
وزير الري والموارد المائية: أمامنا أسبوع للوصول لاتفاق حول النقاط الخلافية وفقا للقمة الرئاسية بين الـثلاث دول
قال الدكتور محمد عبد العاطى وزير الرى والموارد المائية، ببرنامج مساء dmc مع الإعلامى رامى رضوان المذاع على قناة dmc، أنه في القمة الأفريقية المصغرة التي دعا إليها رئيس الاتحاد الأفريقي ورئيس جنوب أفريقيا رامافوسا تم تحديد مدة زمنية أسبوعين للوصول إلى اتفاق، وقد مر من هذه المهلة أسبوع، متوقعًا أن يكون هناك اجتماع في وقت قريب وأن يتم ترجمة الاتفاقات التي تمت بين الرؤساء لإجراء تفاوضي نصل بموجبه إلى حلول، وهذا هو الأمل دائمًا، ومادام هناك أمل ولو بسيط تكون هناك مثابرة لتحقيقه.
وأضاف أن مثل الاتهامات الإثيوبية لمصر بأنها متعنتة دائمًا ما تفسد العلاقة بين الشعوب والدول، وذلك مثل الادعاء بأن مصر تستحوذ على مياه النيل، وهو ادعاء خاطئ، فإثيوبيا أقامت سد تيكيزي وخزنت فيه 10 مليار متر مكعب، وكذلك بحيرة تانا التي تخزن فيها إثيوبيا 55 مليار متر مكعب، وسد تانا بالاس الذي حُوّل إليه 3 مليار متر مكعب، ولدى إثيوبيا 100 مليون رأس ماشية تستهلك 85 مليار متر مكعب، وذلك كله من مياه نهر النيل، وبالتالي فإن اتهام مصر بالاستحواذ على مياه النهر غير صحيح وغير عادل.
وأكد أنه لا توجد دولة في القارة الأفريقية كلها تعيد استخدام المياه مثلما تقوم به مصر لسد العجز في المياه، موضحًا أن مصر تعيد استخدام المياه حتى التي تصل درجة ملوحتها 10 آلاف جزء في المليون، أي ربع درجة ملوحة مياه البحر، وذلك لعدم وجود موارد مائية إضافية، مشيرًا إلى أن مصر تضخ استثمارات ضخمة في مشروعات تحلية المياه، وذلك لأن مصر أكثر دولة جافة في العالم، وهناك 7 أو 8 مليون أسرة يعتمد دخلهم على الزراعة، أي حوالي 40 مليون مصري، وهم الفلاحين الذين يُعدّون أفقر فئة في مصر، وهؤلاء عندما يحدث نقص في المياه وتتعرض أراضيهم للبوار، يمكن أن تستغل ذلك الجماعات الإرهابية لاستقطابهم، أو يدفعهم ذلك إلى الهجرة غير الشرعية، وذلك في الوقت الذي تحارب فيه مصر الإرهاب.
وأكد أنه لابد من التغلب على التصعب والأنانية، وأن تحترم كل الدول ظروف بعضها البعض، فمصر تقدر حق إثيوبيا في التنمية ولكن يجب عليها أن تقدر حق المصريين في الحياة.
وحول مسار المفاوضات حول السد، قال “عبد العاطي” أن اللجنة الدولية الخاصة بالسد انهت عملها في 2013 وكانت النتيجة ان هناك دراسات ناقصة وتعديلات تتعلق بأمان السد، وأن هناك تأثيرات بيئية واجتماعية، وتأثيرات على تدفق النهر لدول المصب، وتم الاتفاق على احضار شركة دولية لتكملة الدراسات وتم اختيار المكتب الاستشاري الفرنسي وتم تقديم التقارير الاستهلالية وتعاملنا بحسن نية مع جميع الاطروحات وقدمت الشركة تقريرها الاستهلالي ونحن قبلناه لتسهيل عملها ولعدم تضييع الوقت، وكان هناك اعلان المبادئ في 2015 وإعلان مالابو وكلها اجراءات تثبت حسن النية المصرية، وكان على رأسها خطاب الرئيس السيسي أمام البرلمان الإثيوبي.
وأصدرت الشركة التقرير الاستهلالي ورفضته إثيوبيا، ثم عقد اجتماع لوزراء الخارجية والري والمخابرات بالثلاث دول، وتم الاتفاق على مسودة الجواب المرسلة للشركة الدولية، وعند الوصول للقاهرة لم ترسل إثيوبيا الجزء الخاص بها بدعوى عدم الموافقة، وثم تم الانتقال إلى مسار لجنة الباحثين والعلماء من كل دولة لبحث سيناريوهات الملء والتشغيل والادارة بما لا يؤثر تأثيرًا جسيمًا على دول المصب وتم الاتقاق على عقد 8 جلسات، وعند الجلسة الرابعة أعلنت إثيوبيا اكتفائها بما تحقق بالرغم من قرب التوصل للاتفاق، وقامت إثيوبيا بوضع مقترح مغاير لما تم مناقشته، كعادتها في قلب الأمور من فنية إلى سياسية.
ثم دخلت مصر مفاوضات واشنطن والتي بدأت من نوفمبر وانتهت في فبراير برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت تلك المفاوضات من أكثر الفترات المثمرة لأنها تتضمنت مناقشات جدية لتفاصيل متعددة في الملء والتشغيل وتبادل البيانات وآلية فض المنازعات وكان هناك دعم كبير من البنك الدولي.
وعقدت اجتماعات متعددة بحضور رئيس مجلس الامن القومي الأمريكي مع الوفود الثلاثة، وكانت الاجتماعات تبدأ من الساعة 8 صباحًا وحتى الساعة 12 مساءً، وتم مقابلة مع الرئيس ترامب وكانت المرة الأولى التي يقابل فيها وزراء بما يوضح الدعم الأمريكي الكبير لهذه المفاوضات، وأنه كان لدى مصر احلام للتكامل وجعل الإقليم نموذجًا لحسن الجوار في التنمية وخفض معدلات الفقر وكان من بين الاتفاق ان يتم انشاء صندوق لتمويل البنية التحتية للربط بين الثلاث دول وهو في صالح الشعوب كلها ومازالت تلك الأحلام موجودة، واعتذرت إثيوبيا عن التوقيع على اتفاق واشنطن بدعوى الحوار المجتمعي حول الاتفاق.
وحول تقديراته للمسارات الحالية، أكد وزير الري والموارد المائية أن مصر لديها هدف أساسي في جميع المراحل، وأن خطوة مجلس الامن ليست لافتعال مشكلة وإنما للتفاوض بطريقة مرنة والتوصل إلى اتفاق، بدون وجود مشاكل معلقة أو قلق أو توتر في الإقليم لفترة طويلة، وتحيط مصر الدول بأنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق من الممكن أن يكون هناك توتر ونحن في غنى عنه، ونحن نطلب من إثيوبيا أن تطمئن شعبي مصر والسودان بعدم الإضرار بنا باتفاق مكتوب ومحدد، هم يقولون إننا لن نضركم ولن ننقص كوب مياه وهذا أمر جميل، ولكن في علاقات الشعوب التي تمتد على مدار مئات السنين يجب أن يكون هذا الأمر موثق ومكتوب، وهناك قلق حال عدم ترجمة حسن النوايا إلى اتفاق مكتوب، ونأمل أن يتم التوصل قريبا لاستئناف التفاوض ويكون هناك نية وإرادة سياسية لعمل اتفاق.
وحول ما يثار عن أمان سد النهضة الإثيوبي، أشار “عبد العاطي” أن اللجنة الدولية الأولى قالت أن هناك مشاكل في أمان السد وتحديدًا في سد السرج وهو سد ركامي وطلبوا تعديلات في تصميم السد، وقالت إثيوبيا أنها نفذت التعديلات المطلوبة، مضيفًا أن هناك مراحل في تصميم السد وهي مرحلة اولى قبل التعديلات ومرحلة ثانية وثالثة بعد التعديلات، وقدمت إثيوبيا لنا تصميم المرحلة الأولى فقط، ولم تقدم تصميم المرحلة الثانية والثالثة بعد التعديل، وبالتالي مصر لا تعرف ماتم تنفيذه وهل هو كافي أم لا وبالتالي طالما هناك عدم شفافية في الإفصاح عما تم يجب أن يكون هناك قلق، وبالنسبة للسودان يكون موضع قلق كبير.
وأضاف أن تم القيام بعمل محاكاة في المراكز البحثية بالوزارة وجامعة القاهرة في حال انهار السد، ونتمنى عدم حدوث ذلك لعدم تأثر أي من الدول الثلاث، وجدنا أن إنهيار السد سيحدث موجة ارتفاعها 26 متر في الخرطوم بعرض 150 كم، ولابد من أن تستعد مصر للتعامل مع تلك الموجة حتى لو احتمالها 1 في المليون لأنها ستبيد شعوب حال حدوثها، وبالتالي فإن احتمالها كبير لدينا مهما كان صغيرًا على المستوى الحسابي.
وبالتالي يجب صرف استثمارات تبلغ قيمتها 20 – 30 مليار جنيه للتوائم مع هذا الاحتمال وامتصاص الصدمة والتعامل معها وتأمين السد العالي والمنشآت المصرية، ونأمل ألا يحدث هذا، ونرجو أن الدراسات والتنفيذ الذي قام به الإثيوبيين يتوائهم مع تلك المخاطر، وستكون هناك طمأنينة أكثر في حال أفصحوا عن الدراسات والتعديلات التي قاموا بها، ولكن طالما هناك حجب لتلك الأمور فلابد أن يكون هناك قلق لدينا ولدي السودان.
مشيرًا إلى أن مصر يهمها التعامل مع الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة، وهو ما يمثل 90% من الأهتمامات المصرية، وبالنسبة للسودان فيهمها الاتفاق على أمان السد وتأثيراته البيئية والاجتماعية وهو ما يمثل 95% من اهتماماتها، بينما الإطار القانوني للاتفاق لم يتم الاتفاق عليه الجانبين المصري والسوداني مع الجانب الإثيوبي.
مضيفًا أن مصر ستقدم طرح مفيد للثلاث دول ومصالح الجميع، فإثيوبيا تريد توليد الكهرباء والاطروحة المصرية تتيح حل لتوليد الكهرباء بنسبة 85% في أحلك ظروف الجفاف وهي مشكلة أساسية لإثيوبيا لعدم امتلاك جزء كبير من الإثيوبيين للكهرباء، ومصر تدرس بجدية موضوع الربط الكهربائي مع إثيوبيا وهناك تكليف من السيد الرئيس للسيد وزير الكهرباء في هذا الشأن حتى يكون هناك تكامل، بالإضافة إلى وجود مشروعات مستقبلية لدى إثيوبيا لا مانع لدى مصر من المشاركة فيها ولكن طبقًا للقانون الدولي وقواعده، بجانب آلية فض المنازعات.
أما السودان يهمه بالأساس أمان السدود السودانية وأمان سد النهضة فيما يخص الانهيار أو خروج كميات من المياه تؤثر على السدود السودانية، ففي موسم الفيضان تبلغ المياه عند محطة الرصد على الحدود السودانية الإثيوبية مليار متر مكعب وبالتالي السدود السودانية مصممة لاستعياب تلك الكميات، ولكن في حال أخرج سد النهضة مليار ونصف فسيتم تدمير السدود السودانية.
وحول استفادة مصر من الأمطار التي تسقط عليها، أضاف وزير الري والموارد المائية أن مصر قامت بانشاء 1500 منشأة منذ عام 2015 وحتى الان، وهو ما ساهم في تخفيف حدة الاثار الناجمة عن السيول التي حدثت في بداية العام الجاري، وشيدت مصر سدود على جبال البحر الاحمر في جنوب مصر لتخزين المياه لتكون مورد للمنطقة النائية بالبحر الاحمر، وهو ما حدث في شمال وجنوب سيناء والصحراء الغربية، وفي الصعيد تم الاستفادة من مياه السيل عن طريق توجيهها عبر مخرات السيول إلى نهر النيل، وتقوم الوزارة بعمل تنبؤ بشكل مستمر وتنبأت بموجة السيول التي حدثت في بداية العام الجاري قبلها بخمسة أيام، وقامت بتخفيض منسوب المياه الخارجة من السد العالي، لاستيعاب كميات الأمطار والاستفادة منها في ري الدلتا والوادي والصحراء.