
“ذا هيل” الأمريكية: بايدن يحتاج إلى استراتيجية للشرق الأوسط لتجنب “أزمات جديدة”
عرض- آية عبد العزيز
نشرت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية مقالا بعنوان “ بايدن يحتاج إلى استراتيجية للشرق الأوسط لتجنب أزمات جديدة“، لكل من “كينيث إم بولاك” و “دينيس روس“.
و”كينيث إم بولاك” هو باحث مقيم في معهد “أمريكان إنتربرايز”، ومدير سابق لشؤون الخليج العربي في مجلس الأمن القومي. وهو مؤلف مؤخرًا كتاب “جيوش الرمل: الماضي والحاضر والمستقبل للفعالية العسكرية العربية” و”دينيس روس” مستشار وزميل ويليام ديفيدسون المتميز في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، عمل كمساعد خاص للرئيس أوباما، ومنسق خاص للشرق الأوسط في عهد الرئيس كلينتون، ومديرًا لموظفي تخطيط السياسات في وزارة الخارجية في إدارة بوش الأولى، وهو مؤلف مع ديفيد ماكوفسكي، “كن قوياً وشجاعاً جيداً: كيف شكل أهم قادة إسرائيل مصيرها”.
وذكر المقال أن إدارة “بايدن” بالرغم من تركيزها على الشئون الداخلية، والعلاقات مع القوى العظمى، إلا إنها استطاعت الحفاظ على الشرق الأوسط من التدهور؛ حيث التزمت بشدة بالاتفاق النووي الإيراني دون الخضوع لمطالب طهران، كما أظهرت التزامها المتجدد لرئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي” الذي يحتاج بشدة لدعم واشنطن إذا كان سيحارب الفساد المتصاعد والهيمنة الإيرانية المتنامية.
وأضاف المقال: “إنهم تعاملوا بتحفظ مع السعودية لمعاقبتها على مقتل “خاشقجي” مع الاعتراف بالمصالح الأمريكية في المملكة وتوضيح أن واشنطن لن تتخلى عن السعوديين. وبالمثل، خلال القتال الأخير في غزة، منحت الإدارة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها حتى عندما عملت على تعزيز وقف إطلاق النار ومساعدة الفلسطينيين إنسانيًا”.
وأرجع “المقال” ذلك إلى كون الشرق الأوسط لديه طريقة لفرض نفسه على أجندة الإدارة الأمريكية، بالرغم من إنها تعاملت بشكل جيد مع التحديات الإقليمية التي تعرض لها، إلا إنها لا تزال تفتقر إلى استراتيجية واضحة على مستوى المنطقة يفهمها الأصدقاء والحلفاء. فخلال الآونة الأخيرة لوحظت حالة من الارتباك حول الهدف الذي تسعى إليه الإدارة الأمريكية لتحقيقه في المنطقة، ولكي تتغلب على هذه الحالة لابد من صياغة مفهوم شامل يدمج جميع الاستراتيجيات الخاصة بكل بلد لتحقيق مجموعة أكبر من الأهداف.
وفقًا للمقال، ليس من السهل أبدًا صياغة استراتيجيات شاملة أو اختزالها في مجرد شعارات، ومع ذلك، فهي مهمة لطمأنة الأصدقاء وردع الخصوم والمنافسين، خاصة بالنظر إلى إرث السنوات الـ 12 الماضية في عهد “باراك أوباما” و”دونالد ترامب”، حيث انسحبت الولايات المتحدة بشكل مطرد من الشرق الأوسط، الأمر الذي ساهم في خلق فراغ كبير أدى إلى تدهور الوضع في المنطقة وهو ما تجلى في الحروب الأهلية في ليبيا وسوريا واليمن، والصراع الداخلي في مصر والعراق وتركيا، وصعود وسقوط داعش، بجانب عودة ظهور الاستبداد بعد أمل الربيع العربي؛ إذ فقد مئات الآلاف من القتلى وملايين اللاجئين، فضلاً عن التقدم المتزايد لإيران ووكلائها مستغلة أوضاع المنطقة.
وفي هذا السياق، أشار المقال إلى أن “بايدن” وفريقه أقنعا شركاء أمريكا في الشرق الأوسط بأنه لن يتخلى عن المنطقة ببساطة، ولن يرضخ لمزيد من العدوان والتوسع الإيراني على عكس كل من “أوباما” و”ترامب”. لكنه لم يخبرهم كيف سيفعل ذلك، ولا الأدوار التي يتصور أنهم يلعبونها في هذا المخطط.
لذا سيكون من الصعب صياغة استراتيجية لأن إيران حققت مكاسب كبيرة في جميع أنحاء المنطقة، وتحتاج الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى إيجاد طرق للرد عليها دون استخدام موارد ضخمة. في الوقت نفسه، ستحتاج مثل هذه الاستراتيجية إلى مبادرات لمساعدة العديد من الشركاء الإقليميين للولايات المتحدة الذين يكافحون للتعامل مع تأثير الوباء، وثورة المعلومات، وسوق الطاقة الدولي الجديد، وتوازن القوى العالمي المتغير وتحول المجتمعات الخاص بهم.
وذكر المقال أن الفشل في القيام بذلك سيكون له تكلفة عالية، ففي غياب مثل هذه الاستراتيجية الشاملة، لن تفهم أي دولة في الشرق الأوسط ما تتوقعه الولايات المتحدة منهم، أو ما تنوي الولايات المتحدة تقديمه لهم، أو ما هو الوضع الإقليمي الذي تسعى الولايات المتحدة إلى إنشائه وما إذا كان هذا الوضع سيُلبي احتياجاتهم. لأن إذا لم يشعر حلفاء أمريكا بأنهم يعرفون إلى أين تخطط الولايات المتحدة لقيادتهم، أو أنهم لن يفعلوا شيئًا يذكر أو لا يفعلون شيئًا في مواجهة ما يرون أنه تهديد، فسوف ينفجرون من تلقاء أنفسهم.
وهو ما حدث خلال إدارتي “أوباما” و”ترامب” عندما دخلت السعودية والإمارات اليمن، وتدخلت تركيا والإمارات ومصر وقطر في ليبيا، وتدخلت تركيا في سوريا وشمال العراق، كما أصبحت القوى الخارجية مثل روسيا أكثر تدخلاً بكثير. في هذا الإطار اختارت إسرائيل مواجهة التهديدات الناجمة عن البرنامج النووي الإيراني، والوجود المتنامي في سوريا من خلال حملة جوية متواصلة على سوريا عمليات سرية مميتة ضد إيران.
واختتم المقال بإن الولايات المتحدة قد لا تكون قادرة دائمًا على كبح جماح حلفائها عن العمل المتسرع حتى لو كان لديها استراتيجية واضحة وشاملة للمنطقة. ولكن من دون ذلك، فمن شبه المؤكد أن دول المنطقة ستتبع مسارات أحادية الجانب نادرًا ما تكون فعالة مثل تلك التي يتم إجراؤها بالتنسيق مع الولايات المتحدة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى نشوب صراع أوسع بينها وبين “محور المقاومة” الإيراني.
وعليه يبدو أن إدارة “بايدن” تعلمت الدرس القائل بأنه في حين أن الولايات المتحدة قد لا ترغب في جعل الشرق الأوسط أولوية، فإنها لا تستطيع تجاهل ذلك أيضًا. ومع ذلك، بدون استراتيجية شاملة للمنطقة، فإن واشنطن تخاطر بأن تنفجر المنطقة بطرق ستجبر الولايات المتحدة على جعلها أولوية، وهذا هو آخر شيء يحتاجه الرئيس “بايدن”.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية



