
المحور الغربي – إقليم المستقبل
ظلت المُحافظات الحدودية الغربية الثلاثة “الإسكندرية، مطروح، والوادي الجديد” لفترات طويلة بعيدة عن مجريات التطورات المتجددة من وقت لآخر على الحدود الشرقية في سيناء، سواء عند مواجهة القوى الاستعمارية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي أو عند مواجهة القوى التكفيرية حتى بدايات العقد الثاني من القرن الحالي، عندما تحولت لبؤرة صراع ساخنة، بعد انهيار نظام الحكم في ليبيا، وتحول الحدود الغربية بطول ألف كيلو متر إلى حالة سيولة صرفة سهلت على العناصر التكفيرية القيام بعمليات إرهابية داخل الحدود المصرية، ازدادت حدتها عقب ثورة 30 من يونية في مصر، وذلك بهدف إرباك الدولة وتوسيع جبهات الصراع مع هذه الجماعات.
تزامن ذلك مع اكتشافات نفطية عديدة في الصحراء الغربية والبحر المتوسط قُبالة سواحلها، مما عظم الثروة التي يحتكم عليها الإقليم ووضع مزيدًا من الأهداف المُحتملة للتكفيرين والقوى التي توفر لهم الدعم.
استتبع ذلك إلقاء الدولة مزيدًا من ثقلها المالي والعسكري في المُحافظات الثلاثة لدعم بنيتها الاقتصادية بما يخدم أهداف التنمية ويحميها، في جميع القطاعات بداية من القطاع الزراعي الذي شهد تدشين مشروعي المليون ونصف فدان والصوب الزراعية، مرورًا بالقطاع الصناعي فقد شهد تشييد عدد كبير من المصانع بالإضافة إلى ترسانة الإسكندرية، وكذلك شهد قطاع التشييد والبناء نهضة تاريخية في الإقليم مع الإعلان عن مشروع العلمين الجديدة، والعدد الكبير من الطُرق التي مُدت في المُحافظات الثلاث، وأخيرًا على الجانب العسكري شُيدت قاعدة محمد نجيب التي تُعتبر واحدة من أكبر القواعد العسكرية في الشرق الأوسط وإفريقيا.
كان نهج الدولة إذًا إطلاق التنمية الاقتصادية وتأمينها لحماية “المحور الغربي” من ويلات الإرهاب ودعم الأنشطة الإنتاجية فيها لمُحاربة الفقر والبطالة، مُقاربة أثبتت نجاحها بعد وقف العمليات الإرهابية المُتدفقة عبر الحدود الليبية، حيث حدثت آخر عملية في نوفمبر 2018، وعلى الجانب الآخر تحولت المنطقة إلى المصدر الأول للبترول المصري بما إجماليه 115.3 مليون برميل في عام 2018/2019 بما يوازي 51% من جُملة الإنتاج، ودعمت مُنتجات الصوب الزراعية ومشروع المليون ونصف فدان مصر في مواجهة جائحة كورونا مؤخرًا، لذلك يستهدف هذا الإصدار تتبع أهم الإنجازات التنموية والمشروعات التي اسستها الدولة بداية من عام 2014 وحتى 2020 في المحور الغربي.
تمويل مُرتفع لعوائد مُتزايدة
شهدت الموازنة العامة للدولة ارتفاع بشكل عام متواصل لمخصصات الإدارة المحلية، وينطبق ذلك على إقليم المُحافظات الغربية، حيث بلغت مُخصصات المُحافظات الثلاثة في عام 2007/2008 ما إجماليه 2.08 مليار جنيه، في حين بلغ في العام المالي 2019/2020 ما إجماليه 11.65 مليار جنيه أي بزيادة قدرها 460% خلال اثني عشر عامًا، كما يوضح الشكل التالي:
شكل 1 – يوضح تطور مُخصصات مُحافظات المحور الغربي في الموازنة العامة للدولة
كذلك سلك الإنفاق الاستثماري من موازنة المحافظات ذات الاتجاه إلى الارتفاع حيث بلغ في عام 2018/2019 بمُحافظة الإسكندرية ارتفاعًا من 721 مليون جنيه إلى 878 مليونًا في عام 2019/2020، وذلك بزيادة قدرها 21%، كما ارتفع مُخصص الإنفاق الاستثماري لمُحافظة مطروح من 829 مليونًا في عام 2018/2019 إلى 854 مليونًا، بالمثل ارتفعت مُخصصات مُحافظة الوادي الجديد من 247 مليون في 2018/2019 إلى 279 مليونًا في 2019/2020.
وشهد الإنفاق طويل الأجل ارتفاعًا مُتزايدًا تمثل في حجم العمل في المشروعات الجارية على أرض الإقليم، ففي مُحافظة الإسكندرية نفذت الدولة مُنذ العام 2014 ما إجماليه 56 مشروعًا في عدد كبير من المجالات الإنتاجية والخدمية بتكلفة فاقت عشرات المليارات من الجُنيهات، ويوضح الشكل التالي التوزيع القطاعي للمشروعات المٌنفذة:
شكل 2 – يوضح توزيع المشروعات قطاعيًا بمُحافظة الإسكندرية
وقد استهدفت المشروعات في الأساس رفع جودة الحياة للمواطنين عن طريق توفير الكميات المطلوبة من مياه الشرب ومد الصرف الصحي المُناسب، بالإضافة إلى رفع كفاءة شبكة الكهرباء، يُضاف إلى ذلك العدد الكبير من مشروعات الطُرق والمحاور التي ساهمت وستُساهم في خفض التكدس المروري داخل شوارع المُحافظة.
واستهدفت المشروعات تطوير وسائل الموصلات والنقل البري أو البحري، ولا يُمكن كذلك أن نغفل التطوير الذي شهدته ترسانة الإسكندرية، بحيث أصبحت قادرة على إنتاج أحدث السُفن الحربية بعد اتفاقات نقل التكنولوجيا التي عقدتها الحكومة المصرية مع الشركات موردة الأسلحة فائقة التقدم التي اشترتها لتطوير البحرية المصرية، بحيث يُبنى بعضًا منها داخل الترسانة لتكون بعد ذلك قادرة على البناء باستقلال.
نفس الإنفاق التنموي جرى في مُحافظة مطروح التي شهدت إنشاء نحو 42 مشروع في مجالات عديدة اختلفت بعضها في كثافتها عن تلك المُنفذة في مُحافظة الإسكندرية نظرًا لاختلاف الحاجات التنموية حيث جرى التركيز على الخدمات الأساسية المُتمثلة في التعليم والصحة، ومشروعات الإسكان كما يوضح الشكل التالي:
شكل 3 – يوضح توزيع المشروعات قطاعيًا بمُحافظة مطروح
وتتطلب هذه المشروعات الكبيرة الاهتمام بمشروعات البنية التحتية الخدمية المُتمثلة في مياه الشرب والصرف الصحي، وطُرق المواصلات والكهرباء، ولذلك نُفذت هذه المشروعات بكثافة، ولأن المُحافظة تحتك مُباشرة بالحدود الليبية، فقد أنشئت أكبر قاعدة عسكرية في إفريقيا لحماية وتأمين المواطنين والمصالح الاقتصادية المُتنامية بالمُحافظة، وبداخل القاعدة جرى تطوير عدد من المشروعات الإنتاجية الزراعية، لتوفير حاجة القوات بداخلها وبعضًا من حاجات المُحافظة.
لم تكن مُحافظة الوادي الجديد استثناء من التوجه العام في الإنفاق التنموي المُتسارع مع تخصيصه بحيث يُناسب مُتطلبات التنمية المحلية، لذلك جاءت أهم مشروعات المُحافظة زراعية، إذ يُنظر للمُحافظة على أنها حاضنة أساسية للتجمعات السكانية في المُستقبل كما أن لديها بنية تحتية فريدة بين مُحافظات الجمهورية تخدم الري الحديث، ويوضح الشكل التالي التوزيع القطاعي لمشروعات المُحافظة:
شكل 4 – يوضح توزيع المشروعات قطاعيًا بمُحافظة الوادي الجديد
وبعد استعراض الصورة الكُلية، نتناول فيما يلي الاتجاهات التنموية القطاعية بتفاصيل كافية لإيضاح الصورة التنموية الكاملة في الإقليم.
مُدن المُستقبل
يُعد إقليم الحدود الغربية أو “المحور الغربي” ليكون أهم محاور التوسع العُمراني المصري في المُستقبل، ولذلك تُخطط مُدنه الرئيسية الحالية لتُجاري احتياجات المُستقبل، فتؤسس جميعها لتكون من الجيل الرابع، ويُقصد بمُدن الجيل الرابع تلك التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة والحلول الذكية في البنية التحتية، بحيث تُقدم حلول فعالة وآمنة لما يُمكن أن يواجه المدينة أو بنيتها التحتية من مُشكلات، مثل علاج الاختناقات المرورية وانقطاعات التيار الكهربي، وتسرب الغاز.
وقد شيُدت هذه المُدن لتلبية احتياجات الكتلة السُكانية التي تحتاجها المشروعات التنموية الجاري تأسيسها في الإقليم، وبحيث تُنشأ كُل مدينة بفلسفة تعميريه مُختلفة تُناسب البُعد التنموي للمنطقة التي تخدمها، ومن أهم هذه المُدن:
- مدينة العلمين الجديدة:
بتكلفة 80 مليار جنيه تقريبًا يجري تأسيس مدينة العلمين الجديدة إحدى مدن الجيل الرابع، والتي سيجعلها موقعها المميز بوابة مصر على إفريقيا، حيث تشهد نسبة مشروعات غير مسبوقة، وقد جذبت بالفعل عددًا من الشركات العالمية للاستثمار بها. ويُخطط للمدينة أن تستوعب أكثر من 3 ملايين نسمة في نهاية مراحلها الأولى. وسيكون بها مركز طبي عالمي للاستشفاء والعلاج الطبيعي على مساحة قرابة 45 فدانًا.
ويتكون القطاع الساحلي بالمدينة من عدة مناطق وهي: منطقة بحيرة العلمين (حي الفنادق)، ومركز المدينة، والحى السكنى المتميز، وحي حدائق العلمين، مرسى الفنار ومركز المؤتمرات، و(منتجع خاص)، والمنطقة الترفيهية، والمركز الثقافي، والإسكان السياحي، وحي مساكن البحيرة، ومنطقة أرض المعارض. كما ينفذ بمدينة العلمين الجديدة محطة تحلية مياه بطاقة 150 ألف متر 3 يوميًا تعمل بالطاقة الشمسية.
- مدينة الإسكندرية الجديدة:
بفلسفة مُغايرة تمامًا يجري تأسيس مدينة الإسكندرية الجديدة والتي تقع على الامتداد الصحراوي الغربي لبحيرة مريوط، على بعد 6كم من وسط الإسكندرية، وترتبط بالطريق الصحراوي والطريق الزراعي. وتمتد المدينة من كارفور الإسكندرية إلى كارفور مدينة برج العرب. وهذا الموقع يتميز بوجود أرض النزهة بمركزه، حيث يتم تحويل 60 مليون متر مربع تقريبًا من العشوائيات لتصبح مناطق راقية ومتحضرة.
وتتمتع المنطقة أيضًا بتوافر المياه بها سواء مياه ارتوازية “مياه جوفية”، بجانب قربها من البحر ووجود بحيرة في منتصفها بحيث تساعد على سرعة تنميتها في حال رغبة الدولة في إنشاء محطات تحلية مياه بها، توفيرًا لنفقات نقل المياه أو خلافه.
وتتكون المدينة من ثلاثة مواقع أولها المنطقة الكائنة خلف المركز التجاري “كارفور” والتي يطلق عليها منطقة الـ 500 فدان، والتي تصل مساحتها إلى 420 فدانًا بعدما تم تخصيص 80 فدانًا لبناء مستشفى الشرطة، هذا بالإضافة إلى المنطقة الثانية والتي تقع في حوض الـ 1000 فدان ومثلث الـ 300 فدان، لتصل مساحتها الإجمالية إلى 1300 فدان، فيما تقع المنطقة الثالثة على محور التعمير غرب الإسكندرية بين المنطقة السكنية “العروبة” ومشروع أليكس ويست المطل على بحيرة مريوط، والتي تبلغ مساحتها نحو 2600 فدان.
طاقة المُستقبل لإقليم المُستقبل
يُعد الإقليم كمُتنفس مُستقبلي لكتلة سُكانية كبيرة، ولذلك تتجه الدولة إلى الاستثمار في مصادر طاقة مُتجددة تخدم أغراض التنمية المُستدامة في المُستقبل وذلك في إطار شامل للتحول نحو الطاقة الجديدة والمُتجددة تتضمنه استراتيجية مصر 2030، ومشروع مصر القومي للتحول لمركز لتداول الطاقة في الإقليم، ولذلك فإن مصادر الطاقة المُنفذة بالإقليم جاءت الأغلبية الساحقة منها في شكل مصادر جديدة ومُتجددة ومن أهمها:
- الطاقة النووية:
اختيرت منطقة الضبعة بمحافظة مرسى مطروح بمحاذاة ساحل البحر المتوسط، لإنشاء أول محطة لتوليد الطاقة النووية على مساحة 45 كم2، في عام 2015، وجرى التوقيع على البدء في تفعيل وتنفيذ عقود المشروع في عام 2017، بين الرئيس “عبد الفتاح السيسي” ونظيره الروسي “فلاديمير بوتن”، بتكلفة إجمالية بلغت 29 مليار دولار، بينها قرض روسي بقيمة 25 مليار دولار، وتتكفل مصر بالتمويل الباقي، ويُظهر الشكل التالي تأثير محطة الضبعة النووية بعد دخولها الخدمة بالكامل في مُقارنة بين عامي 2022 و2035:
شكل 5 – يوضح مُساهمة مُفعلات الضبعة النووية في خليط الطاقة المصري بحلول 2035
- الطاقة الشمسية:
تُعدُّ مُحافظة الوادي الجديد بعد البحر الأحمر من أعلى محافظات الجمهورية من حيث عدد محطات الطاقة الشمسية غير المُتصلة بالشبكة القومية والتي شُيدت خصيصًا لخدمة المناطق النائية وتوفير المقومات التنموية لوضعها على قدم المساواة مع مناطق الوادي والدلتا، توضح الخريطة التالية عدد المحطات وقُدرة كُلًا منها في مصر:
شكل 6 – يوضح توزيع محطات الطاقة الشمسية على الإقليم المصري
ويتضح من الخريطة أن الدولة نفذت في الإقليم أول محطة توليد كهرباء بالطاقة الشمسية بواحة سيوة بمحافظة مطروح بقدرة 10 ميجاوات، وبتكلفة إجمالية بلغت 25 مليون دولار، ويعمل مشروع المحطة على الوفاء باحتياجات مدينة سيوة من التغذية الكهربائية لنحو 60 قرية ومجمع سكني، وكذلك توفير الطاقة الكهربية للمشروعات السياحية بالمحافظة، كما تساهم المحطة في توفير استهلاك نحو 5 ملايين لتر من الديزل سنوياً مع تفادى انبعاث نحو 14 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
محطات تحلية المياه… حلول استباقية
ارتأت الدولة الاتجاه إلى تحلية مياه البحر، في المناطق البعيدة عن الوادي، تقليلا لنفقات البنية التحتية اللازمة لنقل المياه لها من ناحية ومن ناحية أخرى توفير كميات مياه إضافية دون المساس بالكميات المُتاحة حاليًا وذلك لتقليل الفجوة بين الاستخدام والمُتاح، وتتركز مشروعات التحلية في المحور الغربي في مُحافظة مطروح التي تتضمن 13 محطة بطاقة 238.5 آلاف متر مكعب يوميا.
وقد كانت الطاقة التصميمة لمحطات التحلية بمحافظة مطروح 16.5 ألف متر مكعب يوميًا، لكنه بعد عام 2014 ارتفعت الطاقة التصميمية والإنتاجية للمحطات إلى نحو 290 ألف متر مكعب يوميا، أي تم إضافة نحو 273 ألف متر مكعب، ويوضح الشكل التالي إجمالي محطات التحلية في محافظة الوادي الجديد وطاقة كُلًا منها:
شكل 7 – يوضح الطاقة الإنتاجية لبعض محطات تحلية المياه في الوادي الجديد
المشروعات الزراعية
- مشروع الصوب الزراعية بمطروح:
يُعدُّ مشروع الصوب الزراعية بقاعدة محمد نجيب العسكرية أكبر مشروعات الصوب الزراعية في العالم، حيث إنه يتضمن إنشاء 1302 بيت زراعي عملاق بأحدث التكنولوجيا العالمية، وينقسم المشروع إلى ثلاثة قطاعات رئيسيه، يمتد القطاع الأول منها على مساحة 250 فدانًا شاملة المناطق الإدارية والخدمية (افتتحت في فبراير 2018)، أما القطاع الثاني فيمتد على مساحة 750 فدان (افتتحت في أغسطس 2019)، أما القطاع الثالث تبلغ مساحته 6000 فدان جارٍ العمل عليه في الوقت الحالي.
توفر القطاعات الثلاث للمشروع 100 ألف صوبه زراعية، بعد اكتمالها ستنتج أكثر من 1.5 مليون طن (إنتاج يكفي 20 مليون مصري) من الخضروات سنويًا بمساحة إنتاجية توازي 1 مليون فدان، ويتميز المشروع بميزة تسويقية من حيث قربه من موانئ (الإسكندرية، مطار برج العرب، ميناء الدخيلة) ويتكامل المشروع مع شبكة الطرق القومية الجديدة.
- مشروع المليون ونصف فدان:
تم إطلاق المشروع في ديسمبر 2015 ليمثل حجر الأساس نحو توفير مصر لاحتياجاتها من الطعام وهو أمر يمس الأمن القومي الغذائي لمصر، تم اختيار محافظة الوادي الجديد لتكون أحد المحافظات التي ينفذ فيها ذلك المشروع، ولا يمكن القول أن المشروع يقتصر علي الاستصلاح والإنتاج الزراعي فقط، حيث يستهدف المشروع إنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة جاذبة للسكان، إذ إنها توفر السكن وأهم الاحتياجات الاجتماعية للسكان، من أمن وصحه وتعليم وحماية مدنيه، بالإضافة إلي إنشاء مراكز صناعيه للصناعات المرتبطة بالزراعة مثل المواد الغذائية والتعبئة والتعليف وإنتاج الزيوت وغيرها.
فُرص خضراء للتنمية في إقليم المُستقبل
رغم أن الدولة المصرية اتجهت بقوة لدعم العديد من المشروعات الخضراء، إلا أن هناك بالفعل العديد من الفرص الممكن استغلالها في هذا المجال خاصة في تلك المحافظات، التي تشغل جزءًا كبيرًا من مساحة مصر. وتلك الفرص تتوافق حتماً مع خطط الدولة الحالية في تعظيم قطاع الاستثمار خاصة الأخضر منه، بما يتوافق مع استراتيجية مصر 2030 للتنمية المستدامة، وذلك لتحقيق تلك المشاريع الأهداف البيئية والاجتماعية والاقتصادية المطلوبة.
- فرص الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة:
في مجال الطاقة الشمسية من الممكن بناء العديد من المحطات في المنطقة الجنوبية الغربية للبلاد، خاصة تلك التي تقع في حدود واحات الداخلة بمحافظة الوادي الجديد وذلك لأنها تعد المنطقة ذات السطوع الشمسي الأكبر في محيط البلاد، بل وتتخطى بقية المحافظات الجنوبية مثل أسوان. كما تستطيع أن تنتج قدرة كهربائية عالية حتى في أوقات الشتاء مقارنة ببقية المناطق.
شكل 11 – يوضح مناطق إنتاج الطاقة الشمسية في مصر (تعتبر المنطقة أصلح لتوليد الطاقة الشمية كُلما كانت أكثر احمرارًا)
وكذا الحال في طاقة الرياح. والتي ركزت الدولة على إنشاء محطات عدة لها في المنطقة الشرقية للجمهورية، خاصة بمنطقة الزعفرانة على ضفاف البحر الأحمر. وهي المشاريع التي ساهمت في جعل مصر تتربع كالدولة الأولى في مجال الطاقة المتجددة بمنطقة الشرق الأوسط. وإن كان الأكثر واقعية من الناحية العلمية والتقنية إنشاء هذه المحطات على ضفاف البحار، لكن هناك جزء منسي داخل حدود الصحراء الغربية قد يكون حجر الأساس للعديد من محطات الرياح مستقبلًا.
ذلك بسبب وفرة الرياح به وزيادة سرعتها عن معظم أنحاء الجمهورية إلى ما يزيد عن 10 متر في الساعة الواحدة. أي أن هذا الجزء قادر على توليد طاقة للرياح تعادل تلك المتاحة بمنطقة الزعفرانة وتزيد في بعض الأحيان. مما يجعل متوسطات الطاقة الكهربية المنتجة من المنطقة المقترحة تتعدى الـ 1000 وات لكل متر مربع في أدنى أحوالها. وتلك المنطقة تقع في الجزء الغربي لنهر النيل ما بين محافظتي قنا وأسوان وممتداً إلى قرية القصر بمحافظة الوادي الجديد.
أما على منطقة الساحل الشمالي، بمحافظة مطروح، فيمكن البدء بدراسة إنشاء محطات الطاقة المتجددة بثلاثة أنواع مختلفة لم يتم تطبيقهم قبلاً في مصر، رغم اثبات جدواهم الاقتصادية في عدة دول منها الصين وفرنسا وروسيا والهند وإسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وغيرهم من الدول. وهي محطات توليد الطاقة من حركة المد والجزر، ومحطات توليد الطاقة من الأمواج، ومحطات توليد الطاقة من ظاهرة الضغط الإسموزي. وكلهم سيحتاجون إلى منافذ على البحر الأبيض المتوسط.
- فرص الاستثمار في مجالات إعادة تدوير المخلفات:
وتأتي أولى هذه الفرص بالبدء بخطة واضحة لإنشاء مجمع لمحطات إعادة تدوير المخلفات القادمة من المصانع المختلفة بالمحافظات الثلاث، وعلى رأسهم محافظة الإسكندرية. على أن يشمل هذا المجمع جميع أنواع المخلفات وخاصة تلك المتعلقة بمخلفات مصانع الأغذية وصباغة الجلود. وثاني تلك الفرص في التوسع في إعادة معالجة الصرف الصحي السكني والزراعي باستخدام محطات المعالجة الثلاثية. على أن تستخدم المياه المستصلحة في الري لوجود محتوى المغذيات (النيتروجين والفوسفور) داخلها، وهو ما يمكن أن يكون مفيدًا إن تم التحكم في تركيزاته ليعمل كسماد.