
السيسي : الحفاظ على الدولة وليس النظام هو جوهر “حكاية الدولة المصرية”
أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن جوهر “حكاية الدولة المصرية”، هو الحفاظ على الدولة وليس النظام، مطالبا بأن يتم الإشارة إلى تلك القضية في الوحدات العسكرية والمدارس والجامعات والإعلام حتى يعلم الجميع قضية مصر الحقيقية،
جاء ذلك خلال فعاليات الندوة التثقيفية للقوات المسلحة الـ32، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحت عنوان، “أكتوبر ٧٣ رمز البقاء والنماء “،التي تأتي تزامنًا مع الاحتفالات بمرور ٤٧ عامًا على انتصارات أكتوبر بحضور قادة القوات المسلحة وكبار رجال الدولة.
وبدأ السيسي كلمته بتوجيه الشكر لدكتور مصطفي مدبولي، لتوضيحه المسار اللي الدولة سارت خلاله خلال الـ 150 أو 200 سنة اللي فاتت.
واستكمل قائلًا أسمحوا لي أن اتوقف عند الجزء الذي عرضه دكتور مصطفي الخاص بالأزمات التي مرت على مصر منذ عام 1984 حتى الآن، إذ أرغب أن أتناوله بشكل آخر وأضيف فكرة أخرى لكل ما تم تناوله.
وفيها يتعلق بالتحديات والأزمات، أكد الرئيس أن دائمًا ما يكرر “فكرة الوعي”، إذ قال “القضية الموجودة اللي أنا قلقان منها وبشاور عليها هي إننا نحافظ على بلادنا”، مشيرًا إلى أنه في الماضي كانت وسيلة عرقلة الدولة هي الحروب، إنما حاليًا هناك أجيال جديدة من الحروب، تقوم على إعادة تصدير قضايا وتحديات المجتمع بشكل خاطئ للناس بحيث يصبحون هم أداة التدمير للدولة، لذلك تجاوز هذه التحديات يتطلب معرفتها.
وكشف الرئيس أنه جلس مع كثير من رجال السياسة بعد 2011، وحدثهم في التحديات التي تواجه الدولة المصرية، مبينًا لهم أن قضية مصر ليست قضية تغير نظام حكم وإنما فهم حقيقي لتحديات الدولة، فأي دولة تواجه تحديات ويكون شعبها على استعداد لمسانده قادته لتجاوزها فإنه سيتمكن من تجاوزها.
وشدد الرئيس أنه لا يقول ذلك لكونه في موقع الرئاسة، وإنما قال من قبل خلال وجوده في الجيش: “كنت أقول للضباط وعوا الأفراد اللي تحت قيادتكم عشان الناس ليها أحلام وقد تكون موارد الدولة غير قادرة على تحقيقها.. هل الموازنة قادرة على تحمل هذه الأحلام”، معطيًا مثال بشخص دخله 1500 جنيه ومصروفاته 2000 جنيه.
وتابع الرئيس: “دولة زي مصر محتاجة كام عشان نصرف عليها. عدم الصرف عليها على مدى 10 أو 15 سنة سيترتب عليه تحديات في كل المجالات؛ الصحة والتعليم والبنية التحتية وغيرها. يقوم يتصدر لك أن الدولة لم تلبي تلك الاحتياجات بسبب فساد قياداتها. فنقوم يلا نهد الدولة.. لا.. اللي أحنا موجودين فيه من تحديات نقدر نواجها بالاستقرار والعمل وبذل الجهد”.
وأكد الرئيس أنه في بداية توليه المسؤولية لم يبيع الوهم للناس، “قولت فيه تحديات كثيرة وهتتعبوا معايا عشان أنا مش ببيع أوهام.. وهنقدر نواجه التحديات عشان أحنا بنبني ونعمر مش بندمر ونخرب فربنا هيساعدنا.. لكن مهم كشعب ورأي عام نكون منتبهين للحرب اللي بتحصل علينا”.
وأشار الرئيس إلى أن أعداء مصر استطاعوا تنفيذ مبتغاهم خلال 2011 “لآن البلد كانت واقعة”، مشددًا على أنه طالما كانت الجبهة الداخلية متماسكة –وبغض النظر عن مدى قوة الجيش- فإن أعداء مصر لن يستطيعوا تنفيذ مخططاتهم لهدم الدولة. وأعطى الرئيس مثال على ذلك بنكسة 1967، فرغم الهزيمة إلا أن صمود الشعب أدى إلى الانتصار في نهاية المطاف، لذلك فإن أعداء مصر الآن يحاولون العبث بهذا الصمود.
ولفت الرئيس إلى أن جوهر “حكاية الدولة المصرية”، هو الحفاظ على الدولة وليس النظام، وطالب بأن يتم الإشارة إلى تلك القضية في الوحدات العسكرية والمدارس والجامعات والإعلام حتى يعلم الجميع قضية مصر الحقيقية، كاشفًا أنه في كل لقاء مع المسؤولين له “فقرة ثابته” يتحدث فيها عن صمود الدولة المصرية. ومشيرًا إلى أن القضايا التي يتم تناولها في الإعلام المعادي تتعلق كلها بمحاولة هز ثقة الرأي العام والتشكيك في قدرات وقيادات وجيش الدولة.
وقدم الرئيس أمثلة على نتائج ضعف استقرار الدولة، مشيرًا إلى أنه عقب 2011، وبغض النظر عن نزاهة وحسن نية المتحركين على الأرض، إنما حالة الفوضى التي نتجت عنها كانت كارثية، فقد تم سرقة خطوط السكة الحديد في الواحات، وتم اتخاذ الإجراءات بشأن النيل في هذا الوقت، وقت ضعف الدولة المصرية.
واستكمل قائلًا: “التحدي دلوقتي اللي مفروض نخلي بالنا منه هو تحدي صلابة الدولة ووعي شعبها وعي حقيقي بشأن كل القضايا، كقضية النمو السكاني على سبيل المثال”.
وتابع: “في الستينيات جاءت بعثة من كوريا الجنوبية تشوف التجربة المصرية.. دلوقتي هما فين وأحنا فين.. بس أحنا ممكن نقدر نطلع قدام تاني.. أحنا بنموت نفسنا عمل وجهد وفكر عشان نطلع بالدولة دي لقدام.. الفكرة اللي دائمًا تكون قدام عينينا ونحطها في الإعلام والمدارس والجامعات هي الحفاظ على استقرار الدولة”.
وانتقل الرئيس إلى الحديث عن تحدي النمو السكاني، مشيرًا إلى أنه في عام 1805 كان عدد السكان 4 مليون نسمة، وكانت الأرض الزراعية 4 مليون فدان، بما يعني أن كل فرد يستطيع العمل في الأرض، على الرغم أن الـ 4 مليون بينهم أطفال، لكن حينما يكبرون ستكون هناك فرصة عمل جاهزة أمامهم.
تحدث الرئيس أيضًا عن الغطاء النقدي، مشيرًا إلى أنه انهار خلال حرب اليمن من 1962 إلى 1976، وهو ما يكشف أن جوهر القضية هو الاستقرار.
وأشار الرئيس إلى أن فهم هذا الكلام سيفوت الفرصة على تحريض الإعلام الموجه ولن ينجح في تحقيق مقاصده، وتابع “أنا كنت بقول وأنا وزير دفاع خلي الضباط تتعلم يعني أيه دولة عشان يعلموا أفرادهم وأسرهم.. قولوا أحنا ليه كدة عشان نقدر نتجاوز دة”.
واستكمل: “طيب لو دخلتكوا في أزمة تانية زي 2011 و2013 وأي حرب، المصير هيبقى أيه.. أصعب ولا أسهل”.
واستطرد: “هي منظومة التعليم في مصر في الستينيات كانت أفضل ولا دلوقتي.. طيب منظومة الصحة تراجعت؟ طبعًا.. لأن المطلوب مش موجود.. أحنا بنقاتل.. بنحاول نبذل أقصى حاجة في إطار المتاح.. آه عملنا بس دة خطوة من 1000 خطوة مطلوبة عشان الدولة دي تبقي دولة.. الـ 4 تريليون اللي صرفناهم طول الفترة اللي فاتت مجرد خطوة.. طبعًا دولة فيها 100 مليون عايز تعملها مدارس ومستشفيات وبنية تحتية.. محتاجة 40 تريليون مش 4 تريليون.. دكتور مصطفى بيقولي الاحتياطي النقدي وصل 38 مليار دولار.. أقوله لما يبقي 380 مليار دولار أبقي قولي.. وزير المالية دكتور معيط بيقولي الناتج المحلي الإجمالي كان 2 تريليون وهنوصل لـ 2.7 تريليون.. أقوله لما نوصل 20 تريليون قولي.. مش 2.7 تريليون!”.
متابعًا: “يقوم الناس يخشوا معانا في الإعلام المعادي يقولوا لكم دول سايبينكوا.. لا والله لاحاجي الكل يوم القيامة قدام ربنا على اللي أحنا بنعمله لبلدنا”.
وقال الرئيس، إنه يجري تصدير كل القضايا والصعوبات التي تواجه الدولة بطريقة تعكس محاولات منهم للإيقاع بالدولة المصرية. واستطرد الرئيس مؤكدًا أن ما تم تحقيقه خلال الست سنوات الماضية توازي حصيلة عمل عشرون عامًا في كل شيء. وتابع، “آه لسة كمان خمسين سنة شغل.. طب نقدر نعملها في ست سنين يا دكتور مصطفى؟”. واستكمل الرئيس موجهًا حديثه الى الشعب، “أنا بقولكم تاني الكلام اللى قالوا دكتور مصطفى، أنه يجب في كل أمر شديد الأهمية لازم نبص على الصورة اللى هو ادهالكم وقالكم ده الماضي وده الحاضر اللى احنا بنعمله”.
وقال الرئيس، أن الشعب المصري ودولته مستهدف والحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة يكمن في كلمة التصالح. وأكد أنه يرفض الصالح بشكل قاطع وتام، نظرًا لأنه لا يستطيع التصالح مع طرف يرغب في دمار الدولة المصرية. ووفقًا لما قاله الرئيس، “أنا مقدرش اتصالح مع اللى عايز يهد بلادي ويأذي شعبي وولادي، مقدرش اتصالح عشان لو على قد الاختلاف يبقى أهلا وسهلاً، لكن عشان تدخل تقتل وتضيع 100 مليون، أنا كده أقدر اصالحك إزاي؟!”.
وتابع الرئيس، “أصالحك إزاي إذا كنت أنا وشعب مصر هان عليك، إذا كان هان عليك الأطفال والسيدات والناس الكبار كل دول هانوا عليك، وإن الناس تتشرد وتوديهم يتقتلوا أو يبقوا لاجئين وما خفتش وما قلتش بلاش؟!”.
وأكد الرئيس أن مثل هذه الأطراف التي لا تراعي مصالح الوطن والشعب المصري، ولا تأخذهم في عين اعتبارها، هي أطراف معدومة الضمير والإنسانية والدين. وقال، “إنت ما بتعملش كده يبقى إنت لا عندك ضمير ولا إنسانية ولا عندك دين، اللى يضيع 100 مليون أو عايز يضيعهم عشان يوصل لمكان، هو متصور إنه هيقدر يعمل بيه دولة، الدولة دي تقوم ازاي دي ماقامتش بقالها 150 سنة”.
وتابع الرئيس، “تقوم إيه إنت فاهم الحكاية الأول؟! فاهم يعني إيه دولة؟!”. وأكد الرئيس أنه من خلال عمله مع هؤلاء، خلال فترة توليه منصب وزير الدفاع على مدار عامان أو عام ونصف، لطالما كان يسألهم عن أفكارهم أو تصوراتهم للوصول الى حلول بشأن مشكلات التعليم أو مشكلات الإسكان أو الأزمة الاقتصادية الطاحنة. ولكن كل هذه التساؤلات لم يكن أيًا منهم يملك أدنى تصور عنها أو إجابة واحدة تفيد بإمكانية التوصل الى حلول بشأنها. وعن هذا الأمر علق الرئيس قائلاً، “يعني إنت عايز تتصدى لدولة تمسكها وإنت مش عارف تحدياتها وإزاي هتحل المسائل دي؟!”.
وشدد الرئيس، “أنا بقولكم الكلام ده عشان كلنا نمسك فيها كده، طب إحنا هنقدر نحل المسألة أيوه طبعًا، طب طبعًا ليه عشان إحنا أحسن منغير حاجة؟! لأ عشان احنا بنبذل أقصى جهد عندنا وربنا قال وأعدوا لهم ما استطعتم وإحنا بنعمل ما استطعنا لابد يبقى في إيه؟ في إيه؟ في نصر”. وشرح الرئيس مفهومه عن كلمة النصر، مفسرًا إياها بأنها عبارة عن بناء وتنمية وتعمير وإصلاح ونجاح في كل المجالات، ولفت إلى أن كل ذلك يتم إنجازه بفضل الله سبحانه وتعالى.
ثم تناول الرئيس الحديث عن ذكرى نصر أكتوبر العظيم، وقال، “مش عايز في اليوم الجميل ده اللى مصر في وسط الظلام الدامس لهزيمة صعبة، وكل الناس قالوا مش ممكن، وأنا من الجيل اللى عاش وقتها، كنت صغير بس فاكر كل التفاصيل، فاكرها وعشتها، ووقتها ماكانش في أمل أبدًا، وماكنش في ثقة أبدًا في أنفسنا، إن إحنا نستطيع أن نتجاوز ده ويتحقق ما تحقق”.
وتابع الرئيس في حديثه، مؤكدًا أن مصر حققت النصر في حرب أكتوبر بفضل بذلها كل ما تستطيع من جهود. حيث قال، “لكن مصر عملت ما عملت لأنها اتبعت آية وأعدوا لهم ما استطعتم، وكان نجاحها على قد الاستطاعة اللى إحنا وفرناها مش على قد المقارنة والقدرات والتحدي وعشان كده ربنا وفقنا ونجحنا”. ثم توجه الرئيس بالشكر والتحية للجيش المصري، وأكد على أن الجيش المصري قد تحمل الألم في 67، ثم اجتهد بعد ذلك وبذل جهدًا كبيرًا وقدم الدماء والشهداء وحقق بفضل الله سبحانه وتعالى النصر. وقال الرئيس أن الجيش في الوقت الراهن يبذل جهودًا كبيرة على محورين متوازيين، أحدهما في مواجهة جميع العدائيات التي من الممكن أن تُقابلنا على كافة الاتجاهات ومن ضمنها الإرهاب وغيره، وفي نفس الوقت يعمل الجيش على مساعدة الدولة في التنمية، أي وفقًا للرئيس، “أن الجيش يعمل كذراع تساهم في عملية التنمية”.
ونوه الرئيس الى حديث دار بينه وبين الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء منذ عدة أيام فقط، وقال إنه أخبر مدبولي إن مصر بحاجة الى 700 ألف شقة كل عام. ثم وجه الرئيس حديثه إلى مدبولي قائلاً، “طب يا دكتور مصطفى أنا بقول كده عشان الناس تعرف إن النمو اللي موجود في الريف يبقى نمو رأسي مش أفقي، يعني على سبيل المثال القرية دي هيبقى 110 بيت أو شقة مهم قوي إن فكرتنا تتغير وإن البيوت دي تزيد بشكل رأسي مش أفقي”.
وشرح الرئيس وجهة نظره ورغبته في أن يتحول النمو السكاني في الريف الى الشكل الرأسي، وأشار الى أن ذلك سوف يكون أفضل حتى تستطيع الدولة أن تُعظم ما لديها من إمكانيات الأرض الزراعية. وقال، “إحنا في الآخر عايشين على شريط أخضر من أول أسوان لغاية اسكندرية، لكن إحنا إذا تفهمنا التحدي اللى بنواجهه في بلادنا، ساعتها هيهون علينا كل شيء، حتى لو كان لينا عادات ونمط حياة معين”. ودعا الرئيس أهالى الريف المصري أن يتوقفوا عن حركة البناء بشكل أفقي ويتم استبدالها بالشكل الرئيس، لأجل مصر ومصلحة مصر، وتجنبًا لإهدار موارد الدولة.
وفي ختام كلمته توجه الرئيس بالشكر للقوات المسلحة المصرية على تنظيم هذه المحاضرة المثمرة، والتي تم فيها طرح تاريخ مصر وعرض اطلالها على ما جرى خلال المئة عام الماضيين. وشرح السبب وراء تحرك مصر من نقطة إلى ما يليها وصولاً الى اللحظة الراهنة.
وقال الرئيس، “تفتكروا منظومة التحديات كنظام قادر على تلبية مطالب الدولة وتنميتها بالشكل اللى مايعملش مشكلة، زي ما قلت كده حصل في تراجع في كل منظومات الدولة؟!”. وتابع الرئيس، “وممكن ضمن المنظومات دي منظومة المحليات، مصر بقت عشوائية والنهاردة عشان نعيد إصلاح الكلام ده عايزيت أرقام عائلة عشان بس نفتح طرق جوه هذه الكُتل السُكانية”.