
جرائم جماعة الإخوان الإرهابية وتهديدها للسلم والأمن القومي المصري
خاضت الدولة المصرية خلال السنوات العشر الماضية حربًا شرسًة ضد جرائم تنظيمات الإسلام السياسي وفي القلب منها جماعة الإخوان الإرهابية التي شنت ما اعتبرته “معركة وجود” ضد مؤسسات الدولة بعد الإطاحة بحكمها عام 2013؛ حيثُ شهدت مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو الدخول في مرحلة “الإخوانية الجهادية”، والتي تم التنظير لها في كتاب صادر عام 2015 حمل اسم ” فقه المقاومة الشعبية للانقلاب” وكذلك بيان نداء أرض الكنانة، وقد دعت هذه الكتابات أنصار جماعة الإخوان الإرهابية والخلايا والجماعات النوعية التي تولدت من رحمها إلى استهداف الدولة المصرية ورجال القوات المسلحة والشرطة والقضاء والإعلام بموجة إرهابية ضخمة تكبدت مصر على إثرها كلفة بشرية ومادية باهظة لهزيمة الإرهاب، واستعادة حالة الأمن والاستقرار اللازمة لتثبيت أركان الدولة المصرية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ إذ بلغت على الصعيد البشري 3277 شهيدًا، إضافة إلى 12 ألف و280 مصابًا. أما على الصعيد المادي، فقد قُدرت التكلفة بحوالي 84 مليار جنية حتى عام 2017، بتكلفة شهرية قدرها مليار جنية حسبما أفاد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في إبريل عام 2022. وفي هذا الصدد يستعرض التقرير التالي أبرز الأعمال الإجرامية التي ارتكبتها جماعة الإخوان الإرهابية ومساعيها للنيل من أمن واستقرار الوطن، وجهود الدولة المصرية لدحرها خلال السنوات الأخيرة.
ثلاث محطات لجرائم جماعة الإخوان الإرهابية خلال السنوات الأخيرة
** المحطة الأولى: بين أحداث 25 يناير حتى وصول الجماعة إلى الحكم في 24 يونيو 2012:
أ. اقتحام السجون:
قامت عناصر جماعة الإخوان الإرهابية خلال يومي 28 و29 يناير 2011 بمعاونة بعض العناصر الخارجة على القانون، باقتحام عدة سجون وتحديدًا التي تضم عناصر الإخوان وفي مقدمتهم محمد مرسى وخيرت الشاطر وسعد الكتاتنى وغيرهم، وجمعيهم سجنوا على خلفية قضايا تتعلق بزعزعة الاستقرار داخل الأراضي المصرية.
ب. استهداف مقرّات الأمن الوطني:
استهدفت جماعة الإخوان الإرهابية مقار جهاز الأمن الوطني في مصر في محاولة لمحو ذاكرة الأمن المصري، الذي كان عقبة أمام الجماعة في تنفيذ مخططاتها في مصر، ورصد ووثق جرائمهم، وأحبط الكثير منها، وتابع ورصد تخابرهم مع الجهات الأجنبية. وفي هذا الإطار، انطلقت دعوات عناصر الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو الى محاصرة مقار أمن الدولة واقتحامها وتدمير ما بها من وثائق ومستندات تدين الجماعة الارهابية في العديد من المخططات للإضرار بالأمن المصري.
وشنت العناصر التابعة للجماعة الإرهابية في محافظات مصر سلسلة من الهجمات في يوم واحد على مقار الجهاز، ومن ذلك اقتحام أهم مباني الجهاز في مدينة نصر، والاستيلاء على وثائق رسمية، وفى منطقة الشيخ زويد بشمال سيناء جرت محاولة للهجوم على مبني أمن الدولة واقتحامه عن طريق إطلاق النار، وتدخلت قوات الجيش المصري لوقف الاقتحام. وكذلك تعرض مباني الجهاز في بني سويف والإسكندرية ومرسى مطروح والشيخ زايد لمحاولات اقتحام.
جـ. حرق أقسام الشرطة:
احتشدت عناصر جماعة الإخوان في مختلف المحافظات المصرية عقب صلاة الجمعة يوم 28 يناير 2011 للتظاهر فيما اسمته “جمعة الغضب”، وتمت محاصرة أغلب أقسام الشرطة والتظاهر في محيطها وفي توقيت متزامن هوجمت جميع أقسام الشرطة بواسطة قنابل المولوتوف في كافة أنحاء الجمهورية وتم نهب الأسلحة من داخلها وتهريب السجناء منها، بجانب تدمير كافة الآليات والمركبات الخاصة بقوات الشرطة والأمن المركزي، وذلك لتقويض محاولات قوات الأمن إجلاء عناصرها أو تقديم الدعم اللوجيستي لها، مما أسفر عن انهيار جهاز الشرطة بحلول ساعات المساء ودخول الدولة المصرية في حالة غير مسبوقة من الفراغ الأمني.
د. تأجيج الشارع:
عمدت جماعة الإخوان الإرهابية إلى الحفاظ على اشتعال الميدان وتحفيز الاحتجاجات وخلق مظلوميات بين الشباب المتظاهرين عن طريق التسبب في حوادث قتل للمحتجين، بما يضمن استمرار سخونة الأحداث وخلق بيئة مواتية للسيطرة على حركة الشارع والتغلغل بين قطاعات المتظاهرين ومن ثم توظيفهم للاستيلاء على السلطة.
** المحطة الثانية: حكم جماعة الإخوان بين 24 يونيو 2012 وثورة 30 يونيو 2013:
أ. مُحاولات أخونة القضاء:
شهدت مؤسسة القضاء محاولات مستميتة من جانب الجماعة للسيطرة عليها، فيما عرف بـ “أخونة القضاء”، ومن ذلك عزل المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام آنذاك، وتعيين نائب عام آخر هو المستشار طلعت عبد الله، نائب رئيس محكمة النقض صاحب الميول الإخوانية. وقد توالت سلسلة المعارك التي خاضها نظام مكتب الإرشاد مع القضاء، ومن ذلك صدور قرار جمهوري بإعادة مجلس الشعب للانعقاد رغم صدور حكم المحكمة الدستورية بحلة، فيما تم اعتباره تحديًا من الرئيس للقضاء. كما عانى القضاة إبان تلك الفترة من محاولات التدخل والسيطرة، حيث سعت الجماعة إلى تعديل السلطة القضائية، بهدف تخفيض سن القضاة والإطاحة بما يقرب من 3000 من شيوخ القضاء وإحالتهم للمعاش المبكر. ووصلت المعارك ذروتها بعد أن أعلن مرسي في نوفمبر عام 2013 إعلانا دستوريًا حصن فيه قراراته من الطعن عليها أمام القضاء، وكل من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ومجلس الشورى من الحل. وكان هذا الإعلان قبل أسبوعين من إصدار المحكمة الدستورية العليا حكمها في دعوى بطلان مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور، حيث حددت المحكمة لهما جلسة 2 ديسمبر2012. إلا أن الجماعة حاولت منع القضاة من مباشرة عملهم بالقوة من خلال حصارهم للمحكمة الدستورية العليا، ولم يتمكن مستشاري المحكمة من الحضور إلى مقر المحكمة بسبب الحصار الأمر الذي دفع المحكمة وقتها إلى إرجاء النظر في الدعويين.
ب. مُحاولات تصفية جهاز الأمن الوطني:
حاولت جماعة الإخوان استثمار وصول أحد عناصرها لرئاسة الدولة للسيطرة على المؤسسات الأمنية بشكل عام، وقطاع الأمن الوطني بشكل خاص، وهو ما بدأته الجماعة باستصدار قرارات رئاسية بالعفو عن المدانين من عناصرها، وغيرهم من المنتمين للتيارات والتنظيمات الإرهابية الأخرى، لمُضاعفة العبء واستنزاف القطاع وضباطه. ثم اتجه الإخوان إلى استبعاد المخضرمين من قيادات وضباط القطاع عن ملفاتهم الرئيسة، لا سيما المسؤولين عن نشاط الجماعات الدينية والإرهابية، والتي شملت النقل إلى قطاعات أخرى، أو الإحالة للتقاعد أو غيرها من القطاعات الأمنية المناظرة التي لا تتصل بنشاط التنظيم، علاوة على محاولة الحصول على الملفات التي تدينهم وتكشف تخابرهم وتآمرهم على البلاد، والتدخل لتغيير اسم الجهاز.
وقبل عزل محمد مرسي بأيام تعرّض ضباط جهاز الأمن الوطني لمحاولات اغتيال مباشرة نجح بعضها وفشل البعض الآخر، كان أبرزها استشهاد الضابط محمد أبو شقرة، الضابط بمديرية أمن شمال سيناء في 9 يونيو 2013. وبعد عزل مرسي استشهد الضابط محمد مبروك، الضابط بقطاع الأمن الوطني، والشاهد الرئيسي في قضية التخابر الشهيرة، بعد أن استهدفته الجماعة الإرهابية في 18 نوفمبر 2013 أثناء توجهه إلى عمله.
جـ. مُحاولات أخونة الإعلام:
لم تفلت المؤسسات الإعلامية من أيدي الجماعة التي حاولت أخونة الإعلام وتشويه الرسالة الإعلامية، من خلال إنشاء العديد من القنوات الدينية المتشددة لبث أفكارها المتطرفة والإرهابية تحت ستار الدين. وقد فرضت الجماعة الخناق على النوافذ الإعلامية التي تعارض الجماعة وأنصارها. ومن أبرز الأحداث التي شهدتها فترة حكم الإخوان، محاصرة أنصار الجماعة مبنى مدينة الإنتاج الإعلامي ومنع العديد من الإعلاميين من الدخول إلى قنواتهم، وإغلاق أبواب المدينة في 6 أكتوبر بحواجز حديدية ومنع دخول وخروج العاملين وضيوف البرامج، كما دعت الجماعة أنصارها عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى اقتحام مدينة الإنتاج وتحطيم معدات القنوات المناوئة لها.
د. الاعتداء على مُعارضي مرسي:
بعد إصدار المعزول مرسي لإعلانه الدستوري الدكتاتوري الذي يمنحه سلطات واسعة؛ قرر عدد من شباب القوي السياسية والثورية إعلان الاعتصام في محيط قصر الاتحادية في 5 ديسمبر 2012 إلا أن أنصار الجماعة قاموا بالاعتداء على المتظاهرين السلميين أمام قصر الاتحادية. وشهدت الأيام التالية اندفاع أنصاره بالعنف والقوة المسلحة تجاه المتظاهرين، حتى وصل الأمر إلى قيامهم بإعداد مخيمات بالقرب من بوابات قصر الاتحادية وحولوها إلى مركز لاعتقال وتعذيب واستهداف المتظاهرين، وقد أسفرت تلك الاحداث عن مقتل 10 أشخاص وإصابة 748 آخرين دون أن يتخذ مرسي أي قرارات للحيلولة دون استمرار الاشتباكات بين مؤيديه ومعارضيه. وفي 22 مارس 2013، اعتدت عناصر الجماعة الشابة على المتظاهرين الرافضين لحكم جماعة الإخوان أمام مقر مكتب الإرشاد في المقطم، واستخدمت الجماعة في قمع تلك التظاهرات مختلف أنواع العنف تجاه المتظاهرين بداية من الرشق بالحجارة وزجاجات المولوتوف وحتى إطلاق النار عليهم، وأسفرت عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 91 آخرين.
ه. تقديم الدعم للعناصر الإرهابية:
قامت الجماعة بتعميق التواصل مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، في مقابل تقديم هذه الجماعات خدمات للإخوان لمساعدتها في تمكينها من السلطة في مصر، حيث أصدر الرئيس المعزول مرسي قرارًا بالعفو عن المئات من أعضاء تلك الجماعات والتنظيمات وجميعهم تم اتهامهم في قضايا (ارتكاب وتنفيذ عمليات إرهابية، حيازة أسلحة وذخيرة والتجارة فيها والسرقة بالإكراه)، وصدرت أحكام بإدانتهم، كما رصدت قوات الأمن دخول ما يقرب من (3000) جهادي إلى الأراضي المصرية، وبالتحديد في سيناء من العائدين من أفغانستان ، وتجاهل الرئيس المعزول جميع التقارير الأمنية التي أشارت لخطورتهم وتهديدهم للأمن العام في حالة إخلاء سبيلهم وتنفيذ قرار العفو. وقد ظهر التنسيق والتعاون مع الجماعات والتنظيمات الإرهابية خلال البيان الذي أصدره مرسي في أعقاب حادث اختطاف 7 جنود من القوات المسلحة والشرطة في العريش خلال مايو 2013، حيث طالب مرسي في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية قوات الجيش بضرورة الحفاظ على حياة الخاطفين والمخطوفين خلال قيامها بتنفيذ عمليات البحث عن المختطفين وتحريرهم، وهو الأمر الذي أكد وجود علاقة بين الجماعة وتلك التنظيمات الإرهابية.
** المحطة الثالثة: ما بعد ثورة 30 يونيو والإطاحة بحكم الجماعة:
أ. تشكيل تنظيمات مسلحة محلية:
شهدت مرحلة ما بعد سقوط حكم جماعة الإخوان الإرهابية في عام 2013 موجة إرهابية ضخمة، قادتها خلايا عنقودية تضمنت كيانات وجماعات مسلحة تولدت من رحم الجماعة، وضمت في صفوفها عناصر الإخوان والمتعاطفين معها، ومنها على سبيل المثال: “حركة سواعد ومصر” والتي تُعرف اختصارًا باسم “حسم” و “العقاب الثوري” و”المقاومة الشعبية” و “لواء الثورة” و “كتيبة الإعدام” و “كتائب حلوان”. وقد اضطلعت هذه الخلايا في تنفيذ عدد من الهجمات الدامية في محافظات الوادي، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر:
- وقوع انفجار بمحيط مقر دار القضاء العالي في 2 مارس 2015؛ أسفر عن استشهاد شخص، وإصابة 3 ضباط و2 مجندين و4 مواطنين، وأعلنت جماعة العقاب الثوري وقتها مسئوليتها عن التفجير.
- أعلنت حركة حسم تبنيها هجومًا في 17 يوليو 2016 استهدف اغتيال رئيس مباحث مركز طامية بمحافظة الفيوم.
- أعلنت حسم مسؤوليتها عن محاولة اغتيال مفتي مصر السابق علي جمعة في 5 أغسطس 2016؛ إذ فتح مسلحون النار عليه أثناء توجّهه لصلاة الجمعة في القاهرة، لكنه نجا من الهجوم.
- أعلنت حسم في 29 سبتمبر 2016 مسؤوليتها عن محاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز عثمان بواسطة سيارة ملغمة استهدفت موكبه بمنطقة التجمع الأول؛ مما أسفر عن إصابة شخص تصادف وجودة في موقع التفجير وقت حدوثه.
- أعلنت حسم في 4 نوفمبر 2016 تبينها عملية استهداف المستشار أحمد أبو الفتوح، وهو أحد أعضاء هيئة محاكمة الرئيس الإخواني المعزول مرسي آنذاك، بتفجير سيارة مفخخة أمام منزله، ولم يصاب المستشار بأذى.
- في 5 أغسطس 2019، استهدفت حركة حسم معهد الأورام، عبر سيارة احتوت على شحنة كبيرة من المتفجرات، مما أسفر عن استشهاد نحو 20 شخص وإصابة 47 آخرين.
ب. التلويح باستخدام العُنف بشكل علني:
كانت تصريحات أعضاء الجماعة بشكل علني عن ممارستهم للعنف خير دليل على تورط الجماعة الإرهابية في أعمال العنف والتخريب في شتي أنحاء البلاد، وعلاقتهم الوثيقة بالعمليات الإرهابية في سيناء للنيل من أمن الوطن ووحدة وسلامة أراضيه. ولعل تصريح محمد البلتاجي، القيادي بالجماعة في 8 يوليو 2013 أثناء اعتصام رابعة المسلح خير دليل على تورط الجماعة بأعمال العنف في البلاد، حيث قال حينها “ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي يعود فيها مرسي إلى مهامه”، في اعتراف واضح منه أن الإخوان تقود العمليات الإرهابية في سيناء، كتهديد الشعب من أجل تحقيق أهداف الجماعة الإرهابية.
جـ. الاعتداء على رجال القضاء:
استمرت العمليات الإرهابية لجماعة الإخوان تجاه الجهاز القضائي عقب ثورة 30 يونيو حيث تم استهداف القضاة الذين ينظرون في قضايا الإرهاب المتورط فيها عناصر التنظيم والذين يقومون بالإشراف على العمليات الانتخابية؛ ففي سبتمبر 2014 استشهد محمد محمود السيد نجل المستشار محمود السيد المورلي، رئيس محكمة استئناف القاهرة. وفي ديسمبر 2014 تعرض المستشار طارق أبوزيد رئيس محكمة جنايات الفيوم لمحاولة اغتيال. وفى يناير 2015 تعرض المستشار خالد المحجوب قاضى قضية الهروب من سجن وادي النطرون، التي كان متهمًا فيها محمد مرسى، لهجوم على منزله. كما حاولت الجماعة الإرهابية في مايو من العام نفسه اغتيال المستشار معتز خفاجي رئيس محكمة جنايات الجيزة والقاضي في قضية أحداث مكتب الإرشاد.
وفي مايو 2015 استُهدفت سيارة يستقلها عدد من وكلاء النيابة والقضاة في مدينة العريش، مما أسفر عن استشهاد ثلاثة قضاة وسائق السيارة، وإصابة اثنين، وجاء هذا الهجوم عقب إصدار حكم بإحالة أوراق الرئيس المعزول محمد مرسى و103 من قيادات جماعة الإخوان إلى فضيلة المفتي. وفي صبيحة يوم 9 يونيو 2015 تم استهداف موكب المستشار هشام بركات، النائب العام بسيارة مفخخة وهو في طريقة من منزلة بمنطقة مصر الجديدة إلى مقر عملة بدار القضاء العالي ما أدى إلى استشهاده. وخلال نوفمبر من نفس العام، تم استهداف مقر إقامة عدد من القضاة المشرفين على الانتخابات البرلمانية حينها، وأسفر الحادث عن استشهاد القاضيين عمر حماد، وعمرو مصطفى، وإصابة آخرين.
دـ. مُحاولات ضرب الثوابت الوطنية:
تُحاول جماعة الإخوان ضرب الثوابت الوطنية وتشويش الذاكرة والوعي المصري عبر التشكيك في المنجزات العسكرية وعلى رأسها نصر أكتوبر 1973، حيث تعمد الجماعة إلى نشر تقارير غربية صادرة عن بعض مراكز الأبحاث الأمريكية والبريطانية تدعى أن إسرائيل لم تهزم.
هـ. بث الشائعات ونشر الأكاذيب لتأليب الرأي العام:
عمدت جماعة الإخوان الإرهابية عبر منصاتها الإعلامية المُختلفة إلى الترويج للسردية الإخوانية بشأن الأحداث في مصر، والتشكيك في المشروعات الكُبرى التي تُنفذها الدولة، وبث الإحباط في نفوس المصريين، وكذا بث الشائعات والأكاذيب المُتعددة بغرض إثارة وتأليب الرأي العام، والترويج لوجود فساد وانتهاكات ضد حقوق الإنسان، ومهاجمة مؤسسات الدولة المصرية والتشكيك في قدراتها على أداء مهامها أو الادعاء بأنها تمارس انتهاكات غير قانونية، وغيرها من أساليب تزييف الوعي.
و. الإضرار بالاقتصاد المصري:
تسببت العمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعة في خسائر اقتصادية كبيرة طالت مختلف القطاعات، إذ استهدف الإرهاب الإخواني شبكات الكهرباء والصرف ومكاتب البريد وعدد من المرافق والمصالح الحيوية في الدولة، وتشير التقديرات إلى أن الفترة التي أعقبت ثورة 30 يونيو وحتى عام 2015 كبدت الاقتصاد المصري خسائر بلغت نحو 100 مليار جنيه. وفيما يلي أبرز القطاعات المتضررة:
1. قطاع الكهرباء: كان استهداف أبراج الكهرباء من هدفًا أساسيًا من أهداف الجماعة، فخلال الفترة من 2013 إلى 2015 تم تفجير نحو 100 برج كهرباء وأكثر من 150 كشك ومحول كهرباء بخسائر اقتصادية بلغت نحو 480 مليون جنية وهو ما كلف الدولة إصلاحات وصلت إلى 100 مليون جنية. وقد شهد عام 2014 وحده خسائر في قطاع الكهرباء وصلت نحو 30 مليون جنية.
2. قطاع النقل: تسبب تعطيل حركات النقل في خسائر بلغت خلال عام 2013 نحو 3.6 مليار جنية. وخلال الفترة من يوليو 2013 وحتى مايو 2014 بلغت تكلفة خسائر السكة الحديد نحو 434 مليون جنية، حيث بلغت خسائر البنية الأساسية نحو 98 مليون جنيه، إضافة إلى 87 مليون جنيه بسبب سرقة مهمات السكة كالقضبان الحديدية وغيرها. فيما لحقت خسائر بمترو الانفاق وصلت لنحو 190 مليون جنية في ذات الفترة. ومن ناحية أخرى، خسرت هيئة النقل العام نحو 125 مليون جنية خلال عام على خلفية حرق الاتوبيسات وغيرها من العمليات التخريبية.
3. قطاع السياحة: تأثر قطاع السياحة بشكل كبير من إرهاب الجماعة وقد انعكس ذلك في تراجع إيراداته خلال الأعوام الثلاثة الأولى من سقوط الإخوان، حيث تكبد القطاع في تلك الفترة خسائر وصلت لنحو 75 مليار جينة.
4. قطاع النظافة: استهدف إرهاب الجماعة هذا القطاع، إذ قامت الجماعات المسلحة التابعة لها في العريش باستهداف مجمع خدمات تابع لشركة النظافة ” كير سيرفيس” في يناير 2016 مسببًا خسائر بلغت نحو 22 مليون جنية. فيما تم استهداف مركز شركة النظافة بالعريش في يناير 2017 مسببًا خسائر وصلت إلى 14 مليون جنية، ما يعني أن هذا القطاع في العريش قد تكبد خسائر تبلغ نحو 36 مليون جنيه خلال عام واحد فقط.
دولة 30 يونيو.. جهود حثيثة لدحر خطر جماعة الإخوان الإرهابية
انطلاقًا من ضخامة التهديدات الأمنية التي شهدتها مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو والتي كانت مدفوعة بالممارسات الإجرامية لجماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية التي حاولت توظيف كافة أدواتها للنيل من أمن واستقرار الدولة المصرية؛ واصلت دولة 30 يونيو اتخاذ جملة من الإجراءات الشاملة للتصدي لتلك التهديدات، ويمكن الوقوف على أبرزها فيما يلي:
1. تصنيف الإخوان تنظيمًا إرهابيًا:
قامت مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو بحل جماعة الإخوان المسلمين وتصنيفها تنظيمًا إرهابيًا، وتلي ذلك حكمًا نهائيًا للمحكمة الإدارية العليا في عام 2014، قضي بحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للجماعة، وتصفية كافة ممتلكاته وأمواله السائلة والمنقولة وأيلولتها إلى الدولة، وذلك بعد أن أثبتت التحقيقات مخالفة الحزب لشروط عمل الأحزاب السياسية المتضمنة بالمادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 والخاص بنظام الأحزاب السياسية.
2. إدراج قادة وعناصر الإخوان على قوائم الإرهاب:
تضمّنت استراتيجية دولة 30 يونيو لكشف ومواجهة وملاحقة جماعة الإخوان، تفعيل إجراءات إدراج عناصر الجماعة وقياداتها وبعض الموالين لها على قائمة الإرهابيين الوطنية مع التحفظ على أموالهم، بالتنسيق مع النيابة العامة، وأجهزة الدولة المعنية – لإعمال آثار الإدراج المنصوص عليها في القانون رقم 8 لسنة 2015 بشأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين- وأبرزهم: مرشد الجماعة محمد بديع، ومحمود سلطان أحد القيادات الإخوانية البارزة، ومحمد البلتاجي وعصام العريان وخيرت الشاطر، وغيرهم من قادة وعناصر الجماعة، وذلك على خلفية ضُلوعهم في تقديم الدعم المادي واللوجيستي والمعنوي للعناصر التي نفّذت العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر عقب ثورة 30 يونيو 2013، فضلًا عن ارتكابهم جرائم أخرى تمس بالأمن القومي المصري وتضر بركائز النظام الداخلي للدولة. كما اشتملت جهود الدولة كذلك على استقدام العناصر الإخوانية الهاربة بالخارج من خلال التنسيق مع النيابة العامة لإعداد ملفات استرداد لهم استنادًا لأطر التعاون المعتمدة.
3. الجهود الأمنية:
شهدت السنوات العشر الماضية العديد من التحركات الأمنية لملاحقة جماعة الإخوان الإرهابية، تضمنت كشف هياكل الجناح المُسلح للجماعة، والوقوف على مخططاته، وتوجيه الضربات الاستباقية لتقويض حركة عناصره وقطع الدعم اللوجيستي عنها وملاحقة الهاربين منها، كما عكفت الأجهزة الأمنية المعنية بمكافحة الإرهاب على توجيه عدد من الضربات الأمنية الموجعة صوب الجماعات الإرهابية التي انبثقت من رحم الإخوان كحركة حسم واللواء الثوري، مُستهدفًة اعتقال عناصر تلك الجماعات والكشف عن هيكلها التنظيمي وإحباط مخططاتها لتنفيذ هجمات إرهابية. كما تمكنت أجهزة الأمن المصرية كذلك من ضبط خلايا عنقودية مُتورطة في عمليات تفجير أبراج الكهرباء والغاز، وضبط معسكرات لتدريب العناصر الإخوانية في الظهير الصحراوي الغربي ومرسى مطروح وسيناء والبحيرة، وضبط مخازن أسلحة وذخيرة وقنابل ومتفجرات شديدة الخطورة في مزارع يمتلكها قيادات إخوانية في البحيرة وكفر الشيخ، وضبط شقق كثيرة في عين شمس والمطرية بالقاهرة والهرم وبولاق في الجيزة كانت تحتوي على متفجرات وقنابل ويجري فيها تصنيع العبوات الناسفة.
4. إفشال مخطط ضرب الاقتصاد المصري:
نجحت الجهود الأمنية في إحباط محاولات ومخططات قادة وعناصر جماعة الإخوان لضرب الاقتصاد المصري، ومن بين هذه الجهود ما يلي:
أ. في يونيو 2019 قامت الأجهزة الأمنية بتوقيف 8 شخصيات بارزة محسوبة على الجماعة، على خلفية تورطهم في مخطط لضرب اقتصاد البلاد واستهداف مؤسسات الدولة، وقالت الداخلية المصرية، في بيان، إن “القبض على الثمانية جرى في إطار استهداف 19 شركة وكيانًا اقتصاديًا تديره بعض القيادات الإخوانية بطرق سرية لضرب الاقتصاد الوطني بمصر، من خلال توفير الدعم المالي لاستهداف مؤسسات الدولة وصولًا لإسقاطها تزامنا مع الاحتفال بذكرى 30 يونيو”.
ب. في عام 2017 تم القبض على رجل الأعمال الإخواني حسن مالك و23 آخرين بتهمة الإضرار بالاقتصاد الوطني، ومن أبرز الأحراز التي تم فضها في القضية: (أوراق تحريضية وخريطة لخطوط الغاز المصري، ومخططات حول تنفيذ آليات ضرب السياحة في مصر، وتشريد أكثر من 12 مليون عامل في مجال السياحة، والعمل على خلق معارضة للنظام الحاكم، من خلال مظاهرات بالأماكن السياحية وإغلاق الطرق السياحي، إلى جانب مخططات لتنفيذ آليات لضرب المناخ الاستثماري المصري، تنصب على تشجيع الاستثمار الأجنبي على الهروب وإقناع المستثمر المحلى بأن مصر ليست بيئة صالحة للاستثمار).
5. المواجهة الفكرية:
أولت دولة 30 يونيو اهتمامًا كبيرًا بتوظيف وسائل القوة الناعمة المختلفة في محاربة الفكر المتطرف ودحض الآراء المتشددة والفتاوى التكفيرية والتفسيرات المشوهة والخاطئة التي تروج لها جماعة الإخوان الإرهابية، وذلك كالتالي:
أ. إطلاق عدد من المبادرات الرئاسية لتصويب لخطاب الديني، إلى جانب تعزيز الدور الذي تقوم به المؤسسات الدينية المنوطة بهذا الشأن، وعلى رأسها الكنيسة، ووزارة الأوقاف ومؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية.
ب. رصد الشائعات والادعاءات التي تروج لها عناصر تنظيم الإخوان وأبواقه الإعلامية لاستثارة المواطنين وتأليبهم ضد الدولة ومؤسساتها، وتحديد القائمين على ذلك وتقنين الإجراءات تجاههم، والتنسيق مع أجهزة الدولة المعنية ووسائل الإعلام لتنفيذ تلك الشائعات والادعاءات.
ج. إطلاق عدد من الأفلام الوثائقية والأعمال الدرامية مثل مسلسل “الاختيار بأجزائه الثلاثة” ومسلسل “الكتيبة 101” لتُعيد بث الروح الوطنية في نفوس المصريين، وتصحح المفاهيم والصور الخاطئة التي يروج لها عناصر جماعة الإخوان من خلال أعمال تمزج بين الطابع الدرامي والوثائقي، تكون بمثابة تخليد مرجعي لحقبة زمنية عُدّت الأخطر في تاريخ الدولة المصرية، وتوثق أبرز المحطات والأحداث المفصلية التي شهدها عام حكم الجماعة الإرهابية، وذلك انطلاقًا من الدور المحوري للأعمال الدرامية الوطنية في بناء وتشكيل الوعي المجتمعي، ومواجهة الغزو والتغريب الثقافي، وتنشيط الهوية الوطنية، وصد الشائعات التي تستهدف ضرب الروح المعنوية للشعب المصري وهدم المؤسسات الوطنية، فضلًا عن دورها في تحويل المشاهد بعيدًا عن الأعمال الخارجية المُوجهة التي تستهدف بناء سرديات تاريخية مزيفة لخدمة أجندات خارجية، لاسيمَّا كونها الأسهل وصولًا للمُستقبِل في ظل تراجع ثقافة القراءة بين الأجيال الشابة.
د. خاضت مصر معركة دبلوماسية كبيرة خلال السنوات العشر الماضية في تنبيه وزيادة الوعي الدولي بمخاطر جماعة الإخوان الإرهابية على الأمن القومي لدول العالم، والتأكيد بالأدلة والبراهين على جذور العنف لدى التنظيم وتاريخه الدموي، وقد لعبت تلك الجهود دورًا هامًا في كشف جرائم التنظيم على المستويين الإقليمي والدولي، حيثُ اتجهت العديد من الدول إلى السير على خطى الدولة المصرية في إدراج الإخوان على قائمة التنظيمات الإرهابية، ومنها: المملكة العربية السعودية والإمارات وكندا وجزر القمر وباراجواي، وذلك بعد أن ثبت لديها أن الممارسات الإرهابية لتنظيم الإخوان تمثل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين، كونه يمثل المصدر الأيديولوجي الرئيسي الذي انبثقت عنه كافة الجماعات الإرهابية، على اختلاف مُسمياتها، واستمدت منه المبادئ الفكرية المتطرفة الدموية كالحاكمية والجاهلية وأستاذية العالم التي أرساها الإرهابيان سيد قطب وحسن البنا.