
سياق مأزوم.. انتخابات الصومال بين “هشاشة الأمن” و “انقسامات السياسة”
تمرّ الصومال بمنعطف جديد، في سياق الجدل الدستوري والقانوني وما يحيط به من انقسام سياسي، بشأن إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، خاصة مع انتهاء ولاية البرلمان في السابع والعشرين من ديسمبر الماضي، وانتهاء الولاية الرئاسية للرئيس محمد عبد الله فرماجو، في الثامن من فبراير الجاري، وما صاحب ذلك التعقيد السياسي من اضطرابات أمنية، على نحوٍ ينذر بانتكاسة البلاد والعودة مرة أخرى للاقتتال الأهلي.
سياق مأزوم
تشهد عملية إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، كخطوة نحو بناء الهياكل والمؤسسات الدستورية، بالتوازي مع بناء الهياكل الأمنية وإرساء الاستقرار، في إطار عملية إرساء الاستقرار وبناء الدولة، حالة من التأزم، على نحوٍ يثير الشكوك في إمكانية تجاوز البلاد أزمتها الدستورية وما يحيط بها من انقسام بين النخب السياسة.
وثارت هذه الأزمة، منذ أن صدر القانون المنظم للعملية الانتخابية” صوت واحد لشخص واحد”، الذي ينظم لعملية التصويت المباشر للناخبين، عوضًا عن نظام المحاصصة القبلي في التصويت والمعروف بنظام “4.5”. وكان نظام التوصيت المباشر، أحد مستهدفات المسار الانتقالي للبلاد، الذي حاول رؤساء متعاقبون إرساءه كأحد الخطوات الدستورية في عملية بناء الدولة، بجانب إعادة بناء المؤسسات الأمنية وإرساء حالة الأمن في البلاد، ووضع دستور دائم وإجراء انتخابات دستورية نزيهة تؤسس لعملية سياسية ديمقراطية.
وبينما لم يفلح أيّ من الرؤساء السابقين في إيصال البلاد لذلك النظام الانتخابي، عُقدت الآمال على الرئيس “فرماجو” في تهيئة البلاد لانتخابات دستورية نزيهة ومباشرة، تتوافق ومعايير الديمقراطية، ذلك بالتزامن مع تأهيل المؤسسات الأمنية لتولي مسؤولية ضبط الأمن والاستقرار في البلاد، كخطوة نحو انسحاب بعثة حفظ السلام “أمصيوم”.
غير أنه بخلاف المأمول؛ جاء نظام فرماجو لينسج شبكة من التحالفات الداخلية والإقليمية، التي من شأنها العمل على تثبيت دعائم حكمه في البلاد، وكانت قطر وتركيا أوائل الحلفاء الذين لعبوا دورًا هامًا في الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية بالبلد المأزوم سياسيًا وأمنيًا.
وعليه، جاءت إدارة فرماجو معززة للانقسام والتناحر السياسي أكثر منها مؤسسة لحالة من التوافق، يمكن من خلالها تجاوز الانقسامات القبلية والسياسية بالبلاد. وجاءت تعييناته للقيادات في الاجهزة الأمنية والموافق القيادية، لتعكس تلك المعادلة المقلوبة.
كما أنه دخل في مواجهات مع الولايات الإقليمية، الذين اختلفوا معه على قضايا السياسة الإقليمية، وكانت بونتلاند وجوبالاند في مقدمة تلك الولايات. فسحبت الحكومة الفيدرالية اعترافها بنتائج الانتخابات في ولاية جوبالاند، في محاولة لتعيين موالين إقليميين لها في الولايات الإقليمية، لضمان إعادة انتخابات فرماجو رئيسًا للبلاد مرة أخرى.
في ظلّ ذلك الواقع المنقسم، عزمت البلاد إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، خاصة مع ضغط المعارضة على إجراء الانتخابات، وعدم التعلل بفيروس كورونا أو عدم مواتاة الظروف الأمنية لإجرائها. ذلك بعدما تبيّن للمعارضة من النخب السياسية ورؤساء الولايات الإقليمية مساعي الحكومة الفيدرالية لتمديد ولاية البرلمان وبالتبعية ولاية الرئيس نظرًا للظروف الأمنية، في محاولة من الرئيس الموالي لقطر وتركيا لتمديد حكمه.
وبعدما تقرّر عقد الانتخابات، ثارت العديد من الانقسامات في الرؤى والمواقف بين الحكومة الفيدرالية والنخب السياسية، بطريقة تعكس حالة أعمق من الانقسام المجتمعي، تجلى في حالة الجدل على الانتخابات. وكان الجدل حول ” القانون الانتخابي” أبرز تلك الانقسامات، خاصة بعدما ارتأت المعارضة أن نظام التصويت المباشر هو حيلة من فرماجو للالتفاف على نظام التصويت القبلي بعدما فقد التأييد له على مستوى الكثير من القبائل والولايات الفيدرالية.
ودخلت المعارضة في مسار جدل مع الحكومة الفيدرالية، بغرض الضغط عليها للتخلي على تلك الصيغة القانونية، وتنظيم الكثير من قضايا الخلاف. وانتهى هذا الجدل، بعد جولات تشاورية في مدينة طوسمريب، عاصمة ولاية جلمدغ، بتوقيع وثيقة توافقية في 17 سبتمبر 2020.
قضت هذه الوثيقة بعقد الانتخابات البرلمانية في نوفمبر الماضي، والرئاسية في فبراير الجاري، مع توضيح الإجراءات التنظيمية التي وفقًا لها تعقد الانتخابات. غير أن هذه الوثيقة، لم تساعد في حسم الخلافات البينية بين النخب السياسية؛ مما ساهم في الوصول إلى انتهاء ولاية البرلمان في 27 ديسمبر 2020، وانتهاء ولاية الرئيس في السابع من فبراير الجاري، دون إجراء الانتخابات.
وفي تلك الفترة، التي تلت توقيع الوثيقة التوافقية، وعلى مدار خمسة أشهر؛ تصاعدت الخلافات مرة أخرى، إلى الحد التي تثور معه الشكوك بشأن انجرار البلاد لمصير مجهول، مع الاشتباكات التي شهدتها العاصمة مقدشيو في 18 فبراير الجاري، تزامنًا مع المظاهرات التي دعت إليها المعارضة السياسية.
قضايا خلافية
عادت القضايا محل الخلاف مرة أخرى للواجهة، بعدما ارتأت المعارضة أن الحكومة الفيدرالية لا تلتزم بما تمّ التوافق عليه في وثيقة 17 سبتمبر، بشق الأنفس في مسار طوسمريب، مما صّعد الخلاف مرّة أخرى، على قضايا عدة، كان تشكيل اللجان الانتخابية في مقدمتها.
وتجدر الإشارة إلى تعقد السياق الأمني الذي تُجرى في إطاره الانتخابات؛ فتزامنًا مع المؤتمر التشاوري، الذي كان مقررًا بين الحكومة الفيدرالية والمعارضة؛ بشأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في الأول من فبراير الجاري، بمدينة طوسمريب، عاصمة ولاية جلمدغ؛ بعدما رفضت ولاية بونت لاند استضافة المؤتمر، شهدت المدينة سقوط عشرة قذائف على مطار المدينة والأحياء المجاورة، من قبل حركة شباب المجاهدين وكان هذا المؤتمر هو المحاولة الأخيرة للتوافق حول الترتيبات الانتخابية.
وكان مقررًا التشاور بشأن حسم الجدل حول اللجنة الانتخابية وأزمة إقليم جدو وإمكانية سحب الحكومة القوات الفيدرالية من الإقليم قبل الانتخابات، والترتيبات المتعلقة بالمرشحين والوفود المشاركة في الانتخابات من صوماليلاند.
اللجنة الانتخابية: جاء تشكيل اللجنة الانتخابية كأولى البوادر على تصعيد الخلاف بين الطرفين مرة أخرى. فمع إصرار الحكومة الفيدرالية على أنها الجهة المسؤولة عن تنظيم العملية الانتخابية، عيّن رئيس الوزراء محمد حسين روبلي في الخامس من نوفمبر الماضي، أعضاء لجنة الانتخابات التي تتولى الإشراف على سير العملية الإنتخابية، تتكون من 25 عضوًا، كما شكل رئيس الوزراء لجنة أخرى تتكون من 21 عضوا تعمل على حل الخلافات في الإنتخابات البرلمانية والرئاسية، دون التشاور مع الشركاء الآخرين في مسار طوسمريب.
أثار تشكيل تلك اللجنة جدلًا واسعًا بين مرشحين الرئاسة، ورفض رؤساء ولايتي جوبالاندو وبونتلاند التعاون معها، بعدما ارتأت المعارضة أنه في آلية تشكيل تلك اللجان مساعي لضمان إعادة انتخاب فرماجو مرة أخرى.
وفي خطوة نحو توحيد جهود المعارضة، أصدر 12 مرشحًا رئاسيًا في 10 نوفمبر بيانًا مشتركًا يطالبون فيه بإجراء تعديلات على اللجان الانتخابية، وسحب الموظفين الحكوميين والظباط الأمنيين من اللجان المشكلة، وإلا سيقاطعون الانتخابات.
إقليم جدو: يعكس المسار الانتخابي لإقليم جدو الخلاف بين الحكومة الفيدرالية وحكومة ولاية جوبالاند التابع لها الإقليم. ففيما يخص الإقليم، يصرّ رئيس ولاية جوبا أحمد مدوبي على سحب قوات الحكومة الفيدرالية وإدارة الإقليم الموالية للحكومة الفيدرالية قبل إجراء الانتخابات، وهو ما عارضته الحكومة الصومالية، خشية فقدان أعضاء البرلمان الموالين لها القادمين من الإقليم، بما يجهض من جهود فرماجو للبقاء في الحكم. بينما يرى رئيس إقليم جوبالاند أن سيطرة الحكومة الفيدرالية على الإقليم التابع لولاية جوبا يضعف من سلطته كرئيس لولاية، وقد يمهم للإطاحة به في المستقبل، حال فاز فرماجو بولاية ثانية، بعدما رفض الاعتراف به سابقًا كرئيس للولاية. وعليه، أصبحت مسألة إقليم جدو مسألة مصيرية وخلافية، على نحوٍ قد يعرقل من المسار الانتخابي.
وفي ظلّ تلك الأزمة، اتفق قادة المعارضة على تكوين رؤية مشتركة لمواجهة تسلط الحكومة الفيدرالية واستئثارها بالمسار الانتخابي. ويمثّل الفراغ الدستوري الحالي، فرصة للمعارضة لإضعاف موقف الحكومة الفيدرالية.
خاصة وأن ولاية جوبالاند لن تسمح بتمرير خطة الحكومة في محافظة جدو التابعة لها، على نحوٍ أنذر باندلاع المواجهات حال عقد الانتخابات. كما أن المجتمع الدولي لن يعترف بانتخابات غير توافقية ولن يعترف بنتائجها، مما يدفع بالضغط على الرئيس فرماجو وحكومته بتأجيل الانتخابات والتوصل إلى تفاهمات مع الحكومات الولائية المعارضة والقوى السياسية الرافضة للمسار السياسي الذي تقوده الحكومة.
وبالفعل سعت المعارضة لإفشال كافة مساعي الحكومة الفيدرالية، وعزمت على تنظيم مظاهرات واحتجاجات في العاصمة مقديشيو وولايات هرشبيلي وجلمدغ لمنع تنظيم الانتخابات، مما أدى لإندلاع مواجهات وعنف في العاصمة مقديشيو في الثامن عشر من فبراير الجاري.
تمثيل صوماليلاند:
مع اعتراض المعارضة على آلية تمثيل ممثليها في اللجنة الانتخابية، قام رئيس مجلس الشيوخ، محمد عبدالله حاشي، بتمرير نظامًا انتخابيًا، بعيدًا عن حكومة مقديشيو، في 19 نوفمبرالماضي، خاصًا بممثلي صوماليلاند في غرفتي البرلمان، بعدما رأى أن اللجان المشكلة لا يعبر ممثليها عن التمثيل القبلي في تلك المناطق. وبعد يومين من ذلك التاريخ، اتجه حاشي إلى تشكيل اللجان الانتخابية الخاصة بها. فيما لم تشكل ولايتي جوبالاند وبونتلاند اللجان الإقليمية، مقابل إصرار الحكومة الفيدرالية على موقفها تجاه تشكيل اللجان. وصرّح بعض المسؤولين الفيدراليين أن تشكيل اللجان لم يختلف عن تلك التي تشكلت في عام 2016، على نحوٍ فاقم من الأزمة على آلية تشكيل اللجان الانتخابية.
مستقبل غامض
أصبح مستقبل العملية السياسية في البلاد يكتنفه الغموض، ولم يعد التفاؤل الذي ساد التقييمات التي مهدت لانسحاب بعثة حفظ السلام نهاية العام الجاري، وتسليم المهام الأمنية للجيش الصومالي، وتولي حكومة قيادة المسار الانتقالي السياسي، بعدما تعقدت الأوضاع السياسية، على نحوٍ ساهم في مزيد من تردي الأوضاع الأمنية، وهيأ الساحة لانتشار حركة شباب المجاهدين. فقد تصاعدت ضربات الشباب في العاصمة مقديشيو، مطلع الشهر الجاري، تزامنًا مع المؤتمر التشاوري الذي كان من المفترض عقده بين المعارضة والحكومة، في مقديشيو.
وبعد أن تعذر هذا اللقاء، تمّ الاتفاق في منتصف الشهر الجاري على تشكيل لجنة فنية، مكونة من 14 عضوًا. ودعا أعضاء مجلس المرشحين للانتخابات الرئاسية، بعدما شهدت البلاد فراغًا دستوريًا، إلى عقد مؤتمر موسع لمناقشة القضايا الخلافية، وفقًا لاتفاق سبتمبر 2020. ذلك على أن يشارك فرماجو بصفته مرشحًا للانتخابات الرئاسية وليس رئيسًا، وتغيير لجنة الانتخابات الوطنية المشكلة من قبل الحكومة الفدرالية، وتشكيل لجنة انتخابات ولاية صوماليلاند، وحل المشاكل الأمنية والإدارية بإقليم جدو قبل تنظيم الانتخابات بالبلاد.
فيما دعا الرئيس فرماجو رؤساء الولايات وعمدة مقديشيو، لمؤتمر تشاوي، يعقد يومي 18 و19 فبراير، وفقًا لتوصيات اللجنة الفنية، التي عقدت في بيدوا، يومي 15 و16، وفي ضوء مخرجات اتفاق سبتمبر 2020. فيما شهدت العاصمة مقديشيو هجمات الشباب في ذلك التوقيت ولم يعقد المؤتمر التشاوري، وخرجت مظاهرات للمعارضة انتهت بمصادمات.
وعليه، أصبح مستقبل العملية السياسية ومصير البلاد بأكملها في طور الغموض، على نحوٍ ينبئ باحتمالين:
الإنزلاق للهاوية: تشير السجالات الحادثة إلى درجة كبيرة من عدم التوافق وانعدام الثقة بين شركاء العملية السياسية، خاصة بعدما أخلت الحكومة الفيدرالية ببنود اتفاق 17 سبتمبر. وتشير الجولات والاجتماعات الحالية إلى نفس المسار الذي تمّ تبنيه في طوسمريب قبل التوصل للاتفاق الذي تمّ الإخلال به، على نحوٍ ينذر بعدم جدوى أيّ اتفاق يتمّ التوصل إليه.
ومما يعقد الوضع، السياق الأمني الذي تجري فيه تلك التفاعلات، على نحوٍ ينذر بحالة من التردي الأمني، وفقدان المكاسب الأمنية المتحققة على مدار الأعوام الماضية، وهو ما أكدته هجمات حركة الشباب، التي شنّت هجومًا بالتزامن مع المظاهرات التي دعت إليها المعارضة. وقد أعرب رئيس ولاية بونتلاند عن شكوكه في القوات التي شنت الهجوم، بانها قوات دربتها تركيا في الصومال يطلق عليها “غورغور” النسور”، كميليشيات تستخدمها الحكومة ضدّ المعارضة، بدلًا من مواجهة حركة الشباب”. ويعكس هذا الوضع مساهمة فرماجو في العودة بالبلد المأزوم للخلف، بدلًا من إنهاء حالة من الهشاشة عانت منها البلاد على مدار عقود ثلاثة.
ومما يعقد الوضع، حالة إقليم جدو بولاية جوبالاند، فإذا تصورنا موافقة الحكومة الفيدرالية على إعادة تشكيل اللجان الانتخابية، فمن الصعوبة التوصل لتوافق حول إقليم جدو، في ظل الدبلوماسية الكينية تجاه جوبالاند، واتهامات الحكومة الفيدرالية لها بالعبث في البلاد. ذلك في مقابل اتهامات المعارضة للحكومة الفيدرالية بالولاية لتركيا وقطر، على نحوٍ يضر بمستقبل البلاد، مما يعكس التأثير السلبي للتقاطعات الإقليمية على مستقبل البلد السياسي والأمني. وبهذا من المتوقع تعقد الأزمة بين جوبالاند والحكومة الفيدرالية، على نحوٍ قد يجرّ البلاد لمصير مفتوح، كما حدث مع صوماليلاند.
التوافق الهش: في ظلّ كل تلك التعقيدات، قد يتم التوصل إلى توافق هش، يتم في ضوئه عقد الانتخابات. وما يعزز من تلك الفرضية، الضغوط الدولية على شركاء العملية السياسية. فقد اجتمع فرماجو مع وفد دوليّ، يضمن وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لدى الصومال، جيمس سوان.
وفي 20 من فبراير الجاري، دعا رئيس ولاية جلمدغ إلى التوسط بين الحكومة الفيدرالية والمعارضة، فعقد أحمد قرقور لقائين منفصلين مع الرئيسين السابقين، شريف شيخ أحمد وحسن شيخ محمود في مقديشيو. وبالمثل اجتمع معهما رئيس ولاية هرشبيلي في اليوم التالي على هذا الاجتماع، ذلك قبل حضور المؤتمر التشاوري المقرر في العاصمة 21 فبراير.
فيما اجتمع فرماجو ورئيس الوزراء ومحافظ إقليم بنادر ورؤساء الولايات الثلاثة، في 21 فبراير، دون حضور رئيسا ولايتي جوبا لاند وبونتلاند، في ضوء توصيات اللجنة الفنية ومخرجات اتفاقية 17 سبتمبر 2020.
وفي 23 فبراير، أجرى أحمد مدوبي، رئيس ولاية جوبالاند، محادثات مع وفد دولي يقوده الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصومال سفير الاتحاد الأوروبي لدى الصومال نيكولاس بيرلانغا والسفير الإيطالي لدى الصومال والسفير الأمريكي الذي شارك في اللقاء عبر الانترنت ، في كسمايو عاصمة ولايته. وناقش مدوبي مع الوفد الوضع السياسي في الصومال والجهود المبذولة في تنفيذ اتفاقية 17 سبتمبر 2020 الخاصة بالانتخابات الفيدرالية المثيرة للجدل.
وبالمثل اجتمع رئيس بونتلاند مع الوفد الدولي، الذي حدد شروطه بعزل قيادات الشرطة والجيش والمخابرات لتورطهم في أحداث عنف مقديشيو وأكدت الولاية ضرورة توسيع دور الشركاء الدوليين لضمان تنفيذ النموذج الانتخابي بعد فشل الحكومة الصومالية في احترام ما تم الاتفاق عليه في السابق، وإشراك أصحاب المصلحة السياسية ومنظمات المجتمع المدني في مسيرة الانتخابات للحصول على ثقة جميع الأطراف وضمان الشفافية.
وبالفعل توصلت الحكومة الفيدرالية ومجلس اتحاد المرشحين المعارضة، في 25 فبراير الجاري، إلى اتفاق مكوّن من ستة بنود، من بينها: اعتذار الحكومة عن أحداث العنف، والاعتراف بالحقوق الدستورية للتعبير عن الرأي، ومواصلة المشاورات السياسية بين الطرفين، مما ألقى بظلاله على العاصمة مقديشيو، التي شهدت هدوءًا نسبيًا عن الأسابيع الماضية.
وبهذا، من المتوقع أن تساهم الضغوط الدولية في التوصل إلى توافق الحدّ الأدنى بين أطراف العملية السياسية، بهدف إجراء الانتخابات، إلا أن إجرائها لن يكن الضمانة لإرساء الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، وستظل إجراء دستوريا شكليا، لا يعبر عن حالة المؤسسية والديمقراطية التي سعى الشركاء الدوليّون إلى إرسائها في البلاد، منذ ثلاثة عقود.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية



