
ترتبط روسيا الاتحادية وجمهورية مصر العربية بتاريخ طويل من العلاقات السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى العلاقات الإنسانية متعددة الأوجه. وفي هذا السياق تُعد مصر واحدة من الدول الهامة لروسيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ نظرًا لكونها تضم العديد من المراكز السياسية والاقتصادية والثقافية الرائدة في المنطقة، فضلاً عن مكانة مصر الكبيرة في العالم الإسلامي.
فالعلاقات المصرية الروسية علاقات متينة ومتجذرة منذ القرن التاسع عشر وحتى الآن، وتشهد نقلة نوعية بفضل الدعم الكبير الذي يُقدمه الرئيسان المصري “عبد الفتاح السيسي” والرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، الأمر الذي دفع كلاهما لإطلاق عام 2021 باعتباره عام التبادل الإنساني.
وفي هذا السياق، شهدت القاهرة فعاليات “منتدى الشباب المصري الروسي” في نسخته الثانية، وذلك بالتنسيق بين وزارة الشباب والرياضة المصرية، والوكالة الفيدرالية الروسية لشؤون الشباب، بالتعاون مع الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري. وذلك خلال الفترة من 30 سبتمبر وحتى 9 أكتوبر 2021.
جاء تنظيم منتدى الشباب المصري الروسي في نسخته الثانية بعد النجاحات التي حققها المنتدى الأول الذي أقيم في روسيا. وأسهم في تحديد أول خارطة طريق لتهيئة المناخ لتطوير مشاريع وبرامج مشتركة بين الشباب المصري والروسي، ووضع مقترحات لمواصلة تطوير التعاون بين البلدين.
انعقد منتدى الشباب المصري الروسي الأول خلال الفترة من 17 – 22 مايو ٢٠٢١ في مدينة “كازان”، الروسية، استعرض فيه الشباب المشارك التجارب المختلفة والبرامج والمشاريع الخاصة بمجال الصناعات الابداعية، وذلك خلال ورش عمل انعقدت على هامش المنتدى الشبابي الروسي المصري الأول وطرح المشاركون فكرة عامة عن ١٣ مجالًا خاصًا بالصناعات الإبداعية، كما استفاض المشاركون في الحديث عن مجالات السينما، ودور الكتب والنشر، الصناعات اليدوية، بالإضافة إلى الحديث عن الشركات الناشئة في مجال الصناعات الإبداعية، علاوة على ذلك التطرق إلى الاقتصاد الإبداعي، بالاضافة إلى مناقشة أطر رسم السياسة العامة للمدن الإبداعية.
بينما عكست النسخة الثانية من منتدى الشباب المصري الروسي، المستوى الكبير للتعاون الثنائي المصري الروسي في مختلف المجالات الشبابية والرياضية والسياسية والاقتصادية والسياحية وغيرها.
الابتكار والذكاء الاصطناعي.. من أجل التنمية
جاء اختيار “الابتكار والذكاء الاصطناعي.. من أجل التنمية” ليكون موضوع المنتدى، ليعكس أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليها صناعة التكنولوجيا في العصر الحالي، بما يُسهم في تعزيز القدرات البشرية بشكل كبير، ويُسهل العديد من الأجراءات في كافة مناحي الحياة، كما يُسهم في تقديم قيمة لمعظم الوظائف والأعمال في شتى المجالات.
الهدف من المنتدى
هدف المنتدى في نسخته الثانية لدعم التبادل الإنساني المصري الروسي من خلال الشباب، وتبادل الخبرات والتجارب في مجالات الذكاء الاصطناعي بين الشباب المصري والروسي، وبناء جسور التواصل بين شباب البلدين، وتهيئة المناخ لتطوير مشاريع وبرامج مشتركة، ووضع مقترحات لمواصلة تطوير التعاون الشبابي بين مصر وروسيا، واستعراض قصص نجاح الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى التعرف على التحديات التي تفرضها الثورة الصناعية الرابعة.
كما يساهم المنتدى في تعزيز الدبلوماسية الشبابية كونه إمتدادًا للعلاقات بين مصر وروسيا من خلال الدبلوماسية الشبابية، الأمر الذي من شأنه أن يُزيد من تنمية التعاون وتعزيز العلاقات والتكامل بين البلدين.
كما تتأتى أهمية المنتدى من كونه يُسهم بشكل كبير في تعزيز التفاهم والثقة بين الشعبين والتي تتمثل في اتاحته للمشاركين الروس رؤية كل أشكال ومفردات التنوع على أرض مصر. كما أن المنتدى هدف لتهيئة مناخ مناسب للتواصل الوثيق بين مختلف طبقات الشعبين مع بعضهما البعض، الأمر الذي يُعزز التفاهم المتبادل والثقة الثنائية.
شهد المنتدى عددًا من الجلسات وورش العمل، تناولت العلاقات المصرية الروسية باعتبارها علاقات قوية وتاريخية تحكمها العديد من الاعتبارات الاستراتيجية.
كما شهد أيضًا زيارات لمناطق تاريخية وسياحية، حيث نفذت وزارة الشباب والرياضة زيارات للمناطق التارخية والسياحية بالقاهرة والجيزة، ومتحف الحضارات، وبرج القاهرة، فضلاً عن منطقة الحسين وشارع المعز. وتم استكمال فعاليات المنتدى بمدينة العلمين الجديدة بمقر كلية الذكاء الاصطناعي بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، التي تضمنت جلسات وورش عمل عن الابتكار في مجال الخدمات الحكومية ومستقبل الذكاء الاصطناعي، والتجارب الشبابية في مجال الابتكار وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
كما زار المشاركون في المنتدى، الهيئة العربية للتصنيع، باعتبارها أحد قلاع الصناعة المصرية، للتعرف على ما تقدمه الهيئة في مجال الذكاء الاصطناعي.
توصيات شبابية لتعزيز التعاون بين البلدين
نجح المنتدى في ربط الشباب المصري والروسي، وتطوير الحوار الشبابي بين شباب البلدين، وترسيخ للعلاقات التاريخية بين الشعبين، وصولاً لتوصيات تعد خارطة طريق للمشاريع المشتركة، وزيادة مساهمة الشباب في تطوير التعاون والتكامل بين مصر وروسيا، وهو ما يهدف إليه عام التبادل الإنساني المشترك. وفي هذا السياق خرج المشاركون في المنتدى بعدد من التوصيات كالتالي:
- تدشين برنامج علمي حول الذكاء الاصطناعي تكون مهمته نقل المعارف والخبرات، من أجل تعزيز أوجه التعاون بين مصر وروسيا في هذا المجال.
- تعميم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجالات المتعلقة بمعالجة اللغات الطبيعية، بحيث تكون موجهة بالأساس إلى الترجمة بين اللغتين العربية والروسية.
- إقامة تعاون ثنائي بين البلدين في مجال المدن الذكية Smart Cities، والتحول الرقمي Digital Transformation.
- الاهتمام بتطبيقات الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية واعطاءها الأولوية مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
- مواجهة مشكلات التغير المناخي.
- تدشين مشروع مصري روسي مشترك يهدف إلى التعاون في مجالات ريادة الأعمال وتسريع الابتكار ويهتم بالأساس بثلاث أنواع من ريادة الاعمال: وهي ريادة الأعمال والابتكار في مجالات (الرياضة- الاقتصاد الإبداعي- المجالات المجتمعية).
- إقامة مجلس شبابي ثنائي بين مصر وروسيا، يهتم بتفعيل اطر التعاون في المجالات والقضايا المتعلقة بالشباب في البلدين.
وفي الأخير، يُعد هذا المنتدى جسرًا مهمًا لتوطيد العلاقات بين مصر وروسيا، ومحطة للتعاون الشبابي بين البلدين، مما يسهم في توافق الرؤى للدولتين.
باحث أول بوحدة الدراسات الأسيوية




