كورونا

تدابير الهند في مواجهة كورونا.. من التوعية الهاتفية إلى العزل المنزلي

D:\مرصد\نوعي\كورونا في الهند\202003200319101910.jpg

أصبح ثلث سكان العالم (2.6 مليار نسمة) في حالة عزل بالمنازل الآن، للسيطرة على انتشار فيروس كورونا المستجد، وذلك بعد إعلان الهند (ثاني أكبر دول العالم من حيث السكان بعد الصين) عزل تام لكافة سكانها البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة اعتباراً من الأربعاء، اقتداءً بالصين في مواجهة الازمة خاصة مع تزايد أعداد السكان.

آخر يناير .. أول المواجهة

لم تكن الإجراءات التي اتخذتها الهند بعيدة إلى حد كبير عما تم اتخاذه في مصر، وبكافة دول العالم لمواجهة تفشي المرض، والتي انتهت بعزل ما يقرب من 17% من سكان العالم، فببداية يوم 26 مارس سجلت الهند 24 إصابة جديدة بالفيروس المستجد وحالة وفاة، ليكون إجمالي الإصابات 681 حالة إصابة، و13 حالة وفاة، وشفاء 43 مصاب.

أعلنت الهند عن رصد أول حالة إصابة بفيروس كورونا الجديد على أراضيها بمدينة “كيرالا” بجنوب الهند في 30 يناير الماضي، وتم عزلها بالمستشفى، ومع ظهور أول حالة بدأ تداول الاخبار الكاذبة حول وجود عدد من أكبر من المصابين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي الهندية، وهو ما تعهدت السلطات الهندية بمجابهته.

وسجلت الهند أكبر عدد إصابات يومي في 25 مارس بإجمالي 121 إصابة، وحالتي وفاة، وهو ما دفع وبقوة نحو اتخاذ قرار العزل.

معركة تقرير المصير

D:\مرصد\نوعي\كورونا في الهند\download (1).jpg

لم يكن قرار العزل التام لكافة مناطق وقرى الهند (32 مقاطعة وإقليمًا اتحاديًا) الذي أعلنه رئيس وزراء الهند “ناردينا مودي”، ويسري من منتصف ليل الثلاثاء الماضي ولمدة 21 يوم، هو الأول من نوعه بالهند فقد سبق وتم فرض العزل بعدد من الولايات بالهند، كما تم فرض حظر التجوال التام بكافة انحاء الهند يوم الأحد الماضي لمدة 14 ساعة (من الساعة السابعة صباحًا حتى الساعة التاسعة مساءً) أو اختبار المحك كما وصفه “مودي”.

لكن عدم أخذ عدد كبير من المواطنين الأمر بمحمل الجد، وتجاهل عمليات الإغلاق والحظر، دفع “مودي” في بيانه الأخير إلى مناشدة المواطنين إلى الالتزام بقرار الحظر الحالي، قائلًا: “إن البلاد على حافة تفشي المرض ونحن الوحيدين من نستطيع تقرير مستقبلها”، مشيرًا إلى أن الفشل في تنفيذ الحظر للـ 21 يومًا القادمة، سيعيد البلاد إلى الوراء 21 عامًا.

ويأتي تخوف السلطات الهندية لسرعة انتشار الفيروس، فضلًا عن الكثافة السكانية العالية بالهند (420 شخصاً في كل كلم مربع)، وتدني أوجه الرعاية الصحية المتوفرة حال توفرها بالأساس، وكثافة حركة التنقل الداخلية (450 ألف شخص يتنقلون يومياً من ولاية إلى أخرى).

قرارات وقائية ورسائل توعوية

D:\مرصد\نوعي\كورونا في الهند\india-coronavirus-covid-19-tourist-sites-taj-mahal-closure.jpg

خصصت الحكومة الهندية 15000 كرور (عشرة ملايين) روبية أو ما يوازي 1.7 مليار جنيه إسترليني، لشراء المزيد من معدات الاختبار ومعدات الحماية الشخصية للعاملين في مجال الصحة وأسرة العزل وأجهزة التهوية والتنفس الصناعي وغيرها من المعدات الطبية والوقائية الهامة.

وسبق حظر التجوال الذي اتخذته الهند أخيرًا عدد من الإجراءات الوقائية، فقد تم إلغاء السكك الحديدية والرحلات والحافلات العامة بالهند حتى 31 مارس، فضلا عن تعقيمها جميعًا.

كما تم إغلاق كافة المعالم الاثرية والمتاحف وعلى رأسها “تاج محل” الذي يزوره ما يقرب من 50 ألف زائر يوميًا، بالإضافة إلى تعليق التأشيرات السياحية الجديدة حتى 15 إبريل، باستثناء تأشيرات الدبلوماسيين ومسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، إلى جانب وضع القادمين من دول ذات معدلات إصابة عالية بالحجر الصحي المنزلي.

 كما أطلقت العاصمة الوطنية “دلهي” عملية مراقبة واسعة النطاق لـ 35000 مواطن عائد من الخارج، ويعاقب المخالفين وفقًا للمادة 188 من قانون العقوبات الهندي، ووفقا للمادة 3 من قانون الأمراض الوبائية لعام 1897، وتصل العقوبة للسجن أو الغرامة أو كليهما.

كما منعت الحكومة الهندية الرحلات التجارية الدولية من الهبوط على أراضيها اعتبارا من 22 مارس الجاري ولمدة أسبوع لاحتواء انتشار فيروس كورونا، وإغلاق الطرق في “كشمير” الخميس الماضي الموافق 19 مارس، بعدما أعلن الإقليم الذي تجتاحه الاضطرابات اكتشاف أول إصابة بفيروس كورونا فيما فرضت عدة أنحاء أخرى بالبلد قيودا على التجمعات العامة في محاولة للحد من انتشار المرض، كما تم إحلال الروبوت محل الانسان بقدر الإمكان وتم الاعتماد عليه بالمطاعم خوفا من كورونا 

D:\مرصد\يومي\2020\مارس\26 مارس\42717-استخدام-الروبوت-بديلا-للبشر-خوفا-من-كورونا.jpg

أما عن الجانب التوعوي للمواطنين فقد استبدلت الهند نغمة الهاتف للمتصل بمعلومات صحية عن الوباء، لمدة 30 ثانية باللغة الإنجليزية، تضم إرشادات وتعليمات للتعريف بأعراض فيروس كورونا وإرشادات الحماية منه.

وكانت شركات “بي إس إن إل” و “جيو” و “فودافون” من بين تلك الشركات التي تبنت الخطوة بعد أن طلبت الحكومة الهندية ذلك، وهي الخطوة التي حظيت بتأييد البعض لما أسهمت به من رفع وعي المواطنين حول فيروس كورونا وأعراضه، وما يجب فعله إذا ظهرت عليهم تلك الأعراض. إلا انها حظيت بكثير من الرفض، وانتشرت طرق كيفية ابطال تلك الرسالة والعودة للنغمة المعتادة، وذلك بدعوى أنها أثارت الذعر بين من يعانون قلق شديد من فيروس كورونا.

مصانع تُغلق أبوابها

D:\مرصد\نوعي\كورونا في الهند\download.jpg

وفي ظل تزايد اعداد المصابين بالهند، قررت عدد من الشركات الكبرى تعليق صناعتها بالهند، فقد أعلنت شركة سامسونج إغلاق مؤقت لأحد مصانعها في الهند، والذي يقع في مدينة “نويدا” في إقليم “أتر برديش”، بسبب المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد. 

فيما أعلن “بارثا غوش”، رئيس الاتصالات المؤسسية لدى سامسونج الهند، إن الشركة المصنعة قررت تعليق عمليات التصنيع حاليًا، وطلبت من الموظفين في مكاتب المبيعات والتسويق والبحث والتطوير في جميع أنحاء الهند العمل من المنزل.

كما أغلقت شركة “إل جي”، مصنعين لها في الهند، سيظلان مغلقان حتى نهاية شهر مارس الجاري.

وهو ما انعكس على الطلب على الغاز، فإغلاق عدد كبير من المصانع أدى إلى تقليص الإنتاج الصناعي إلى حد كبير، وتراجع الطلب على الغاز أكثر، وهو ما دفع شركة بترونت، أكبر مستورد للغاز في الهند؛ إلى ارسال إخطارًا إلى شركة قطر غاز؛ لتأجيل تحميل شحنات الغاز الطبيعي المسال المتّفق عليها بموجب صفقات طويلة الأجل، وذلك في ضوء تراجع الطلب المحلي على الغاز.

وعلى عكس كثير من دول العالم التي اتجهت إلى تخفيض سعر الفائدة، أعلن البنك المركزي الهندي خلال الأسبوع الماضي عن إجراءات لتعزيز السيولة، وقد خفضت شركة أوكسفورد إيكونوميكس توقعات النمو في الهند للربع الأول من عام 2020 إلى 3 %، وهو رقم لم تشهده الهند حتى خلال أسوأ أزمة مالية عالمية.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

هبة زين

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى