
“الشفافية والجاهزية” استراتيجية الدولة المصرية في إدارة ملف “كورونا”
في عصر الحداثة لم يعد من المجدي إخفاء المعلومات أو حتى التلاعب بها خصوصا إذا ما كان الأمر يخص مصلحة عليا للبلاد ويمس أمنها القومي، وهي الاستراتيجية التي تعاملت بها الدولة المصرية ممثلة في وزارة صحتها مع تفشي فيروس “كورونا” منذ ظهوره وحتى فرض الحجر الصحي في المطارات والموانئ المصرية ثم إجلاء الرعايا المصريين من مدينة “ووهان” الصينية بؤرة تفشي الفيروس وحتى التعامل مع حالات الإصابة المؤكدة عن طريق وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية.
الصحة العالمية تراقب عن كثب
في آخر التطورات أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها على علم بكافة التفاصيل لحالات الإصابة بكورونا في فرنسا وكندا لأشخاص عائدين من مصر حيث كانت الحالات في زيارة سياحية لمصر، وأكدت المنظمة في هذا السياق أن الحالات المكتشفة حديثا، سواء الحالتين الفرنسيتين، والحالة الكندية تم اكتشافها في بلادهم حيث لم تظهر على هذه الحالات أي من الأعراض أثناء مرورهم بنقاط الدخول المصرية، وبالتالي لم يتسن اكتشافهم من خلال فحص الدخول.
وتواصلت الحكومة مع الدول المعنية لمتابعة خط سير الحالات في مصر وفحص المخالطين لهم.

ولتأكيد قدوم المصابين من مصر لابد من توافر شروط محددة أن يكون المصاب قضى مدة 14 يومًا متواصلة داخل مصر، وفي اليوم ال 14 يعود إلى بلاده، ويتم تشخيصه خلال 48 ساعة من الوصول، في هذه الحالة تكون مصدر الإصابة هي مصر، وجميع الحالات حتى الآن لا ينطبق عليها هذه الشروط، مما يؤكد أنها لم تخرج من مصر مصابة.
مصر من أوائل الدول التي طبقت الحجر الصحي
بتاريخ 23 يناير الماضي قالت مصادر في مطار القاهرة الدولي إن المطار بدأ في فحص الركاب القادمين من الصين بحثا عن أعراض لفيروس كورونا الجديد الذي انتشر هناك.

حيث بدأت سلطات الحجر الصحي بمطار القاهرة في اتخاذ إجراءات احترازية لفحص الركاب القادمين من الصين تنفيذا لتعليمات منظمة الصحة العالمية لمنع تسلل فيروس كورونا المستجد وسط الركاب.
جلب الرعايا من الصين
مساء الأول من فبراير انطلقت طائرة تابعة لشركة مصر للطيران لإعادة المصريين العالقين في مدينة ووهان الصينية ” بؤرة” تفشي فيروس كورونا القاتل، الطائرة حملت على متنها فريقًا طبيًا متكاملًا أشرفت وزارة الصحة المصرية على اختياره .

وجاءت خطوة إجلاء المصريين العالقين في ووهان انعكاسًا لرؤية الدولة المصرية ممثلة في مجلس الوزراء، وبعد جهود دبلوماسية تم إجلاء حوالي ٣٠٧ مصريين من الجالية المصرية من طلاب الماجستير والدكتوراه وبعض الأسر عن طريق مطار ووهان الدولي. وقد تحملت الدولة كل نفقات إجلاء المصريين المتواجدين في مدينة ووهان، على الرغم من أن بعض العائدين متزوجون من صينيين فقد تحملت الدولة تكاليف إعادتهم.
العلمين تستقبل المصريين العائدين بخطة محكمة

في يوم عودة المصريين من ووهان كانت هناك غرفة إدارة أزمات أشرفت عليها وزارة الصحة المصرية في مطار العلمين، حيث تم تطبيق خطة محاكاة لأدوار الطاقم الطبي في مطار العلمين قبل ساعات من وصول طائرة مصر للطيران.
وكانت وزيرة الصحة الدكتورة ” هالة زايد” في استقبال العائدين في مطار العلمين الدولي برفقة فريق طبي متكامل تمهيدًا لنقل العائدين لمرحلة الحجر الصحي في محافظة مطروح والتي تستمر لمدة 14 يومًا.
حالة التأهب القصوى في المطارات والموانئ

قامت وزارة الطيران المدني وشركاتها التابعة بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان، ممثلة بإدارة الحجر الصحي وجميع الجهات المعنية، برفع أقصى درجات الاستعدادات بجميع المطارات المصرية واتخاذ كل التدابير والإجراءات الاحترازية . ويوم الإثنين الماضي أفرجت سلطات ميناء الإسكندرية عن 629 سائحًا وصلوا مصر على متن السفينة السياحية المالطية celestyel crystal القادمة من اليونان.

ويحمل السياح جنسيات مختلفة، بالإضافة إلى الطاقم المكون من 400 فرد، وتم الإفراج عنهم بعد اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية لمنع دخول فيروس “كورونا” إلى البلاد. وهو ما يؤكد أن الدولة تطبق إجراءات الحجر الصحي المشددة في كافة المطارات والموانئ والمنافذ المصرية.
خطة منهجية وسيناريوهات
تتبع مصر خطة ذات منهجية في هذا الخصوص تتماشى مع المعايير المتبعة دولياً وتتمثل في وضع إجراءات محددة للتعامل مع كافة السيناريوهات المُتوقعة في مواجهة هذه الأزمة:
- الفرز الطبي للركاب القادمين وأطقم وسائل النقل وتحرير كروت المراقبة الصحية لهم، مع نقل أية حالة اشتباه إلى مستشفى الإحالة لتقييمها.
- الالتزام بتطهير وسيلة النقل حينها والتخلص الآمن من النفايات تحت إشراف الحجر الصحي.
- · قيام الفريق الوقائي باتخاذ كافة الاحتياطات القصوى لإجراءات مكافحة العدوى عند التعامل مع الحالات المشتبهة.
- المتابعة الدورية لمدة 14 يوماً لجميع الوافدين من الدول المنتشر فيها الفيروس.
وفيما يتعلق بالسيناريو المتبع في حالة بداية ظهور حالات:
- البدء بالعزل الذاتي المنزلي عند وجود أعراض بسيطة، وعند ظهور أعراض متوسطة يكون العزل بمستشفى الإحالة الخاصة بكل محافظة، وسعتها 522 سريراً فائق الرعاية، و يمكن زيادتها لعدد 2644 عند ازدياد الحالات، وتصل الإجراءات إلى العزل بمُستشفى مخصص لذلك، في حالة ظهور أعراض شديدة.
- · في حالة تطور الوضع وزيادة عدد الحالات المصابة يتم إعلان حالة الطوارئ واتخاذ إجراءات أخرى تتضمن قصر عمل مستشفيات الإحالة بالمحافظات على إجراءات مواجهة كورونا، مع وضع خطة لتكثيف جهود الأطقم الطبية في حالات الضرورة في مستشفيات الإخلاء.
- تنفيذ خطة للتدريب تشمل فرق الرصد وفريق الطب الوقائي، وكذا جميع الفرق الطبية بالمستشفيات، على كيفية التعامل الآمن مع حالات الكورونا، والتدريب على كيفية اتباع أساليب مكافحة العدوى.
خطوات متكاملة للتعامل مع المرض
حسب مجلس الوزراء المصري فقد تم وضع خطة محكمة للتعامل مع الفيروس، وفقا للإجراءات العالمية التي تتم لمواجهة المرض من خلال ثلاث مراحل:
- الأولى احترازية ووقائية.
- · الثانية تتعلق بالتأمين .
- · فيما تشمل المرحلة الثالثة خطة لكيفية المواجهة في حالة وجود إصابات .
- وإضافة لذلك تتابع وزيرة الصحة والسكان انعقاد غرفة إدارة الأزمات التي تعمل على مدار الـ24 ساعة، وتضم ممثلين من كافة الوزارات والجهات المعنية، لمتابعة الموقف على مستوى الجمهورية.
الإصابة الأولى
كانت وزارة الصحة المصرية قد كشفت في بيان مشترك مع منظمة الصحة العالمية، اكتشاف أول حالة إصابة بفيروس كورونا في مصر، لشخص صيني يعمل في مصر بحي مدينة نصر. وأوضحت المصادر في وقتها أن طريقة اكتشاف ذلك كانت عن طريق المتابعة للقادمين من الصين، من خلال الخطة الاحترازية الوقائية التي طبقتها وزارة الصحة ،ومن ثم قامت الوزارة بالاستفسار عن المخالطين له في القاهرة، وتم إرسال فريق طبي لمقر إقامة مستضيفيه في القاهرة، وأجري المسح الطبي عليهم.
الإصابة الثانية
وصل الكندي الذي يعمل في إحدى الشركات المصرية، إلى مصر يوم 19 فبراير 2020، وقضى فترة ترانزيت بإحدى الدول لمدة 4 ساعات.وتابع رئيس قطاع الطب الوقائي أن الحالة توجهت إلى عيادة الشركة في يوم الأول من مارس لطلب الرعاية الطبية، مع وجود علامات وأعراض مرَضية.
وبعد التشاور مع مديرية الصحة، تم التشخيص للحالة بأنها حالة مشتبه كورونا COVID-19، فتم على إثر ذلك نقلها بواسطة سيارة إسعاف مخصصة لمستشفى النجيلة المخصص للإحالة.وشملت التعليمات أيضًا تقديم معلومات مفصَّلة عن الموظفين والزوار الذين غادروا المخيم آخِر 10 أيام.
وتمّ حصر جميع المخالطين اللصقاء للحالة المصابة بمحل الإقامة، وعددهم 7 أشخاص، وتم القيام بسحب عينات لهم؛ للفحص، وفي انتظار النتائج المعملية.وتم حصر جميع المُخالطين المُحتملين بالموقع، وبلغ عددهم 1500 حالة بموقع الشركة، وتمّ عمل حجر صحي للجميع ومناظرتهم.وتم أيضًا حصر 1427 من المخالطين المحتمَلين، ويجري مُتابعتهم في محل إقامتهم.وبالإضافة إلى ذلك تم إنشاء 3 عيادات× لمتابعة الحالة الصحية لجميع الموجودين في المعسكر، ويتم عمل ملفات طبية الآن لجميع الموجودين.
وأوضح رئيس قطاع الطب الوقائي أن إجمالي حالات الاشتباه، والتي ينطبق عليها تعريف حالة COVID-19، بلغت 132 حالة، وتم سحب عينات جاءت نتائجها جميعها سلبية، عدا حالتين فقط إيجابيتين، وهو الذي أعلنت عنه سابقًا الوزارة في بيانين مشتركين مع منظمة الصحة العالمية.
زيارة الصين تكلل الجهود

في رسالة تضامن من مصر قيادة وشعبًا وخلال زيارتها للصين التقت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان نائب رئيس البرلمان الصيني رئيس جمعية الصليب الأحمر، والقائم بأعمال رئيس اللجنة الوطنية للصحة “القائم بأعمال وزير الصحة الصيني”.
و قدمت بكين هدايا قيمة جدًا لمصر عبارة عن الوثائق الفنية المحدثة (النسخة السادسة) للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الصين لمواجهة الفيروس .وأهدى القائم بأعمال وزير الصحة الصيني لوزيرة الصحة 1000 كاشف حديث لفيروس كورونا المستجد في تكليل للجهود التي بذلتها وزارة الصحة المصرية منذ أن ضربت جائحة كورونا العالم وحتى الآن.
باحث أول بالمرصد المصري