أفريقيا

تفكك مقدرات الفيدرالية في ظل هشاشة الدولة الإثيوبية

تحتل الدولة الإثيوبية المرتبة 11 في مصافِ الدول الأكثر هشاشة في العالم، وجاءت من أعلى الدول زيادة نحو التحول إلى الهشاشة بزيادة 4,4+ في عامٍ واحد، وذلك نتيجة الإصلاحات السياسية التي أعلنها آبي أحمد، والتي جرفت الدولة على حافة الانهيار.

وهو ما سيؤدي لمزيد من الانزلاق نحو تفكك فيدرالي للدولة الإثيوبية وسيطرة الجماعات المتمردة، وخاصة في ظل تحالف الجماعات المسلحة الداخلية ومطالب الانفصال، وتزايد أعداد النازحين الناتج من النزاعات الداخلية والطائفية الإثيوبية، وفرض عقوبات دولية لانتهاكات حقوق الإنسان، ونقص الإمدادات الغذائية والتهديد بحدوث مجاعة في ظل جائحة كورونا وانتشار الجراد والنزاعات، والتصنيف المنخفض للاقتصاد الإثيوبي وتأثيره على الاستثمار، وعدم التماسك الداخلي لعدم وجود استراتيجية للدولة الوطنية تستطيع فرضها على أبناء الشعب ذو النزعة الانفصالية.

تعريف الدولة الهشة

كان يطلق عليها بالسابق مصطلح “الدولة الفاشلة”، ووفقًا لتعريف  منظمة صندوق السلام FFP) Fund for peace) هي “هيئة سياسية مُفككة تفقد فيها الحكومة قدرتها المركزية على سيطرتها وسيادتها على كافة أراضيها”، أو “هي تلك الدول التي لديها قدرة متدنية على إدارة الحكم وإنجازه وتعاني من أزمات داخلية وخارجية على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتشتهر بتفشي الفساد السياسي والمالي في أنظمتها، وتشترك في تفشي متلازمة واحدة بالرغم من اختلافها في أنظمة الحكم وهي الفقر والبطالة والفساد وانعدام الأمن”.

وأثرت جائحة كورونا والتغيرات المناخية على مؤشر الدول الهشة لعام 2021، وأطاحت بدول كانت الأقل هشاشة وهم الولايات المتحدة وإسبانيا والتشيك والمجر، حيث شهد العالم اشتعال حرائق دمرت جزءًا كبيرًا من الأراضي إلى جانب الفيضانات والعواصف والمظاهرات الطائفية الحاشدة في الولايات المتحدة.

وتضع منظمة FFP مؤشرًا للدول الهشة ( Fragile states Index FSI)، والذي أُطلق عليه بالسابق “مؤشر الدول الفاشلة Failed states “، لإعطاء إنذار مبكر للدول لاتخاذ إجراءات لتجنب النزاعات القائمة على الخلافات الداخلية وتأثرها بأوضاع الدول المجاورة ومدى تأثير ذلك على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وهو أداة سياسية قائمة على البيانات تقيس الضغوط السياسية والاجتماعية والاقتصادية لنحو 179 دولة، وتم وضعه منذ نحو 16 عامًا كمقياس عام للدول، وتشتمل على عناصر أساسية سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية ويضم 12 عاملاً رئيسيًا وأكثر من 100 مؤشرًا فرعيًا، وكل مؤشر يقيّم من صفر إلى عشرة درجات، وكلما تدنت الدرجة كان المؤشر في حالة جيدة.

تطبيق معايير الدولة الهشة على الوضع في إثيوبيا

جاء الترتيب الإثيوبي لعام 2021، في تقرير مايو الماضي لمنظمة صندوق السلام FPP  هو الأسوأ منذ عام 2006، وعلى الرغم من تشكيك بعض المراقبون من نتائج هذا المؤشر باعتباره يمثل المعايير الغربية فقط، إلا أن مصطلح الدولة الفاشلة تم استخدامه من قبل المؤسسات الكبرى كالبنك الدولي، لما لها من تأثير على المناخ الاقتصادي للبلاد وتشابك عناصره، فالدولة التي لا تمتلك السيطرة على مقدراتها وتفقد سيطرتها على مؤسساتها غير المكتملة تفقد معايير الدول الوطنية. 

ويمكن تطبيق المؤشرات الـ 12 حسب مقاييس صندوق السلام الدولي على الدولة الإثيوبية؛ لمعرفة مدى تطابق هذه المؤشرات مع الوضع الحالي للفيدرالية في ظل حكم رئيس الوزراء آبي أحمد وخطته الإصلاحية: 

1- جهاز الأمن Security Apparatus: يتم تحليل التهديدات الأمنية الداخلية والميلشيات المسلحة والجماعات شبه العسكرية التي تواجهها الحكومة المركزية، وهو ما يمكن تطبيقه على القوات الداخلية للعناصر المسلحة للأقاليم الكبرى في الدولة الفيدرالية ذات النزعة الانفصالية، والتي ساهمت سياسة آبي الإصلاحية في الإفراج عن المعتقلين المسلحين وعودة الجماعات المسلحة دون دمجها في المجتمع الإثيوبي، وهو ما حمل تهديد حالي من جبهتي تحرير شعب التيجراي وتحالفها مع جبهة تحرير الأورومو، والتي شهدت تقدمًا عسكريًا مؤخرًا بالقرب من العاصمة أديس أبابا، عقب الهجوم الذي شنه آبي أحمد على الإقليم في نوفمبر 2020، عقب رفض الجبهة الانضمام إلى حزب الازدهار الموحد والقيام بانتخابات منفصلة، فشن حملة أسماها آبي أحمد بأنها حملة إنفاذ القانون، وعقب إعلانه السيطرة على الإقليم وهروب أعضاء الجبهة، استعادت القوات شبه العسكرية في التيجراي السيطرة على أراضيها، وانتقل النزاع إلى إقليم الأمهرا الحليف الأوحد لآبي أحمد بجانب القوات الإريترية، وإقليم العفر الواقع على خط الربط بين أديس أبابا وميناء جيبوتي، وكذلك وصول المساعدات للإقليم، هذا إلى جانب النزاعات المسلحة بين إقليمي الأورومو والأمهرا وبني شنقول، والصومال والعفر، والاحتجاجات في الجنوب. 

2- انقسام النخبة Factionalized Elites: يرصد هذا المؤشر تفتت مؤسسات الدولة على أسس عرقية أو طبقية أو دينية أو قبلية أو جهوية، فضلاً عن سياسة حافة الهاوية والمأزق بين النخب الحاكمة، كما أنها تؤثر على استخدام الخطاب السياسي القومي من قبل النخب الحاكمة، وظهر هذا المؤشر بقوة في خطب رئيس الوزراء آبي أحمد ضد جماعة التيجراي، ودعوة المدنيين للتسلح للوقوف أمام التيجراي، الأقلية التي كانت مسيطرة على الحكم والمناصب السياسية قبل تولي آبي أحمد في أبريل 2018 وجاء ذلك على خلفية مظاهرات الأورومو الاحتجاجية، وهو الأمر الذي وصفه وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن بأنه تطهير عرقي ضد عرقية التيجراي، في محاولة لإزاحة الجبهة من الحكم.

3- انقسام المجموعات ومظلوميتها Group Grievance: يركز المؤشر هنا على الانقسامات والانشقاقات من خلال الخصائص الاجتماعية والسياسية في أي دولة، فبجانب خطاب الكراهية ضد التيجراي، قامت حكومة آبي أحمد باعتقال المعارضة وعلى رأسهم جوهر محمد من جبهة تحرير الأورومو والقادة السياسيين بالبلاد، للحد الذي وصل إلى اغتيال المطرب المناضل هاشالو هونديسا، ومحاولة إيقاف الاحتجاجات في الإقليم باستخدام القوة، كما شهدت البلاد انقسامات على أسس دينية كالنزاع بين الأمهرا والأورومو، وكذلك الانشقاق داخل الكنيسة ذاتها، ففي الوقت الذي تعتقل فيه الحكومة رهبان الكنيسة الأرثوذكسية بدعوى دعم التيجراي، انضم عدد من رهبان الكنيسة للجيش الإثيوبي لمواجهة متمردي التيجراي، مما حول المواطنين إلى بيادق مسلحة تحولت لحرب أهلية.  

4- الانحدار الاقتصاديEconomic Decline: يأخذ في الاعتبار العوامل المتعلقة بالتدهور الاقتصادي داخل البلد وعدم المساواة في توزيع عوائد التنمية، ومعدلات الفقر والتضخم، ولعل خفض وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز التصنيف السيادي لإثيوبيا بسبب تأخرها في إعادة هيكلة الديون، تصنيفها من “B-” إلى “CCC +”، نتيجة تصاعد عدم الاستقرار السياسي والتأخير في إعادة هيكلة الديون، وزيادة أعداد النازحين واللاجئين للدول المجاورة، إلى جانب زيادة معدلات التضخم الناتج من تصاعد الحرب الداخلية.

5- التنمية الاقتصادية غير المتكافئة وعدم المساواة داخل الاقتصاد Uneven Economic Development: وتعتمد على عدم المساواة الفعلية داخل البلاد القائمة على التمييز الطائفي والعنصري، ويمكن تطبيق هذا الأمر على خلاف العفر مع الحكومة الإثيوبية نتيجة استغلال الأراضي العفرية لخدمة رجال الأعمال بدعوى التنمية دون تحقيق أي تعويض لهم، وكذلك لأبناء بني شنقول مع السد الإثيوبي، كما يؤدي عدم التوزيع العادل للموارد الاقتصادية إلى النزاعات القومية للسيطرة على موارد الإقليم، ويظهر ذلك جليًا في محاولة جماعة الشفتة المدعومة من الحكومة الإثيوبية والمنتمية لإقليم الأمهرا الإثيوبي في السيطرة على الأراضي الخصبة السودانية في إقليم الفشقة، وكذلك السيطرة على الأراضي المتنازع عليها مع التيجراي وكانت السبب في دخولها الحرب مع آبي أحمد، فالحدود الفيدرالية الإثيوبية لم تعٍ التوزيع العادل في الموارد والفصل العرقي بين الأقاليم.   

6- هجرة السكان والأدمغة Human Flight and Brain Drain: والذي يعتمد على التهجير القسري للطبقة المؤثرة على الاقتصاد، أو هجرة الطبقة المتوسطة نتيجة صعوبة مناخ الأعمال ورعايتها، وهو ما تشهده الدولة ذات الشتات الأكبر في العالم والذي يصل لنحو 2.5 مليون إثيوبي ويتمركزون في الولايات المتحدة وأوروبا، ولعل النخب الحاكمة خير دليل فآبي أحمد وجوهر محمد ممن درسوا بالولايات المتحدة الأمريكية، وأقام جوهر شبكة أوروميا الإعلامية في الولايات المتحدة كذلك، كما يؤدي المناخ المتصارع داخليًا إلى هروب الاستثمارات وغلق الصناعات، وهو ما شهدته شركات مصرية تعمل بالتيجراي وقامت برفع دعوى دولية رسمية ضد إثيوبيا، كما يعاني الطلاب من حالات الاختطاف الناتجة من خلفيتهم العرقية، فتم اختطاف مجموعة من طلاب من قومية الأمهرا في جامعة “دنبي دولو” الواقعة غرب إقليم أوروميا، مما أشعل الاحتجاجات داخل الإقليم تنديدًا بعدم الاستقرار والعنف الطائفي في البلاد.

7- شرعية الدولة State Legitimacy: مستوى ثقة السكان في مؤسسات الدولة وعملياتها، ويقيِّم التأثيرات في حالة غياب هذه الثقة ، والتي تتجلى من خلال المظاهرات العامة الجماهيرية، أو العصيان المدني المستمر، أو ظهور حركات التمرد المسلحة، وهو مؤشر لا يقيس نسبة الديمقراطية ولكن يقيس مدى  نزاهة الانتخابات، وهو الأمر الذي شهد عدة احتجاجات قبل عقد الانتخابات على مستوى الأقاليم اعتراضًا على الحزب الموحد الذي أعلنه رئيس الوزراء آبي أحمد متناسيًا الطبيعة العرقية للدولة، فاندلعت المظاهرات كما جددت الحكومة الفيدرالية تأجيل العملية الانتخابية لعدة مرات حتى أجريت في يوليو الماضي، في انتخابات شككت الأمم المتحدة في نزاهتها في ظل غياب بعض الأقاليم عن المشاركة وصعوبة الوصول لصناديق الانتخابات لظروف أمنية ومناخية إلى جانب الاحتجاجات وغياب المؤسسات الدولية عن مراقبة الأوضاع، وشكك المجتمع الدولي في نزاهة العملية الانتخابية. 

8- الخدمات العامة Public Service: عانت بعض الأقاليم الإثيوبية من الفيضانات التي عرقلت وصول الخدمات الأساسية إلى الأفراد، مثل فيضانات نهر أواش والتي تؤثر على سكان الدول المجاورة كذلك، مثل كينيا والسودان، هذا إلى جانب قطع خدمات الإنترنت على المواطنين إثر الأزمات والنزاعات الداخلية في التيجراي، والتي أثرت كذلك على وصول المساعدات الإنسانية في البلاد. 

9- حقوق الإنسان وسيادة القانون Human Rights and Rule of Law: أصدرت هيئة تحقيق مشتركة في الوضع الإنساني أجرته مفوضية حقوق الإنسان الإثيوبية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إقليم تيجراي الإثيوبي، إن جميع أطراف الصراع في الإقليم الإثيوبي ارتكبوا جرائم حرب من بينها جرائم ضد الإنسانية، من جرائم قتل خارج نطاق القانون، وتعذيب، واغتصاب، وهجوم على لاجئين ومشردين ارتكبها أطراف الصراع في الإقليم، فمنذ أن اندلعت الحرب بين الحكومة الفيدرالية والتيجراي في نوفمبر 2020، اتهمت تقارير إنسانية الجيش الإثيوبي والقوات الأمهرية والإريترية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واعتقال الحكومة للصحفيين لعدم تغطية ما يحدث في الإقليم إلى جانب عمليات الاغتصاب، وأخيرًا مع عودة الاشتباكات قامت طائرات إثيوبية بقصف المدنيين بالإقليم، ومؤخرًا قامت قوات جبهة تحرير التيجراي بالانتقام ونهب المساعدات الغذائية، وقتل واغتصاب النساء إلى جانب عدم توفير المساعدات الصحية للنازحين في ظل جائحة كورونا.

10- الضغوط الديموجرافية Demographic pressures: تعاني الدولة الإثيوبية من ضعف البنى التحتية وبالرغم من كثرة الأنهار ومصادر المياه من الأمطار؛ إلا أن السكان يعانون من نقص الإمدادات من المياه، وفي تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة صرحت أن غزو الجراد لإثيوبيا هذا العام هو الأسوأ منذ 25 عامًا، حيث أتى على 200 ألف هكتار من الأرض المزروعة منذ يناير الماضي وهدد الموارد الغذائية، فيمكن للجراد الذي يملأ كيلومترًا واحدًا من الأرض أن يلتهم في اليوم الواحد ما يستهلكه 35 ألف إنسان – كما يقضي على قوت الملايين، وهو ما هدد البلاد بحدوث مجاعة، وضاعفت جائحة كورونا وتزامنه مع موسم الأمطار الغزيرة في إثيوبيا من تأثيره نتيجة عدم وصول الامدادات الدولية للقضاء عليه.

11- اللاجئون والنازحون Refugees and Internally Displaced Persons: تصنف المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين إثيوبيا كثاني أكبر مستضيف لمجموعة للاجئين في إفريقيا، ويوجد فيها أكثر من 847.200 لاجئ من 19 دولة، غالبيتهم من دول جنوب السودان والصومال وإريتريا والسودان، ومتواجدين في ولاية تيجراي وولاية عفر الإقليمية وولاية بني شنقول-جوموز وولاية جامبيلا والولاية الإقليمية الصومالية، وهي المناطق الأكثر فقرًا وأقل تطورًا نتيجة الصراع الداخلي والذي أثر على المخيمات، وبالتالي كانت تستفيد منهم الدولة الإثيوبية بالحصول على المساعدات الدولية قبل النزاع في التيجراي، وأدى لتهجير العديد من اللاجئين إلى دول الجوار، ويوجد حاليًا أكثر من 12.000 لاجئ وطالب لجوء إثيوبي، منهم حوالي 300 شخص من أصول تيجرانية، مسجلين في جيبوتي، وفقًا للمفوضية السامية للاجئين، أشارت الأمم المتحدة إلى أن نحو 20 ألف لاجئ أصبحوا في عداد المفقودين بعد تدمير مخيمين للاجئين في منطقة تيجراي الإثيوبية، ووفقًا لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في تقرير بعنوان “نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2021” صدر في مارس 2021  أنه قد تسبّب النزاع حتى الآن بنزوح أكثر من مليون شخص، معظمهم داخل تيجراي في محاولة لإيجاد مأوى في المجتمعات المضيفة، وعبر آخرون إلى الحدود السودانية، وتقدَّر  الأمم المتحدة عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدة بنحو 5.2 مليون شخص. 

12- التدخل الأجنبي External Intervention: تأثرت الدولة الإثيوبية بالنزاع في التيجراي من خلال تجريم الانتهاكات الحقوقية في التيجراي، وناقش مجلس الامن القضية عدة مرات، ولكنه لم يصدر بيان موحد نتيجة اعتبار كلٍ من الصين وروسيا الأمر بأنه شأن داخلي، فيما وصفتها الولايات المتحدة بأنه تطهير عرقي وطالبت بتحقيق أممي وسحب القوات الإريترية من الإقليم، إضافة إلى الحد من التعاون الاقتصادي والعسكري مع أديس أبابا، وفق ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وفرضت عقوبات عدة وكذلك الدول الأوروبية، وتعتزم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلغاء تصنيف إثيوبيا كدول مستفيدة من قانون النمو والفرص في أفريقيا “أجوا” الذي يتيح الوصول إلى الأسواق الأمريكية دون رسوم إضافية، وذلك بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وذلك في إطار إصدار بايدن أمرًا تنفيذيًا بفرض عقوبات جديدة تستهدف المسؤولين عن إطالة أمد النزاع في إثيوبيا، وشملت القيود فرض حظر على التأشيرات لمسؤولين إثيوبيين حاليين وسابقين، ومسؤولين في الحكومة الإريترية، هذا إلى جانب المشكلات الحدودية مع الدول المجاورة لها وخاصة إقليم الفشقة في الشرق السوداني بولاية القضارف السودانية وهي الدولة الأخرى التي تصنف الثامنة على مؤشر الدول الهشة لما تعانيه من تهديد للمرحلة الانتقالية والمشكلات الداخلية والأزمات الاقتصادية، والصومال الدول الثانية على المؤشر وجنوب السودان التي تحتل المرتبة الرابعة. 

مما سبق، يتضح أن مشهد الداخل الإثيوبي يضعنا أمام دولة هشة متكاملة الأركان قد تكون نتيجة أحداث متغيرة؛ إلا أن الصراعات الداخلية المتأزمة داخل أركان ومفهوم الدولة الإثيوبية تعيق نجاح الفيدرالية، وتؤدي النزعات الانفصالية وعدم العدالة في توزيع الموارد إلى تعظيم مفهوم الانفصالية الذي يعززه الدستور الإثيوبي؛ مما يعيق تكوين مؤسسات وأركان الدولة الوطنية، التي تستطيع أن تفي بمتطلباتها الدولية وخاصةً في القضايا ذات الطابع العابر للحدود كقضية سد النهضة والأزمات الحدودية والنزاع في التيجراي لتأثيرها المباشر على دول الجوار وأمنها.

ولكن قرارات السلطة المركزية تخضع دائمًا لسيطرة القوى الكبرى الفاعلة والممولة لانتشالها من براثن الفقر وتمويلها بالمعونات والمساعدات، وبالتالي فهي دولة غير حرة القرار، إذ تنبع قرارتها الداخلية ومواقفها الدولية في ظل محاولة تحقيق التوازن بين التهديدات الداخلية ومحاولة توحيد الصفوف حول قضايا وطنية هشة، والمصالح الخارجية التي تسعى للحفاظ عليها. 

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى