مكافحة الإرهاب

الجمع بين الإرهاب والجريمة.. استراتيجية “بوكو حرام” في نيجيريا

أعلنت الشرطة النيجيرية يوم الجمعة أن مسلحين مجهولين اختطفوا 317 طالبة من بلدة جانجيبي شمال غرب نيجيريا، ويأتي هذا الحادث كثاني عملية خطف مع مطلع عام 2021، ففي 17 فبراير الجاري، اختطف مسلحون مجهولون قرابة 42 شخصًا بينهم 27 طالبًا في هجوم مسلح على مدرسة داخلية في ولاية النيجر في قرية كاغارا في نيجيريا، ولم يتم إطلاق سراح الرهائن حتى الآن.

بوكو حرام واختطاف الرهائن

لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن العمليات التي سبق ذكرها، ولكن عادة ما تتهم جماعة بوكو حرام في نيجيريا التابعة لتنظيم داعش الإرهابي بتبني القيام بمثل هذه العمليات والتي تعد أيدولوجية متأصلة لديها لتحقيق مآربها. ومن أبرز عمليات الاختطاف التي قامت بها جماعة بوكو حرام في نيجيريا، ما يلي:

  • في فبراير 2013: أعلنت الجماعة في شريط فيديو لها قيامها باختطاف 7 رهائن فرنسيين من أسرة واحدة في الكاميرون.
  • في إبريل 2014: قامت الجماعة باختطاف 276 طالبة من مدرسة ثانوية حكومية في بلدة ” تشيبوك” بولاية ” برنو” شمال نيجيريا.
  • في إبريل 2017: اختطفت الجماعة 22 فتاة بشكل فردي خلال هجمات في عدة قرى شمال شرق نيجيريا.
  • في فبراير 2018: قامت الجماعة باختطاف 111 تلميذة في هجوم مسلح شنتة على مدرسة في قرية “دابتشي” بولاية “يوبي” في نيجيريا.
  • في سبتمبر 2019: اختطف مسلحون 3 فتيات من مدرسة في “لاغوس”، العاصمة التجارية لنيجيريا.
  • في أكتوبر 2019″: أعلنت الشرطة النيجيرية اختطاف 6 طالبات من مدرسة حكومية داخلية في مقاطعة ” كادونا” شمال غرب نيجيريا.
  • في ديسمبر 2020: أعلنت الجماعة في تسجيل صوتي لها اختطاف 400 طالب في هجوم مسلح شنته على إحدى المدارس الثانوية في محافظة “كانكارا” التابعة لولاية “كاتسينا” في نيجيريا، وتم إطلاق سراح الطلاب بعد أسبوع من المفاوضات.

تجارة مربحة

تعد عملية اختطاف الرهائن استراتيجية أساسية تنتهجها جماعة بوكو حرام الإرهابية لتقوية وتعزيز نفوذها في المنطقة، حيث تراها تجارة مربحة تحقق من خلالها أهدافها الإرهابية، وذلك على النحو التالي:

  • السيطرة على الثروات: تسعى جماعة بوكو حرام من خلال ممارستها للنشاط الإرهابي، ولا سيما في شمال نيجيريا، إلى السيطرة على ثروات هذه المنطقة الغنية بالنفط، وتعتقد الجماعة أنها إذا تمكنت من السيطرة على هذه المنطقة؛ فسيصبح بإمكانها توسيع نفوذها الإقليمي إلى باقي ولايات نيجيريا.
  • الحصول على مصادر للتمويل: تحصل الجماعة من خلال عمليات الخطف واحتجاز الرهائن على مصادر دخل لتمويل أنشطتها الإرهابية. ووفقًا لتقرير صادر عن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في يناير الماضي، تحت عنوان: “الاختطاف.. ظاهرة مقلقة تخدم أجندة الإرهاب في إفريقيا”، يتم دفع حوالي 100 مليون دولار لجماعة بوكو حرام كفدية مقابل الإفراج عن الرهائن الأجنبية المحتجرة، إذ تقوم الجماعة باختطاف السياح والجنود الغربيين للمطالبة بفدية مقابل الإفراج عنهم.
  • الضغط على السلطات النيجيرية: تمثل هذه العمليات تحديًا كبيرًا للسلطات النيجيرية التي تسعى إلى القضاء على نشاط الجماعة الإرهابي، وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.
  •  كسب نفوذ قوي في المنطقة: تتبنى جماعة بوكو حرام استراتيجية جديدة من أجل استقطاب العصابات المحلية في المنطقة للقيام بعمليات إرهابية تتوافق مع أيديولوجيتهم، لمحاولة كسب نفوذ أقوى في المنطقة. فوفقًا للتقرير السابق ذكره الصادر عن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، تعاني منطقة بحيرة تشاد بأكملها من عمليات الخطف التي تقوم بها جماعة بوكو حرام، إذ تشير الإحصاءات إلى أن الجماعة قامت حتى الآن بحوالي 58 عملية اختطاف جماعي، على مدى الأعوام الخمس الماضية، معتمدة على ذلك على العصابات المحلية وجماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، كما أشار التقرير إلى أن الجماعة تجند 3 عصابات محلية لاختطاف التلاميذ في شمال غرب نيجيريا.
  • تجنيد عناصر جديدة: تلجأ جماعة بوكو حرام إلى استراتيجية الاختطاف لتجنيد عناصر جديدة تعوض النقص في مقاتليها؛ فبعد اختطاف الرهائن تعمل الجماعة على تجنيدهم وتشبيعهم بأفكارها المتطرفة، وإعدادهم للقيام بالعمليات القتالية والانتحارية.  

بوكو حرام الأكثر دموية في القارة السمراء

تعد جماعة بوكو حرام الإرهابية الأكثر فتكًا ودموية في القارة الأفريقية، حيث تتصاعد عمليات الخطف التي تشنها الجماعة في غرب أفريقيا خلال عام 2020، فخلال هذا العام شنت الجماعة نحو 115 عملية انتحارية ومواجهات مسلحة؛ أسفرت عن مقتل 1258 شخصًا وإصابة نحو 449 آخرين، وتم اختطاف ما يقرب من 307 أشخاص، وفقًا لتقرير صادر عن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في يناير الماضي.

ووفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020، الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، تقع جماعة بوكو حرام ضمن الجماعات الأربع الأكثر إرهابًا في العالم، والمسؤولة عن أكبر عدد من القتلى عام 2019. فقد ذكر التقرير أن الجماعة سجلت زيادة في النشاط الإرهابي في عام 2019، بعد فترة من التراجع المطرد. احتلت الجماعة المرتبة الثانية بين الجماعات الإرهابية الأكثر فتكًا في عام 2019، ولا تزال الأكثر دموية في أفريقيا جنوب الصحراء. منذ صعودها في عام 2009، وكانت مسؤولة عن آلاف الوفيات في جميع أنحاء منطقة حوض بحيرة تشاد في غرب إفريقيا.

استمرار تزايد النشاط الإرهابي

تحتل نيجيريا المرتبة الثالثة في قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب عالميًا وفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020، ولا يزال النشاط الإرهابي يتنامى بها مع مطلع عام 2021، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال متابعة العمليات الإرهابية التي وقعت في نيجيريا خلال شهري يناير وفبراير لعام 2021، وذلك على النحو التالي:

  • في 12 يناير 2021: شنت جماعة بوكو حرام هجومًا مسلحًا على كمين للجيش النيجيري في ولاية بورنو شمال شرق نيجيريا، وأسفر الهجوم عن مقتل 5 جنود نيجيريين وإصابة 17 آخرين.
  • في 15 يناير 2021: شن تنظيم داعش هجومًا مسلحًا على قاعدة “مارته” العسكرية في شمال شرق نيجيريا أسفر عن خضوعها لسيطرة التنظيم، وفى نفس اليوم قُتل 4 ضباط شرطة، وفُقد آخر في هجوم مسلح شمال غرب نيجيريا.
  • في 25 يناير 2021: قُتل6 أشخاص وأصيب 8 في هجوم شنه مسلحون في ولاية “كادونا” شمال غرب نيجيريا.
  • في 29 يناير 2021: اختطف مسلحون 30 شخصا وقتلوا 10 آخرين في سلسلة هجمات في الشمال الغربي لنيجيريا، بقرية “كونغي” بولاية “كادونا”.
  • في 8 فبراير 2021: قُتل 19 نيجيريًا وأُصيب آخران في هجومين مسلحين على قريتين بولاية “كادونا” الواقعة بشمال غرب نيجيريا.
  • في 10 فبراير 2021: قُتل 23 شخصًا في هجمات شنها مسلحون في عدد من المناطق بولاية “كادونا” شمال غرب نيجيريا.
  • في 21 فبراير 2021: قُتل 20 جنديًا نيجيريًا في تفجير انتحاري نفذه تنظيم داعش الإرهابي قرب بلدة “غونيري” بمنطقة “برونو” بنيجيريا.
  • في 23 فبراير 2021: قُتل 16 شخصًا على الأقل وأصيب 60 آخرين في هجوم على مدينة “مايدوجورى” شمال شرق نيجيريا.
  • في 24 فبراير 2021: قُتل 36 شخصًا في هجومين شمالي نيجيريا.

وفى ضوء ما سبق، يمكن القول إن تزايد نشاط جماعة بوكو حرام الإرهابية يفرض ضغوطًا كبيرة على الحكومة النيجيرية، ويحتم عليها البحث عن استراتيجية جديدة لمواجهة نشاط بوكو حرام التي تسعى إلى توسيع نفوذها في المنطقة يومًا بعد يوم، ويطرح أيضًا تساؤلات مهمة حول مستقبل الأوضاع الأمنية في نيجيريا وفى منطقة بحيرة تشاد بأكملها.

+ posts

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

منى قشطة

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى