
“واشنطن بوست” الأمريكية: تعاون بايدن – بينس قد يكون ضروريا لكنه قد يصبح مكلفا
عرض – محمد هيكل
كتبت صحيفة ” واشنطن بوست” الأمريكية مقالا تحليليا حول تطور العلاقة بين نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس والرئيس المنتخب جو بايدن وأثر ذلك على مستقبل الساحة السياسية الأمريكية والتجاذبات الحزبية.
وذكرت الصحيفة الأمريكية – تحت عنوان ” مايك بينس يساعد بايدن لجعل نقل السلطة طبيعيا، لكن تعاونهما قد يكلفهما” – أن جلوس “بينس” إلى جوار جو بايدن يوم تنصيبه الأربعاء المقبل يعتبر رمزيا كما أنه يعطي ظهره لرئيسه ترامب وادعاءاته بأن الانتخابات قد سرقت منه.
وقالت الصحيفة إن وجود “بينس” يضفي صورة قوية لنقل السلطة بصورة طبيعية في واشنطن، يضاف لذلك قيام “بينس” بتهنئة كاميلا هاريس على الفوز بالانتخابات، لكن كانت اللحظة الأكثر إثارة هو رفض بينس تعطيل جهود الكونجرس للتصديق على نتيجة الانتخابات الرئاسية يوم 6 يناير الماضي مما جعله هدفا للعصابات المتطرفة الداعمة للرئيس ترامب.
وأضافت أنه في الوقت الذي اشتدت فيه النزعة الانقسامية وتبادل الاتهامات بين الحزبين والجماعات السياسية، يتعاون بايدن وبينس بتردد لدعم الانتقال التقليدي الطبيعي للسلطة، وهي ديناميكية مفيدة لكليهما، معتبرة أن بايدن يعمل على تعزيز شرعيته لدى الجمهوريين أما بينس فيسعى لاستعادة مصداقيته بعد 4 سنوات تحت قيادة دونالد ترامب.
وتوضح “واشنطن بوست” أن التعاون بين الرجلين يساعد “بينس” في إعادة الترويج السياسي لنفسه ولنهجه بعد فترة ترامب أما بنسبة لبايدن فإن ذلك يساعده في تأكيد أنه ليس من السذاجة التعاون مع الحزب الأخر بالأخص في وقت يعاني فيه الشارع انقساما كما أن تعاونه مع “بينس” يعني ضمنيا أن ترامب لم يكن صالحا لقيادة البلاد ولا حتى قيادة الحزب الجمهوري.
وترى الصحيفة الأمريكية أنه على الرغم من كون الديناميكية مفيدة للرجلين إلا أنها محفوفة بالمخاطر لهما كذلك، فلايزال العديد من الديمقراطيين “يحتقرون” بينس بسبب تمكينه ترامب من “التدمير” لمدة أربع سنوات، ولا يريدون أن يساعده بايدن في إعادة تأهيله سياسياً وتلميعه، ومن جهة أخرى يرغب بينس في أن يحوز قاعدة جماهيرية في الحزب الجمهوري ربما تمكنه من منافسة بايدن في انتخابات 2024 لذا فالتعاون معه سيكون له تكلفة حال رغبته في الترشح 2024.
وذكرت أن العلاقة بين بينس وبايدن لم تكن مقربة على الإطلاق لكن علاقتهما تطورت مع رفض ترامب الاعتراف بنتيجة الانتخابات، لافتة إلى أن علاقة التعاون بين بنس- بايدن ستزيد مع استمرار ترامب في الترويج لنغمة خسارته بسبب السرقة والغش وهو ما سيثير غضب أتباعه المؤمنين بنظرية المؤامرة وأن خسارة ترامب جاءت بفضل جهود ” الدولة العميقة” وهو ما قد يؤجج الانقسام والوضع السيء أصلا في الشارع الأمريكي.
وتقول “واشنطن بوست” إنه على الرغم من دعمه المخلص للرئيس ترامب وقراراته المثيرة للجدل إلا أن بينس أدى دورا تقليديا لإدارة منتهية ولايتها بالسفر لزيارة القوات العسكرية لتوديعهم في كاليفورنيا ونيويورك على سبيل المثال وهو ما رفض ترامب أن يفعله.
وأشارت إلى أن الرجلين، والفارق بينهما 17 عاماً من العمر، يوجد فروق بينهما واضحة للكل فهما يمثلان حزبين مختلفين وقد اختلفا حول ملفات سابقة مثل حقوق “المثليين” وحرب العراق مثلاً وهو ما يدلل على سابق معرفتهما ببعضهما البعض جيدا كما لا يمكن أن ننسى أن جو بايدن هو من رحب ببينس منذ 4 سنوات عند نقل السلطة بين إدارة أوباما أو ترامب.
ولفتت إلى أن بايدن كان متعاونا جدا في ذلك الوقت، وهو ما يجني ثماره الآن من تعاون مع بينس، وعلى الرغم من اختلاف اختلافاتهما في التوجهات السياسية إلا أن المحللين يرون أن كليهما يحظى باحترام كبير ونتيجة الاحترام المتبادل لهما داخل المؤسسات واحترامهما لها، وفد أضحى أمر احترام المؤسسات من القواسم المشتركة المهمة والحاسمة بين الرجلين في وقت وجود رئيس يغادر السلطة عازم على تحطيم القواعد والخروج عن المألوف.
ومع إعلانه عن عدم حضوره ليوم التنصيب ، يجادل المحللون ما إذا كان مايك بينس سيلعب دور الرؤساء السابقين التقليدي لتواجده مع بايدن في حفل التنصيب ودعمه مع الرؤساء السابقين في لحظات الأزمات الوطنية خاصة مع عدم توقع كف ترامب عن محولاته لإعاقة بايدن والترويج لخسارته الانتخابات بالتزوير.
أحد المقربين من الرئيس بايدن قال للصحيفة إن الأيام المقبلة قبل التنصيب ستلعب دورا كبيراً في تحديد مستقبل علاقته مع إدارة بايدن ، حيث أن أي أعمال عنف إضافية من الجمعات المناصرة لترامب ستجع التعاون بين إدارة بايدن وبينس أكثر جاذبية لكن يجب وضع في الاعتبار أن العديد من الديمقراطيين لايزالون يكرهون بينس بسبب ما يعتبرونه سنوات من التملق لترامب.
لذا ترى الصحيفة أن تقارب بايدن -بينس الضروري للمرور من المرحلة الحالية وغير المسبوقة بسلام ، له فوائده على الرجلين اللذين تبادلا الأدوار كنواب للرئيس في إدارتين سابقتين كما سيكون له مضارة على شعبيتهما داخل الحزبين بالأخص بينس الذي تشير تقارير لاحتمال ترشحه في انتخابات عام 2024 والتي قد يكون لترامب كذلك رغبة للترشح فيها ، لذا فتعاون بايدن -بينس حتى وإن خفت وتيرته بعد تسلم السلطة إلا أنه سيلقي بظلاله على انتخابات 2024.
باحث ببرنامج السياسات العامة