أوروبامصر

ترسيخ العلاقات … القاهرة وبودابست تؤسسان جسر أوروبا -أفريقيا

ربما كان العنوان الأساسي لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أنهاها اليوم للعاصمة المجرية بودابست هو حضوره قمة تجمع “فيشجراد”، الذي يعد التكتل السياسي والاجتماعي والثقافي لدول وسط أوروبا، وأحد القوى المؤثرة داخل الاتحاد الأوروبي، لكن يمكن القول أن العلاقات المصرية – المجرية كانت من أهم ملفات هذه الزيارة، التي حرصت مصر من خلالها على حصد جملة من المكاسب على كافة المستويات.

حضور الرئيس السيسي هذه القمة، تعد مشاركته الثانية من نوعها، بعد مشاركته في قمة عام 2017، ليصبح بذلك أول رئيس لدولة شرق أوسطية يتم دعوته لحضور هذه القمة، التي لم يسبق أن حضرتها دول خارج تجمع “فيشجراد” سوى ألمانيا واليابان. هذا الحضور كان بدعوة رسمية من الحكومة المجرية، وتحديدًا من رئيس الوزراء المجري “فيكتور أوربان”، وكانت هذه الدعوة بمثابة تأكيد إضافي على تعاظم قيمة مصر ودورها الإقليمي والدولي، في ناظري جمهورية المجر، التي تعد من أهم دول وسط أوروبا، خاصة على المستوى الاقتصادي.

مصر والمجر … علاقات تاريخية غاية في التميز

بدأت العلاقات بين البلدين في التعاضد بشكل كبير من خلال زواج الخديوي عباس حلمي الثاني من الكونتيسه المجرية النمساوية “ماريان توروك فون سيندرو” عام ١٩١٠، واستقرارها في مصر واعتنقاها الإسلام. وبعد انفصال المجر عن الإمبراطورية النمساوية المجرية عام ١٩٢٨، بدأت العلاقات الدبلوماسية رسميًا بين الدولتين، حيث كانت مصر أول دولة عربية تفتتح فيها المجر بعثة دبلوماسية عام ١٩٣٩، في حين أرسلت مصر سفيرها الأول إلى بودابست عام ١٩٤٨.

خلال الحقبة السوفيتية، تنامت العلاقات المصرية المجرية بشكل كبير، فضلًا عن زيادة حجم التبادل التجاري، حيث استوردت مصر من المجر الميكنة الحديثة والميكنة الزراعية، وإبان الحقبة الشيوعية توافد الطلاب المصريون على الجامعات المجرية لدراسة العلوم والرياضيات والهندسة والطب والزراعة، فقد تخرج في الجامعات المجرية نحو ٦٠٠ طالب منهم عدد من كبار الأساتذة الجامعيين المصريين الذين تقلدوا مناصب رفيعة في المجر وقامت الدولة المجرية بتكريمهم بأرفع الأوسمة.

خلال ستينيات القرن الماضي، كان للمجر مواقف صلبة داعمة لمصر وقيادتها آنذاك، المتمثلة في الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، خاصة قبيل وبعد نكسة عام ١٩٦٧، ففي مايو ١٩٦٧، وجه الرئيس المجري “بال لوشونتسي” رسالة إلى الرئيس عبد الناصر أعرب له فيها عن كامل دعمه لمصر، وفي اليوم التالي للنكسة، أصدرت الحكومة المجرية بيانًا أدانت فيه العدوان الإسرائيلي، وقامت في الثاني عشر من يونيو من نفس العام، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وأمدت في الشهر التالي مصر بخمسة أطنان من المساعدات الطبية.

استمرت العلاقات الجيدة بين القاهرة وبودابست في فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، وبدأت في التصاعد بشكل أكبر في أكتوبر 2009، حين زار الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك العاصمة المجرية، وانعقد خلال هذه الزيارة المنتدى الثاني لمجلس الأعمال المصري المجرى المشترك، بحضور قرابة 40 رجل أعمال مجـرى، بجانب عقد مباحثات مشتركة حول الاستثمار في قطاعات اقتصادية مصرية مثل القطاع الزراعي وقطاع الطاقة. 

خلال العام التالي تم تدشين جمعية الصداقة البرلمانية المصرية – المجرية في مقر البرلمان المجري، واعتبارا من يوليو 2010، بدأت شركة مصر للطيران في تسيير سبع رحلات جوية أسبوعيًا إلى المجر، خاصة بعد أن تصاعد عدد السائحين المجريين القادمين إلى مصر، ووصل إلى نحو 65 ألف سائح يوميًا.

أما فيما يتعلق بالعلاقات المعاصرة بين البلدين، فقد شهدت العلاقات السياسية بينهما طفرة كبيرة خلال السنوات الماضية، وذلك في ضوء الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات، تمثلت أبرزها في زيارتي الرئيس عبد الفتاح السيسي للمجر عامي 2015 و2017، وزيارة يانوش أدير رئيس المجر لمصر في نوفمبر 2019، وزيارة رئيس وزراء المجر لمصر في 2016، وزيارة وزير الخارجية المصري للمجر في 2016، فضلا عن زيارتي وزير الخارجية والتجارة المجرى للقاهرة في نوفمبر 2015، وأغسطس 2016. 

وعلى الرغم من أن المجر ومنذ انضمامها للاتحاد الأوروبي تتبنى مواقف الاتحاد الأوروبي خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إلا أنها تحرص بشكل عام على اتخاذ مواقف متوازنة، وتتوافق مع رؤية مصر إزاء قضايا السلام في الشرق الأوسط وخطورة سياسة الاستيطان الإسرائيلية وضرورة وقفها. وتؤمن المجر أن استقرار مصر هو أفضل ضمان لاستقرار الشرق الأوسط، منطقة الجوار المباشر لأوروبا، وأعلنت دعمها الكامل لحصول مصر على مقعد في مجلس الأمن الدولي، وكذلك أيدت القاهرة بدورها ترشح المجر لعضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف عامي ٢٠١٦ – ٢٠١٧.

كذلك كانت المجر من أولى الدول الأوروبية التي أيدت ثورة الثلاثين من يونيو 2013 وما نتج عنها من تغيرات سياسية في مصر، وتكررت بشكل دائم إشادات المسئولين المجريين بالدور المصري على المستوى الإقليمي، بوصفها شريكًا استراتيجيا للمجر، يساعد في فتح أبواب أفريقيا، ولهذا كان حرص بودابست واضحًا في إدامة التشاور مع القاهرة، خاصة بعد تأسيس آلية دورية للمباحثات السياسية والاستراتيجية بين وزارتي الخارجية في كلا البلدين.

التعاون الاقتصادي الوثيق بين القاهرة وبودابست

كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن حجم التبادل التجاري بين مصر والمجر ارتفع في النصف الأول من عام 2021، إلى 201.1 مليون دولار، مقابل 138.5 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2020 بنسبة ارتفاع 45.2%. يضاف إلى ذلك وصول قيمة تحويلات المصريين العاملين بالمجر إلى 2.9 مليون دولار خلال العام المالي 2018/2019 مقابل 1.8 مليون دولار خلال العام المالي 2017/2018 بنسبة ارتفاع قدرها 61 %. 

وبالنسبة للصادرات المصرية إلى المجر، فهي تشمل القطن والخضراوات والفاكهة والإسمنت والأسمدة والسجاد والبذور والسيراميك والبلاستيك، أما الواردات المجرية إلى مصر، فتشمل المعدات الثقيلة والأجهزة والمولدات الكهربائية وعربات قطارات السكك الحديدية والزجاج والألومنيوم والكيماويات العضوية والمطاط والوقود.

هذه البيانات السالف ذكرها، توضح بجلاء أهمية المحور الأول من محاور زيارة الرئيس السيسي إلى بودابست، لأن الاهتمام المصري بالتعاون الاقتصادي مع المجر، يتزايد باضطراد نظرًا لما تتمتع به المجر من إمكانيات اقتصادية وتجارية واستثمارية ملموسة، حيث يزيد إجمالي ناتجها المحلى عن 206 مليار دولار، ويبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من الناتج المحلى حوالي 20 ألف دولار سنويا، وهو ما يفتح فرصًا أمام الصادرات المصرية للنفاذ إلى أسواقها والأسواق الأوروبية أيضًا.

على المستوى العام، يمثل تجمع “فيشجراد” سوقًا كبيرة وواعدة بالنسبة لمصر، إذ يبلغ عدد سكان تلك الدول مجتمعة نحو 64 مليون نسمة، والناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول نحو 8.1 تريليون دولار، فضلا عن الخبرات التي تتمتع بها في المجالات المختلفة كالسكك الحديدية والزراعة والري ومعالجة المياه والطاقة النووية والصناعات العسكرية، وهو ما يمكن الاستفادة منها، سواء في تنفيذ المشروعات القومية الجارية بمصر أو زيادة الصادرات المصرية لأسواق تلك الدول، علما بأن مصر طرحت سابقًا أفكارًا جارٍ بحثها لتفعيل التعاون الاقتصادي مع هذه الدول، منها إنشاء منطقة صناعية خاصة بدول التجمع في مصر، وكذلك إنشاء صندوق استثماري مشترك.

تلقت العلاقات الاقتصادية بين مصر والمجر، دفعة قوية وملحوظة عام 2018، بعد توقيع اتفاقية تأسيس مجلس الأعمال المصري المجرى، بهدف التعاون في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والسكك الحديدية وتنقية المياه ووحدات إنتاج مياه الشرب والأسمدة العضوية والزراعة ومعدات تزويد المنازل بالطاقة، وقد خصص بنك الاستيراد والتصدير المجري 100 مليون يورو لدعم إنشاء مشروعات مصرية مجرية في كل المجالات. كذلك شهد عام 2018 عقد الدورة الثالثة للجنة الاقتصادية المشتركة بينهما على المستوى الوزاري في القاهرة في يوليو 2018.

وقد أعقب هذا الاجتماع عدة اتفاقيات اقتصادية وتجارية مهمة، منها مشروع تمويل توريد 1300 عربة قطار لتطوير قطاع السكك الحديدية في مصر، وهي الصفقة التي تعد الأكبر في تاريخ هيئة السكة الحديد المصرية، إذ يقدر حجم هذه الصفقة التي يمولها بنك “إكزيم” المجرى، وتم توقيعها بين هيئة السكك الحديدية المصرية وشركة “ترانسماش” الروسية، الممثل للتحالف الروسي المجري، بـ مليار و16 مليونا و50 ألف يورو. ويتوقع أن يشهد التعاون بين البلدين في قطاع السكك الحديدية تطورًا أكبر خلال المدى المنظور، نظرًا لشروع القاهرة في مشروع ضخم لإعادة تأهيل جرارات السكة الحديدية، ونقل الخبرات الخاصة بهذه الصناعة إلى مصر.

يضاف إلى ما سبق، توقيع الجانبين منذ عام 2017 وحتى الآن على العديد من مذكرات التفاهم في مجالات عدة، مثل مجال التعاون الصناعي، والتعاون الجنائي الدولي خصوصًا في مجال تسليم المجرمين، والتعاون في قطاع النفط والغاز، والتعاون السياحي، بجانب مذكرة للتعاون الثقافي والتعليمي بين الجانبين، تقوم المجر بموجبه بتوفير 100 منحة سنويا للطلبة المصريين في المجالات العلمية المختلفة، منها 20 منحة ماجيستير. يتشارك كلا البلدين منذ عام 2009، مشروعًا متكاملًا لإنتاج الأمصال المضادة لإنفلونزا الطيور والخنازير، بجانب مشاريع أخرى تتعلق بالصناعات الطبية.

على المستوى العام، ترى دول تجمع “فيشجراد” في مصر، البوابة الأمثل لنفاذ سلعها ومنتجاتها نحو الأسواق العربية والأفريقية، في حين ترى مصر في دول التجمع، فرصًا اقتصادية كبيرة نظرًا لأنها دول صناعية تتمتع باقتصاديات متنوعة ومتقدمة، خاصة في المجال الصناعي، وهو ما يجعلها بحاجة للكهرباء والغاز الطبيعي، وهذا يمكن لمصر توفيره بشكل قد يفتح لها مستقبلًا سوقًا للمشتقات النفطية والغازية وسط أوروبا.

رسائل مصر من بودابست

خلال خطابه في قمة “فيشجراد”، وكذلك خلال المؤتمرات الصحفية المشتركة مع كل من رئيس الوزراء المجري “فيكتور أوربان”، والرئيس المجري “يانوش أدير”، كان واضحًا أن الرئيس السيسي لم يستهدف فقط من زيارته لبودابست دفع العلاقات الاقتصادية مع دول التجمع إلى الأمام، بل استهدفت أيضًا توثيق الصلة السياسية بدول التجمع، وبشكل خاص دولة المجر، التي من خلالها دعوتها مصر للمرة الثانية لهذه القمة، برهنت على نظرتها الإيجابية للقاهرة ودورها في المنطقة.

ذلك خاصة وأن الرئيس المجري يانوش أدير صرح خلال لقائه مع الرئيس السيسي أن “مصر تعد الشريك الاستراتيجي الأساسي للمجر في العالم العربي”، وثمن عدة خطوات مصرية على المستوى الداخلي والخارجي، منها التجربة المصرية الاقتصادية والتنموية، وكذلك الخطوات المصرية الأخيرة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، خاصة نجاح القاهرة في إنهاء التصعيد العسكري الأخير، وإطلاقها حملة لإعادة إعمار قطاع غزة. وهو ما تطلب إعراب الرئيس السيسي عن تقديره الكامل لدولة المجر، ودعمها على مدى السنوات الماضية لمصر، وثقتها الكاملة في قدرة القاهرة على المرور من الأزمات الصعبة التي واجهتها خلال الفترة بين عامي 2011 و2013. 

وستساهم دعوة الرئيس السيسي رئيس وزراء المجر “فيكتور أوربان”، لزيارة القاهرة قريبًا من أجل حضور افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة، بشكل كبير في تنامي العلاقات بين الجانبين على المستوى السياسي، وتوثقها بشكل أكبر خلال الفترة القادمة، وهو يعد مكسبًا كبيرًا لمصر، وسينعكس بشكل أكبر على مجمل العلاقات بين القاهرة والاتحاد الأوروبي، حيث ستكون المجر بمثابة نافذة مصرية إضافية على الاتحاد الأوروبي، تساهم في نقل وجهة النظر المصرية إلى كافة دول الاتحاد، بصورة أمينة وواضحة وشفافة، وهذا يتوافق مع توجه مصري عام وطدت من خلاله القاهرة صلاتها السياسية والاقتصادية مع عدد من الدول الأوروبية، مثل قبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا.

وقد تضمنت كلمات ومباحثات الرئيس السيسي في هذه الزيارة المهمة إلى المجر، رسالتين أساسيتين إضافيتين، الأولى كانت مزيجًا جامعًا بين عدة قضايا مثار اهتمام مشترك بين القاهرة وأوروبا، وهي قضية الهجرة غير الشرعية، وقضية مكافحة الإرهاب، وقضية حقوق الإنسان. من جانبه، أشاد الرئيس المجري بالأسلوب المصري في مواجهة الإرهاب، من خلال علاج جذور المشكلة عبر دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفكر المتطرف الذي يؤدى إلى الإرهاب.، وهذه الإشادة تظل مهمة خاصة أنها تأتي من دولة أوروبية، وتعد نموذجًا لبدء تفهم أوروبا للمقاربة المصرية الشاملة لمواجهة الإرهاب، والنظرة الخاصة من جانب القاهرة لملف حقوق الإنسان. جدير بالذكر أن القاهرة وقعت عام 2017، بروتوكولًا للتعاون الأمني مع المجر، يتعلق بالتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.

هذه النقطة ركز عليها الرئيس السيسي، عبر عرض الأسلوب المصري في التعامل مع خطر الإرهاب، والذي لم تكتفِ مصر بمواجهته امنيًا، لكنها شرعت أيضًا في معالجته من الزوايا الاجتماعية والتنموية والثقافية، وربط الرئيس هنا بين هذا الملف، وملف تراه دول تجمع “فيشجراد”، ودول الاتحاد الأوروبي قاطبة، ملفًا رئيسيًا ضمن قائمة مخاوفها الأمنية والاقتصادية، وهو ملف الهجرة غير الشرعية، حيث أشار الرئيس إلى أن مواجهة موجات الهجرة غير المشروعة بشكل فعال، تتطلب في المقام الأول معالجة جذور ومسببات هذه الظاهرة قبل أعراضها، وفي مقدمتها الصراعات الإقليمية، والتصدي لمحاولات بعض الدول استغلال هذه الصراعات للتدخل في مقاليد الأمور في الدول التي تشهد هذه الصراعات.

كان لافتًا تناول الرئيس السيسي لملف الهجرة غير الشرعية من هذه الزاوية، وتذكيره بأن مصر استقبلت 6 ملايين إفريقي، ووفرت لهم كافة الحقوق والرعاية، دون أن تضعهم داخل معسكرات للاجئين كما تفعل بعض الدول، أو تسمح لهم بالهجرة إلى أوروبا، مع ما يكتنف هذا من مخاطر ومحاذير. وهذه المقاربة تحظى برضا وإعجاب دول تجمع “فيشجراد”، التي ترى في تعامل مصر مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية نموذجًا للتعامل الناجح، خاصة بعد تدشين مبادرة “سفن النجاة” المصرية، التي بسببها لم تخرج سفينة هجرة شرعية واحدة من مصر منذ عام 2016، وهو ما حظي بتقدير دول التجمع، التي سبق وكانت لها مواقف حادة في الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بهذا الملف.

الربط الثالث في هذه الرسالة، كان متعلقًا بملف “حقوق الإنسان”، حيث أكد الرئيس السيسي على أن مفهوم ورؤية مصر لحقوق الإنسان، لا يتجزأ ولا ينبغي استخدامه في التدخل والضغط على الدول وخاصة في المنطقة العربية، مشيرًا إلى أن حقوق الإنسان في مصر تتمثل في تحسين حياة نحو 100 مليون مواطن مصري، واستقبال اللاجئين ليس كضيوف لمصر ولكن كمواطنين مصريين مع تقديم كافة الخدمات لهم، فضلًا عن توطين صناعة لقاحات كورونا في مصر لتلبية احتياجات المواطن المصري والأفريقي، وهي كلها خطوات تندرج تحت حقوق الإنسان.

اللافت هنا أن السيسي ارتجل في حديثه عن هذا الموضوع، وطرح عدة تساؤلات، منها “هل الدول الأوروبية مستعدة للمشاركة مع الدول في تحسين أوضاع البلاد السياسية والاقتصادية والثقافية، للوصول إلى مقاربة مختلفة، لملف حقوق الإنسان الذي كان دائمًا موضع جدل بين بعض الحكومات الأوروبية ومصر؟”، “وهل تلك الدول مستعدة لإقامة توأمة لجامعاتها مع الجامعات المصرية، بهدف تحسين أداء الجامعات المصرية، أو نقل جزء من التقنيات الصناعية الأوروبية، وتوطينها في مصر، من أجل توفير فرص عمل للشباب المصري؟”.

الرسالة الثانية التي صدرت عن الرئيس السيسي خلال زيارته لبودابست، كانت تتناول ملف “المياه” من زاويتين، الأولى هي عرض وجهة النظر المصرية بشكل أوضح على أوروبا فيما يتعلق بالنزاع حول “سد النهضة” الإثيوبي، والثانية تتعلق بالاستفادة من خبرات المجر في مجال الزراعة والري. في الزاوية الأولى، أكد الرئيس السيسي خلال مؤتمره الصحفي المشترك مع الرئيس المجرى، أن مصر تريد حصتها المعروفة من المياه كاملة، وأنها تستهدف التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم للأطراف الثلاثة حول سد النهضة.

في الزاوية الثانية، شرع الرئيس السيسي في محاولة الاستفادة من الخبرات المجرية الكبيرة في مجال الري وتحلية المياه، واستنباط أنواع جديدة من المحاصيل، لا تحتاج إلى كميات كبيرة من مياه الري، وهي جميعها مجالات تتوافق مع التوجهات المصرية لترشيد المياه، لذا تضمنت مباحثات السيسي مع الرئيس المجري، توسيع التعاون بين البلدين في مجال الري، خاصة أن التعاون بينهما في هذا الصدد يعود إلى عام 1926، حين زودت شركة “جانز” المجرية مصر بمضخات للري، وقد تم في وقت سابق من العام الجاري، مشاركة أربعة شركات مجرية في معرض أُقيم في القاهرة لأنظمة الري وإدارة المياه،  وستشارك شركات أخرى في معرض مماثل يُعقد في ديسمبر المقبل.

+ posts

باحث أول بالمرصد المصري

محمد منصور

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى