
مجموعة الأزمات الدولية تستعرض ” عشرة تحديات تواجه الأمم المتحدة
جاء انعقاد الدورة (76) للجمعية العامة للأمم بعد انقطاع لمدة عامين، ليترك تساؤلًا حول دور المؤسسات الدولية في التعاطي مع الأزمات والعمل على ضمان السلم والأمن الدوليين، فخلال كلمته دعا الأمين العام للأمم المتحدة ” أنطونيو غوتيرش” المجتمع الدولي لتجاوز عدد من العقبات والتحديات التي قد تحول دون تنمية البشر ومن بينها: غياب السلام، والتغيرات المناخية، عدم المساواة بين الدول، بما في ذلك توزيع لقاحات كورونا، المشكلات الجنسانية، وغياب العدالة.
عشرة تحديات
طرحت مجموعة الأزمات الدولية “Crisis Group”” تقريرًا (13 سبتمبر 2021)، يشير لأبرز عشرة تحديات يجب على الأمم المتحدة التعامل معها ومعالجتها خلال الفترة من 2021 / 2022، وقد تنوعت تلك التحديات بين الصراع المسلحة ذات التداعيات الوخيمة على الصعيد الإنساني، وكذلك جهود الوساطة التي يمكن أن تقوم بها الأمم المتحدة لتسوية بغض النزاعات، فضلًا عن الجهود المأمولة للتعاطي مع التغيرات المناخية وجائحة كورونا وغيرها من الأزمات، ما يمكن الإشارة إليه فيما يلي:
اولًا: تقليل المعاناة في أفغانستان، أوضح التقرير أن استيلاء ” طالبان ” على أفغانستان أحد أبرز التحديات التي تواجه الأمم المتحدة، خاصة في ظل الانقسام المتوقع للدول الخمس دائمة العضوية حول كيفية التعامل مع طالبان، إذ اتسم رد فعل الأمم المتحدة على تقدم طالبان تجاه كابول بالارتباك، وفي ظل الوضع الراهن في أفغانستان، أصبحت المهمة الأساسية لأمم المتحدة وأعضائها تتمثل في كيفية تقديم مساعدات لتجنب كارثة اقتصادية وغذائية محتملة، وعليه يجب تدشين مزيد من الجسور الجوية لأمم المتحدة لتوجيه الامدادات لكابول وباقي المدن الأفغانية.
كما لا ينبغي أن تنتهي بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، وقد يتعين بمرور الوقت إعادة تشكيل البعثة أو استبدالها بآلية جديدة لتنسيق مساعدات الأمم المتحدة، وعلى الرغم من استبعاد قيام الأمم المتحدة بدور الوسيط بين طالبان وقادة الفصائل الأفغانية الأخرى، إلا أنها قد تلعب دورًا في تنسيق استجابات الدول الإقليمي للازمة، إذ يمكن أن تقود حكومات الدول لمناقشة والتعامل مع عدد من القضايا المحلة من بينها تدفقات اللاجئين، والإرهاب.
كما يجب النظر بصورة جادة في العقوبات المفروضة على حركة طالبان والحيلولة دون تأثيرها على استمرار الجهود الاغاثية والمساعدات الإنسانية، خاصة وان الحكومة الجديدة لطالبان تضم أربعة عشر فردًا خاضعين للعقوبات الأمم المتحدة، فعلى الرغم من رغبة بعض الدول في إعادة النظر في تلك العقوبات في ضوء ما قد تقدمه طالبان من مرونة، إلا أن ذلك يظل بابًا للجدل في ظل انقسام الدول دائمة العضوية حول طريقة وآلية التعامل مع طالبان.
ثانيًا: العمل على وقف إطلاق النار في إثيوبيا، يمكن أن تتسبب الحرب الموسعة وتصاعد حدة الصراع في إقليم تيجراي في خسائر فادحة، فمنذ اندلاع الصراع (نوفمبر 2020) لم يبد الجانبان أية استعداد لوقف الاعمال القتالية، ما ساهم في زيادة المعاناة، حيث يحتاج أكثر من خمسة ملايين شخص في المنطقة إلى المساعدة، ويعاني نحو (400 ألف) من انعدام الأمن الغذائي.
وميدانيًا، عززت قوات التيجراي نفوذها قوتها عبر اجبار القوات الاثيوبية الفيدرالية على الانسحاب من الإقليم، كما توغلت (يوليو2021) في منطقة عفار وأمهرة بهدف الضغط على أديس أبابا لقبول شروط قوات التيجراي للتوصل إلى اتفاق، بما في ذلك تشكيل حكومة انتقالية، وقد واجه ” ابي احمد” خسائره العسكرية بتجنيد ميليشيات شبة عسكرية وإطلاق حملات لتعبئة وحشد الجماهير ودعوة المدنيين المؤهلين للانضمام للجيش. على صعيد آخر انضم الجيش الاريتري إلى جانب القوات الاثيوبية، بينما لا تزال القوات الإقليمية في أمهرة تحتل أراض غرب إقليم تيجراي.
ولفت التقرير إلى أن مساعي الطرفين لمواصلة التصعيد العسكري يعني مزيدا من الانقسام في الداخل الاثيوبي، بالإضافة لارتفاع وتفاقم الازمات الإنسانية، وزيادة الضغط على ” أبي احمد”، علاوة على ارتفاع اعداد القتلى والضحايا جراء الصراع، ما قد يؤدي في النهاية لانفجار داخلي قد يقود لاندلاع حرب واسعه المدى.
وعليه يشير التقرير لأهمية قيام الأمين العام للأمم المتحدة بتبني نهجًا حازمًا تجاه الأزمة، كما يجب أن يستخدم قنواته في أديس أبابا، وخاصة اتصالاته المباشرة مع ” ابي احمد”، للتأكيد على المخاطر الملحة لصراع أوسع يمكن أن يكون له عواقب خارج إقليم تيجراي. من ناحية أخرى يجب اقناع رئيس الوزراء الاثيوبي بالقبول بمبدأ التفاوض مع قادة التيجراي، وحث الطرفين على التخلي عن التصعيد العسكري. على ذات المنوال، قد يكون من الضروري دعوة الحكومة الفيدرالية إلى رفع الحصار الفعلي عن إقليم تيجراي واستعادة الخدمات الأساسية مع منح الوكالات الإنسانية الوصول للإقليم، وعليه يمكن أن تكثف الأمم المتحدة من جهودها لتهدئة الصراع وايقافه خاصة في ظل التداعيات والمخاطر المحتملة حال استمرار الصراع.
ثالثًا: الحاجة لتأمين المسار السياسي في ليبيا، أكد التقرير على جهود الأمم المتحدة في احتواء التصعيد في ليبيا، والتوسط لوقف إطلاق النار (اكتوبر2020)، علاوة على تحقيق توافق سياسي بين الفرقاء في الأزمة ساهم في تشكيل حكومة وحدة مؤقتة (مارس2021) ومجلس رئاسي. رغم ذلك لا يزال المسار السياسي مُهددا في الوصول لخارطة الطريق التي تدعمها الأمم المتحدة. فعلى الصعيد السياسي، يجب كسر الجمود المسيطر على خارطة الطريق، والعمل على خلق حالة من التوافق بين الفرقاء، خاصة في ظل الخلاف بشأن القضايا الانتخابية ومن بينها اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية معًا أو اجراء البرلمانية وتأجيل الرئاسية، علاوة على الأمور المرتبطة بمن له حق الترشح وما إذا كان ينبغي السماح لجميع الليبيين بالترشح أو ما إذا كان ينبغي منع العسكريين، فضلا عن الخلافات حول القانون المنظم للانتخابات وتصاعد الجدل بشأنه.
وعلى الصعيد العسكري، لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار ساريًا، لكن الأمم المتحدة والسلطات الليبية لم تحرز أي تقدم في توحيد المؤسسة العسكرية، التي لا تزال تعمل ككيانين، مستقلين إلى حد كبير عن بعضهما البعض وبدون ثقة متبادلة.، كما ان القوات الأجنبية لا تزال تحتفظ بتواجدها في ليبيا، في ظل مواصلة تركيا تعزيز وجودها العسكري غرب ليبيا، علاوة على العناصر المرتبطة بقوات فاغنر. وعلى الصعيد المالي، لا يزال مصرف ليبيا المركزي منقسم نتيجة الصراع بين الشرق والغرب.
في ضوء ذلك يحتاج مجلس الأمن إلى إلقاء ثقله وراء المزيد من وساطة الأمم المتحدة لحل هذه القضايا، لا سيما المشاكل العاجلة المتعلقة بخارطة الطريق، ويجب دعم المبعوث الأممي ” يان كوبيش” في تقديم مبادرات ومقترحات للتعامل مع القضايا العسكرية والسياسية المثارة، بحيث يصبح اجراء الانتخابات في موعده في أولويات تلك المقترحات، علاوة على أهمية بذل جهود مماثلة لتوحيد المؤسسة العسكرية وإخراج المرتزقة والأجانب بجانب توحيد المؤسسات المالية.
رابعًا: إعادة التفكير في صنع السلام في اليمن، يذكر التقرير أن حرب اليمن على خلاف الصراعات الأخرى في الشرق الأوسط لا تخلق توترات او تباينات بين الدول الخمس دائمة العضوية، وعلى الرغم من عدم النظر لتلك الازمة باعتبارها قضية ملحة من قبل تلك الدول، إلا أن الرئيس الأمريكي ” بايدن” عند توليه منصبة وعد بتسويتها الأمر الذي باء بالفشل حتى الآن.
ولفت التقرير إلى أن تعيين مبعوث جديد لليمن يعتبر فرصة يجب استثمارها في تطوير وتحديث نمط التعاطي مع الازمة، بما يتجاوز النمط القائم على أن انتهاء الازمة يمكن أن يحدث من خلال اتفاق ثنائي بين الحكومة الشرعية والحوثيين، الأمر الذي لا يعكس – وفقًا للتقرير- التفاعلات الميدانية القائمة، فبعد ست سنوات لم يعد الحوثي وحكومة “هادي” الفاعلين الوحيدين في الازمة، إذ أن المجلس الانتقالي الجنوبي المؤيد للاستقلال يجب أن يصبح قوة أساسية في التسويات والترتيبات المستقبلية، لذا فحتى لو توسطت الأمم المتحدة في تسوية بموجب إطارها الثنائي الحالي، فمن المرجح أن تستمر الحرب، وعليه يجب ان تصبح جهود الوساطة أكثر شمولًا، مع العمل على جذب مزيد من الأطراف للعملية التفاوضية، كما يمكن تدشين مجموعة عمل دولية تضم الدول الخمس دائمة العضوية وغيرها من الأطراف الدولية بهدف تقديم الدعم الدبلوماسي وتنسيق الجهود لدفع الأطراف المحلية والإقليمية نحو تسوية.
خامسًا: منع عودة الفوضى في هايتي، أوضح التقرير أن بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة قد فشلت في إرساء الاستقرار الدائم في البلاد، وعليه لا يمكن للأمم المتحدة تجاهل هذا الوضع، خاصة في ظل اغتيال” جوفينيل مويس” (يوليو2021)، بجانب احتمال تصاعد الفوضى والعنف قبل الانتخابات المقبلة، إذ أن استمرار تلك الأوضاع يهدد بإثارة أزمة لاجئين، في ظل سوء الأوضاع السياسية والأمنية وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، وتفشي الفساد.
وعلى الرغم من حث رئيس وزراء هايتي الأمم المتحدة على نشر قوات تابعة لها للمساعدة في تأمين البلاد ومنع الفوضى والسيطرة على عدم الاستقرار، إلا أن مجلس الأمن لم يظهر اهتمامًا كافيًا، ومن هنا يمكن للمجلس أن ينظر في مهمة عسكرية في الظروف القصوى وحالات الطوارئ، كما يمكن تبني خيارات غير عسكرية من شأنها ان تدعم الاستقرار، وذلك من خلال دعم اجراء الانتخابات القادمة، وانشاء آلية تحقيق بين الأمم المتحدة وهايتي للتحقيق في قضية تهريب أموال مشروع ” بترو كاريبي”، كما يجب التنسيق مع المجتمع المدني في كيفية بتخفيف التوترات في البلاد، من ناحية أخرى يجب على مجلس الأمن ووكالات التنمية التابعة للأمم المتحدة ضمان وجود استشاري طويل الاجل للشرطة وسيادة القانون في هايتي بهدف معالجة الفساد في هذا القطاع ومعالجة التحديات القائمة من بينها السجون المكتظة.
سادسًا: دعم الحوار في القضية القبرصية، تعامل مجلس الأمن مع تلك القضية منذ نحو ستة عقود، فمنذ عام 1964 تم نشر عملية لحفظ السلام، ومع غزو تركيا لشمال قبرص 1974، تزايدت التحديات خلق أمام الأمم المتحدة، والتي عملت على دعم المباحثات والمفاوضات بين الجانبين، إ. تدعو كل من أنقرة وقيادة القبارصة الأتراك لإجراء مفاوضات من أجل حل الدولتين على أساس السيادة على كل من الشمال والجنوب، بينما تعرب جمهورية قبرص اليونانية المعترف بها دوليًا عن رغبتها في مواصلة محادثات إعادة التوحيد. وسط هذه التباينات يظل الحذر من قبل القبارصة اليونانيون قائمًا خاصة مع تزايد نفوذ أنقرة في الشمال، ومحاولة توسيع نفوذها شرق المتوسط، حيث أدت مساعي أنقرة للتنقيب عن الغاز لإشعال الجدل بين الطرفين حول السيادة البحرية، حيث وسعت تركيا من التنقيب عن الغاز وعملت على فرض أمر واقع في تلك المنطقة، وردًا على تلك التحركات، قامت قبرص بتعزيز علاقاتها الدفاعية والدبلوماسية مع عدد من الدول من بينها: مصر، وإسرائيل، والامارات. وقد ساهم في تصاعد تلك التوترات، قيام أنقرة بافتتاح منتجع فاروشا.
سابعًا: المساعدة في عودة المُحتجزين التابعين لداعش من سوريا، أشار التقرير أن الأمم المتحدة تواجه أزمة إنسانية كبيرة شمال شرق سوريا، داخل مخيم الهول وغيره من المواقع، إذ يوجد ما بين 60 إلى 70 ألف فرد – من بينهم نساء وأطفال- مرتبطين بداعش. وقد قامت بعض الدول لاسيما روسيا ودول آسيا الوسطى بإعادة مواطنيها من المخيم، إلا أن بعض الدول الأخرى – كندا، والمملكة المتحدة، وأستراليا وعدد من الدول الأوروبية- رفضوا استقبال تلك العناصر.
وقد أوضح التقرير أن مخيم الهول سيظل يمثل تحديًا أمنيًا وإنسانيًا وأرضًا خصبة للتجنيد في صفوف داعش ما لم يتم إعادة تلك العناصر لبلادها، وبالرغم من الانقسام داخل الأمم المتحدة تجاه هذه المسألة، يمكن للدول الأعضاء ووكالات الأمم المتحدة اتخاذ عدة خطوات لتحسين إدارة معاملة وعودة المحتجزين، وذلك من خلال محاولة ضمان وصول مسؤولي حقوق الانسان لمواقع الاحتجاز، والعمل مع السلطات المحلية للحصول على عدد المحتجزين، وعليه يجب على الأمم المتحدة التعاطي الفاعل مع تلك القضية، خاصة أن ترك المخيم وغيره من مواقع الاحتجاز يمكن ان تستغله داعش في زعزعة استقرار شمال شرق سوريا والمناطق المجاورة ما قد يؤدي إلى نتائج وخيمة.
ثامنًا: التعاطي مع المعلومات المضللة في مناطق الصراع، وضع الأمين العام للأمم المتحدة الحد من انتشار المعلومات المضللة عبر الانترنت ضمن أولوياته خلال ولايته، إذ لعبت الأمم المتحدة دورًا في مكافحة المعلومات المضللة خلال جائحة كورونا، ويمكن أن تلعب دروًا مماثلًا في خطابات الكراهية التي تغذي الصراعات، حيث يمكن ان يتسبب المحرضون عبر الانترنت في تقويض الثقة السياسية واثارة العنف كما حدث في الكاميرون وميانمار. فعلى غرار مواجهة الشائعات والتقارير الكاذبة في ازمة كورونا ساهمت الشراكات مع وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بالتواصل مع الجمهور، كما أنشأت منظمة الصحة شبكات من خبراء وسائل الإعلام الفنية والاجتماعية، فضلاً عن مراكز المعلومات الإقليمية، التي سهلت الاستجابة السريعة للمعلومات المضللة في مجموعة متنوعة من اللغات.
وعليه يمكن توظيف تلك البرامج في مناطق الصراعات من خلال الشراكات مع القطاع الخاص، وتعزيز التعاون مع المجتمع المدني وأصحاب النفوذ، والعمل على تحسين مراقبة المحتوى عبر الانترنت، وتكثيف الجهود الاستباقية التي من شأنها أن تحد من تأثير المعلومات المضللة، كما يمكن ان تساهم عملية تبادل الخبرات الميدانية بين البعثات السياسية وبعثات حفظ السلام في تحسين الاستجابة للمعلومات المضللة في الصراعات، على غرار ما حدث من قبل بعثة الأمم المتحدة في جمهورية افريقيا الوسطى، عبر تصديها للمعلومات المضللة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، الرسائل النصية، وإصدار بيانات صحفية. من ناحية أخرى أنشأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مجموعة من المبادئ التي تحكم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بين مجموعة بارزة من الصحفيين والنشطاء والمؤثرين خلال عملية السلام في البلاد بالتشاور مع الصحفيين والمؤثرين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني.
وفي هذا الصدد، يجب على الأمين العام للأمم المتحدة دعوة الدول الأعضاء إلى تمويل إنشاء خلية مخصصة – تقع في إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام- التابعة للأمم المتحدة، بالشراكة مع إدارة الاتصالات العالمية لدعم الجهود المبذولة لتتبع التلاعب والتشويه والمعلومات المضللة في مناطق الصراع والاستجابة لهما. المعلومات في مناطق الصراع.
تاسعًا: الحاجة لتوجيه قرار الأمن المناخي عبر مجلس الأمن، وفقًا للتقرير فمن المرجح أن يؤدي السيناريو الأكثر واقعية لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بحلول عام 2040، إلى متوسط زيادة في درجة الحرارة العالمية يزيد عن 1.5 درجة مئوية، وهو ما يقودنا لعدد من التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية منها موجات الحرارة، والجفاف والفيضانات، كما ستؤدي المنافسة على الأراضي والمياه والنزوح المرتبط بالمناخ، والنزاعات المائية العابرة للحدود إلى تفاقم الصراع في أجزاء من إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط. رغم ذلك تظل آليات الأمم المتحدة لتتبع وتحليل آثار تغير المناخ على الصراع محدودة للغاية.
وفي هذا السياق، قادت ألمانيا عام 2020 جهودًا لاستحداث منصب جديد لتنسيق جهود الأمم المتحدة بشأن أمن المناخ، وتعيين مستشارين ميدانيين للأمن المناخي في بعض بعثات حفظ السلام، وزيادة تقارير من الأمانة العامة عن الروابط بين تغير المناخ والأمن. ومع ذلك، قوبلت هذه المبادرة برفض من جانب الصين وروسيا والولايات المتحدة، حيث هددت إدارة ترامب باستخدام حق النقض، إلا أن التزام بايدن بمعالجة تغير المناخ لإضفاء مزيد من الزخم على دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن، رغم ذلك يظل رفض روسيا والصين والهند ومخاوفهم بشأن إضفاء الطابع الأمني على تغير المناخ عائقًا من وجهة نظر التقرير على تفعيل دور المجلس في التعامل مع تأثير تغير المناخ على الصراعات.
عاشرًا: التخطيط لوصول اللقاحات لمناطق النزاع، على الرغم من دعوة الأمين العام (مارس2020)، لوقف إطلاق النار في مناطق النزاعات للحد من تأثيرات جائحة كورونا، إلا أنها لم تجد صدى كافي، وفقًا للتوقعات من غير المرجح أن تتمكن المناطق التي تعاني من صراعات من تلقيح مواطنيها بشكل كبير حتى عام 2023، ويؤكد التقرير على تباين وتفاوت تأثير الوباء على الاضطرابات السياسية والصراعات العنيفة، وبالنظر للمستقبل، حتى إذا تسحن الامداد العالمي باللقاحات، فهناك خطر يتمثل في أن منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية الوطنية ستكافح لتوزيعها في مناطق النزاع، وعليه يجب على أعضاء المجلس والأمانة العامة مواصلة التخطيط لدعم حملات التطعيم في المناطق المضطربة في عام 2022. ويمكن للأمم المتحدة تعديل تفويضات عمليات السلام لدعم هذه الجهود أو نشر مستشاري الوساطة لمساعدة العاملين الصحيين.
وانتهى التقرير إلى أن حتى لو تمكن أعضاء الأمم المتحدة من إيجاد أرضية مشتركة بشأن تلك التحديات فمن المرجح أن تظل الدبلوماسية الأمنية متعددة الأطراف صعبة في العام المقبل، حيث ستستمر التوترات الجيوسياسية التي تعقد عمل الأمم المتحدة، وحتى إذا تمكنت الولايات المتحدة والصين وروسيا من التعاون في بعض الأمور، فمن المرجح أن يظل المسار العام لعلاقاتهم سلبيًا، رغم ذلك تظل قيمة الأمم المتحدة في قدرتها على توفير وسيلة للقوى المنقسمة لاحتواء الصراعات وتخفيف المعاناة التي تسببها، كما لا تزال تلعب دورًا حاسمًا في إدارة بيئة دولية غير مستقرة.
باحث ببرنامج قضايا الأمن والدفاع