كورونا

مجلة “نيتشر” العلمية.. معالجة البيانات تحدد الدول التي اعتمدت استراتيجيات أفضل لمواجهة فيروس كورونا

عرض رحمة حسن

في ظل رغبة الدول في تصميم استراتيجيات لإعادة الحياة إلى طبيعتها ستكون المعلومات المتعلقة بفاعلية التدابير التي يتم تنفيذها في جميع أنحاء العالم للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد الآن ضرورة ملحة للحكومات للتنبؤ  عند صياغة الاستراتيجية الجديدة بإضافة أو إزالة تدابير التحكم في خفض معدلات انتقال العدوى وأعدادها والحد منها لمنع الموجات الثانية من العدوى، فقام العلماء من خلال مجلة “نيتشر” العلمية البريطانية بتنقيح البيانات لمقارنة مقاييس الاحتواء المختلفة الأكثر فاعلية للدول في مواجهة فيروس كوفيد-19 في مقال بعنوان “من اعتمد استراتيجية لمواجهة الفيروس التاجي تعمل بشكل أفضل؟ يحدد العلماء السياسات الأكثر فعالية”.

البيانات التي اعتمد عليها الباحثون

استخدم الباحثون نماذج بيانات حقيقية أكثر دقة من الدول بشكل فردي لفهم تأثير تدابير التحكم، بعيدًا عن الافتراضات التي تم الاعتماد عليها في بداية تفشي المرض، وذلك للمقارنة بين نماذج يمكنها إجراء تنبؤات أكثر دقة حول المراحل الجديدة للوباء وعبر العديد من الدول. تمثل الاختلافات الجزئية في ظروف كل بلد تحديًا أمام الباحثين في تحديد السبب والنتائج، إلى جانب عدم التزام الأفراد بالتدابير المتبعة من قبل الحكومات. 

قام فريق من جامعة أكسفورد ومركز العلوم المعقدة بفيينا CSH، ومنظمات الصحة العامة وبعض المنظمات غير الربحية المتخصصة في تحليل الأزمات اللإنسانية مثل ACAPS، بمعالجة البيانات التي يتم إعدادها لمنظمة الصحة العالمية من قبل فريق “مدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة LSHTM “.

يقول كريس جروندي، عالم البيانات بفريقLSHTM ، إنه تم توظيف 110 متطوع للعمل على دمج وانتقاء المعلومات بشكل أسرع يتناسب وسرعة حجم انتشار وباء فيروس كورونا، عكس ما تقوم به منظمة الصحة العالمية من تتبع المعلومات بشكل روتيني لتدابير التحكم المستخدمة لمواجهة تفشي المرض، مضيفًا أن مجموعة البيانات ستكون مفتوحة لأي شخص لاستخدامها وسيتم تحسينها في الإصدارات المستقبلية. 

مقارنة الدول الأفضل في مواجهة الفيروس

يبدو أن هونج كونج أعطت العالم درسًا في كيفية مواجهة كوفيد-19 بشكل فعال، فبالرغم من أن عدد سكانها 7.5 مليون نسمة، تم الإبلاغ فقط عن 4 حالات وفاة، وقد وجد الباحثون الذين يدرسون نهج هونج كونج بالفعل أن إجراءات المراقبة السريعة والحجر الصحي والمسافات الاجتماعية، مثل استخدام أقنعة الوجه وإغلاق المدارس، ساعدت على خفض انتقال فيروس كورونا المستجد، مقاسة بمتوسط ​​عدد الأشخاص المصابين بالعدوى.

فيما يتعلق بكيفية بدء تدخلات الدول في مواجهة الوباء بشكل مبكر والعدد الإجمالي للقيود التي تم إدخالها، في أوروبا، على سبيل المثال، تم وصف السويد والمملكة المتحدة وهولندا كدول تتصرف ببطء نسبيًا في المراحل الأولى من الأوبئة، نفذت الدول الثلاث جميعًا استراتيجية “مناعة القطيع”، التي تضمنت القليل من التدابير أو تلك التي اعتمدت على الامتثال الطوعي، على الرغم من أن المملكة المتحدة وهولندا تحولت في وقت لاحق إلى ردود فعل أكثر صرامة، بما في ذلك تطبيق الإغلاق التام على مستوى الدولة.

في هذه الأثناء، برزت ألمانيا والنمسا كدولتين تبنتا استراتيجيات المكافحة العدوانية والمبكرة مقارنة بإيطاليا وفرنسا وإسبانيا، التي طبقت إجراءات مماثلة بما في ذلك الإغلاق ولكن في وقت لاحق، وبالتالي شهدت ألمانيا والنمسا تسجيل معدل وفيات صغير جراء فيروس كورونا مقارنةً بالبلدان الأخرى. 

تشير النتائج المبكرة التي توصل إليها فريق أكسفورد إلى أن الدول الأكثر فقرًا تميل إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة مما فعلته الدول الأكثر ثراءً، نسبة إلى شدة تفشي الوباء، فعلى سبيل المثال، فرضت دولة هايتي الكاريبية الإغلاق منذ تأكيد أول حالة إصابة، في حين انتظرت الولايات المتحدة حتى أكثر من أسبوعين بعد تسجيل أول حالة وفاة لإصدار قرارات البقاء في المنزل.

وتم تحليل الأمر وفقًا لباحثة السياسة العامة في جامعة أكسفورد آنا بيثريك، أن هذه التدابير جاءت إما لأن البلدان ذات الدخل المنخفض لديها أنظمة رعاية صحية أقل تطورًا وبالتالي تتصرف بحذر أكبر، كما أن وصول الوباء إلى هذه الدول في وقت لاحق من الدول الأكثر ثراءً منحها وقتًا أطول للتعلم من الآخرين.

كيف سيسهم انتهاء الفريق من تحليل ومعالجة قواعد البيانات في وضع السياسات الأمثل؟

يرى الباحثون أنه بدون لقاح أو علاج فعال لمواجهة الفيروس يظل وقف انتقال الفيروس بين البشر هو آلية الدفاع الوحيد ضد كوفيد-19 وبالتالي فإن معرفة آثار كل إجراء هي أمر حاسم لمعرفة أي من هذه الإجراءات يمكن تغييره أو إلغاؤه بأمان، حتى يتم التوصل لأفضل الإجراءات التي تتمكن من وقف انتشار الفيروس والحفاظ على عودة الحياة لطبيعتها قدر الإمكان. 

وأنهى الباحثون المقال بأنهم في حاجة إلى تقييم التداخلات بين بيانات الدول في الوقت الفعلي، حتى يتمكن الجميع من وضع سياسات حقيقية تحقق أفضل النتائج، ومن الناحية المثالية، سيتمكن الباحثون من توقع كيف ستؤدي إضافة تدخلات الدول وإزالتها إلى تغيير وخفض أعداد انتقال العدوى بمرور الوقت، يمكن لواضعي السياسات استخدام مثل هذه التوقعات، لاتخاذ قرارات بشأن ما إذا كان سيتم إعادة فتح المدارس على سبيل المثال.  

ويستكشف الباحثون الأساليب الإحصائية التي يجب استخدامها. بدلًا من التحديد المباشر للتأثير الدقيق لكل تدخل، والتي يمكن استخدامها لإيجاد طرق لتحديد المقاييس التي تتنبأ بشكل أفضل بمعدلات الإصابة للتعلم من أنماط البيانات ووضع التوقعات، يمكن للباحثين أن يتعلموا مدى أهمية تدخل معين من خلال النظر في كيفية تغير التنبؤات عندما يزيلون معلومات عنها من الشبكة.

من المتوقع، أنه عند استكمال قاعدة البيانات وتحليل النتائج من خلال مواجهة التحديات بالفصل بين بيانات الدول وإجراءتها سيسهم في وضع السياسات الأمثل للحكومات لمواجهة انتشار الفيروس والتمكن من عودة الحياة لطبيعتها.


+ posts

باحثة بالمرصد المصري

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى