الاقتصاد المصري

وزير البترول: حققنا اكتفاء ذاتيا من الغاز ومنتدى شرق المتوسط دليل على ثقل مصر

أكد وزير البترول المهندس طارق الملا أن مصر حققت اكتفاء ذاتيا من الغاز منذ اكتوبر ٢٠١٨ وهو ما يعني أن الإنتاج المحلي من حقول الغاز المصرية سواء البحرية أو البرية يكفي الأسواق المحلية بشكل كامل.
وقال الملا – في مُداخلة هاتفية ببرنامج “الحكاية”، المُذاع على قناة “ام بي سي مصر” الذي يُقدمه الإعلامي عمرو أديب – إن مصر أصبحت مركزا إقليميا لتجارة وتداول الغاز، وهو ما جعلنا في هذه المنزلة التي بدأت أولى خطواتها ما أُعلن 15 يناير الحالي، من تصدير مصر للغاز بالفعل، فهذا يُعتبر من الأدوار التي تخولها مكانة مصر لها كنشاط آخر إلى جانب إنتاج الغاز المحلي، فمصر الآن تقوم بنشاط تجارة وتداول الغاز في المنطقة الإقليمية، وبالتحديد في دول الجوار، والتي تشمل مثلًا قُبرص وإسرائيل والأردن، والتي تمتلك بالفعل خطوط أنابيب.

المُلا: مصر هي الدولة الوحيدة التي تمتلك محطات إسالة في المنطقة


وأضاف الملا أنه عندما يتم تداول أن مصر تستورد الغاز من إسرائيل، فهذا يتم في إطار تجاري بحت، وتعاقد تُجاري يتم بموجبه استجلاب هذا الغاز لضخه من خلال شبكة الأنابيب، التي تتم على مرحلتين أولاهما البرية والأخرى بحرية، وبالتالي بدخول هذا الغاز إلى الشبكة القومية المصرية للغاز يتم تحويله إلى محطات الإسالة والتي تعتبر أهم جزء من البنية التحتية لهذه المرحلة، والتي تستمد منها مصر قوتها في هذه المرحلة، مقارنة بدول الجوار، وبالتالي يتم تصدير الغاز من خلال محطات الإسالة هذه إلى أوروبا وأي دولة أخرى في إطار النشاط التجاري من خلال شحنات تنتقل عبر البحر المتوسط.
وقال إن هذا كله يؤكد أن مصر أصبحت بالفعل مركزا إقليميا لتجارة وتداول الغاز، فنحن هنا لدينا سوق كبيرة ولدينا بنية تحتية مؤهلة بشكل عالي، مما يسمح لنا بإعتلاء هذه المكانة بدون منافسة في الوقت الحالي.

مصر تحظى بالاكتفاء الذاتي من الغاز


وردا على سؤال حول الهدف من ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر، والشائعات التي تم تداولها حول هذا الموضوع، أكد أن مصر لديها اكتفاء ذاتيا بالفعل، فلا تحتاج في الواقع إلى استيراد الغاز بأي شكل، ولكن هذه العملية تندرج تحت بند النشاط الذي تقوم به مصر كمركز إقليمي لتداول وتجارة الغاز، فعند النظر إلى مقدرات إسرائيل وقبرص مثلًا، سنجد أن كلتاهما يفتقران إلى وجود إمكانيات لإسالة الغاز، على الرغم من أن إسرائيل لديها اكتشافات من الغاز تسبق حقل زُهر بسنوات كثيرة، ترجع إلى أوائل عامي 2010 و 2011، ولكنها لم تتمكن من تنمية هذه الإمكانيات لعدم وجود سوق يُمكنها من استيعاب الإنتاج عن هذه الحقول، وبالتالي تتدنى إمكانياتها في تصدير الغاز، وهو ما جعلها تنظر إلى الدول المحيطة بها، للتعاون كاقتصاديات متكاملة.
أكد المُلا أن مصر كانت واضحة منذ البداية خاصة في عامي 2014، و2015 بأنها لن تستورد غاز من إسرائيل إلا بعد انتهاء قضايا التحكيم بشكل نهائي، وكذلك يجب أن تتم هذه العملية مقابل قيمة مُضافة إلى الاقتصاد المصري، ويتوافق مع أمننا القومي. وهو ما جعل مصر تبدأ خطواتها وأنشطتها التجارية، حيث انتهت قضايا التحكيم كلها وسقطت وتم تسويتها بشكل نهائي، وبالنسبة لكونه قيمة مُضافة فإن الغاز عندما يمر على شبكة الإسالة المصرية ويتم تصديره سنحصل من هنا على استغلال للطاقات والموارد الموجودة لدينا، سواء في محطات أو مصانع الإسالة الموجودة لدينا. فمصر تمتلك أكبر محطتين للإسالة غير موجودة في أي مكان في المنطقة، وكذلك يعزز هذا النشاط الأمن القومي المصري، حيث أن مصر كدولة من الناحية الاستراتيجية تقوم بهذا بتأمين بدائل وتعمل بنظام المناورات وهو ما يؤّمن لها روافد أخرى في حالات الطوارئ. وهو ما يجعلنا في حالة حدوث عُطل أو نقص في الإنتاج، سيكون لديك بدائل أخرى، ومهام أخرى استراتيجية مثل استيراد الغاز، وتسييله في المحطات.

المُلا: لا صحة للشائعات حول خروج مصر من منظومة الغاز


على الجانب الآخر أشار المُلا إلى كون مصر الآن دولة ذات مكانة غاز استراتيجية، فعند النظر إلى أحوال مصر في الأعوام 2011 و2012 و2013 كانت تنتظر شحنة غاز، والمشكلات التي تواجهنا في هذه الأثناء، والثغرات المرتبطة بدفع ثمن الشحنة أو غيره.
أما بخصوص الشائعات التي تم تداولها مؤخرًا حول أن مصر خارج منظومة الغاز، وأن إسرائيل واليونان وقبرص قاموا بتوقيع الاتفاقات الخاصة بالأنبوب الخاصة بهم، وأن مصر لا يعنيها الأمر، ولن تُصدر الغاز إلى أوروبا. علّق المُلا على هذه الإشاعات بأن هذا الخط في الأساس يتم الحديث عنه منذ عامي 2014 و2015، وقد تم التخطيط له منذ ذلك الحين، ومن المُخطط له أن يخرج من إسرائيل، مرورًا بقبرص ثم اليونان، وينتهي في إيطاليا، وهو ما يُمثل خطة بديلة لعدم امتلاكهم قدرات للاستفادة من موارد الغاز. على الجانب الآخر، مصر تعمل على استهداف الاتحاد الأوروبي، أو قارة أوروبا؛ لأن أوروبا هي المستهلك الرئيسي بالنسبة لنا، فهي تقع على الجانب الآخر من البحر المتوسط، وهنا تأتي الصورة الكاملة، فالاتحاد الأوروبي يحتاج إلى بدائل للموارد الخاصة به، في المقابل هذه الدول الثلاث لديها بالفعل غاز تحتاج إلى تصديره ولكنها لا تمتلك مقدرات لتقوم بهذا.

حقائق حول خط أنابيب الغاز ما بين إسرائيل وقبرص واليونان


وقال الملا إن في هذه الأثناء تعمل هذه الدول على الجزء الهندسي الفني، أي التصميم أولًا؛ لأنه أولًا: يمر بمياه عميقة، ثانيًا: سيمر هذا الخط على مياه بها مشاكل ومناقشات، ثالثًا: الجزء الرئيسي والكبير من هذا الخط الذي يبلغ طوله 1900 كيلو متر، يمر منهم حوالي 1500 في البحر، والـ 400 كيلو متر الباقية ستمر في البر. وهو ما جعل إيطاليا تمتنع عن التوقيع معهم على هذه الاتفاقيات؛ نظرًا لهذه المشكلات، وكذلك مسؤولين البيئة رفضوا استخدام هذه الخطوط لأسباب بيئية.
إلى جانب التحدي الفني الذي تواجهه هذه الدول نحو استخدام الخط في المياه العميقة، فهي تواجه عقبات تيبوغرافية في قاع البحر، ليس هذا فحسب، بل تواجههم مشكلة كبيرة أخرى، وهي مشكلة التكلفة، فمن المُقدر أن تتكلف هذه الخطوط حوالي 7 مليار دولار على الأقل، ويمكن تجاوز هذه التكلفة في حالة وجود مصلحة استراتيجية للاتحاد الأوروبي يمكنه تمويل هذه الخطوط من خلاله.
وفي حال تخطيهم كل هذه المراحل وتم المشروع، لن ينتهي قبل عام 2026 أو 2027، وأكد على أنه إلى الآن لم تحصل هذه الدول على قرار نهائي بشأن التمويل، أو Final Investment Decision، وبالتالي فإن كل ما يتم تداوله مجرد إشاعات واهية، لا أساس لها من الصحة. وسبب ظهوره في هذه الأيام هو كونه رد فعل سياسي على بعض الادعاءات التي يتم تداولها مؤخرًا في منطقة البحر المتوسط.

منتدى غاز شرق المتوسط دليل على ثِقل مصر


أما بشأن ما يتعلق بحقيقة منتدى غاز شرق المتوسط أول أمس، فقد أوضح المُلا أن تصريحات كل من الوزراء الإسرائيلي والقبرصي واليوناني في المؤتمر الصحفي الذي عُقد في القاهرة أكدت على رغبتهم في مشاركة مصر في إنشاء خط الغاز هذا، ولكن في الواقع مصر لم تتخذ القرار النهائي بعد، فمصر تحظى بثِقل ووزن ومصداقية وإنتاج قوي يمكنهم في حال مشاركتها من توفير اقتصاديات للمشروع.
بالتالي لا يُمثل انضمام مصر لهذا الخط حظوة أو نجاح، فمصر تمتلك محطات إسالة تُمكننا من تصدير الغاز الموجود في المنطقة لأوروبا، خاصة مع وجود شبكة غاز داخل مصر، وبالتالي فهذا ليس من المناسب بالنسبة لنا كمصر المشاركة في مثل هذا المشروع، فهم الفائزون في هذه الصفقة لو انضمت مصر ستقوم بدور الداعم لاستراتيجية الاتحاد الأوروبي في توفير بدائل الغاز لديهم، ومن هذا المنطلق توجهت مصر للاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، ومع مفوض الطاقة في إبريل 2018، من خلال توقيع مذكرة تفاهم لمساعدتهم على التحول لمركز إقليمي، لدعم مصر كأحد البدائل المؤمّنة لتوريد الغاز لأوروبا، هذا أولًا.
ثانيًا: توقيع مصر لمذكرة تفاهم لاستراتيجية الطاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تحصل مصر من خلالها على دعم الولايات المتحدة، وأشار الملا إلى أن أمريكا تسعى إلى توفير الغاز بأسعار ووسائل مختلفة إلى أوروبا؛ وبالتالي أصبحت مصر من ضمن البدائل الموجودة، بديلًا لروسيا، وبالتالي فهي تتطلع إلى إيجاد بدائل أخرى في منطقة دول شرق المتوسط، ومنها مصر بالطبع.
في سياق متصل نوه المُلا عن القمم الثُلاثية التي عقدها السيد الرئيس، والتي بدأتها مصر في أكتوبر 2018، في قمة تكريت في اليونان، والتي أطلقت فيها مصر مبادرة إنشاء غاز شرق المتوسط، مقره القاهرة، وبالفعل بدأ في يناير 2019 بحضور وزراء الدول السبع.
فرنسا والولايات المتحدة تتقدمان بطلب عضوية منتدى غاز المتوسط
وردًا على ادعاء تركيا والجزيرة الذي أشار أديب إلى استهانتهما بشأن هذه المنظمة، ووصفهما لها بأنها بعيدة كل البُعد عن كونها ترقى لتكون منظمة عالمية أو كبيرة. أكد المُلا أن هذا الانتقاد يؤكد أن مصر على الطريق الصحيح، فهي منظمة نجحت في لفت الأنظار، والأثر الأكبر لهذا بأن الاجتماع الأخير للوزراء أثمر عن توقيعهم بالأحرف الأولى على ميثاق تأسيس هذا المنتدى والذي سيُصبح منظمة دولية، فهذا ليس درب من خيال، ولكن بالفعل تم التوقيع بشكل مبدئي في الوقت الحالي، ومن الدول الموقعة معنا هي إيطاليا وقبرص واليونان، والتي هي أعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومن ضمن إجراءاتهم لكي يتم التوقيع النهائي على ميثاق التأسيس أن يحصلوا على موافقة الاتحاد الأوروبي، للتأكد من كون هذه المنظمة متوافقة مع السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وكافة سياساتهم، وهو إجراء سيستغرق شهرين على أقصى تقدير، ومن ثم سيتم التوقيع النهائي والإعلان عن إنشاء منظمة دولية.
على الجانب الآخر، عندما ننظر إلى الطلبات التي تقدمت بها فرنسا رسميًا للانضمام لهذه المنظمة لتصبح عضو كامل وليس مجرد عضو مُراقب، في هذه المنظمة، فنحن هنا لا نتحدث عن فرنسا كدولة كُبرى فقط، وإنما هي دولة عُظمى تمتلك حق الفيتو. ليست فرنسا فقط من طلبت هذا، وإنما تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بطلب عضويتها كعضو مُراقب، وهو ما سيدعم مصر كقوة عُظمى للكيان.
بقيادة مصر لهذا الكيان يجعلنا نتكامل سويًا كدول لاستغلال مواردنا المختلفة، وبالتالي تعظيم موارد مصر من الغاز، ودعم مركز مصر الإقليمي كذلك.


المُلا: ما نحن فيه الآن هو نتاج نجاح أهداف استراتيجية 2015… ولا شيء يأتي من قبيل المُصادفة


وبخصوص توضيح دور المنظمة بقيادة مصر، أوضح المُلا أنها ستقوم بوضع وصياغة وتوثيق السياسات وتوحيد الخطط التسويقية والخطط التنموية وخطط الإنتاج، سيكون دورها الأساسي التكامل وليس التنافس؛ لأن في النهاية يهم أن تُصبح مصلحتنا واحدة، فنحن نُعظم الإنتاج ونقوم بتوجيهه إلى أوروبا في المقام الأول.
اعتبر المُلا أن الخميس الماضي يُعتبر يوما تاريخيا فالآن أثبتت مصر أنها قادرة على إنشاء هذه المنظمة، وتلبي كل هذه الدول دعوتها، وليس الدول الأعضاء فقط، بل الدول المُراقبة كذلك، أو الدول العُظمى التي سبق وذكرها. وهي المكانة التي لن تتمكن مصر بأي الحال الوصول إليها أو تحقيقها إلا في حالة وجود سياسة خارجية متوازنة ومعتدلة، وكذلك وجود ثِقل دولي لمصر كبير، ومصداقية، تراهن على المستوى الإقليمي السياسي الخارجي أو المستوى الفني الداخلي كقطاع بترول أيضًا، وبالتالي يتصور المُلا أن هذه هي خطوات إيجابية فعلًا، تجعلنا ننفذ الاستراتيجية التي تم وضعها وصياغتها عام 2015م خطوة بخطوة، بثقة، ونجاح وفقًا للخطة الموضوعة.
وهو ما لا يُمكن أن يأتي فجأة أو من قبيل المُصادفة، إلا أننا نعمل منذ فترة ووفق خطط منظمة وممنهجة، وبالتنسيق ما بين أجهزة الدولة المعنية بهذا الأمر؛ لأن هذا يُعتبر مشروعا قوميا، يحظى بالدعم السياسي اللازم من القيادة السياسية والتنسيقات على المستوى العالمي، وهو ما يُعد سببا رئيسيا في نجاح تأسيس مثل هذا المنتدى.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى