مكافحة الإرهاب

السويد ترسل قواتها إلى مالي لدعم قوات “تاكوبا” في مكافحة الإرهاب.. السياق والدلالات

أعلن المتحدث باسم الجيش السويدي الجمعة الماضية أن الخطوات الأولى من عملية نشر150 من القوات السويدية الخاصة في مالي قد بدأت، ومن المقرر أن تستكمل هذه العملية بنهاية فبراير الجاري. وستشارك هذه القوات إلى جانب قوات الجيش المالي في تنفيذ العمليات القتالية التي تستهدف الجهاديين في المنطقة. 

وتعد السويد ثالث دولة أوروبية بعد جمهورية التشيك وإستونيا تلبي طلب فرنسا لدعم قوة “تاكوبا” التي تتمحور مهامها حول تدريب القوات المالية وتوسيع نطاق المشاركة في عملية مكافحة التنظيمات الجهادية التي تقودها فرنسا منذ ثماني سنوات في منطقة الساحل الأفريقي.  وسيكون مقر القوة السويدية التي تضم ثلاث مروحيات من نوع “بلاكهوك” في ليبتاكو؛ القريبة من الحدود مع النيجر وبوركينا فاسو، حيث تتركز تنظيمات مسلحة مرتبطة بتنظيمي داعش والقاعدة

جدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تشارك فيها السويد إلى جانب حلفائها الأوروبيين في مكافحة الإرهاب في أفريقيا؛ إذ تشارك السويد في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي “مينوسما” بقوة قوامها 215 جنديًا، فضلاً عن مشاركتها في بعثة التدريب التابعة للاتحاد الأوروبي في مالي، وهي بعثة تدريب عسكرية متعددة الجنسيات تابعة للاتحاد الأوروبي في مالي تهدف إلى تقديم الدعم والمشورة ومساعدة قوات المنطقة في حربها ضد الإرهاب.

قوات ” تاكوبا” لمكافحة الإرهاب

شكلت فرنسا في مارس من العام الماضي بالتعاون مع حلفائها الأوروبيين والأفارقة قوة مهام جديدة لمكافحة الإرهاب أُطلق عليها اسم ” تاكوبا”. وتتألف هذه القوات من قوات أوروبية خاصة ستنفذ إلى جانب الجيش المالي والنيجيري عمليات قتالية تستهدف الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل في غرب أفريقيا.

وتشارك في قوة “تاكوبا” ثلاث عشرة دولة هي بلجيكا وجمهورية التشيك والدنمارك وإستونيا وفرنسا وألمانيا ومالي وهولندا والنيجر والنرويج والبرتغال والسويد وبريطانيا. وتتألف ” تاكوبا” من وحدات نخبوية مهمتها تدريب القوات المالية والإقليمية، وتقديم المشورة لها، ومساعدتها في قتالها ضد الحركات الموالية لتنظيمي داعش والقاعدة في المنطقة، فضلًا عن دورها في استكمال الجهود التي تبذلها قوة “برخان” الفرنسية لمكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي.

سياق القرار

يأتي هذا القرار في سياق مضطرب تشهده منطقة الساحل الأفريقي، وذلك بالتزامن مع النشاط الكبير لجماعات العنف والإرهاب في هذه المنطقة. ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال متابعة العمليات الإرهابية التي وقعت في شهر يناير 2021 وذلك على النحو التالي: 

  • في 2 يناير 2021: قُتل نحو 100 شخص في هجمات شنها مسلحون متشددون على قريتين غربي النيجر، قرب الحدود مع مالي.
  • في 3 يناير 2021: شنت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة هجومًا بعبوة ناسفة أسفر عن مقتل جنديين فرنسيين وإصابة جندي آخر من قوة برخان في مالي.
  • في 5 يناير 2021: قام 100 شخص مسلحون بتنفيذ هجوم في شمال بوركينا فاسو قرب الحدود مع مالي، أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وأضرموا النار في مواقع أخرى.
  • في 9 يناير 2021: قُتل 2 من العسكريين شمال مالي إثر هجوم مسلح سنة مسلحون مجهولون.
  • في 14 يناير 2021: قُتل 3 من قوات حفظ السلام، وأُصيب 6 آخرين في هجوم مسلح لمجهولين في شمال مالي.
  • في 21 يناير 2021: قُتل 3 جنود ماليين وأُصيب 5 آخرين بعد انفجار مركبتهم بعبوة ناسفة بالقرب من الحدود المالية مع بوركينا فاسو.
  • في 24 يناير 2021: قُتل 6 وأُصيب 18 في هجومين مسلحين نفذهما مجهولون بوسط مالي.
  • في 27 يناير 2021: قُتل رجل أمن وأصيب اثنان في هجوم مسلح شنه مسلحون على مركز مراقبة في مدينة غوندام شمال مالي.

دلالات القرار

يأتي هذا القرار في سياق عزم فرنسا على تخفيض قواتها العاملة في منطقة الساحل، فالمشكلات السياسة والاقتصادية الداخلية التي واجهت باريس مؤخرًا، والخسائر المادية والبشرية التي تكبدتها في حربها على الإرهاب؛ دفعتها إلى طلب انخراط أكبر لشركائها الأوروبيين في العمليات العسكرية التي تستهدف الجماعات الإرهابية، وتمويل مسارات التنمية في الساحل الأفريقي؛ مما يعزز من جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة. إذ ترى فرنسا أن الخطر الذي تواجهه قواتها يهدد الجميع ولا يقتصر على فرنسا وحدها.

وتأتى هذه التطورات قبل القمة المشتركة المزمع إقامتها خلال الشهر الجاري بين فرنسا ودول الساحل الخمس الكبرى في تشاد، ومن المنتظر أن تعلن فرنسا رسميًا تخفيض أعداد جنودها في المنطقة (يوجد حوالي 5100 جندي فرنسي في منطقة الساحل) على أن يكون حلفاؤها الأوروبيون البديل المرتقب لها في المنطقة.

+ posts

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

منى قشطة

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى