مكافحة الإرهاب

كيف تتلاعب المنظمات الحقوقية الإخوانية بأحكام الإعدام في مصر؟

وضعت الأمم المتحدة ضمن أهدافها إلغاء عقوبة الإعدام من تشريعات ‏كافة الدول الأعضاء. وتعمل المنظمات المعنية بحقوق الإنسان حول ‏العالم لإنهاء العمل بهذه العقوبة في كل الدول إلا أن المؤسسات الحقوقية الإخوانية تطالب بإلغاء ‏العقوبة على عناصر الجماعة فقط بعد صدور أحكام ‏بإعدامهم في قضايا إرهابية. 

من بين تلك المنظمات مؤسسة عدالة ‏لحقوق الإنسان – إسطنبول، ويديرها المحامي الإخواني محمود جابر ‏وتحظى بدعم وحماية من ‏النظام التركي، ومنظمة ‏السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان- لندن يديرها الإخواني علاء عبد ‏المنصف،  ومركز الشهاب لحقوق الإنسان – لندن ويديره الإخواني ‏خلف بيومي محامى إخوان الإسكندرية والمقيم في لندن حاليا وهى ‏مؤسسة ‏تعمل على دعم سجناء التنظيمات الإرهابية، ومؤسسة هيومان رايتس ‏مونيتور – لندن ‏و تديرها الإخوانية سلمى أشرف عبد الغفار وهى نجله ‏القيادي الإخواني المُدان في ‏قضية التنظيم الدولي والاستعراض القتالي ‏لشباب الجماعة الإرهابية بجامعة الأزهر ‏اشرف عبد الغفار، ومنظمة افدى الدولية – بروكسل والتي تأسست في سنة 2006 وتنشط ‏في دعم جماعة الإخوان الإرهابية ومؤسساتها في ‏أوروبا .‏

‏تتلاعب تلك المنظمات بالحملة الدولية من أجل إلغاء الإعدام في العمل ‏على إفلات عناصر الجماعة الإرهابية من العقاب وفق القانون المصري وتستخدم الآليات الأممية في حماية تنظيم إرهابي ‏يمارس انتهاكًا جسيما للحق في الحياة، فضلا عن خطابه المحرض على ‏الكراهية واستخدام العنف. والدليل على ذلك تركيز تلك المنظمات على ‏إلغاء عقوبة الإعدام عن المتهمين في قضايا الإرهاب فقط دون باقي ‏المحكوم عليهم بالإعدام. ‏

وحاولت تلك المنظمات تمرير معلومات مغلوطة عبر تقاريرها عن قضايا صدر فيها أحكام بالإعدام ضد عناصر انضموا ‏لتنظيمات صنفتها لجنة الجزاءات بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ‏‏جماعات إرهابية مثل تنظيمي داعش والقاعدة الذي انتمى له الإرهابي ‏هشام عشماوي الذي اعترضت تلك المنظمات على إعدامه وشككت في ‏إجراءات محاكمته رغم اعترافه المصور بارتكاب عده جرائم وتسببه في ‏وقوع مئات الضحايا من المدنيين.

في القانون الدولي لحقوق الإنسان، الإفلات من العقاب يعني عدم تقديم ‏مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان إلى العدالة، وهذا بحد ذاته يشكل نكرانًا ‏لحق الضحايا في العدالة والإنصاف، ففي جميع أنحاء العالم يعمل العديد ‏من المدافعين عن حقوق الإنسان على مكافحة الإفلات من العقاب والدفاع ‏عن حقوق الضحايا، وما قامت به تلك المنظمات كانت محاولة للدفاع ‏عن مرتكبي جريمة إرهابية تمت محاكمتهم أو هاربين كانت محاولة ‏للضغط لإفلات هؤلاء المتهمين من العقاب دون النظر الى حق الضحايا ‏الذين سقطوا على اثر جرائم تلك العناصر الإرهابية .  ‏

والواقع أن الدولة المصرية تعتمد قواعد عامة تجرم الحرمان التعسفي من ‏الحق في الحياة ولا تسلط عقوبة الإعدام إلا على ‏أشد الجرائم خطورة وفقا ‏للمادة ( 6 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مع ‏الوضع في الاعتبار أنها كانت ‏تعي جيدًا بصعوبات إلغاء العقوبة من ‏التشريعات الوطنية لاعتبارات تتعلق في حالات كثيرة بتعارضها مع العقائد ‏والمرجعيات ‏الدينية لعدد كبير من الدول منها الدولة المصرية التي ينص ‏دستورها في المادة الثانية على أن (مبادئ الشريعة الإسلامية ‏المصدر ‏الرئيسي للتشريع) وهو ما جعل المجتمع الدولي يحول الوثيقة إلي ‏بروتوكول اختياري وليس إلزاميًا.

ورغم ذلك فإن ‏التشريع المصري وضع ‏مجموعة من الاشتراطات القاسية للحيلولة دون إصدار أحكام الإعدام إلا ‏وفق ضوابط صارمة. كما ‏تطبق مصر جميع الضمانات المتعلقة بفرض ‏عقوبة الإعدام والمشار إليها في المواثيق وفقا للمعايير الدولية منها أنه لا ‏يجوز ‏الحكم بالإعدام لمن هو أقل من 18 سنة أو أكبر من 70 سنة وأنه ‏لا يجوز الحكم بالإعدام إلا في حالة إجماع ‏أراء كافة ‏قضاة المحكمة، ولا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام في أيام الأعياد ‏الرسمية أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه. ‏ويوقف تنفيذ الحكم على ‏المرأة الحامل وإلى ما بعد شهرين من وضعها انتهاء بأنه يجوز لرئيس ‏الجمهورية إبدال العقوبة وهو ‏ما تحقق في حالة المدان في القضية رقم (‏‏813) لسنة 2014 محمد حسين والذي جري تخفيف العقوبة من الإعدام ‏إلى السجن ‏مدي الحياة.

يضاف لذلك استحداث النص الدستوري لمبدأ غير ‏مسبوق بوجود الاستئناف التلقائي ودون طلب من المتهمين في ‏كافة ‏الأحكام الصادرة في الجنايات حيث نصت المادة (240) على (‏تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية ‏المتعلقة باستئناف الأحكام ‏الصادرة في الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا ‏الدستور وينظم القانون ذلك) ‏وهي كلها اشتراطات وضوابط توضح مدي ‏احترام الدولة المصرية للمواثيق الدولية ومراعاة عدم التناقض معها في ‏الحالات ‏التي يستحيل معها التصديق عليها لموانع عقائدية.‏

وحاولت المنظمات التي أدانت أحكام الإعدام الأخيرة التغطية على جرائم من تم إعدامهم بعد 7 سنوات تقريبا من إجراءات التقاضي التي تتفق مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة والتي توفرت فيها تشكيل هيئة للدفاع عن المتهمين وإعطاءهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم.

أحداث مكتبة الإسكندرية

المواقع الإخوانية دافعت عن عناصر الجماعة المدانين في القضية رقم 20091 لسنة 2013 جنايات باب شرق المعروفة إعلاميا بقضية «أحداث مكتبة الإسكندرية» والمحكوم فيها بالإعدام حضوريًا على كل من الإخواني ياسر الأباصيري عبد النعيم والإخواني ياسر عبد الصمد محمد عبد الفتاح، وشهرته «ياسر شكر» ومتهم آخر غيابيًا.

وقد تم تنفيذ الحكم بعد استنفاد كافة درجات التقاضي التي كفلها لهما القانون، أمام محكمتي الجنايات والنقض، وذلك لإدانتهما بالاشتراك في أحداث العنف التي وقعت بمحيط مكتبة الإسكندرية عقب فض تجمع رابعة المسلح في أغسطس 2013، وقتل في تلك الأحداث 15 شخصًا بينهم ضابط شرطة ومجند، والشروع في قتل عشرات المواطنين وأفراد الشرطة، وإتلاف المنشآت وحيازة السلاح.

وخلال الأحداث تم إلقاء القبض على ياسر شكر وياسر الأباصيري، مع آخرين، وبحوزتهم أسلحة نارية ومواد مفرقعة. وأسفرت جرائمهما عن استشهاد النقيب حسام السيد بهي السيد، من قوة الإدارة العامة للأمن المركزي بالإسكندرية، متأثرًا بإصابته بطلقين ناريين بالبطن، والمجند فاروق أحمد عبد الله، من قوة الإدارة العامة للأمن المركزي بالإسكندرية، متأثرًا بإصابته بطلق ناري بالبطن، و13 مواطنًا، فضلا عن إصابة 5 ضباط آخرين، و19 مجندًا بإصابات متنوعة.

وباشرت النيابة العامة التحقيقات في القضية، واستمعت لشهود الوقائع التي أتاها المتهمون، وبعد 11 شهرًا من التحقيقات، أمرت بإحالتهم للمحاكمة الجنائية، ونسبت لهم اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم القتل العمد والشروع فيه ومقاومة السلطة ومحاولة احتلال مبانٍ حكومية بالقوة، وتخريب مقر المجلس الشعبي المحلي بوسط المدينة، وقسم شرطة باب شرق ونقطتي الشاطبي والإبراهيمية وكنيسة مار جرجس ومكتب مرور الجامعة وعربة ترام وماكينة صراف آلي وسيارتين ومدرعتين شرطة وسيارة إسعاف وتعطيل المواصلات والسرقة بالإكراه وإتلاف مقهى و6 سيارات، خاصة بالمواطنين وحيازة الأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة.

وعقدت محكمة جنايات الاسكندرية برئاسة المستشار جمال جمعة، جلسات علنية، نظرت فيها الدعوى، واستمعت خلالها لمرافعات الدفاع الحاضر عن المتهمين، وشهود الإثبات، وشهود النفي الذين استعان بهم المتهمون، ثم قررت إحالة 3 متهمين للمفتي، وهم ياسر شكر وياسر الأباصيري، وآخر هارب يُدعى “وليد محمد”.

وبالجلسة العلنية المنعقدة صباح يوم 28 سبتمبر 2015، أصدرت محكمة الجنايات حكما بإجماع الآراء، وبعد مطالعة رأي المفتي، بإعدام المتهمين الثلاثة، شنقا، عما نُسب إليهم. تقدم المحكوم عليهم في القضية بطعن على الحكم أمام النقض، والتي طالعت أسباب حكم الجنايات الصادر بإدانة المتهمين، ثم استمعت لمرافعة دفاع الطاعنين، وفي يوليو 2017، أصدرت حكمها بإقرار وتأييد أحكام الإدانة ومنها الإعدام، وقضت ببراءة 3 آخرين، وبرفض الطعن فيما عدا ذلك. ووفق القانون، فقد تم تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهمين، بعد إقراره من محكمة النقض، والتصديق عليه.

جرائم تنظيم أجناد مصر

ركزت المنظمات الإخوانية على إبراز دفاعها عن العنصرين التابعين لها وتحاشت الحديث عن عناصر تنظيم أجناد مصر الذين تم إعدامهم رغم ضمهم للعدد النهائي لأحكام الإعدام المنفذة رغم أن تنظيم “أجناد مصر ” الإرهابي خرج من تجمعي النهضة ورابعة العدوية المسلحين، وتأسس على يد أحد قيادات تنظيم أنصار بيت المقدس، وخصص نشاطه العدائي ضد قوات الشرطة والجيش في محيط مناطق محافظات القاهرة الكبرى “القاهرة – الجيزة – القليوبية”.

وكانت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار معتز خفاجي، في 7 ديسمبر عام ‏‏2017، قد قضت بإعدام 13 متهمًا وهم بلال إبراهيم صبحي فرحات، ومحمد صابر رمضان نصر، وجمال زكى عبد الرحيم، وعبد الله السيد محمد السيد، وياسر محمد أحمد محمد، وسعد عبد الرؤوف سعد محمد، محمد أحمد توفيق حسن، ومحمد عادل عبد الحميد حسن، ومحمد حسن عز الدين محمد حسن، وتاج الدين مؤنس محمد محمد، ومحمود صابر رمضان نسر، وسمير إبراهيم سعد مصطفى، وإسلام شعبان شحاتة سليمان

ونسبت نيابة أمن الدولة للمتهمين في أمر الإحالة، أنهم في 2013، أنشأوا جماعة تدعو إلى تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه وتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة واستباحة دماء المسيحيين ودور عبادتهم واستحلال أموالهم وممتلكاتهم.

كما وجهت النيابة لهم، “تفجير كمين جامعة القاهرة”، ما أسفر عن استشهاد العقيد طارق المرجاوى، وإصابة مساعد مدير المباحث ونائب مدير الأمن ورئيس مباحث شرطة الجيزة وعدد من أفراد الشرطة، وتخريب الممتلكات العامة.

وكشفت تحقيقات النيابة في القضية، أنه في أعقاب ثورة 30 يونيو بدأ التنظيم الإرهابي في تنفيذ مخططه بزرع العبوات الناسفة في المواقع العامة ومحيط أقسام الشرطة والارتكازات الشرطية والتمركزات الأمنية في مناطق عبود والسواح وقسم مرور محور 26 يوليو ومحيط قسم شرطة الطالبية وقطاع الأمن المركزي بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، وتمركز قوات الأمن المركزي أعلى كوبري الجيزة وبمحيط مترو الأنفاق بمحطة البحوث وأمام جامعة القاهرة، ونقطة مرور الجلاء، وقسم مرور ميدان لبنان، وتمركز قوات الشرطة بمحيط ميدان المحكمة بمصر الجديدة.

كما أظهرت التحقيقات التكميلية في الجزء الثاني من القضية أن المتهمين نفذوا تفجيرات إرهابية بمحيط دار القضاء العالي ومجلس الوزراء، وأيضا تفجير محيط قسمي شرطة الطالبية وعين شمس، وواقعة استهداف ضباط حراسة سفارة الكونغو، ونقاط التمركز الأمنية في محيط جامعات القاهرة وحلوان وعين شمس، وقوات الشرطة المكلفة بتأمين محيط كلية طب أسنان قصر العيني، وقوات تأمين محيط قصر القبة الرئاسي، والتمركز الأمني بمنطقة ممر بهلر بوسط البلد، والتمركز الأمني بمحيط سينما رادوبيس، وقوات الشرطة المكلفة بتأمين محيط مستشفى الهرم، وتفجير إحدى حافلات النقل العام. وأوضحت التحقيقات أن التنظيم قام باستهداف ورصد ومراقبة وتتبع العديد من رجال الشرطة والقوات المسلحة ومحاولة اغتيالهم.

وكشفت تحقيقات النيابة العامة تفاصيل أحداث تلك التفجيرات التي روعت المجتمع منذ نوفمبر من عام 2013، حيث استمعت النيابة إلى 126 شاهدا بخلاف خبراء الطب الشرعي والأدلة الجنائية والجهات الأمنية، وأجرت المعاينات اللازمة للأماكن التي شهدت الأحداث وقت وقوعها، كما أجرت المعاينات التصويرية اللازمة بعد أن اعترف 8 من الإرهابيين المضبوطين بارتكاب جرائم الإرهاب والقتل العمد والشروع فيه وحيازة المفرقعات وتخريب الأملاك العامة ومحاولة صنع غواصة صغيرة وطائرة لاسلكية وإنسان آلي لتحميلهم بالمتفجرات واستخدامهم في استهداف السفن العابرة للمجرى الملاحي لقناة السويس والمنشآت العامة والعسكرية.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى