الاقتصاد المصري

كيف تعمل مصر على تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر

يعد الاستثمار الأجنبي المباشر من الموضوعات الاقتصادية المهمة والمتداولة بشكل كبير فى الآونة الأخيرة؛ إذ تتسابق الدول النامية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة لها. فالاستثمار الأجنبي المباشر هو انتقال لرؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار فى الخارج بشكل مباشر، ويعد من أحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادى فى الدول. ويسهم الاستثمار الأجنبي المباشر فى توسيع قاعدة المستثمرين في البلاد، وكذلك في حل مشكلة البطالة عبر خلق فرص عمل جديدة وإدخال تقنية جديدة متقدمة للدولة، والتعرف على الأساليب الحديثة المتبعة فى الإدارة والتنظيم والتسويق، مما يؤدي إلى كسب العمالة الوطنية مهارة أعلى وخبرة أكبر. 

تدرك الدول عامة أهمية الاستثمار الأجنبي، لذلك تسعى دائمًا لجذب الاستثمار الأجنبي إليها من خلال تهيئة المناخ المناسب الذي يحفز الاستثمار الاجنبى المباشر، وتقديم التسهيلات والحوافز للمستثمر الأجنبي؛ إذ يحظى الاستثمار الأجنبي المباشر باهتمام كبير من صانعي القرار في مختلف دول العالم إذ يعد مصدرًا مهمًا من مصادر التمويل خاصة فى الدول النامية ومنها الدول العربية، ويلعب دورًا مهمًا في دفع عجلة النمو الاقتصادى في هذه الدول.

أهمية الاستثمار الأجنبي المباشر

  • يساعد في خلق فرص عمل مما يحد من مشكلة البطالة في الدولة المضيفة، وذلك بالإضافة إلى محاربة الفقر وبعض أشكال التخلف. مع الأخذ في الاعتبار أن أثر الاستثمار على التوظيف يتوقف على عدة عوامل منها أسلوب الاستثمار، إذ إن دخوله ميادين جديدة ومواقع متنوعة يؤدي إلى زيادة حجم العمل المطلوب.
  • يساعد الاستثمار الأجنبي المباشر في إعطاء قوة دفع للاقتصاد المحلي، من خلال تحسين قدرته على التفاعل مع الاقتصاد العالمي والمشاركة في العملية الإنتاجية الدولية، مما يؤدي بدوره إلى رفع كفاءة اقتصاد الدولة بسبب ربطها بالاقتصاد العالمي ومساهمتها في العملية الإنتاجية الدولية
  • يُسهم في تنمية قطاع التصدير في الدول النامية، فمن أهم أهداف استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية هو إقامة مشروعات إنتاجية في كافة المجالات الزراعية والصناعية والخدمية، والتي تهدف إلى إنتاج سلع وخدمات ذات ميزة تنافسية للتصدير وتكون مقبولة في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى مساهمته في زيادة الإنتاجية، مما يؤدي إلى زيادة الدخل القومي، والذي بدوره يساعد في زيادة متوسط دخل الفرد وتحسين مستوى المعيشة للأفراد.
  • يُسهم الاستثمار الأجنبي المباشر في سد فجوة الادخار- الاستثمار، حيث يعد من أهم العناصر الخارجية لتمويل التنمية في الدول النامية، وهو أفضل من مصادر التمويل الأخرى كالقروض مثلا التي تؤدي إلى تحمل الدولة لأعباء مالية كبيرة، وأيضًا المعونات والتي تتحدد بناًء على العلاقات السياسية بين الدول المانحة والدول المتلقية.
  • يزيد الاستثمار الأجنبي المباشر من الاهتمام بأنشطة البحث والتطوير في الدولة المضيفة، كما يساهم في نقل التكنولوجيا المتقدمة والمهارات الإدارية والتسويقية الحديثة إلى الدولة المضيفة، والذي يساهم في رفع كفاءة العمل وزيادة الإنتاجية
  • يُعد الاستثمار أحد مكونات الطلب الفعال ويعني الإضافة إلى الثروة المتراكمة، حيث يؤدي إلى الحفاظ على رصيد رأس المال أو زيادته، وبالتالي يقوم بالدور الرئيس في مواجهة الطلب المتزايد.
  • يسهم الاستثمار الأجنبي المباشر في تحسين البنية التحتية للدولة المضيفة لكي يتمكن من أداء عمله 
  • ارتفاع موارد الدولة من الضرائب بسبب الضرائب المفروضة على المستثمرين، مثل الضرائب الجمركية والضرائب على الأرباح.

تطور الاستثمار الاجنبى المباشر فى مصر

فى عام 2020، حصدت مصر نسبة 14.5% من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر للدول العربية وجاء ترتيب مصر فى المركز الثانى بعد الإمارات العربية المتحدة وذلك بحسب تقرير للمؤسسة العربية لضمان الاستثمار. ونجحت مصر بمفردها فى الاستحواذ على 15% من إجمالي الاستثمارات المتدفقة لقارة أفريقيا وفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة للتجارة والتنمية عن الاستثمار العالمي فى عام 2021.

وجاءت مصر فى المرتبة الأولى على مستوى شمال أفريقيا فى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وفقًا لتقرير الامم المتحدة للتجارة والتنمية لعام 2020. وقد بلغ مجموع الاستثمارات الأجنبية التى تلقتها مصر خلال عام 2020 5.9 مليارات دولار مقارنة بعام 2019 الذى بلغ 9 مليارات دولار متأثرة بتداعيات جائحة كورونا والتي أثرت سلبًا على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر حول العالم والتى تراجعت بنحو 50% خلال النصف الاول من عام 2020 ولكن استطاعت مصر أن تحافظ على مركزها كأول دولة متلقية للاستثمار الاجنبى المباشر فى القارة السمراء رغم انخفاظ الاستثمار الوافد للقارة الأفريقية.

وكان توقع صندوق النقد الدولى أن تسجل الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر نموًا سنويًا متواصلًا خلال الأعوام الأربعة التالية، لتنمو بنسبة 60% خلال العام المالى 2022، مقارنة بالعام 2020، وفق ما ذكره تقرير للصندوق بعد إتمام المراجعة الثانية لبرنامج ترتيب الاستعداد الائتماني الموقع مع مصر. وحسب التقرير، كان من المتوقع أن تصل الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر إلى 8.6 مليارات دولار خلال العام المالى 2022-2021 مقابل 5.4 مليارات دولار خلال العام المالى السابق عليه 2020\2021، قبل أن ترتفع إلى 11.7 مليار دولار فى العام المالى 2023-2022، ثم إلى 16.5 مليار دولار فى العام المالى 2025 – 2024 وهو ما تحقق بالفعلى خلال العام المالى 2022-2023 حيث بلغ 10 مليار دولار 

أسباب تزايد حجم الاستثمارات الأجنبية فى مصر

تعددت الأسباب التى جعلت من مصر وجهة استثمارية كبرى، حيث ساهمت الحكومة المصرية فى رسم خارطة جاذبة طريق لجميع المستثمرين الأجانب، تتمثل فيما يلى:

  • وجود سوق استهلاكية كبيرة تضم أكثر من 100 مليون نسمة ، مما يشكل وجود طلب اقتصادي يدفع نحو مزيد من الاستثمارات ، فضلًا عن وفرة الموارد الطبيعية فى مصر والاستقرار الأمني والسياسي.
  • الأثر الواضح لمساهمة الإصلاحات الاقتصادية التى طبقت فى إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي في استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز ثقة المستثمرين في البلاد.
  • شهادات الثقة التي نالها الأداء الاقتصادي المصرى مؤخرًا من المؤسسات الدولية، ومنها الأمم المتحدة والبنك الدولى والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، التى أشادت ببرنامج الإصلاح الاقتصادى ومعدل زيادة الاستثمار الأجنبي
  • الإصلاحات التشريعية والمؤسسية لعبت دورًا مهمًا فى تزايد وتيرة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة حيث تم تنفيذ تعديلات على قانون الاستثمار، وتسهيل تأسيس الشركات، وكذلك إطلاق بنك الأراضي لتوفير أرض للمستثمرين، وقانون للإفلاس، وقانون للتراخيص الصناعية وميكنة خدمات هيئة الاستثمار وهيئة التنمية الصناعية.
  • إطلاق خريطة الاستثمار والتوسع في إنشاء الخرائط الصناعية، وكذلك التوسع فى إقامة المناطق الصناعية المرفقة، علاوة علي تأسيس العديد من المناطق الحرة العامة والخاصة، وتحفيز الاستثمار الصناعي من خلال طرح 14.757 مليون متر أراضي صناعية في عام  2020 عبر خريطة الاستثمار الصناعي بـ 13منطقة صناعية (مدن العاشر من رمضان والسادات وبرج العرب – القطامية – بورسعيد – الإسماعيلية – قنا – المنيا – أسيوط – الوادى الجديد – طيبة بالأقصر والمحلة بالإضافة إلى بني سويف).
  • ما قامت به مصر أيضًا بعرض أكبر أجندة عالمية في مجال الاستثمار المباشر بمختلف القطاعات الاستثمارية التي عززت ثقة جميع المؤسسات الدولية وكبرى الشركات العالمية فى الاقتصاد الواعد، كما نفذت الحكومة مشروعات بنحو 4 تريليون جنيه تقريبًا خلال 9 سنوات، نفذت من خلالها مشروعات عدة تهدف في المقام الأول لتهيئة البيئة الاستثمارية.
  • التسهيلات التي تقدمها الحكومة للمستثمر الأجنبي وهو دخول الحكومة طرف معه في المشروعات الكبرى سواء بالأرض أو الدعم اللوجستي، خاصة أن تكلفة الأرض كانت تقف عائقًا أمام مشروعات عديدة.
  • توفير البنية التحتية في مصر، حيث حققت البلاد نهضة كبيرة بمجال الطرق البحرى والبرى والجوى ، مع تعدد مشروعات البنية التحتية التى ساهم فيها مستثمرون أجانب. كذلك الاستمرار فى تطوير آليات الترويج للفرص المتاحة للاستثمار فى السوق المصرية، خاصة فى إطار المشروعات القومية الكبرى الجاري تنفيذها فى مختلف أنحاء الجمهورية والتي تخلق فرصًا تنموية واعدة للاستثمار المحلي والأجنبي، على نحو يسهم في توفير المزيد من فرص العمل والنمو.
  • العمل على تطوير وتحديث الأنظمة الضريبية والجمركية لتتواكب مع المعايير العالمية  بما يساعد على جذب وتشجيع الاستثمارات. فضلًا عن حرص  مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطاعات جديدة مثل مجال توليد الطاقة المتجددة والصناعة المالية والمصرفية والتكنولوجية، ومشروعات الاقتصاد الأخضر، وذلك في إطار الالتزام بالأهداف العالمية لحماية البيئة ومكافحة الاحتباس الحراري، وكذلك في الصناعات الثقيلة

ولذلك تبذل مصر قصارى جهدها لجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية المباشرة خاصة بما لديها من مقومات وموارد تقوم باستغلالها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة وزيادة التدفقات الدولارية بما يدعم من الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى ويدعم من قوة الجنيه المصرى امام باقى العملات الأخرى عبر ما نفدته الدولة المصرية من تطوير البنية التحتية القوية وإنشاء مدن جديدة خاصة مدينة العلمين الجديدة ومدينة راس الحكمة اللتين تعدان جزءًا من استراتيجية الدولة المصرية فى تنمية الساحل الشمالى الغربى والاستفادة من هذا الموقع المتميز فى استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر لما له من عوائد على زيادة حجم الناتج المحلى الإجمالي وبالتالي زيادة معدل النمو الاقتصادي.

ذلك إلى جانب خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة تسهم فى تراجع معدلات البطالة والتى استطاعت الدولة المصرية ان تحافظ على معدل البطالة فى حدود 7.2% رغم كافة التداعيات السلبية للأزمات الاقتصادية العالمية المتتالية بفضل المشروعات القومية التى نفذتها وتنفذها الدولة المصرية والتى استطاعت أن توفر أكثر من خمسة ملايين فرصة عمل بها.

كما أن هذا النوع من الاستثمار الأجنبي في المدن الجديدة الساحلية له عوائد دولارية كبيرة بما يساهم فى زيادة الحصيلة الدولارية للاقتصاد المصرى بما يسمح بإعادة استخدامها مرة أخرى فى مشروعات استثمارية إنتاجية تساهم فى تحقيق المستهدفات التنموية للاقتصاد المصري المنشودة عبر وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى خلال الست سنوات القادمة وأيضًا المساهمة فى تحقيق المستهدف الكلي فى زيادة الحصيلة الدولارية إلى 300 مليار دولار، ويأتي الاستثمار الأجنبى المباشر على رأس هذه المصادر الدولارية.

وتأسيساً على ما سبق، تعد مصر إحدى أهم الوجهات الاستثمارية على مستوى القارة الأفريقية والدول العربية، حيث اتبعت مختلف السبل التى من شأنها جذب الاستثمار الأجنبى وتوظيفه فى قطاعات حيوية تصب فى صالح النمو الاقتصادى. ومازالت مصر تواصل جهودها لضمان تدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى مختلف قطاعات البنية الأساسية فى ضوء ما تسهم به فى تعزيز قدرة الاقتصاد الوطنى على تحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل، وذلك من خلال الاستمرار فى تحسين مناخ الأعمال فى مصر وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين وإزالة أية معوقات قد تواجههم وذلك وفق خطط واستراتيجيات مدروسة لتحقيق السياسة الاقتصادية الكلية ويساهم فى توفير حياة كريمة للمواطنيين.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى