
قيس سعيد في أول اجتماع لمجلس الوزراء: سيادة تونس وسيادة الشعب دونهما الموت
عرض – علي عاطف
عقد الرئيس التونسي، قيس سعيد، أمس الخميس أول اجتماع لمجلس وزراء البلاد بعد تشكيل الحكومة الجديدة. رحب الرئيس التونسي في البداية بالمسؤولين، وذكر بأنه لم تكن هناك في الواقع دورية لمجلس الوزراء في السابق وأنه قبل ذلك لم ينص الدستور ولا الأحكام الاستثنائية على دورية انعقاد مجلس الوزراء ولكن جرت العادة في تونس منذ القرن قبل الماضي القرن الـ 19 أن يجتمع مجلس الوزراء، المجلس الأكبر في ذلك الوقت، يوم الخميس لأن يوم الجمعة كان يوم العطلة الأسبوعية ثم بعد ذلك مجلس كتاب الدولة، أما في الأعوام السبعين، خاصة، كان هناك اجتماعٌ دوري لمجلس الوزراء كل خميسٍ من كل أسبوع.
وأضاف سعيد في مستهل حديثه أنه وإثر ذلك تطورت الأوضاع فصار المجلس يجتمع أول أربعاء من كل شهر، ولكن الكثيرون لا يعرفون ذلك، مشيرًا إلى أنه في بعض الأحيان كان يُقال على الاجتماعات اجتماع مجلس وزراء استثنائي ولكن “ليس هناك مجلس وزراء استثنائي ولا مجلس وزراء عادي ينعقد بصفة دورية وينعقد بصفة عادية، ليس هناك استثناءات في هذا المجال”.
وأوضح سعيد أن اجتماع اليوم هو أول مجلس وزراء بعد تكوين الحكومة وأن هذا دليل على أن مؤسسات الدولة تعمل وستعمل أكثر، داعيًا كل المسؤولين في أي موقع كان إلى أن يعملوا أكثر فأكثر لرفع كل التحديات مهما كانت، ولينتهي الوضع أيضًا المتعلق بالتجاوزات بناء على الانتساب لهذا الحزب أو ذلك. وتابع سعيد قائلاً “آثرت أن تتكون هذه الحكومة من أعضاء غير منتمين لأي حزبٍ من الأحزاب، ينتمون لتونس وليس لحزب، ومن يتصور أنه يدخل مرفقًا عموميًا بناًء على انتماءه لحزب وخدمة لهذا الحزب فهو واهم. نحن نعمل من أجل تونس ومن أجل الدولة التونسية”.
واستطرد الرئيس التونسي أن هذا الاجتماع سيُخَصص للتداول في عددٍ من النقاط، نقاط تتصل بالوضع الصحي، تتصل بالقرض الرقاعي وبجملة من البيانات حول التزويد والأسعار والاستعداد للموسم الفلاحي. وشدد سعيد في الاجتماع أنه وقبل تناول هذه النقاط بالنقاش يريد أن يوضِّح للجميع خاصة في هذه الفترة أن تونس دولة حرة مستقلة ولا مجال للتدخل في شئونها قائلاً “تعلمون كيف ذهب البعض إلى الخارج يستجديه لضرب المصالح التونسية وأقولها اليوم: الذي قام بهذا سيُسْحَبُ منه جواز سفر دبلومسي لأنه في عداد أعداء تونس ولا مجال لأن يتمكن من هذا الامتياز وهو يجوب العواصم ويلتقي عددًا من الأشخاص للإضرار بتونس.
وطلب الرئيس سعيد من السيدة وزيرة العدل بناءً على الفصل الـ 23 من مجلة الإجراءات الجزائية أن تفتح تحقيقًا قضائيًا في هذه المسألة، مؤكدًا على أنه “لا مجال للتآمر على أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، نعرف جميعًا إمكانياتنا، نعرف حجمنا، ولكن لا نقبل ولن نقبلَ أبدًا بأن توضَع سيادتُنا على طاولة أي مفاوضاتٍ أجنبية. القضية هي قضية الشعب التونسي وليست قضية دولية حتى يتدخل فيها آخرون”.
وشدد سعيد مرة أخرى على أن “السيادة للشعب وللشعب وحده وتونس دولة حرة مستقلة” محذرًا من يتآمر على تونس في الخارج من أنه “يجب أن تُوَجَّه إليه تهمةُ التآمر على أمن الدولة الداخلي وعلى أمن الدولة الخارجي”.
ولفت الرئيس التونسي إلى أن البعض سيقول “أننا دولةٌ صغيرة وليس لدينا من الإمكانيات الكثير، صحيح ليست لدينا صواريخ عابرة للقارات ولكن لدينا سيادة عابرةٌ للقارات. سيادتنا قبل كل شئ وكرامتنا قبل كل شئ ولا مجال لأن نترك أحدًا يتدخل في شؤوننا الداخلية، الكلمة هي للشعب التونسي وليس لعواصم في الخارج أو لخونة يلتجأون للخارج لضرب بلادهم، لضرب دولتهم التي تحملوا فيها المسئولية”.
واستنكر الرئيس التونسي المتآمرين على بلاده مقارنًا بين الوطنيين المخلصين وبينهم ومشيرًا إلى أنه “نقول النشيد الرسمي نموت نموت ويحيا الوطن، لا نرتمي في أحضان عواصمَ أخرى ثم يتحدثون عن النشيد الرسمي هم يموتون ويموتون ليحيا العفن للأسف”.
وأكد سعيد حرص الحكومة على الديمقراطية وعلى الحرية وعلى أن يتمكن الشعب من التعبير عن إرادته تعبيرًا دون تدخل أيٍّ كان ودون أموال وذلك لأن صوت الشعب وإرادة الشعب هي المصدر الأساسي للسطلة في كل مكان، “ويجب أن نكون مسؤولين أمام الشعب وأمام التاريخ. وتعرفون في المدة الأخيرة تهاطلت الدعوات من عديد العواصم لتشكيل حكومة”.
وذكّر سعيد بأن الأمر كان يتعلق بحكومة وأن الحكومة في الواقع كانت موجودة فليس هناك رئيس للحكومة وكانت بعض الحقائب الوزارية يتولاها عددٌ من الوزراء الآخرين، ولكن “هم ليست لديهم حكومات، لديهم كُتّاب دولة ليس هناك حكومة بالمعنى الهيكلي، وتأتينا الدعوات من الخارج لتشكيل حكومة”.
وأوضح سعيد بأنه فيما يتعلق بتشكيل الحكومة فإنه “لم استقدم اللحظة ولم استأخرها حتى يقع الفرز، الفرز بين المنافقين والوطنيين الصادقين. كانوا يعتقدون أنه بعد 25 جويلية (يوليو) تم إعفاء رئيس الحكومة وعدد من الوزراء والمكان شاغر وبدأت تتهاطل جملةٌ من المبادرات إلى آخره”.
وقال سعيد إنه سيكون هناك حوارٌ بين الحكومة والشباب ولن يكون الحوار الذي تم في السابق واحد واثنين أي أنه لن يكون الحوار رقم 3، بل سيكون حوارًا مع الشعب التونسي ومع الشباب التونسي وسيصدر الأمر في القريب العاجل لتنظيم هذا الحوار مع الشباب ومع الشعب “لا مع من تواطئوا مع عواصمَ أجنبية ولا مع من يتحفزون الفرص لتولي حقائب وزارية”.
وذّكر سعيد التونسيين “قبل الأجانب” بميثاق الأمم المتحدة ونصه على أنه لا مجال للتدخل في الشئون الداخلية للدول وأن الهيئة تقوم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها “وسيادة تونس وسيادة الشعب دونها الموت”. ووصف سعيد قضية بلاده بأنها ليست قضية دولية، ولكنها قضية تونسية خالصة، فـ “التونسيون والتونسيات وحدهم هم الذين يحسمون أمورهم بأنفسهم دون تدخلٍ من أي كان”.
واستنكر سعيد محاولات بعض الدول التدخل في شئون بلاده قائلاً “ماذا يعني أن توضَع تونس في جدول أعمال برلمانات أجنبية، للتعاون نعم، لنواصل التعاون بحسن نية، ولكن لا بد أيضًا من أن يكون التعاون حتى وإن كنا دولة صغيرة الحجم، لا بد أن نتعاون مع احترام سيادتنا واحترام إرادة شعبنا”.
وافتتح الرئيس التونسي المجلس واعدًا ببناء “تاريخ جديد لتونس يقوم على الديمقراطية الحقيقية وليس على الديمقراطية الشكلية”، موضحًا أن “هذه الديمقراطية الشكلية أذكِّر كيف كانت تتهاطل برقيات التهاني بمناسبة انتخابات يعرفون أنها مزورة. واليوم تأتينا من بعض العواصم مطالب بتشكيل الحكومة، (طيب) لو كان هناك كتاب دولة، مجلس كتاب دولة كما كان الأمر لن تكون هناك حكومة في تونس إلى حدود 7 نوفمبر 69 أحداث خطة الوزير الأول”.
ولفت سعيد إلى أن الدستور قد مكن البعض من “التدابير الاستثنائية” في السابق، مشددًا على أنه “وبين قوسين يُقال أمر فوق الدستور، اسمها استثنائي، تدابير استثنائية جاء بها الدستور نفسه وقالوا انقلاب وأمر فوق الدستور، الدستور مكنك من التدابير الاستثنائية وتم الالتجاء إلى التدابير الاستثنائية لأنهم يريدون إسقاط الدولة”.
وحذّر الرئيس التونسي من مؤامرات البعض في الخارج داعيًا شعب بلاده إلى “العيش والموت” من أجل تونس “لكن لن نرتمي في أحضان أحد ونحافظ على استقلالنا إلى آخر نبض في القلب وإلى آخر نفس يتردد ولن نقبل بأن يتدخلوا في شئوننا”.
ودعا سعيد من يريد الحديث عن مواقف بلاده وعن الحركة الإصلاحية وعن الثورة التونسية الحديث لساعات طوال، مؤكدًا مرة أخرى على أن بلاده دولة ذات سيادة وأنه “لسنا ضيعة ولسنا بستانًا أو حقلاً يتدخل فيه من يريد أو يخرج منه من يريد”.
باحث بالمرصد المصري