تغير المناخالمركز المصري في الإعلام

المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية يناقش في كوب 27 “مراكز الفكر وقضايا المناخ”

نظّم المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اليوم الاثنين الموافق 14 فبراير 2022 جلسة نقاشية تحت عنوان: “الرؤية والتأثير: مراكز الفكر وقضايا المناخ”، ضمن الفعاليات التي يشارك بها في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ “كوب 27” بالمنطقة الخضراء. أدارها الدكتور صبحي عسيلة الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وتحدث فيها كل من: الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور فتوح هيكل مدير الأبحاث والمستشار السياسي لمركز تريندز للبحوث والدراسات، واللواء محمد عبد المقصود رئيس قطاع الأزمات والكوارث والحدث من المخاطر بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار.

بدأ الدكتور صبحي عسيلة الحديث بالتأكيد أن مراكز الفكر والدراسات قامت بالعديد من الأدوار خلال السنوات الماضية، وهذه الأدوار تتطور باستمرار لتتواكب مع التطورات الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى القضايا المتخصصة التي فرضت نفسها على كل مراكز الدراسات ومنها قضايا الغاز الطبيعي وجائحة كورونا، لافتًا إلى أن الدور الأساسي لمراكز الدراسات هي مواكبة كافة القضايا وهي تخاطب جهتين بشكل أساسي هما صناع القرار والرأي العام.

وأشار إلى أهمية هذه الجلسة والتي تنبع من التحديات التي تفرضها قضية التغيرات المناخية والضاغطة بشكل غير مسبوق على العالم بأسره على مختلف المستويات، ولذلك فإن كل مراكز الدراسات كل في مجاله أصبحت مدعوة ومطلوبًا منها التعاطي مع هذه القضية والبحث في انعكاساتها وتقديم إجابات وحلول وبدائل لصناع القرار للمشاركة في مواجهتها، بالإضافة إلى تقديم توعية أكبر وفهم أعمق للظاهرة وتأثيراتها على المجالات المختلفة.

وقد أوضح اللواء محمد عبد المقصود أنه من المهم أن يكون لمراكز الدراسات دور حيوي في التوعية والتثقيف فيما يتعلق بقضايا تغير المناخ وكيفية الحد من مخاطرها، لافتًا إلى أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار لكونه تابعًا لرئاسة مجلس الوزراء تتعدى حدود نشاطه مراكز الفكر والدراسات التقليدية، وقد وصل عدد مراكز الدراسات الحكومية في مصر إلى نحو 57 مركزًا تابعًا للجامعات المصرية و37 مركزًا داخل القطاعات والمؤسسات الحكومية المختلفة مثل مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية و24 مركزًا مستقلًا تحت مظلة جهات حكومية أخرى مثل مركز الدراسات الاجتماعية والجنائية التابع لوزارة التضامن الاجتماعي.

وأضاف “عبد المقصود” أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار يحرص على مساعدة متخذ القرار في عملية رسم وصنع السياسات والقرارات بناء على معلومات مؤكدة وموثوق فيها. وفيما يتعلق بقضية التغيرات المناخية، أوضح أن المركز حرص على تقديم أكثر من 30 إصدارًا حول هذه القضية، وعلى رأسها النسخة الخاصة بآفاق المناخ التي اعتمدها رئيس الوزراء وأطلقها قبل كوب 27 مباشرة وتركز بشكل رئيس على ما تحقق من نتائج خلال الدورات الماضية من مؤتمر المناخ، وكيفية الاستعداد المصري لكوب 27، مشيرًا إلى أن كل هذه الإصدارات متاحة باللغتين العربية والإنجليزية لإتاحة المعلومات لكل الباحثين المتخصصين.

وذكر رئيس قطاع الأزمات والكوارث والحدث من المخاطر بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أن مدينة شرم الشيخ أُعلنت أول مركز مرونة في أفريقيا والثانية في المنطقة بعد دبي، مؤكدًا أن ما حدث في شرم الشيخ فيما يتعلق بالحد من مخاطر الكوارث ومواجهة التغيرات المناخية يؤكد أن الدولة المصرية تسير في الاتجاه الصحيح فيما يتعلق بكيفية التعامل مع مخاطر تغير المناخ وكيفية الاستعداد لها، مشيرًا إلى أن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار حرص على دعم المبادرة المصرية لبناء المنظومة الإفريقية متعددة الأطراف لإدارة الأزمات والكوارث والحّد من المخاطر ذات البُعد البيئي والتي أطلقها رئيس الجمهورية للتآزر بين الاتفاقيات البيئية الثلاث (التصحر – التنوع البيولوجي – تغير المناخ)، والمركز حريص على تطوير هذه المبادرة في ضوء شعار المؤتمر “معًا للتنفيذ”، ولكون مصر ممثلة لقارة أفريقيا وتأخذ على عاتقها التعبير عن مشاغل واهتمامات الدول الأفريقية وأن تكون صوتًا حقيقيًا للدول النامية.

من جانبه، أوضح الدكتور فتوح هيكل أن مراكز الفكر والدراسات تتحرك في الاتجاهات التقليدية المعروفة، ولكنها كذلك يقع على عاتقها دور مهم وهو الجانب الاستشرافي للقضايا، فمراكز الفكر لا تقوم فقط بدراسة الواقع الحالي والتهديدات الحالية وإنما لكونا تقدم الدعم لصانع القرار يجب أن تكون لديها رؤية مستقبلية أبعد مما يراه صانع القرار، وذلك من خلال بناء السيناريوهات المستقبلية بناء على التطورات، وتوضيح فرص وتحديات كل سيناريو من هذه السيناريوهات. 

وبالتطبيق على قضية التغيرات المناخية، ذكر أن التغيرات المناخية تسارعت أحداثها بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، ومن هنا تثار التساؤلات حول شكل الوضع المستقبلي، وإذا استمرت نفس السياسات الحالية وعدم الالتزام بالتعهدات الدولية ما هو مستوى السوء الذي ستكون عليه الأمور؟ وهنا تكون مهمة مراكز الفكر والدراسات بوضع سيناريوهات للقضية وكيفية مواجهة هذه التحديات من جانب صانع القرار.

وأضاف “هيكل” أن مراكز الفكر لها أيضًا دور توعوي مهم للغاية، ويجب أن يكون استراتيجية مستمرة ومتواصلة لضمان إحداث التغيير المنشود، وفي حالة قضية التغيرات المناخية إذا كان الهدف جعل ثقافة الحفاظ على البيئة ثقافة مجتمعية فهذه الثقافة لا تتولد نتيجة حدث عابر أو تناول مؤقت، بل لابد من الاستمرارية في توعية الرأي العام وتوضيح كافة جوانب القضية، وتطوير أدوات الوصول للرأي العام والاعتماد على الأدوات الحديثة والمبتكرة لجذب قطاعات أوسع وفئات اجتماعية مختلفة، ووضع استراتيجية تتناسب مع كل فئة.

وفي الختام، أشار مدير الأبحاث والمستشار السياسي لمركز تريندز للبحوث والدراسات إلى أهمية تطوير التعاون بين مراكز الدراسات وبعضها البعض من جانب وبين مراكز الدراسات ووسائل الإعلام من جانب آخر؛ لتبادل الخبرات والتركيز على المحتوى المعرفي الذي يصل للرأي العام بالأسلوب الأمثل. لافتًا إلى تجربة مركز تريندز للبحوث والاستشارات في العمل على المسارات الثلاثة السابق ذكرها؛ إذ عمل على تطوير بعض المنهجيات الخاصة باستشراف المستقبل ووضع السيناريوهات خاصة في مجالات التنمية المستدامة والبيئة والتغير المناخي. 

وفيما يتعلق بالتعاون مع مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام، عقد المركز في سبتمبر الماضي المؤتمر السنوي الثاني حول التغيرات المناخية وتداعياتها الأمنية والاستراتيجية والاقتصادية بالشراكة مع المجلس الأطلسي بواشنطن وبمشاركة 30 خبيرًا ومسؤولًا وكان فرصة لتبادل الخبرات وتطوير القدرات البحثية والمعرفية، ذلك بالإضافة إلى عقد قمتين العام الماضي حول التعاون والحوار بين مؤسسات الفكر ووسائل الإعلام. متابعًا أن المسار الثالث هو مجال استطلاعات الرأي العام والدراسات الميدانية على مستوى العالم وليس على مستوى دولة الإمارات والشرق الأوسط فقط، وهو ما يساعد صناع السياسات في معرفة توجهات الناس وتحديد النقاط التي يمكن أن تبنى عليها استراتيجية لتعزيز الرأي العام.

وحول التنسيق بين مراكز الفكر، قال الدكتور خالد عكاشة إن القضية تكمن في الوعي والتأثير والدخول في قضايا البيئة والتهديد المناخي التي تعد من  القضايا المستجدة والمستحدثة التي كانت بعيدة بعض الشيء عن مراكز الفكر الاستراتيجي التي كانت قاصرة على القضايا الاستراتيجية الكبرى ذات الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية، في ظل اقتصار قضايا البيئة والتغير المناخي على الطابع التقني والعلمي خلال السنوات الماضية، ولكن هذا الحال تبدل وأصبحت هذه القضايا محل اهتمام لعدد من مراكز الفكر والبحوث ومنها إصدارات مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء التي كانت على مستوى رفيع للغاية وتدخل في حالة اشتباك حقيقي مع تفاصيل قضايا البيئة والتهديدات المناخية، وهذه الإصدارات تحقق توعية للرأي العام من جانب وتغذية صانع القرار بمادة علمية وخطط تنفيذية جديرة بأن تكون سياسات للدول سواء مصر أو غيرها من الدول  التي تعمل على ملف قضايا البيئة والتغير المناخي من جانب أخر.

هذا بالإضافة إلى السرعة العالية من الباحثين في مراكز الفكر المختلفة في الاهتمام بالقضية واستشراف مستقبلها، انطلاقًا من أن خلية الباحثين في كل مركز فكر ودراسات تكون المساحة الأبرز في التقاط إشارات المستقبل وصناعة أفكار جديدة تساهم وتساعد المجتمعات وصناع السياسات في مواجهة هذا المستقبل وصياغته بالصورة التي تحقق استفادة حقيقية للمجتمعات والدول، ولا يوجد نموذج أبرز من النموذج الذي نحن فيه في اللحظة الراهنة التي تعبر عن أهمية الشراكة والعلاقة ما بين الدول والمجتمعات وكذلك مراكز الدراسات، نحن في النسخة الحالية من مؤتمر المناخ “كوب 27” على الأراضي المصرية، ويوجد في هذه الجلسة ثلاث مراكز بحوث كنماذج من مراكز البحوث والدراسات المشاركة هي الأخرى في أعمال القمة، ومراكز البحوث المشاركة حاضرة بكيانات وأجنحة حاضرة في القمة منذ اللحظة الأولى إلى نهايتها، ولها منتجات علمية وبحثية في هذا الإطار.

وأشار المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى أن كوب 27 حرص كذلك على أن تكون مراكز الدراسات حاضرة بكوادرها البحثية من الشباب وغيرهم ليكونوا على اطلاع وتفاعل واشتباك مع ما يُطرح في مؤتمر هو الأهم في قضية البيئة والمناخ، وتتاح لهم مساحة من النقاش وطرح الأفكار وتبادل ما يمكن الاستفادة منه في المستقبل، مؤكدًا أن هذا النموذج الراهن هو ما يمكن البناء عليه وما يجب التمسك به؛ فبالإضافة إلى الحرص دائمًا على استشراف المستقبل وطرح مجموعة من الأفكار الجديدة التي تخدم المجتمعات والدول، تكون هناك عمليات ترابط وتعاون صحي بين مراكز الدراسات والفكر المختلفة مثل الحالة الراهنة بوجود مراكز مصرية مع مركز إماراتي مع مراكز دولية أخرى. مبينًا أنه بما أن دولة الإمارات تستضيف النسخة القادمة من قمة المناخ، فالشهور المقبلة قد تشهد تعاونًا وعملًا مشتركًا مصريًا إماراتيًا حتى تتسلم الإمارات هذا الملف من الإدارة المصرية، والكل مدعو إلى هذه الساحة للعمل والمشاركة والبحث للحد من ظاهرة التغير المناخي التي تتسارع أحداثها بشدة وباتت قضية وجودية تشمل وتهم الجميع.

وتعقيبًا على النقاش، جاءت مجموعة من التساؤلات من جهة الحضور، تعلق أولها بالتساؤل حول المدن المرنة والمناخ والذي تم توجيهه إلى اللواء محمد عبد المقصود. وأجاب في هذا الشأن أن المدن المرنة هي المدن التي لديها القدرة على التكيف في مواجهة الكوارث الطبيعية من خلال تعزيزها بأدوات الاتصال والإنذار المبكر. وقد تمّ اعتماد مدينة شرم الشيخ مدينة مرنة بجانب ثمانية مدينة في شرم الشيخ، من خلال طلب تقدمت به مصر إلى الأمم المتحدة. ومن المأمول أن تعتمد هذه المدن كنماذج إفريقية قابلة للتعميم. 

بينما تعلق ثاني هذه التساؤلات بمؤشرات المستقبل وعن السيناريوهات المستقبلية فيما يتعلق بالمناخ، بعد الذي عرض من قضايا وكوارث بيئية، فهل هناك احتمالية للتفاؤل بشأن المستقبل. وأجاب على هذا التساؤل الدكتور فتوح هيكل، حيث أشار إلى أهمية الدراسات المستقبلية في وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل. وأشار فيما يتعلق بقضايا المناخ، أن هناك مبادرات مطروحة من قبل الدول العربية لمواجهة تحديات التغيرات المناخية، إذ أصدرت المملكة العربية السعودية المبادرة الخضراء هذا بالإضافة إلى المبادرة الإماراتية للحياد المناخي، فضلًا عن الاستراتيجية المصرية لمواجهة التغيرات المناخية. وأكد على أهمية دور مراكز الفكر في توقع والاستعداد للمستقبل. 

وانصرف السؤال الثالث إلى آفاق التعاون بين المراكز البحثية خاصة مع تعدد أبعاد الظاهرة المناخية، إذ إن الجوانب العلمية والفنية تفرض على المراكز البحثية ضرورة التعاون، وهو ما أجاب عليه الدكتور خالد عكاشة بحتمية التعاون الشامل بين كافة المراكز والتخصصات؛ فالتغير المناخي يشمل المتخصصين في قضايا التصحر والتربة والمياه والاجتماع والقضايا الديموغرافية، وهذا التشابك والتنوع في المفاهيم والقضايا يفرض بدوره حتمية التعاون بين مختلف المراكز البحثية.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى