونية.

لذلك في البداية لابد أن نلقى نظرة على أولويات وطرق إنتاج الطاقة المتجددة في قارة إفريقيا كأحد الحلول البديلة لظاهرة الاحتباس الحراري، ولكي تكون القارة جزءًا من حل لمشكلة لم تشارك فيها. 

حسب تقرير المنظمة الدولية للطاقة المتجددة، لا يزال تنفيذ الطاقة المتجددة في إفريقيا متأخرًا عن بقية العالم؛ إذ شكلت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح معًا 3% من الكهرباء المولدة في إفريقيا في عام 2018، مقابل 7% في بقية دول العالم. ولكن بعد إضافة الطاقة الكهرومائية والكتلة الحيوية (الصلبة والسائلة والغازية) يرتفع إلى حوالي 20.6 % حسب تقرير سنة 2019. بمعدل زيادة بسيط، فقد كان معدل الزيادة من العام 2011 حتى 2019 لا يتعدى 3%. وقد كان إنتاج القارة من الطاقة المتجددة في عام 2011 حوالي 117 539 جيجا وات/ساعة، وصل إلى 171 405 جيجا وات/ساعة في العام 2019. 

ويمكن حصر المصادر الأساسية للطاقة المتجددة في قارة إفريقيا في أربعة أنواع رئيسة: الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية، والطاقة الحيوية (الوقود الحيوي). يختلف ترتبيها وأولوياتها على حسب طبيعة كل دولة في القارة من حيث الموقع الجغرافي والمصادر الطبيعية.

شكلت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح معًا 3% من نسبة الزيادة في إنتاج الكهرباء المولدة في إفريقيا لسنة 2020. إذ شكلت ثلاث دول أكثر من 70% من هذه الزيادة هي جنوب إفريقيا ومصر والمغرب. الشكلان التاليان يبينان التطور في إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في القارة في الفترة من 2011 حتى 2019. 

كذلك في عام 2020 تم إضافة ما يعادل 7.3 جيجا وات من طاقة الرياح إلى مخلوط الطاقة في 13 دولة إفريقية و5 دول في الشرق الأوسط، فقد شكلت ثلاث دول فقط أكثر من 72% من هذه الطاقة. كانت بالترتيب التالي جنوب إفريقيا 2.5، ومصر 1.5، والمغرب 1.3 جيجا وات.

وبالرغم من أن إنتاج القارة من الطاقة الحيوية أقل من المصادر الأخرى للطاقة المتجددة (مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية) فإنه يعد هو المصدر الأساسي للطاقة في كثير من دول القارة. 

وحسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة للعام 2018 يشكل الوقود الحيوي المصدر الأساسي لمعظم الدول الإفريقية ما عدا دول الشمال الإفريقي وجنوب إفريقيا؛ إذ يمثل الوقود الحيوي نسبة من 90% إلى 100% من نسبة الطاقة المتجددة في مخلوط الطاقة لبعض الدول مثل النيجر-نيجيريا-السنغال-زامبيا. وفي نهاية العام 2020 زادت نسبة الاستخدام للوقود الحيوي بنسبة 28% بالمقارنة بالعام 2015.

ومن الجدير بالذكر أنه بالرغم من أن الوقود الحيوي يعد البديل الأرخص للطاقة في المجتمعات والدول النامية ويعد من المصادر الأساسية للطاقة البديلة والمستدامة، فإنه –وللأسف- يعد غير صديق للبيئة بسبب ما ينتج عنه من انبعاثات كربونية تشارك بنسبة ما في ظاهرة الاحتباس الحراري.

أخيرًا، تعتبر الطاقة الكهرومائية هي الطاقة الأعلى إنتاجا في القارة من الطاقة المتجددة بالمقارنة بالمصادر الأخرى، ولكن إنتاجها يتركز في دول قليلة من القارة لأنها من المصادر التي تحتاج إلى بنية تحتية وتكاليف إنشاء عالية لا تستطيع معظم دول القارة القيام بها. وحسب التقرير الأخير لمنظمة الطاقة الدولية لعام 2021 فإن الطاقة الكهرومائية تمثل 17% من مخلوط الطاقة على مستوى قارة إفريقيا.

ومن المحتمل أن يزيد إلى أكثر من 23% بحلول عام 2040 كأحد الحلول والجهد المستمر في الطريق والتحول إلى الطاقة المتجددة والنظيفة، ولكن -كما ذُكر سابقًا- لن يتم ذلك إلا بدعم دولي كبير.

كانت تكلفة إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة هي العائق الأساسي لكثير من دول القارة، ولكن التخفيض الكبير في تكاليف الطاقة المتجددة العقد الماضي سيسهل من التحول التدريجي الطاقة المتجددة في إفريقيا. يوضح الجدول التالي التكلفة المتطورة لمختلف أشكال الطاقة المتجددة في العقد الأخير.

والملاحظ هنا أن التغيير الأكثر دراماتيكية هو الانخفاض الحاد في تكلفة الطاقة الشمسية (PV)، التي انخفضت بنسبة 85% من عام 2010 إلى عام 2020. تبعًا لتحسن الطاقة الشمسية في القدرة على تحمل التكاليف، شهدت الرياح البرية والبحرية على حد سواء انخفاضًا ملحوظًا، وإن كان أقل حدة في نفس المدى الزمني. مما يجعل الطاقة الشمسية (PV) هي البديل الأمثل لدول القارة. 

وبالنظر إلى أن التطورات التكنولوجية في تخزين الطاقة قد خففت من مشاكل التحول المستدام إلى استخدام الطاقة المتجددة، وبالتالي زادت من فرص الاستثمار فيها؛ فإن تمويل الطاقة المتجددة في إفريقيا هو الآن التحدي الأكبر. على سبيل المثال فإن تكلفة بناء مصنع جديد للوقود الأحفوري أقل بالمقارنة بالمصادر المتجددة، ولكنه أعلى تكلفة في التشغيل، بمعنى تتطلب التكلفة الأولية للطاقة المتجددة نفقات أكبر في التجهيز وكلفة أقل في التشغيل. 

كذللك هناك نقطة بالغة الأهمية وهي أن حجم وكثافة العمالة والتشغيل في مجال الطاقة المتجددة يمثل حسب كثير من الدراسات أكثر من الضعفين بالمقارنة بالوقود الأحفوري كأحد المساهمات في حل مشكلة البطالة في هذه الدول. لذلك فإن على الاقتصادات المتقدمة احترام اتفاقية باريس لعام 2015 التي التزمت بموجبها بـ “0.12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي سنويًا حتى عام 2025 لتلبية احتياجات الاقتصادات النامية” كوسيلة لتمويل البنية التحتية للطاقة المتجددة والتنمية وتسهيل الانتقال إلى اقتصاد الطاقة منخفض الكربون في إفريقيا.

لكن أخذت بعض دول القارة في السنوات الماضية وبالتحديد بعد قمة المناخ في باريس 2015 خطوات جادة نحو تشجيع الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كحلول بديلة وصديقة للبيئة. وكأحد الامثلة الناجحة أخذت مصر خطوات منتظمة وسريعة في هذا الاتجاه؛ إذ مثلت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أكثر من 50% من انتاج الطاقة المتجددة في العام 2020، وذلك حسب تقرير الوكالة الولية للطاقة المتجددة لنفس العام.

وذكر التقرير أن الزيادة في إنتاج الطاقة المتجددة في مصر قد وصلت إلى ما يزيد على 20% في سنة 2020 بالمقارنة بالعام 2015، وتركزت هذه الزيادة في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتشير الخطط المستقبلية للدولة إلى أنه بحلول عام 2040 ستمثل الطاقة المتجددة حوالي 40% من مخلوط الطاقة في مصر.

الخلاصة والتوصيات

سيؤدي تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح إلى تقليل الانبعاثات التي تؤدي إلى تغير المناخ. لكن علينا أن نبدأ الآن، بحيث نصل بصافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. ولذا، يجب أن يتم تنفيذ حوالي نصف تخفيضات الانبعاثات بحلول عام 2030 للحفاظ على الاحترار أقل من 1.5 درجة مئوية، وهو ما يتطلب أن ينخفض إنتاج الوقود الأحفوري بنسبة 6 في المائة تقريبًا سنويًا بين عامي 2020 و2030.

وكذا، يجب إعطاء الأولوية الآن للدول الأقل في الموارد والقدرات للتعامل مع مخاطر المناخ. ويجب على الجميع اتخاذ إجراءات مناخية جادة، لكن البلدان التي تخلق المزيد من المشكلة تتحمل مسؤولية أكبر للعمل أولاً.

يتطلب العمل المناخي استثمارات مالية كبيرة من قبل الحكومات والشركات. لكن التقاعس عن العمل المناخي هو أكثر تكلفة بكثير. وتتمثل إحدى الخطوات الحاسمة في أن تفي البلدان الصناعية بالتزامها بتقديم 100 مليار دولار سنويًا إلى البلدان النامية حتى تتمكن من التكيف والتحرك نحو اقتصادات أكثر اخضرارًا.

ويتعين كذلك متابعة أهم التوصيات في قمة المناخ  COP 26خاصة فيما يتعلق بموضوعات إنهاء دعم الوقود الأحفوري، والتخلص التدريجي من الفحم، وحماية المجتمعات الضعيفة، والوفاء بالتزام تمويل المناخ؛ وكيفية البناء عليها والطريق إلى COP 27  المقرر عقدها في مصر-شرم الشيخ 2022 . يمكننا دفع الفاتورة الآن بكلفة أقل، أو دفعها غاليًا في المستقبل.

المصادر:

  1. تقارير البنك الدولي
  2.  تقارير المنظمة الدولية للطاقة المتجددة
  3. تقارير قمم المناخ السابقة التابعة للأمم المتحدة
  4. تقارير منظمة الطاقة الدولية 
  5. تقارير الأمم المتحدة للمناخ
+ posts

أستاذ الكيمياء بجامعة الملك فيصل

د. إبراهيم الغمري

أستاذ الكيمياء بجامعة الملك فيصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى