دول الخليج العربي

نص كلمة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمام قمة جدة للأمن والتنمية

ألقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الكلمة الافتتاحية لقمة جدة للأمن والتنمية بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن وقادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن، مشددًا خلالها على أن القمة تأتي في وقت تواجه فيه المنطقة والعالم تحديات مصيرية كبرى تستدعي مواجهتها تكثيف التعاون المشترك، وتضافر الجهود الدولية لتعافي الاقتصاد العالمي وتحقيق الأمن الغذائي والصحي.

وفيما يلي نص الكلمة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو؛ أرحب بكم في المملكة العربية السعودية وأنقل لكم تحيات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وتمنياته لقمتنا هذه بالنجاح.

إن اجتماعنا اليوم يأتي في الوقت الذي تواجه فيه منطقتنا والعالم تحديات مصيرية كبرى تستدعي مواجهتها تكثيف التعاون المشترك في إطار مبادئ ميثاق الأمم المتحدة التي تقوم على احترام سيادة الدول وقيمها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام استقلالها وسلامة أراضيها، ونأمل أن تؤسس قمتنا هذه لعهد جديد من التعاون المشترك لتعميق الشراكة الاستراتيجية بين دولنا والولايات المتحدة الأمريكية لخدمة مصالحنا المشتركة وتعزيز الأمن والتنمية في هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، إن التحديات الكبرى التي تعرض لها العالم مؤخرًا بسبب جائحة كوفيد 19 والأوضاع الجيوسياسية تستدعي مزيدًا من تضافر الجهود الدولية لتعافي الاقتصاد العالمي، وتحقيق الأمن الغذائي والصحي.

كما أن التحديات البيئية التي يواجهها العالم حاليًا وعلى رأسها التغير المناخي، وعزم المجتمع الدولي على إبقاء درجة حرارة الأرض وفق المستويات التي حددتها اتفاقية باريس تقتضي التعامل معها بواقعية ومسؤولية تحقيق التنمية المستدامة من خلال تبني نهج متوازن وانتقال متدرج ومسؤول نحو مصادر طاقة أكثر ديمومة يأخذ في الحسبان الظروف وأولويات كل دولة. 

إن تبني سياسات غير واقعية لتخفيض الانبعاثات من خلال إقصاء مصادر طاقة رئيسة دون مراعاة الأثر الناتج عن هذه السياسات في الركائز الاجتماعية والاقتصادية للتنمية المستدامة وسلاسل الامداد العالمية سيؤدي في السنوات القادمة إلى تضخم غير معهود وارتفاع في أسعار الطاقة وزيادة البطالة وتفاقم مشاكلات اجتماعية وأمنية خطيرة؛ بما في ذلك تزايد الفقر والمجاعات وتصاعد الجرائم والتطرف والإرهاب.

إن النمو الاقتصادي العالمي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاستفادة من جميع مصادر الطاقة المتوفرة في العالم، بما فيا الهيدروكربونية مع التحكم فبي انبعاثاتها من خلال التقنيات النظيفة مما يعزز إمكانية وصول العالم إلى الحياد الصفري في عام 2050 أو ما قبلها.

ولذلك، تبنت المملكة نهجًا متوازنًا للحياد الصفري لانبعاثات الكربون بإتباع نهج اقتصادي دائم للكربون بما يتوافق مع خططها التنموية بتمكين تنوعها الاقتصادي دون تأثير في النمو وسلاسل الامداد مع تطور التقنيات بمشاركة عالمية لمعالجة الانبعاثات من خلال مبادرتي السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر لدعم تلك الجهود المحلية والإقليمية.

كما نؤكد على أهمية مواصلة ضخ الاستثمارات في الطاقة الأحفورية والتقنيات النظيفة وتشجيع ذلك على مدى العقدين القادمين لتلبية الطلب المتنامي عالميًا، مع أهمية طمأنة المستثمرين بأن السياسات التي يتم تبنيها لا تشكل تهديدًا لاستثماراته لتلافي امتناعهم عن الاستثمار وضمان عدم حدوث نقص في امدادات الطاقة والتي من شأنها أن تؤثر على الاقتصاد العالمي.

وستقوم المملكة بدورها في هذا المجال؛ حيث إنها أعلنت عن زيادة طاقتها الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يوميًا، وبعد ذلك لن يكون لدى المملكة أي قدرة إضافية لزيادة الإنتاج.

أصحاب الجلالة والفخامة؛ إن مستقبل الطاقة يتطلب تبني رؤية واضحة للأولويات لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار وترتكز على الاحترام المتبادل بين دول المنطقة وتوثق أواصر ثقافية واجتماعية مشتركة، ومجابهة التحديات الأمنية والسياسية نحو تحقيق تنمية اقتصادية شاملة.

وندعو إيران باعتبارها دولة جارة يربطنا بشعبها روابط دينية وثقافية إلى التعاون مع دول المنطقة والتي تكون جزء من هذه الرؤية من خلال الالتزام بالمادة الشرعية الدولية وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والوفاء بالتزاماتها في هذا الشأن. 

ولرؤية المملكة في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، فقد دعمت جميع الجهود الرامية للوصول لحل سياسي يمني-يمني وفقًا للمرجعيات الثلاث. كما بذلت المملكة مساعيها لتثبيت الهدنة الحالية، وستستمر في توفير المساعدات الإنسانة للشعب اليمني الشقيق.

ونؤكد أن ازدهار المنطقة ورخائها يتطلب الإسراع لإيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية وفقًا لمبادرات وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

ويسرنا أن يشهد العراق مؤخرًا تحسنًا في أمنه واستقراره بما ينعكس على شعبها الشقيق بالرخاء والازدهار وتفاعلها الإيجابي مع محيطها العربي والإقليمي

ومن هذا المنطلق، فإننا نشيد بتوقيع اتفاقية الربط الكهربائي بين المملكة والعراق وكذلك مع دول مجلس تعاون الخليج العربي بما يسهم في توفير حاجة العراق من الكهرباء، كما ننوه بمشاريع الربط الكهربائي الجاري تنفيذها بين المملكة وكلٍ من مصر والأردن. وأن اكتمال منظومة الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة يتطلب إيجاد سياسية وواقعية للأزمات الأخرى لا سيما في سوريا وليبيا بما يكفل انهاء معاناة شعبيهما الشقيقين.

أصحاب الجلالة والفخامة إننا متفائلون أن تؤدي هذه القمة إلى وضع إطار شامل لمرحلة جديدة نبعث فيها الأمل لشباب وشابات المنطقة لمستقبل مشرق يتمكنون فيه من تحقيق آمالهم، ويقدمون للعالم رسالتنا وقيمنا النبيلة التي نفتخر بها ولم نتخلى عنها، ونتمنى من العالم احترامها كما نحترم القيم الأخرى بما يعزز شراكتنا ويخدم المنطقة والعالم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى