
انطلاقًا من دعمها لمحيطها الأفريقي.. مصر تهدي أوغندا محطة توليد كهرباء بالطاقة الشمسية
كشفت الهيئة العربية للتصنيع عن تفاصيل إهداء مصر لمحطة طاقة شمسية لأوغندا بمقاطعة ” تورورو” كانعكاس لقوة العلاقات بين البلدين وفي إطار حرص القاهرة على تعميق علاقاتها بمحيطها الأفريقي.
وحسب تصريحات المهندسة ” غادة الجندي” المدير التنفيذي للشركة العربية للطاقة المتجددة فإن الدراسات استغرقت ثلاثة أشهر، لكشف طرق تثبيت المحطة طبقًا للتربة المقامة عليها، وعمليات البناء والتنفيذ التي استغرقت 5 أشهر رغم أزمة كورونا وموسم الأمطار، حيث أشارت إلى أن المحطة جاهزة بالفعل للإنتاج وستشكل فرقًا كبيرًا بالنسبة لأوغندا. وفي نفس الإطار تحرص الهيئة العربية للتصنيع على تبادل الخبرات وتدريب العمالة الفنية بدولة أوغندا على أعمال الصيانة والمتابعة المستمرة.
وفي اتجاه التعاون مع أوغندا، وقعت القاهرة مع كامبالا اتفاقية تعاون استخباراتي وعسكري، حيث أن الاتفاقية الموقعة هي نتيجة لاجتماع بين مسؤولين من البلدين استضافته القاهرة في ديسمبر الماضي. وتؤسس الاتفاقية لاستمرار التعاون بين الدولتين في مجال تبادل المعلومات على أساس منتظم، وهو أمر ضروري لمكافحة الإرهاب والجرائم الأخرى.
وتأتي المحطة الموجودة في أوغندا، ضمن مبادرة مصر لتنفيذ مشروع كبير لإقامة محطات توليد كهرباء من الطاقة الشمسية في دول حوض النيل، لدعم تلك الدول في تنمية اقتصاداتها وإيمانًا من مصر بوجوب دعم مصر لمحيطها وشركائها الأفارقة. إذ تسعى القاهرة لتلبية احتياجات السوق المصرية والأفريقية من الطاقة الشمسية.
وحسب الهيئة العربية للتصنيع وهي الجهة المنفذة للمشروع، فإن المحطة تم تأسيسها للعمل بنظام الخلايا الكهربائية” الفوتوفولتية” وهي ألواح لتوليد الطاقة الكهربائية عبر الشمس ومُصنعة محليًا داخل مصر، وجرى تصميم المحطة لتعمل بقدرة 4 ميجاوات. وفي هذا السياق يجري التنسيق بين وزارتي الخارجية والكهرباء والطاقة المتجددة المصريتين، مع العديد من الدول الأفريقية، وبالتحديد “دول حوض النيل” من أجل تنفيذ محطات الطاقة الشمسية.
وفي نفس الإطار تم توقيع العقود مع دولة إريتريا لتنفيذ مشروعات طاقة نظيفة، وجاري العمل حاليًا على إنتاج المهمات الخاصة بتنفيذ المحطة حالياً. وأشارت الهيئة العربية للتصنيع أن هناك تنسيق مع دول الكونغو لتنفيذ مشروع للطاقة الشمسية بها أيضًا، بخبرات مصرية ذاتية كاملة.
ويتم تنفيذ المشروع في أي دولة من خلال عدة خطوات وهي، معاينة الأرض، وإجراء دراسات بيئية و”جيو تقنية”، ليتم تحديد طبيعة التربة والسطوع الشمسي، واتجاهها. ومن ثم يتم العمل على تصميم المحطة كهربائيًا وميكانيكيًا، لتغذية منطقة بعينها، أو ربطها على الشبكة الوطنية للكهرباء، مثلما حدث مع دول أوغندا على سبيل المثال.
أهمية الطاقة المتجددة وخصوصية الحالة الأفريقية
تسعى مصر للاستثمار في إنتاج الطاقة المتجددة كجزء من رؤيتها الشاملة 2030 ووعيًا منها، بأن الطاقة النظيفة والمتجددة هي مشروعات لها أهمية كبرى في “مزيج الطاقة” المستخدم في أي دولة، وهو ما يعرف في علم الطاقة بمصادر الحصول على الطاقة، سواء كان “وقودًا أحفوريًا” مثل الغاز والسولار أو طاقة جديدة ومتجددة مثل مشروعات الطاقة الشمسية والرياح، أو المحطات النووية.
ويشير الاتجاه العالمي حاليًا للاهتمام بـ “الطاقة الصديقة للبيئة”، مثل الطاقة الشمسية، مع الأخذ بالاعتبار امتلاك مصر ودول أفريقيا لفترة سطوع شمسي كبيرة يمكن استغلالها في إنتاج الطاقة الكهربائية. وعلاوة على ما تقدم فإن الطاقة النظيفة تتميز بعدم خروج ملوثات منها للبيئة، فضلاً عن عدم وجود تغير مفاجئ في أسعارها، مثلما يحدث في “الوقود الأحفوري”.
ويشير التقرير الصادر عن بنك التنمية الأفريقي، إلى إن مصر حققت عدة طفرات اقتصادية خلال الفترة الماضية أهمها التحول لمركز إقليمي للطاقة، وتجاوز طاقتها الإنتاجية للكهرباء حاجز 45 جيجاوات، أي ما يعادل خمس الطاقة الإجمالية المنتجة بأفريقيا.
كما ورد في تقرير البنك أيضًا أن مصر حققت أيضا استثمارات ملحوظة في قطاع الطاقة خلال الفترة الماضية، وساهم البنك في تمويل العديد من المشروعات في مجال الطاقة في مصر، بشقيها المتجددة وغير المتجددة، متوقعًا استمرار النجاحات في هذا القطاع.
وجاء في تقرير البنك أن مصر نفذت نحو 169 مشروعًا في مجال الكهرباء بتكلفة إجمالية تقدر بحوالي 308 مليارات جنيه، كما ساهمت في زيادة القدرات الكهربائية للشبكة القومية لكهرباء مصر إلى 52 ألف ميجاوات، بحسب الكتاب الصادر عن مجلس الوزراء في سبتمبر الماضي.
وفي نفس التقرير الصادر عن بنك التنمية الأفريقي، تمت الإشارة إلى أن البنك شارك في تمويل أكثر من 100 مشروع في مصر، وأنه خلال العقد الماضي فقط وافق على المشاركة في تمويل 42 مشروعًا بقيمة تتجاوز 2.5 مليار دولار. وتبلغ محفظة البنك في مصر حاليًا نحو3 مليارات دولار، موزعة على 31 مشروعًا، من أهمها دعم برنامج الحكومة الاقتصادي والاجتماعي. وأشار التقرير إلى أن دعم البنك ساهم بشكل كبير في تمهيد البيئة الاستثمارية في مصر، ما أدى إلى تصدر مصر قائمة الدول الأفريقية في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقد جاءت ستة اقتصادات أفريقية ضمن أسرع عشرة اقتصادات نموًا في عام 2018 وفقًا لبيانات البنك الدولي، وبالنظر إلى العدد الكبير والمتزايد للسكان في القارة فمن المتوقع أن يتضاعف الطلب على الطاقة بحلول عام 2040.خصوصًا أن أفريقيا تتمتع بموارد كبيرة من الطاقة المتجددة، وهي في وضع يمكنها من اعتماد تكنولوجيات مبتكرة ومستدامة ولعب دور رائد في العمل العالمي لتشكيل مستقبل للطاقة المستدامة.
وتقلل حلول الطاقة المتجددة النظيفة والمحلية التكلفة للقارة السمراء، وتزيد فرص تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والمناخية في حين أن التنمية والاستخدام المستدامين لثروات القارة الضخمة، والطاقة الحرارية الأرضية، والكهرومائية والشمسية وطاقة الرياح يمكن أن تغير الحقائق على الأرض بسرعة. خاصة مع الانخفاض السريع في تكلفة الألواح الشمسية والتحسينات في كفاءة بطاريات أيونات الليثيوم.
كما أدى الاستخدام المتزايد لمدفوعات الهاتف المحمول، إلى تسهيل إجراءات التأجير لوحدات الطاقة الشمسية أو الملكية بسهولة تنافسية، من حيث التكلفة مع الكيروسين وأكثر كفاءة من المولدات التي تعمل بالديزل.
وتتصل الوحدات، أيضًا، بشبكة الهاتف المحمول لخدمة أكبر قطاع في المدن، ما يجعلها سوقاً ضخمًا لوحدات الطاقة الشمسية، فالهدف لم يعد تلبية طلب استهلاك الطاقة، ولكن دعم عدد من الشركات التي تعاني طاقة غير مستقرة ولا يمكنها تحمل الفوضى الناجمة عن ذلك.
وعلى حافة المدن، يتصل الكثير من الناس بشبكة الكهرباء الحكومية، لكنها لا تفعل الكثير من أجلهم، في حين أن أنظمة الطاقة الشمسية والبطارية يمكن أن توفر الكهرباء للشركات الصغيرة والأسر الحضرية، فضلاً عن النمو الصناعي في المدن الأفريقية الذي يتطلب الكثير من الطاقة بكميات أكبر وبسعر تنافسي.
وفي هذا الإطار، فإن الإمداد المستقر للطاقة أمر بالغ الأهمية لمساعدة الشركات الصغيرة في دول أفريقيا من حيث عدد السكان، في وقت لا يزال العديد من الشركات الصغيرة تفتقر إلى إمكانية الوصول لإمدادات مستقرة من الكهرباء، حتى في المناطق التي تغطيها الشبكة الكهربائية في البلاد.
ولذلك يأمل مصنعو الألواح والبطاريات الشمسية في حل هذه الأزمة، من خلال توفير وحدات مستقلة يمكنها أن تحل محل مولدات الديزل وتزويد الشركات الصغيرة بقدرة آمنة على تعويضها عن الأوقات التي تتوقف فيها الشبكة عن العمل. وعلى سبيل المثال فإنه وفى حين أن 60% من سكان نيجيريا يمكنهم الوصول إلى شبكة الكهرباء، فإن 33% فقط يمكنهم الحصول على كهرباء بوتيرة مستقرة.
الوضع في أفريقيا
تعد زيادة فرص الحصول على موارد طاقة موثوقة وميسورة التكلفة ونظيفة أولوية رئيسية لا سيما في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث لا يزال نحو 600 مليون شخص لا يحصلون على الطاقة، ويمثلون 48% من سكان القارة البالغ عددهم حوالي 1.2 مليار نسمة وفقاً لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ولذلك فإن العمل في توفير الطاقة المستدامة يأتي في طليعة خطط التنمية للدول الأفريقية، مع الاعتراف بدورها الرئيسي في تحقيق جميع الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة للتخفيف من وطأة التكيف مع تغير المناخ.
وتشير التقارير إلى أن أفريقيا يمكن أن توفر أكثر من ربع احتياجاتها من الطاقة المتجددة الأصلية والنظيفة بحلول عام 2030، كما يمكن أن توفر المصادر المتجددة 310 جيجاوات هي نصف القدرة الإجمالية لتوليد الكهرباء في القارة.
وهذا التطور سيخلق معه قيمة اقتصادية إضافية ويؤدي لتحسين خدمات الرعاية الصحية خاصة في المناطق النائية، كما أنها ستدعم كذلك تمكين المرأة التي تمثل 35% من القوى العاملة بمجال الطاقة المتجددة، والتي سيصبح دورها أكثر بروزًا لاسيّما من خلال استخدام منتج للطاقة المتجددة.
باحث أول بالمرصد المصري