أفريقيا

حرب الكل ضدّ الكل: الدولة الإثيوبية وغياب العقد الاجتماعي

دخلت إثيوبيا مرحلة جديدة من الصراع والاحتراب بين مكونات المجتمع، بما يمكن وصفها بحالة “حرب الكل ضد الكل”، التي عبّر عنها فيلسوف العقد الاجتماعي “توماس هوبز” أحد منظري العقد الاجتماعي في القرن السابع عشر؛ تلك المرحلة التي مهدت لنشوء الدولة القومية بشكلها الحالي.

وحالة ” حرب الكل ضدّ الكل” التي عبّر عنها هوبر قبل نحو ثلاثة قرون أو يزيد، هي حالة طبيعة يمر بها المجتمع، قبل أن يصل جميع أعضاؤه إلى قناعة ورغبة مشتركة بالجلوس للتفاوض من أجل صيغة اجتماعية ” العقد الاجتماعي” والتنازل الطوعي لسلطة عليا ” الدولة” يمكنها أن تحتكر القوة شرعيًا، بعد رسوخ قناعة بأن المواجهة صفرية، وأن المصلحة الجمعية تتحقق بتوافق الجميع لا بصراعهم.

في الحالة السابقة، فإن الدولة هي وليدة عقد اجتماعي توافقي استقرّ عليه كافة أعضاء المجتمع؛ لكن في الحالة الإثيوبية، فإننا إزاء دولة لا تزال تبحث عن عقد اجتماعي، مع تعمق الرغبة لدى الجميع بالاستقلال بعيدًا عن عباءة الدولة الهشة والمستبدة، التي لا يشعر في إطارها أيُّ من أطراف المجتمع بأية دوافع للبقاء، مع انعدام العدالة في تقاسم الثروة والسلطة، ناهيك عن الخلفية التاريخية لنشأة الدولة، التي لم توفر أسس الرضاء والتوافق الاجتماعي للجميع. 

حرب الكل ضدّ الكل

مرّ المجتمع الإثيوبي بفصول مختلفة من الصراع عبر تاريخه؛ بداية من الصراعات بين الممالك القديمة والحبشة، مع سعيّ الأخيرة للتوسع وتكوين الدولة، واليوم تتناحر القوميات مع بعضها البعض ومع سلطة الدولة في أديس أبابا، بعد أن فشلت الدولة في إدارة التنوع العرقي وتحقيق الاندماج الوطني والتعايش السلمي بين القوميات والثقافات المختلفة.

ورغم أن لصراعات اليوم جذور تاريخية، وهي صراعات ممتدة؛ إلا أن صعود أبي أحمد مثّل عاملًا محفزًا لانفجار تلك الصراعات واتساع نطاقها. فرغم أن مجيء آبي كان بهدف إخماد تلك الصراعات، خاصة بعد احتجاجات الأورومو التي شهدتها البلاد عام 2018؛ مما أدى إلى استقرار الجبهة الديمقراطية الثورية، على استقالة هايلي مريام ديسالين وتصعيد أبي أحمد كممثل عن الأورومو، لاستكمال فترة ديسالين، وتحقيق قدرٍ من الاستقرار بالبلاد والتوافق بين القوميات المتصارعة. 

وبدلًا من تحقيق الأهداف المرجوّة، أدت سياسات آبي لمزيد من الانقسام والصراع في مجتمع شديد الاستقطاب. وبدلًا من أن يتجه آبي نحو تحقيق تقاسم عادل للثروة والسلطة، اتجه نحو بناء تحالفات جديدة من الأمهرة، التي لديها طموح لاستعادة السيطرة الإمبراطورية، لمواجهه سيطرة التيجراي على كافة مفاصل الدولة. 

واتخذت كافة تحركاته طابعًا معاديًا للثوابت التي أرساها التيجراي على مدار عقود ثلاثة، من خلال استبعاد القيادات في كافة الأجهزة والمناصب الفيدرالية والإقليمية، بل حتى القرارات الاقتصادية، التي زعم أنها تهدف إلى إعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية والاتجاه نحو اقتصاد السوق، كان لآبي أهداف خفية من ورائها، أهمها انتزاع الاحتكار الاقتصادي وسيطرة عرقية التيجراي على أغلب القطاعات الحيوية؛ لذا قام بخصخصة الشركات التي يسيطر عليها الجيش، الذي كانت قياداته العليا تنتمي لعرقية التيجراي. 

ساهمت تلك السياسات الإقصائية في مزيد من الاحتقان والصراع المجتمعي، التي أخذ طابعًا عرقيًا؛ تجلت بوادره مع تعرض آبي لمحاولة اغتيال في عامه الأول في العاصمة أديس أبابا، كما تعرض بعدها حاكم إقليم أمهرا للاغتيال، عقب محاولة الانقلاب التي تعرض لها الإقليم؛ في إطار استقطاب عرقي، كان المحرك الأساسي لتلك الأحداث. 

واستمرت الاستقطابات العرقة في البلاد في التصاعد، إلى أن اتجه آبي في أواخر 2019 لتفكيك تحالف الجبهة الثورية، وتشكيل حزبًا جديدًا، بدعوى حلّ الخلافات والانقسامات العرقة، والاتحاد حول إعادة تشكيل هوية وطنية جامعة. 

لكن تلك الخطوة، كانت بداية دخول البلاد في مرحلة جديدة من الصراع والانقسام، القائم على أساس عرقي. فبعد أن رفضت الجبهة الوطنية لتحرير التيجراي الانضمام لحزب الازدهار، الذي تجاوز التوازنات السياسية المعمول بها، منذ وصول الجبهة إلى الحكم مطلع التسعينات؛ جاء الخلاف على الانتخابات البرلمانية بداية جديد من الصراع. 

فبعد أن أرجأ نظام آبي الانتخابات، التي كان مقررًا عقدها العام الماضي، بسبب تفشي فيروس كورونا، اتجه إقليم تيجراي إلى عقد الانتخابات الإقليمية بشكل مستقل عن الحكومة الفيدرالية، في أغسطس 2020. على خلفية هذه الخطوة، التي مثّلت بداية لتقويض السلطة الفيدرالية، بدأت تتخذ الأحداث تصعيدًا دراماتيكيًا، وصل إلى مداه، في الرابع من نوفمبر 2020، مع بدء المواجهة العسكرية بين الجيش الفيدرالي الإثيوبي، وقوات الجبهة الشعبية لتحرير التيجراي. 

ولم تسفر عملية إنفاذ القانون التي أطلقها آبي سوى عن مزيد من الانقسام والصراع في المجتمع؛ اتخذت خريطته نفس الخريطة التقليدية للانقسام المجتمعي على الأسس العرقية والدينية والتاريخية. فتحالفت الأمهرة مع آبي، بهدف تقويض التيجراي، العدو التاريخي للأمهرة؛ بهدف استعادة النفوذ التاريخي للأمهرة، الذي انتهى مع وصول التيجراي للحكم، في التسعينيات. إضافة إلى الرغبة في استعادة أراضي حدودية بين إقليمي الأمهرا والتيجراي. 

ورغم تصور آبي القدرة على بسط السيطرة على الإقليم، وفرض القانون ومن ثمّ هيبة الدولة المركزية، بما لا يجعل من تحركات التيجراي نموذج يحذوه باقي الأقاليم الراغبة في الانفصال عن السلطة المركزية، خاصة مع إباحة الدستور الإثيوبي للأقاليم حق الحكم الذاتي.

لكن على العكس من تصورات آبي، ساهمت الأصول المتراكمة للقوة لدى التيجراي في إطالة أمد الحرب واتساع نطاقها، إلى الحد الذي دفع الجيش الفيدرالي بإعلان الانسحاب من طرف واحد بزعم تقييم الموقف، أواخر يونيو الماضي، لكن استمرار جبهة التيجراي في التقدم واستعادة سيطرتها مرة أخرى على المناطق التي انسحبت منها، بل والتمدد إلى الأقاليم المجاورة، بعدما اتجهت لقطع الطريق الرئيسي بين العاصمة أديس أبابا وجيبوتي، المار بإقليم العفر، ومؤخرًا تمددها باتجاه إقليم الأمهرا، ينذر بحرب ممتدة، تهدد مستقبل تماسك الدولة. 

وبدخول العفر على خط الصراع، تصاعد النزاع الممتد والتاريخي بين إقليمي العفر والصومال على الموارد والمناطق الحدودية بينهما، والخلاف على الترسيم الحدودي بين الإقليمين المتجاورين. بنفس منطق النزاع الحدودي بين إقليمي أورميا والأمهرا. 

إضافة إلى دخول الصراع بين إقليمي العفر والصومال الإثيوبي مرحلة جديدة، لتجدد المواجهات بين قبائل العفر والعيسى، علاوة على عمليات التطهير العرقي التي يتعرض لها سكان الأورومو والأمهرا في كلا الإقليمين. 

وبذلك اتسعت دائرة الصراع الدائر في إثيوبيا الآن، ليشمل أقاليم عدة؛ ليس الصومال والفر فحسب، بل دخل إقليم بني شنقول هو الآخر على خط الصراع، ناهيك عن رغبة إقليم الأوجادين في الانفصال، وكذلك رغبة بعض شعوب الجنوب في الانفصال، وهي الصراعات التي لا يجب إغفال انعكاسها على تماسك الدولة.

فالحرب الدائرة في إثيوبيا الآن، هي حرب على الدولة؛ بمعنى آخر، فإن الصراع المتفاقم في ذلك المجتمع المنقسم على نفسه؛ إما بهدف الوصول إلى صيغة وطنية جامعة، تلبي طموحات كافة الأقاليم المنضوية تحت سلطة الدولة المركزية في أديس أبابا، أو بهدف الاستقلال وتقرير المصير، رغبة في تعميق الهوية والثقافة الفرعية واللغة، علاوة على إعادة توزيع الموارد والسلطة، التي يشعر المواطنين بعدم العدالة في اقتسامها، في ظل السيطرة التاريخية لعرقيات وأقليات على قواعد الحكم والسلطة والاستبداد بباقي العرقيات والأقاليم، كأغلب أزمات الدولة في إفريقيا.

في ضوء محددات ذلك الصراع المتجذر في أعماق مجتمع متنوع بذاته، ازداد المجتمع انقسامًا بفعل سوء إدارة التعدد؛ على النحو الذي فشلت معه أهداف الاندماج الوطني والتعايش السلمي، وفشل نموذج الفيدرالية الإثنية في حلّ المظالم المجتمعية، وكذلك فشل مقاربة أبي ونموذجه المركزي، الذي استهدف من ورائه ترسيخ حكمه عبر اللعب على التناقضات السياسية والمجتمعية؛ وأدى فقدان سيطرة الدولة على الاحتكار الشرعي للقوة، مع انتشار الميليشيات العرقية في كافة الأقاليم، التي تمارس العنف، دفاعًا عن هوية عرقية، بما يتعارض مع الهوية القومية الجامعة، التي تجمعها عناصر مشتركة أو حتى رغبة في العيش المشترك، وهو ما يفتقد إليه المجتمع الإثيوبي، الذي تسعى كل عرقية إلى فرض لغتها وهويتها الثقافية، وكذلك الدينية، بما أدخل الكنيسة والدين على خط الصراع، علاوة على مظاهر تعكس غياب الهوية الوطنية، كرفع أقاليم وعرقيات بعينها لأعلام الإقليم بجانب علم الدولة الوطنية. 

كل تلك المؤشرات الصراعية، لا يجب أن تحصر الانتباه على المواجهة المفتوحة بين الحكومة المركزية وجبهة التيجراي، بل يجب أن يتم النظر إلى هذا الصراع الجاري، وفشل نموذج آبي المركزي في مجتمع شديد التنوع، برؤية أعمق ترتبط بإشكالية الاندماج الوطني والتعايش السلمي، وهي الإشكالية التي لا تزال تقف حائلًا أمام تطور النظام السياسي والمجتمع الإفريقي، وريث الاستعمار، منذ ستينيات القرن الماضي.

ورغم ما حققته إثيوبيا من مؤشرات نمو اقتصادي مرتفعة، في ظل حكم التيجراي والراحل ميليس زيناوي، إلا أن التسلطية التنموية وعدم عدالة التوزيع، وكذلك عدم انعكاس مؤشرات النمو تلك على تنمية حقيقية للدولة؛ أسفرت في النهاية عن كشف اللثام عن بواطن هشاشة الدولة الإثيوبية. 

وبدلًا من الحديث عن دولة تحقق أعلى معدلات نمو اقتصادي في إفريقيا، بات الحديث عن كيفية التدخل لوقف الصراع وإحلال السلام، ورأب الصدع في المجتمع المتنافر، ناهيك عن الضعف الذي اعترى الاقتصاد الهش، وهبوط معدلات النمو بشكل سريع، على نحوٍ يدحض مزاعم الدولة الصاعدة إفريقيا.

البحث عن عقد اجتماعي

أصبح البحث عن عقد اجتماعي جديد، بديلًا عن الفيدرالية الإثيوبية، وكذلك ملائمًا عن نموذج ” مديمير”، الذي رفعه أبي في وجه الانقسامات المجتمعية، التي تكافح الآن للإبقاء على هويتها في مواجهة نموذج ” الإثيوبيانية” وحزب الإزدهار الذي يشعر في إطارها الإثيوبيين بضاع الهوية والاستسلام لقهر عرقية ونخبة حاكمة لا تلتفت لمصالح القوميات المختلفة. 

ورغم المبادرات الدولية التي تدعو الآن لوقت غير مشروط للصراع والجلوس لطاولة التفاوض، وتسهيل مرور المساعدات للإقليم؛ فإن الهدف الذي يجب أن يدفع في اتجاهه كافة الأطراف الإقليمية والدولية وكذلك الحكماء والمسؤولين الإثيوبيين هو الحوار الوطني الشامل، الذي يهدف إلى معالجة جذور الأزمات بين كافة الأقاليم والعرقيات، وتقديم نموذج بديل أو موازي لنموذج الفيدرالية الإثيوبية، التي قدمها تحالف الشعوب الثورية، بعد صراع لعقود مع نظام منجستو.

وكما يكافح آبي من أجل مواجهة السياسات العرقية وتحقيق طموح توحيد إثيوبيا موحدة، فإن القوميات تثق في سياسة النفس الطويل في تقويض السلطة المركزية، والتي بات يطلق عليها الساخطون ” الدرج 2″، في إشارة إلى نظام منجستو ” الدرج 1″، الذي تم اسقاطه في التسعينات بعد تحالف القوميات والشعوب الإثيوبية وحركات التحرر القومية، التي تكافح الآن من أجل أهداف قومية كافحت من أجلها مسبقًا. 

يشير هذا الوضع إلى أن الصراع أصبح صفريًا، على نحوٍ يقتضي معه المزيد من الضغط على الحكومة المركزية للجلوس إلى التفاوض، وإيصال البلاد لانتخابات نزيهة وشفافة، التي كانت الهدف الذي تولى من أجله آبي خلفًا لديسالين.

هذا الحوار، يجب أن يؤسس على الثقة في إمكانية الوصول لصيغة تحافظ بقاء وتماسك الدولة، لكن هذه الصيغة غير حاضرة الآن، في ظل غياب الثقة، وعدم شعور الأقاليم بالرغبة في العيش المشترك، بعدما استبدت السلطة المركزية وأساءت استخدام أدوات القهر والنفوذ التي تحتكرها الدولة.

وما يعزز من تلك الفرضية، رفض صيغة الحكم الذاتي التي طالبت بها عرقية سيداما في 2018، وكذلك منع نصيب إقليم التيجراي من الموازنة عقابًا لحكامه على عقد الانتخابات الإقليمية ومواجهة الحكومة المركزية، واغتيال المطرب الأورومي هاشاليو، وسجن قيادات التيجراي، وشن الهجوم العسكري وتعريض المدنيين للمجاعة والنزوج واللجوء والقهر.

أضف إلى مظاهر غيب الثقة بين المركز والأقاليم، غيابها بين الأقاليم ذاتها، مع فقدان الثقة والخبرة التاريخية الصراعية وتنامي العدوات والعنف المجتمعي، ونستدعي هنا لجنة الحوار بين إقليمي الأمهرا والتيجراي على الأراضي المتنازع عليها الحدودية بينهما، والتي اتهم فيها التيجراي السلطة المركزية بالانحياز للأمهرا، وكذلك الاتفاق المعقود بين العفر والإقليم الصومالي، ولم يتم تطبيقه واستمرار النزاع على الأراضي والموارد الحدودية، وكذلك استمرار قوميات رافضة للفكرة المركزية، على النحو الذي يدفع القوميين المشتشددين مواجهة ليس فقط السلطة المركزية، ولكن أيضًا مواجهة السلطة الإقليمية، حال تحالفها مع السلطة المركزية، في إطار صيغة قومية؛ بما يطرح قضايا العدالة الجغرافية في التنمية، وكذلك إدارة الحدود، ذلك الملف الموروث عن الاستعمار، وظل حتى يومنا هذا محركًا للصراعات العرقية والإثنية.

فبينما يتم تعرف الدولة وفقًا لعلم السياسة، بأنها نتاج التقاء عوامل الجغرافيا أو الأرض وسكان يقطن هذه الأرض وسلطة مركزية يرتكن إليها الشعب ويمتثل لها، فإن الصراعات على الأرض والموارد بين السكان والعرقيات تؤدي في النهاية إلى تقويض فكرة الدولة الإثيوبية، مع الاستماتة الإقليمية على تحديد حدود الإقليم وعدم التنازل عن جزء جغرافي يعتقد تاريخيًا أنه يؤول لعرقية بعينها، ناهيك عن رفض الاعتراف بشرعية السلطة المركزية، والسعي لرفع أعلام الأقاليم المختلفة وتعرض الأقليات العرقية القاطنة على أرض إقليم مجاور للاضطهاد كأقلية منبوذة أو وقود للانتقام، مثلما يتعرض الأمهرا للعنف في إقليم أوروميا والعكس. 

كل تلك المؤشرات الصراعية والمجتمعية، تعيد طرح سؤال الدولة الإثيوبية مرة أخرى، وهل ضم الحبشة تاريخيًا للأقاليم والممالك المجاورة، وبقاء السلطة المركزية قائمة على مرّ التاريخ الحديث، ساهم في خلق هوية وطنية جامعة تؤسس للعيش المشترك وإدارة التناقضات بين هويات مختلفة. 

وهل النموذج الفيدرالي، الذي ساهم في تماسك البلاد طيلة عقود ثلاثة، بات مرفض كليًا، أم يمكن العمل على إصلاح عوامل الضعف التي تعتريه، بدلًا من انهيار النموذج الإثني وإنهيار الدولة معه، بدلًا من توحيدها كما يرغم آبي.

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

شيماء البكش

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى