دول الخليج العربيالعراق

زيارة الكاظمي إلى الكويت.. الأهداف والنتائج

تعد زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الكويت في 22 أغسطس 2021 الزيارة الأولى منذ توليه منصبه، وهي الزيارة الخليجية الثالثة بعد زيارته إلى السعودية والإمارات. وقد كانت الزيارة حافلة بالعديد من اللقاءات مع كل من أمير دولة الكويت نواف الأحمد الجابر الصباح، وولي العهد مشعل الأحمد الجابر الصباح، ورئيس مجلس الوزراء الكويتي صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس مجلس الأمة الكويتي السيد مرزوق الغانم. وتتمثل أهمية هذه الزيارة في تعزيز التعاون بين العراق والكويت في مختلف المجالات، الطاقة والاستثمار بما يعزز الاستفادة من الإمكانيات التي يتيحها التقارب الجغرافي.

تتسم العلاقات العراقية الكويتية بأنها علاقات خاصة وتاريخية وهي قائمة على المستوى الاقتصادي حيث تقدر صادرات الكويت غير النفطية إلى العراق بنحو 105.3 مليون دولار في سبتمبر 2020، وتمثل الصادرات العراقية إلى الكويت 385000 دولار في 2019. وسبق وقدمت الكويت في 2019 مسودة لاتفاقية منطقة تجارة حرة بين العراق والكويت، واقترحت إنشاء منظومة لتيسير النقل البري وتعزيز التجارة بين الدولتين.

تتمثل أهمية الزيارة في محاولة الكاظمي في استعادة بناء الدولة العراقية ومكانتها الإقليمية، وبناء علاقات متوازنة مع الدول المختلفة وهي خطوة مهمة في ظل الأزمات الداخلية التي منها العراق من حيث انخفاض قيمة الدينار العراقي ورواتب الموظفين، بالإضافة إلى أزمة انقطاع الكهرباء والوضع الأمني المضطرب، وأزمة كورونا، لذا تعد محاولات إحداث توازن إقليمي، وبناء شراكات مع الدول المختلفة بما يخدم المصالح العراقية من السمات التي تحسب لقيادة ودور الكاظمي، بما يحرر العراق من السيطرة الإيرانية عليها.

لن يكون ذلك بالأمر اليسير، وسوف يواجه تحديات وعراقيل من آن لآخر، خاصة وأن إيران غير راغبة في ذلك في ظل محاولات استعادة العراق إلى المحيط العربي وبدء مؤشراته من حيث التعاون العراقي مع مصر والأردن في إطار مشروع المشرق الجديد، ومحاولة الربط الكهربائي مع دول الخليج. وفتح معبر عرعر الحدودي مع المملكة العربية السعودية للتبادل التجاري بين الدولتين والذي أغلق منذ غزو الكويت.

ويقوم العراق في نهاية أغسطس 2021 بعقد قمة جوار إقليمية لتقريب وجهات النظر بين القوى المختلفة في القضايا الإقليمية، ويتوقع أن تضم كلًا من السعودية والكويت والأردن وتركيا وإيران، وكذلك مصر وقطر والإمارات وقوى دولية على رأسها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا ومنظمات دولية على رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.

عبرت كلمات رئيس مجلس الأمة الكويتي في سياق زيارة الكاظمي عن عمق العلاقات بين الدولتين قائلا “إن مصلحة العراق وقوته هما من مصلحة الكويت، التي ستكون عاملًا مهمًا لاستقرار العراق، وأن أي خطر على العراق سيكون خطرًا على الكويت في الوقت نفسه”. وعبّر أيضًا عن أهمية الدعم المتبادل بين الدولتين في المحافل الدولية. 

وربما تكون زيارة الكاظمي إلى الكويت خطوة نحو حل القضايا القائمة بين الكويت والعراق ومنها الآبار النفطية المشتركة، وكذلك اتفاقية الخطة المشتركة لضمان سلامة الملاحة في خور عبد الله التي تم توقيعها عام 2012. إذ يسعى كل من العراق والكويت إلى بناء ميناء على ضفاف خور عبد الله، وتقوم الكويت ببناء ميناء مبارك بتكلفة تقدر بـ 3.3 مليار دولار، ويقوم العراق ببناء ميناء الفاو بتكلفة 6 مليار دولار وهو أول ميناء عراقي ذي منفذ إلى البحر؟ وهناك تنافس حول المشروعين ونظرًا إلى ضيق خور عبد الله، وضحالة المياه في الجانب العراقي، وتراكُم ترسّبات الطمي على ضفتَي الخور، يحمل التعاون مع الكويت منافع كبيرة للعراق، لكن التوصل إلى اتفاق على الحدود البحرية لا يزال يمثل تحديًا.

أيضا ضمن القضايا، القائمة التعويضات التي يقوم بدفعها العراق، إذ تشكلت لجنة برعاية الأمم المتحدة 1991 ليقوم العراق بدفع 52.4 مليار إثر الخسائر التي وقعت على الكويت بسبب الحرب، ودفع العراق ما يقرب من 48.7 مليار دولار، وتم تأجيل سداد 3.7 مليار دولار، إضافة إلى وضع العراق نحو5% من عائدات صادراته النفطية في صندوق الأمم المتحدة للتعويضات.

من ضمن القضايا الأخرى، حقول النفط الحدودية وهي حقل الرميلة العراقي والذي يتم التنقيب فيه منذ 1953 وهو أكبر حقول النفط العراقية وثالث أكبر حقل نفطي في العالم إذ ينتج 1.5 مليون برميل من النفط يوميًا، وحقل الرتقة الكويتي والذي يتم التنقيب فيه منذ 1979، يحقق الاستثمار المشترك بين الكويت والعراق مزيدًا من الإيرادات للدولتين، وقد وقعتا في 2019 عقدًا مع شركة استشارات الطاقة البريطانية “إكويبويز” لإعداد دراسة حول حقلي الرتقة وصفوان لتحديد أفضل سبل الاستثمار في حقول النفط الحدودية.

نتائج الزيارة

أشاد الكاظمي بمواقف الكويت في مساندتها للعراق، حيث سبق واستضافت الكويت مؤتمرًا لإعادة إعمار العراق في فبراير 2018 بمشاركة 76 دولة تقوم بتقديم 30 مليار دولار إلى العراق، وأبدى الكاظمي رغبته في تحديد موعد عقد اجتماعات الدورة الثامنة للجنة الوزارية العليا العراقية – الكويتية، حيث مضى أكثر من عامين على انعقاد الدورة السابعة، وأبدى رغبته في تشكيل لجنة سياسية للتفاوض بشأن القضايا القائمة بين الدولتين، وهناك نية من قبل الكويت للوقوف بجانب العراق بعد المعركة التي قادها ضد الإرهاب، وقد تمخض عن الزيارة الآتي:

  • عقد لقاء بين الكاظمي ورئيس غرفة التجارة والصناعة الكويتية محمد جاسم الصقر، وعدد من رجال الأعمال والصناعة، وقد تم التشاور حول تسهيل إجراءات التجارة البينية مع الكويت، ورفع حجم التبادل التجاري بين الدولتين.
  • حث القطاعين العام والخاص في الكويت على الاستثمار في العراق، حيث تتوافر في العراق أرض خصبة ووفرة مائية مما يتيح فرصة كبيرة للمستثمرين الكويتيين في مجال الزراعة. ويسعى العراق إلى تسهيل إجراءات الاستثمار وتقديم الدعم الكامل وحماية حقوق المستثمرين، وتسهيل منح سمات الدخول لرجال الأعمال الكويتيين. وسبق للعراق أن وقع اتفاقية تجنّب الازدواج الضريبي مع الكويت عام 2019.
  • تم اقتراح عقد مؤتمر أو ورش عمل متبادلة بين الدولتين لبحث الفرص الاستثمارية بينهما في مختلف القطاعات. ويتطلع العراق إلى إنشاء منطقة صناعية وتجارية مشتركة مع الكويت؛ لتطوير الشراكة الاقتصادية وتعزيز التعاون في مجالي النفط والطاقة وتشجيع الكويت في تنفيذ أعمال الربط الكهربائي الخليجي.
  • تتطلع الكويت إلى تقديم تسهيلات في منح سمات الدخول لرجال الأعمال العراقيين، لعقد شراكات في المجال الاقتصادي مع نظرائهم الكويتيين.

ختاما؛ تعد خطوات الكاظمي نحو إحداث توازن في علاقات العراق الخارجية خطوات جادة، لكن يقع عليه عبء كبير في تعزيز الاستقرار والأمن داخل الدولة، حتى يتسنى زيادة الاستثمارات والشراكات الاقتصادية مع الدول المجاورة، وكذا، يقع على هذه الدول عبء مساندة العراق في جهوده نحو استعادة الدولة ومكانتها، ومواجهة تحدياتها.

+ posts

باحث ببرنامج العلاقات الدولية

رحاب الزيادي

باحث ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى