
المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية يناقش حاضر ومستقبل الخطاب الإعلامي الدولي حول القضايا البيئية في كوب 27
عقد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في الخامسة من مساء اليوم التاسع من نوفمبر 2022، جلسة حوارية تحت عنوان “الخطاب الإعلامي الدولي حول القضايا البيئية: بين الحاضر والمستقبل”، ضمن الجلسات الحوارية والحلقات النقاشية التي ينظمها المركز في “WYF Platform” بالمنطقة الخضراء، في اليوم الثاني لانطلاق فعاليات مشاركة المركز في مؤتمر قمة المناخ “كوب 27” بمدينة شرم الشيخ تحت اسم “رؤي مصرية”.
أدار هذه الجلسة الأستاذ أشرف أمين، رئيس القسم العلمي في مجلة الأهرام العربي، وشارك فيها كل من:
- جميلة محمد: وهي صحفية كينية لديها أكثر من 20 عامًا من الخبرة في الصحافة الإذاعية، وتعمل حاليًا مديرة للتحرير في قناة “Citizen Television Kenya”، وعملت سابقًا في مجموعة “نيشن ميديا”الإعلامية لمدة 17 عامًا، وكانت جزءًا من فريق الصحفيين الحائزين على جائزة أفضل صحفي استقصائي لعام 2021 و2022، وتدرس حاليًا للحصول على درجة الماجستير في القيادة الإعلامية والابتكار من جامعة “آغا خان”.
- يوفريدا هو: وهي صحفية مستقلة من جنوب إفريقيا، تشارك في تغطية فعاليات قمة المناخ لصالح موقع “Daily Maverick”، وتغطي مجموعة واسعة من الموضوعات في عملها، بما في ذلك البيئة وقضاياها المتقاطعة المختلفة.
- د. آلاء فوزي: وهي أستاذ مساعد بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وعضو مجلس إدارة مركز أبحاث المرأة والإعلام. بالإضافة إلى ذلك، هي قائدة فريق المحتوى الإعلامي في منتدى شباب العالم، ومدربة في الأكاديمية الوطنية للتدريب، ومحاضرة زائرة في أكاديمية ناصر العسكرية العليا.
الموضوع الرئيس لهذه الجلسة كان دور وسائل الإعلام في التوعية بالقضايا البيئية، حيث تحتفظ هذه الوسائل بدور أساسي في تشكيل الخطاب العام حول تغير المناخ، والقضايا البيئية، والعمل المناخي، ويمكن أن تكون وسائل الإعلام بمثابة سلاح ذو حديث فيما يتعلق بتغير المناخ: فهي من جهة تتمتع بالقدرة على حشد الدعم العام للحلول والاستجابات الصديقة للبيئة، ومن جهة اخرى يمكن استخدامها أيضاُ للقيام بعكس ذلك تمامًا.
تمحورت هذه الجلسة حول ثلاث أفكار رئيسة: الفكرة الأولى هي مناقشة دور وسائل الإعلام في معالجة تغير المناخ، والفكرة الثانية هي تناول التغطية الإعلامية لقضايا المناخ إلى جانب كيفية تطوير قواعد الممارسة الإعلامية للإبلاغ عن قضايا المناخ، أما الفكرة الثالثة فتمحورت حول تعزيز دور الإعلام في مواجهة تغير المناخ.
بدأ الحوار في هذه الجلسة بطرح تساؤل حول ثلاثة ملفات رئيسة متعلقة بالمناخ: الأول هو ملف الوعي بالقضايا المناخية، والثاني هو طبيعة المفاوضات المناخية الجارية وكيفية إيضاح مساراتها للجمهور، والثالث هو كيفية الحفاظ على كوكب الأرض في حالة مناخية مستقرة للأجيال القادمة.
فيما يتعلق بالملف الأول، تحدثت الصحفية الكينية بداية عن ضرورة أن تعلم الشعوب في الدول النامية أن التغير المناخي هو من الأسباب الأساسية لعدم تمكنهم من الحصول على الغذاء الكافي والظروف المعيشية الملائمة، فالزراعة لم تعد كما كانت في السابق -خاصة في أفريقيا- بسبب التغيرات الكبيرة في نسب هطول الأمطار. وأكدت الصحفية على ضرورة شرح هذا الوضع للشعوب، وهو ما تفعله هي زملاؤها في كينيا عبر السفر إلى القرى الكينية النائية، وإفشاء الوعي بخطورة التغيرات المناخية وتأثيراتها الحادة على معيشة الناس، علمًا بأنه في كينيا نحو 49 لغة، يقوم نشطاء المناخ بترجمة الملفات والإرشادات التوعوية حول المناخ إليها من اللغة الأساسية في كينيا وهي السواحلية.
من جانبها، قالت الصحفية الجنوب أفريقية يوفريدا هو إن الدول الأفريقية بشكل عام تواجه نقصًا حادًا في المياه، ونسبًا عالية من التلوث، بجانب آثار سلبية أخرى تشكل حسب رأيها دافعًا كي تقوم الصحافة بالعمل على الضغط المستمر لإيجاد التمويل اللازم لعلاج الآثار السلبية للتغير المناخي، والذي كانت الدول المتقدمة سببًا رئيسًا فيه. وأضافت في هذا الصدد أن الإعلام والصحافة يدفعان من جانبهما للتوجه نحو التنمية المستدامة، وتحويل أولويات الحكومات لتصبح موجهة نحو معالجة الآثار التي خلفها التغير المناخي على الشعوب والطبقات الفقيرة.
بعد ذلك وجه مدير الجلسة إلى الدكتورة آلاء فوزي، سؤالًا حول ماهية الموقع الذي يحتله التغير المناخي في أجندة التغطية الإعلامية. أجابت الدكتورة آلاء أن المشكلة الرئيسة فيما يتعلق بالمناخ تبقى في حجم الوعي المتوفر حول قضاياه، وذكرت أنها قابلت خلال قمة المناخ أحد الحاضرين، ويبلغ من العمر 23 عامًا، وقد ذكر لها أنه لا يعرف لماذا يتم اعتبار قمة المناخ مهمة بالنسبة للعالم، ولماذا يتم اعتبار تغير المناخ بمثابة مشكلة دولية، وهو ما يعد دليلًا من ضمن دلائل عديدة على مشكلة ضعف الوعي بقضايا المناخ -خاصة في أوساط الشباب- وبالتالي يجب العمل على زيادة حجم الوعي بهذه القضايا، وتبسيط طرق عرض التفاصيل المتعلقة بهذه القضايا قدر الإمكان.
عقب ذلك عادت الكلمة للصحفية الكينية، حيث أجابت ردًا على سؤال حول ما تراه أساسيًا حاليًا فيما يتعلق بقضية المناخ، بالقول إن ملف تعويض الخسائر والأضرار الناجمة عن التغير المناخي هو الأولوية الأفريقية في الوقت الحالي، حيث تعاني معظم الدول الأفريقية والآسيوية من أضرار كبيرة وبالغة، يجب تعويضها بالقدر الكافي. وأضافت أن البحث الآن يتمحور حول إيجاد مصادر التمويل اللازمة، خاصة أن بعض الآمال باتت معقودة على المناقشات الجارية حاليًا في قمة المناخ، رغم أن ملف التعويضات تم طرحه خلال قمم سابقة للمناخ ولم يشهد أي تحرك.
انتقل الحديث بعد ذلك للحديث عن دور الإعلام فيما يتعلق بالتوعية بخصوص التغير المناخي، فقالت الصحفية الجنوب أفريقية إن منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام يبقى دورها مهمًا في هذه المرحلة، ويجب على الجميع العمل بشكل متزامن ومكثف لمواجهة أزمة التغيرات المناخية التي تتصاعد بشكل مطرد، وهذا لن يتوفر إلا في حالة ما إذا تم منح وسائل الإعلام الحرية الكاملة في نشر ما تريده من تحليلات وآراء حول التغير المناخي دون قيود أو تضييق.
وردًا على سؤال حول ما إذا كان من الضروري أن تفهم الشعوب كافة الجوانب التقنية المتعلقة بالمناخ، وماهية دور وسائل الإعلام في هذا الإطار، قالت الدكتورة آلاء فوزي إن الإعلام يجب أن يتناول الجوانب التقنية من ملف تغير المناخ، مشيرة إلى أنها وزملاءها في الجامعة قاموا بالبحث في كافة جوانب التغير المناخي، بما في ذلك الجانب التقني، وليس فقط الجانب الإعلامي. في حين ردت الصحفية الكينية على هذا السؤال بالقول إنه يجب ان يفهم الصحفيون جيدًا ما يكتبونه بشأن المناخ، خاصة على الجانب التقني، والأهم أن ينجحوا في إيصال المعلومة الصحيحة للمتلقي. أما فيما يتعلق برأي الصحفية الجنوب أفريقية في هذا الإطار، فقالت إنه ليس من الضروري تناول الجوانب التقنية فيما يتعلق بالتغير المناخي بحذافيرها، بل يمكن تبسيط هذه الجوانب بحيث يفهمها المتلقي بشكل سلسل.
انتقل الحديث بعد ذلك إلى “صحافة الحلول”، حيث سأل مدير الجلسة حول مدى استخدام هذه الطريقة الصحفية من جانب الضيوف في تغطياتهم للشأن المناخي، فأجابت الصحفية الجنوب أفريقية أنها تعتقد أن هذه الطريقة بناءة للغاية في التناول الصحفي، لأنها تتعلق بإيجاد حلول للكوارث البيئة وليس فقط عرض هذه الكوارث أو شرحها. من جانبها، رأت الصحفية الكينية أنه يجب النظر لكافة جوانب الملف المناخي عند تغطيته صحفيًا، بحيث لا يلجأ الصحفي إلى التناول السطحي او السريع لهذا الملف، بل يجب أن يكون هذا التناول شاملًا ومتأنيًا في آن واحد؛ بهدف طرح حلول وبدائل واقعية لحل مشاكل هذا الملف، مشيرة إلى أنها تستخدم الوسائل الرقمية والمواد القصيرة باللغتين الإنجليزية والسواحلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، للوصول إلى أكبر شريحة ممكن من الجمهور.
في نهاية الجلسة، تم فتح باب الأسئلة للجمهور الحاضر لها، فتم طرح عدة أسئلة تمحورت حول أهداف مؤتمر المناخ لهذا العام، ودور الإعلام في مواجهة التغير المناخي، والعلاقة بين السياسة والصحافة المناخية. من جانبها اتفقت الصحفية الجنوب افريقية على أن مصطلح “قمة المناخ” يبدو غامضًا ومبهمًا للبعض، خاصة أن المناقشات فيه تتم خلف الأبواب المغلقة، ورأت أنه يجب أن تتم مؤتمرات المناخ بشفافية أكبر، مشيرة إلى أن دور الصحفيين يلزمهم بالمثابرة على إيجاد الحقائق حول تفاصيل المناقشات التي تدور داخل القمة. من جانبها، قالت الصحفية الكينية إن الروابط بين السياسة والصحافة المناخية موجودة، لكنها تتمحور حول حاجة السياسيين للصحفيين كي يقوموا بتغطية المبادرات الحكومية المتعلقة بالمناخ.
بالنسبة لدور الإعلام في مواجهة التغير المناخي، رأت الصحفية الجنوب أفريقية أن مواقع التواصل الاجتماعي -رغم قوتها الهائلة- تمتلئ بالمعلومات المضللة المتعلقة بالمناخ، وترى أنه يجب تمحيص وبحث هذه المعلومات كي يتم زيادة الوعي الجمعي وتخفيض حدة التضليل، مشيرة إلى انها من جانبها تقوم ببث تسجيلات توعوية حول المناخ على تطبيق “تيك توك”.