
“تصعيد محسوب”.. محفزات وحدود التوغلات الصينية في منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية
نما حجم وتواتر النشاط الجوي الصيني في منطقة تعريف الدفاع الجوي التايوانية (ADIZ) منذ بداية عام 2021، وبينما اتسم بالمحدودية النسبية والوتيرة المتسقة خلال الشهور الأربع الأولى من العام بين يناير وأبريل، ظل النشاط الجوي الصيني ضعيفًا خلال شهري مايو ويوليو، باستثناء وتيرة صاعدة في يونيو، واستمر ارتفاعها منذ أغسطس، حيث شكلت الأيام الأربع الأولى من أكتوبر الجاري ذروة النشاط خلال هذا العام بواقع 133 خرقًا نفذته طائرات سلاح الجو الصيني التابع لجيش التحرير الشعبي؛ موزعة على 38 عملية توغل في الأول من أكتوبر، و39 عملية في اليوم التالي، و56 عملية يوم الرابع من أكتوبر، تمثل أيضًا ذروة تلك الأنشطة منذ أن بدأت الجزيرة الإبلاغ عن مثل هذا النشاط في سبتمبر 2020.
وتُشير التقديرات العسكرية إلى أن العمليات الأخيرة تندرج ضمن نمط “العمليات الجوية ذات الحزمة الكبيرة من نوع متعدد الطائرات”. ويعني مصطلح “الحزمة” قوة قتالية جوية متكاملة تضم أنواعًا متنوعة من الطائرات تعمل كوحدة واحدة متناغمة وقاتلة؛ فقد شارك في العمليات الأخيرة حزم من طائرات مقاتلة هجومية متعددة المهام من طراز J-16، وقاذفات H-6K، وطائرات مضادة للغواصات من طراز Y-8، وطائرات الإنذار المبكر والتحكم من طراز KJ-500. ويجعل هذا الجمع بين المقاتلات والقاذفات وطائرات الدعم وطائرات الحرب الإلكترونية، الحزمة أكثر فاعلية وقابلية للبقاء في المجال الجوي من الطائرات الفردية.
الدوافع ودلالات التوقيت
تأتي العمليات العسكرية الصينية الأخيرة بحق منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية ضمن وتيرة متصاعدة من الخروقات شهدها العام الجاري بواقع أكثر من 600 حادث، مقارنة ب، 380 عام 2020، وحوالي 10 عام 2019، ويعزي ذلك إلى عدة أسباب، نستعرضها على النحو التالي:
• إعادة صياغة التحالفات الجيوسياسية غرب المحيط الهادي: تشهد منطقة الإندوباسيفيك نمطًا من الترتيبات الصغيرة والمتداخلة بغرض تسهيل التعاون العسكري والدفاعي، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، ومكافحة محاولات الهيمنة الصينية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما يُفضي إلى إعادة تعيين موازين القوى في آسيا والمحيط الهادئ، بشكل يمثل تحديًا مباشرًا لاستخدام الصين أدواتها العسكرية. وتشمل الشراكات الصغيرة اتفاقية أوكوس الأمنية بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا لتزويد كانبيرا بالتكنولوجيا اللازمة لبناء غواصات تعمل بالطاقة النووية، وهي صفقة تُصنف باعتبارها محاولة لاحتواء نفوذ الصين.
بالإضافة إلى تحالف الخمس عيون الاستخباراتي بين بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا، وآلية الحوار الثلاثي بين الهند وأستراليا وإندونيسيا، وصيغة الحوار الأمني الرباعي “كواد” بين الولايات المتحدة وأستراليا والهند واليابان الذي عقد أحدث اجتماعاته في 25 سبتمبر الفائت بواشنطن. فضلًا عن ترتيبات الدفاع الثنائية مثل تلك التي بين الولايات المتحدة واليابان والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة والفلبين. وفوق هذا تزامنت الرحلات الجوية الصينية مع التدريبات البحرية المشتركة بين الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة ونيوزيلندا وهولندا وكندا في بحر الفلبين بالقرب من جزيرة أوكيناوا اليابانية، على بعد 455 ميلا من تايوان، والتي ضمت 17 سفينة حربية منهم ثلاث حاملات طائرات – اثنتان أمريكيتان “يو إس إس كارل فينسون” و”يو إس إس رونالد ريغان”، وواحدة بريطانية ” اتش ام أس كوين إليزابيث” – وقد اجتازت الأخيرة مضيق تايوان مما آثار غضب بكين.
• السيطرة على القنوات والمضائق الاستراتيجية: تكتسب الرحلات الجوية العسكرية للركن الجنوبي الغربي من منطقة “أديز” التايوانية بُعدًا استراتيجيًا بالنسبة لبكين، لقربها من المدخل الغربي لقناة باشي، وهي ممر رئيسي للطائرات والسفن والغواصات التي تعبر المحيط الهادئ باتجاه ما تعتبره الصين بحارها القريبة، بما يضمن الحفاظ على الوجود العسكري في المنطقة وتحسين قدرات السيطرة على قناة باشي الاستراتيجية، وردع نشاط الغواصات الأمريكية والتايوانية بالقرب من شمال بحر الصين الجنوبي؛ إذ يوفر اكتشاف النشاط الأجنبي تحت الماء في قناة باشي الضحلة وبالقرب منها أول خط دفاع ضد تدخلات الغواصات الأجنبية قبل التوغل إلى بحر الصين الجنوبي.
• تثبيت الخطوط الحمراء: يحمل النشاط العسكري الجوي الصيني بمنطقة “أديز” التايوانية في طياته إنذارًا لواشنطن وحلفائها الغربيين من تجاوز الخطوط الحمراء المتعلقة بإعلان تايوان الاستقلال أو تغيير الولايات المتحدة لسياسة “الصين الواحدة”؛ إذ تنضوي ممارسات الشهور الأخيرة على بعض أشكال الانفتاح الدبلوماسي والسياسي الأمريكي على تايبيه؛ تجسد أبرز ملامحه في دراسة الولايات المتحدة اقتراحًا تايوانيًا لتغيير اسم ممثليتها بواشنطن من مكتب الممثل الاقتصادي والثقافي لتايبيه إلى مكتب التمثيل التايواني، مما يثير غضب بكين التي تعتقد أنه لا يحق لتايوان ممارسة دبلوماسية مستقلة على المسرح العالمي. علاوة على تسهيل الولايات المتحدة مقابلة مسؤولين حكوميين لنظرائهم التايوانيين، ودعوتها إلى مشاركة تايبيه في المؤسسات الدولية التي لا تتطلب عضوية الدولة؛ ففي مايو الماضي، أرادت مجموعة السبع – التي تضم الولايات المتحدة – السماح لتايوان بالمشاركة في منتديات منظمة الصحة العالمية.
وتُشير الخبرات المعاصرة إلى أن التوغلات العسكرية الصينية واسعة النطاق دائمًا ما تأتي ردًا على ما تعتبره بكين استفزازات واشنطن؛ فقد كان التوغل في 12 أبريل 2021 نتيجة تحذير وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين لبكين من أن محاولة تغيير الوضع الراهن في تايوان بالقوة سيكون “خطأً فادحًا”. وجاء التوغل الذي ضم 20 طلعة جوية يوم 26 مارس 2021 ردًا على توقيع الولايات المتحدة وتايوان اتفاقية إنشاء مجموعة عمل لخفر السواحل لتنسيق السياسة. وكانت الغارات الصينية واسعة النطاق في 18 و19 سبتمبر 2020 والتي شهدت عبور طائرات جيش التحرير الشعبي “خط الوسط” ردًا على زيارة وكيل وزارة الخارجية الأمريكية كيث كراش إلى الجزيرة، باعتباره أكبر ممثل لوزارة الخارجية يزورها منذ عام 1979.
علاوة على ذلك، تبعث بكين برسائل للاعبين الدوليين الآخرين الذين أبدوا اهتمامًا متزايدًا بقضية تايوان، مفادها أن الاقتراب الشديد من تايبيه أو التدخل بأي شكل في سياسة الصين تجاهها سيكون مكلفًا، لا سيّما أن اليابان باتت تؤكد علنًا ارتباط أمنها بأمن مضيق تايوان، واتجهت بعض الدول الأوروبية لتوطيد علاقاتها بتايبيه، فعلى سبيل المثال، أضفت ليتوانيا الطابع الرسمي على علاقاتها بتايوان من خلال الإعلان عن افتتاح مكتب دبلوماسي بها، فيما أبحرت حاملة طائرات بريطانية لأول مرة عبر مضيق تايوان في سبتمبر. وتنظر بكين إلى تسريع التعاون بين واشنطن وتايبيه – رغم التزام الولايات المتحدة خطابيًا بعدم دعم استقلال تايوان- والعلاقات التايوانية المتزايدة مع الحكومات الأخرى، باعتبارها تفريغًا تدريجيًا لمبدأ “الصين الواحدة”.
• الدفع نحو استئناف المفاوضات الثنائية: تأمل الصين أن يدفع الضغط العسكري السياسة الجديدة للحزب القومي الصيني الحاكم في تايوان “الكومينتانغ” نحو الاتجاه المفضل لبكين، خاصة أن الحزب انتخب زعيمًا جديدًا هو إريك تشو، بعد حملة ركزت بشكل أساسي على برنامج السياسة الخارجية الصديقة للولايات المتحدة، والتعهد باستئناف المحادثات المتوقفة مع الصين منذ عام 2015. وربما يدعم ذلك تهدئة اللهجة العسكرية الصينية يوم الخامس من أكتوبر، الذي تولى فيه الزعيم الجديد لحزب الكومينتانغ منصبه؛ إذ اكتفت بكين بإرسال طائرة واحدة فقط إلى المنطقة المجاورة لتايوان.
• الدعاية السياسية الداخلية: تركزت كثافة موجات التوغلات الصينية داخل منطقة تعريف المجال الجوي التايواني خلال الأيام الواقعة بين 1 أكتوبر (اليوم الوطني للصين)، و10 أكتوبر (يوم تايوان)؛ ما يجعلها بمثابة استعراض قوة عسكري يُخَّدم على الأجندة السياسية للرئيس الصيني التي تركز على حلم “الصين الواحدة” وتصنف قضية تايوان ضمن أولويات سياستها الخارجية والداخلية وغالبًا ما توظفها لصرف الانتباه بعيدًا عن المشكلات الداخلية المتصلة بتصاعد أزمتي انقطاعات التيار الكهربائي والديون العقارية.
فضلًا عن الرغبة في تهدئة الأصوات القومية المطالبة بإظهار استجابة مضادة لمظاهر القوة العسكرية الغربية المتزايدة بالمنطقة، لا سيّما أن الحزب الشيوعي الصيني مقبل على مرحلة حاسمة فيما يتعلق بانعقاد الجلسة الكاملة السادسة للجنته المركزية التاسعة عشر خلال نوفمبر المقبل، والتي ستشهد إعادة تعيين الأمين العام للجنة واختيار الجيل الجديد من القادة الذين سيتم تنصيبهم أواخر عام 2022. وبينما سيحتفظ الرئيس الصيني شي جين بينج بالمنصب الذي شغله منذ 15 نوفمبر 2012، فإنه يتطلع أن تزيد الاستعراضات القوية فرص ظهور أتباعه المفضلين في المناصب الرئيسية.
تصعيد محسوب
أثار نشاط سلاح الجو الصيني مخاوفًا من اندلاع صدام عسكري مباشر، تتجاوز تداعياته وأبعاده الجيوسياسية نطاق الإقليم الجغرافي المباشر. لكن الرأي القائل بإمكانية تسخين الحرب الباردة الممتدة بين الجانبين يحاوطه جملة من الشكوك؛ فهناك أسباب للاعتقاد بأن الرحلات العسكرية الجوية الصينية ليست مؤشرًا على هجوم عسكري وشيك رغم قدراتها العسكرية المتنامية، أو أن بكين في أشد حالات غضبها، وهو ما نستعرضه تاليًا:
• التوصيف القانوني لمنطقة تحديد الدفاع الجوي: لم تحلق المقاتلات والقاذفات الصينية داخل المجال الجوي لتايوان، وإنما في الجزء الجنوبي الغربي من منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية على بعد أكثر من 160 كيلومترًا جنوبًا، وكلاهما مختلفان تمامًا من حيث الأبعاد القانونية والجغرافية، حيث يشير المجال الجوي، وفقًا لاتفاقية الطيران المدني الجوي، إلى خط 12 ميلًا بحريًا من خط الأساس (حوالي 13.8 ميلًا قانونيًا). أما منطقة تحديد الدفاع الجوي فعادة ما تكون أبعد بكثير عن الحدود، وتعلن فيها دولة ما أن لديها سلطة تحديد وتعقب ومراقبة الطائرات الأجنبية التي تقترب من أراضيها، ولا تخضع لأي قانون دولي. وبالنسبة لتايوان فإنها تغطي مضيق تايوان وجزءًا من بحر الصين الشرقي وقسمًا من مقاطعتي فوجيان وتشجيانغ بالبر الرئيسي للصين، أي أنها تتداخل جغرافيًا مع الصين.
أما إذا أرادت الصين إرسال إشارة أقوى لكانت اختارت الطيران عبر ما يُسمى بـ “خط الوسط” في مضيق تايوان، وهي حدود عسكرية متفق عليها ضمنًا بين البلدين. وتاريخيًا، أرسلت بكين طائرات عسكرية عبر خط الوسط مرات نادرة للتعبير عن مستويات عالية من التحذير؛ حيث عبرت طائرات جيش التحرير الشعبي الصيني خط الوسط عام 2019 لأول مرة منذ عقدين، وتكرر الأمر يومي 18 و19 سبتمبر 2020 ردًا على زيارة وكيل وزارة الخارجية الأمريكية كيث كراش لتايوان كأكبر ممثل لوزارة الخارجية يزور الجزيرة منذ عام 1979.
• المخاطر باهظة التكاليف: لا تزال الصين تفضل – حتى الآن- إعادة التوحيد السلمي وتتطلع إلى الاعتماد على “جاذبية النموذج الصيني” لخلق أجيال تايوانية داعمة للتوحيد اتفاقًا مع المنطق الماركسي القائل بأن الروابط القائمة على المصالح المادية والاقتصادية المشتركة “البنية التحتية” أطول أمدًا من تلك القائمة على التوافق الفكري “البنية الفوقية”. وبالتالي، تظل العمليات العسكرية محصورة في نطاق المناوشات التحذيرية وقياس الاستجابات العسكرية والسياسية لتايوان والولايات المتحدة وحلفائهم.
ويرجع ذلك إلى أن حسابات بكين الاستراتيجية تظهر قصورًا في الاستعدادات العسكرية وتبعات سياسية واقتصادية غير محمودة؛ فعلى صعيد الاعتبارات العسكرية، لا يزال القادة الصينيون يشككون في قدرة الصين على غزو وهزيمة تايوان ومحاربة الولايات المتحدة، ويعتبرون أن جيش التحرير الشعبي ليس مستعدًا تمامًا لمثل هذه العملية المعقدة التي تشمل جميع الأسلحة وتحتاج لإمكانيات ضخمة لتسيير نحو مليوني جندي مسافة 100 ميل إلى مضيق تايوان؛ فلم يتم إجراء تدريبات مشتركة تشمل القوات البرية والبحرية والجوية والصاروخية الباليستية والقوات الإلكترونية لمحاكاة عملية بمثل هذا المستوى من التعقيد، وبصفة عامة لا يتدرب الجيش الصيني في بيئات واقعية ومعقدة.
علاوة على افتقار الجيش للخبرات القتالية الميدانية باستثناء نخبة قليلة من القادة كبار السن، حيث لم يشهد أي قتال منذ عام 1979. لكن أيضًا، ثمة أمر آخر يؤثر يشكل معضلة لصناع القرار العسكري والاستراتيجي الصيني وهو المتعلق بتبني الولايات المتحدة سياسة “الغموض الاستراتيجي” فيما يتعلق بأنماط سلوكها إذا ما غزت الصين تايوان منذ عام 1979، وهو ما يصعَّب توقع رد الفعل الأمريكي والاستعداد له.
أما على صعيد الحسابات السياسية والاقتصادية، فثمة اتفاق على أن الحرب على تايوان من شأنها أن تنذر بعواقب وخيمة على تقويض التنمية الاقتصادية لا سيّما أن العديد من المواطنين الصينيين يشككون في حكم القيادة وكفاءتها، فضلًا عن توتير علاقات الصين الخارجية وتشويه صورتها العالمية، كما يُمكن أن تشًكل خطرًا على الحزب الشيوعي الصيني. علاوة على أن تكلفة الحرب والاستجابات الدولية لها قد تعرقل الأولويات المحلية الأكثر أهمية لبكين وبالأخص ذات الطابع الاقتصادي.
استنتاج ختامي؛ ترجح الأسباب المذكورة آنفًا فرضية “الحرب المؤجلة” لكنها لا تنفي تمامًا احتمالات اشتعالها في مرحلة لاحقة، حتى أن المخططين العسكريين الأمريكيين والتايوانيين قدموا تقديرات متفاوتة لمدى زمني قد نشهد خلاله عملية عسكرية صينية ضد تايوان؛ فقد حذر الأدميرال فيليب ديفيدسون، قائد القوات الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، من أن الصين قد تغزو تايوان في غضون السنوات الست المقبلة مع تسريع بكين لتحركاتها لتحل محل القوة العسكرية الأمريكية في آسيا.
بينما تُشير بعض التقديرات الأخرى إلى العام 2049 الذي يصادف الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، والذي جعله الرئيس شي جين بينغ هدف تحقيق “التجديد العظيم للأمة الصينية”، وبالنسبة للحزب الشيوعي الصيني فإن ذلك لا يفترق عن تحقيق “مبدأ الصين الواحدة”.
لكن على أية حال، فإن السؤال المطروح دائمًا هو ذلك المتعلق باحتمالات وأشكال الدعم العسكري الأمريكي لتايوان، وتُشير التقديرات العسكرية إلى احتمالات منخفضة في هذا الصدد؛ فقد رجحت محاكاة لمناورات عسكرية بين البلدين هزيمة القوات الأمريكية، كما أن تقييم القدرات العسكرية لكل من الصين والولايات المتحدة في منطقة المحيط الهادئ عام 2025 يظهر اختلالًا لميزان القوة العسكرية بين البلدين لصالح الصين، فبحلول ذلك الوقت، قدرت قيادة المحيطين الهندي والهادئ الأمريكية (إندوباكوم) امتلاك الصين ما يقرب من 100 سفينة مقاتلة حديثة متعددة الحروب، مثل المدمرة Type 055، وأكثر من 60 غواصة و12 سفينة هجومية برمائية وثلاث حاملات طائرات. بينما ستكون القوات البحرية الأمريكية قادرة على نشر 12 مدمرة فقط، و10 غواصات، و4 سفن هجومية برمائية، وحاملة طائرات واحدة.
كذلك من المتوقع أن يكون لدى الصين 150 مقاتلة من الجيل الخامس وأكثر من 1800 طائرة مقاتلة من الجيل الأقدم، بينما سيكون سلاح الجو الأمريكي قادرًا على نشر ما يقرب من 100 مقاتلة من الجيل الخامس، مثل F-22 وF-35، ونحو 150 مقاتلة من الجيل القديم مثل F-16 أو F-15.
وحتى لو تمكنت الولايات المتحدة من تحقيق نصرًا عسكريًا، فإنه سيكون مُكلفًا على كافة المستويات، فإلى جانب الخسائر المادية والبشرية، سيكون على الولايات المتحدة بناء وجود عسكري دائم في تايوان والمناطق المحيطة لتأمين الانتصار العسكري وضمان استدامته، وهو ما سيؤدي لمزيد من الضغوط على ميزانية الدفاع التي ستتكلف مئات المليارات من الدولارات، خاصة إذا ما نظرنا للبعد الجغرافي المقدر بحوالي 6 آلاف ميل بحري بين الولايات المتحدة وتايوان.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية