الصحافة الإسرائيلية

مركز إسرائيلي : ماذا يحدث عند وفاة خامنئي؟

عرض – على عاطف

تناول مركز “بيجن- السادات” للدراسات الاستراتيجية الإسرائيلي الأوضاع في إيران حال وفاة المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، الذي يبلغ 81 عاماً من العمر ومن سيخلفه.

وذكر المركز أن خامنئي يعاني على ما يبدو من حالة صحية متدهورة. وسيقرر مجلس خبراء النظام مسألة الخلافة، حيث سوف يختار القائد الجديد بعد وفاة خامنئي. وقد ظهر 6 أشخاص كخلفاء محتملين.

وإليكم نص التقرير:

 يبلغ المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، علي خامنئي، 81 عاماً من العمر ويعاني على ما يبدو من حالة صحية متدهورة. وسيقرر مجلس خبراء النظام مسألة الخلافة، حيث سوف يختار القائد الجديد بعد وفاة خامنئي. وقد ظهر 6 أشخاص كخلفاء محتملين.

 كان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران، علي خامنئي، قد تولّى منصبه عام 1989. ويبلغ الآن من العمر 81 عاماً. واستمرت الشائعات حول صحته المتدهورة لمدة عقد من الزمان. وفي الآونة الأخيرة، ذكرت مجلة نيوزويك أن صحة خامنئي تدهورت- على الرغم من أن هذا التقرير استند إلى تقاريرَ لا أساس لها من الصحة جاءت من صحفي على صلة بالمنظمة الانفصالية والإرهابية الإيرانية “الحركة العربية لتحرير الأحواز”.  

 وفي 16 ديسمبر 2020، ظهر خامنئي في اجتماع مع منظمي فعاليات إحياء ذكرى مقتل قاسم سليماني. وعلى الرغم من أن الظهور كان يهدف على ما يبدو إلى محو الشائعات التي تقول إنه مريضٌ بشكل خطير، إلا أنه ظهر في فيديو يعاني من خلل (بحة) في الصوت وعُسر خفيف في التنفس (ضيق تنفس). ومن المحتمل أنه كان مصاباً بنزلة برد، لكنه قد يكون مصاباً بفيروس كورونا المستجد أو بالتهاب رئوي. وبرعم أن أعراضه المرضية لا ترجح أنه على وشك  الموت، إلا أن مسألة الخلافة تزداد إلحاحاً بشكل مطرد.

 الدستور

طبقاً للمادة 107 من دستور الجمهورية الإسلامية، يُعد مجلس خبراء القيادة مسؤولاً عن تعيين المرشد الأعلى القادم (SL). وتُعطي المادة 111 أيضاً هذا المجلس سلطة عزل شاغل الوظيفة إذا لم يعد مؤعلاً لشغل المنصب.

 ويتكون مجلس الخبراء من 88 رجل دين ينتخبهم الناس لمدة 8 أعوام، على الرغم من أن جميع المرشحين يحب أن يتمتعوا بموافقة مجلس صيانة الدستور (GC). وكانت آخر انتخابات للمجلس قد أجريت في 2016. ويُعد أحمد جنتي الرئيس الحالي للمجلس وكذلك لمجلس صيانة الدستور (GC).  

 ويملك مجلس صيانة الدستور دوراً حيوياً في الإشراف على جميع الانتخابات في إيران، ومن بينها انتخابات المجلس. وتأتي موافقته أو رفضه للمرشحين في هذه الانتخابات كجزء من دوره. ويتكون مجلس صيانة الدستور من 12 عضواً من بينهم 6 رجال دين يعينهم بشكل مباشر المرشدُ الأعلى. ويُعين الستة الآخرون من قِبل البرلمان من ضمن قائمة تشمل رجال قانون يرشحهم رئيس القضاء، الذي يعينه هو الآخر المرشد الأعلى.

 وعندما يتوفى خامنئ، سوف يجتمع المجلس ليختار خليفته. وفي غضون ذلك، سيتولى مجلسٌ مكوّنٌ من الرئيس ورئيس القضاء وعضو من مجلس صيانة الدستور يختاره مجلس تشخيص مصلحة النظام (DC) واجباتِ المرشد الأعلى. ويجري اختيار جميع أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام من قِبل المرشد الأعلى الذي يخدمه مجلس تشخيص مصلحة النظام كهيئة استشارية.

الشكل 1. العلاقة بين المرشد الأعلى  (SL)، ومجلس صيانة الدستور (GC)، ومجلس تشخيص مصلحة النظام (DC) ، ومجلس خبراء القيادة (Assembly) .

  ومع أن مجلس الخبراء هو الهيئة الأكثر أهمية فيما يتعلق بتعيين مرشد أعلى جديد، إلا أن قوة ونفوذ مجلس صيانة الدستور ومجلس تشخيص مصلحة النظام واسعتان آيضاً.

 وستؤثر الهيئات المحيطة بخامنئي على الاختيار. وتشمل هذه الهيئاتُ مكتبَ المرشد الأعلى الذي يوظف الآلاف ولديه أجهزة استخبارات ومكافحة تجسس وحماية خاصة به. ولا يمكن تجاهل سلطة مكتب المرشد الأعلى.

 ويتبع للمكتب بيروقراطية معقدة تتكون من مئات اللجان، والمنظمات، والمستشارين. وفُرضت على العديد من رموزه البارزة عقوبات من قِبل وزارة الخزانة الأمريكية. ففي 2019، فرضت الخزانة الأمريكية عقوباتٍ على نجل خامنئي، مجتبى، الذي يلعب دوراً أساسياً في المكتب. وهناك آخرون فُرضت عليهم عقوبات من بينهم غلام حسين محمدي جلبيجاني، رئيس المكتب، وحيد حقانيان، النائب التنفيذي للمكتب، علي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي للشؤون الخارجية، وغلام علي حداد عادل وهو مسشتار آيضاً لخامنئي (ويُعد والد زوجة مجتبى خامنئي).

  وسيكون المشهد السياسي في وقت وفاة خامنئي ذا صلة باختيار الخليفة. وينقسم المشهد السياسي الإيراني في الوقت الحالي بين اليمين الإسلامي (IR) واليسار الإسلامي (IL) . ويوالي اليسار الإسلامي واليمين الإسلامي للجمهورية الإسلامية. ويُعد اليسار الإسلامي أكثر براجماتية فيما يتعلق بالقضايا المحلية ومستعد للمناقشة حول حريات فردية محدودة. أما بالنسبة للسياسة الخاريجة، فليس هناك اختلافات كبيرة بين الفصيلين. وقد لوحظ هذا في مقابلة أخيرة مع وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الذي ينتمي إلى فصيل اليسار الإسلامي. ففي المقابلة، وصف اليهودي بـ “المأفون” وعبر عن رغبته في أن تنتهي الولايات المتحدة من على وجه الأرض.

 وبشأن تعيين مرشد أعلى جديد، يقول دكتور سعيد جولكار إن “التوافق السياسي والمؤسسي للأعضاء الرئيسيين لمجلس الخبراء وعلاقاتهم بالكتل السياسي يُعد أمراً مهماً”. وطبقاً لهذا القول، تُعد الهيئة الأكثر تأثيراً وقوة في الجمهورية الإسلامية – الهيئة التي من المحتمل أن يكون لها النفوذ الأكبر بشأن الخلافة بعد وفاة خامنئي- هي الحرس الثوري(IRGC).

من هم المرشحون؟

  منذ ما يقارب عام 2015، كان يقول أكبر رفسنجاني بالفعل إن مجلس الخبراء “ينظر في المرشحين المحتملين” لخليفة المرشد الأعلى. ولم يتم الإعلان عن الاسماء للعامة، لكن شخصيات معينة من داخل المشهد السياسي ونسيج النظام لا تزال تتكرر في وسائل الإعلام الإيرانية.

 ويتردد بشكل متكرر شخص ما وهو نجل خامنئي، مجتبى (52عاماً). وفي حين أنه كان مغموراً نسبياً في السياسة الإيرانية، إلا أنه يلعب دوراً بارزاً في مكتب المرشد ولديه علاقة قوية مع جميع الأعاضء المؤثرين في الجمهورية الإسلامية.

 ويأتي رئيس القضاء إبراهيم رئيسي (60 عاماً) كاحتمال آخرَ. وكان رئيسي الخصم الرئيس للرئيس الحالي حسن روحاني في انتخابات 2017. وبعد خسارته، عيّنه خامنئي كرئيس للقضاء لمواجهة الفساد المستشري وكسب القيادة شعبياً. وربما تكون خسارته في المنافسة الرئاسية كافية لاستبعاده من قائمة المرشحين لمنصب المرشد الأعلى لأنها تشير إلى دعم شعبي منخفض نسبياً.

ويجئ الرئيس السابق للقضاء والرئيس الحالي لمجلس تشخيص مصلحة النظام صادق لاريجاني، 59 عاماً، في هذا الصدد آيضاً. وبرغم تمتعه بدعم واسع بين اليمين الإسلامي وبعض الدعم بين اليسار الإسلامي، إلا أنه لا يحظى بدعم شعبي كبير.  ويعود هذا لاضطهاده للشعب الإيراني وتورطه في قضية فساد واحدة على الأقل.

 وهناك مرشح محتمل آخر، وإن كان بعيداً، وهو حسن الخميني حفيد آية الله روح الله الخميني البالغ من العمر 48 عاماً. فبسبب صلته بالخميني، يكرهه البعض ويحبه البعض الآخر، لكنه لا يحظى بشعبية بين نخبة النظام. واتضح هذا في 2016، عندما أعلن ترشحه لمجلس الخبراء ولكن مجلس صيانة الدستور رفضه.

وتأتي شخصية أخرى وهو آية الله أحمد خاتمي، 60 عاماً، العضو في مجلس الخبراء والذي عينه خامنئي لمنصب إمام جمعة طهران المؤقت. قال أحمد خاتمي في 2011 عند الحديث حول مسألة احترام ارتداء الحجاب في إيران إن “الدماء يجب أن تسيل” من أجل “حل المشكلة”. ويوصف أحمد بأنه متشدد للغاية ويخشاه الناس بشدة، لكنه أحد المفضلين لدى النخبة.

 ويُذكر رجل الدين علي رضا أعرافي، 60 عاماً، كآخر شخص مرشح محتمل لخلافة خامنئي. ويشغل أعرافي حالياً منصب إمام جمعة في مدينة قم المقدسة.  وهو عضو كذلك في مجلس صيانة الدستور. ويُعد أعرافي، مثل مجتبى خامنئي، غير معروف إلى حد كبير، وإلى الدرجة التي لم يسمع بها الإيرانيون عنه من قبل. ومع ذلك، فقد جذب بعض الاهتمام في يونيو 2016 عندما قال إن الإلحاد وعبادة الأصنام والمسيحية هم أكبر الخصوم للنظام الإسلامي. إن قوته في عدم شهرته.

شكل 2. المرشحون الستة المحتملين لخلافة خامنئي

ماذا سيحدث عند وفاة خامنئي؟

عند وفاة المرشد الأعلى، من المحتمل ألا يتم الإعلان عن خبر وفاته لأيام، ومن الممكن لمدة أسبوع. ففي الثمانينيات، وعندما اقتربت وفاة آية الله الخميني، نشر النظام بشكل متعمد شائعات مغلوطة تفيد بأنه توفى ثم ظهر للعلن كوسيلة لإرباك المعارضة، التي خشي النظام من محاولة قيامها بانقلاب.  

ولا يخشى النظام الحالي من أية محاولة خارجية أو داخلية لتغييره بعد وفاة خامنئي لأنه يعلم أنه لا توجد هذه الفواعل سواء داخل البلاد أو خارجها التي لديها الموارد أو القيادة لتنفيذ مثل هذا المشروع. وإن ما يخشاه النظام حقاً هو الاضطراب العام بعد وفاة خامنئي.

 فعندما يتم الإعلان عن الوفاة، سيندفع عشرات الآلاف من مؤيدي خامنئي إلى الشوارع على الفور لإعلان الحداد العام. ومن المرجح كذلك وقوع احتجاجات، أو تظاهرات أو حتى أعمال شغب إما عن طريق المعارضين للنظام أو مؤيديه الذين يعارضون فكرة وجود مرشد أعلى. وعليه، فمن المرجح بقوة أن يتكتم النظام على خبر وفاة خامنئي حتى يستعد لمواجهة الاضطراب.

 وسيجتمع مجلس الخبراء عند وفاة خامنئي. وفي الوقت نفسه، سوف يرسل الحرس الثوري، الذي يملك جميع الموارد اللازمة، ميليشياته للقيام بدوريات في المدن الكبرى الإيرانية (وعلى رأسها طهران) وذلك كبداية لحملة كبيرة للتأثير على تعيين مرشد أعلى جديد.

 وخلال هذه الفترة، يمكن حدوث بعض الأمور، من بينها السيناريوهات التالية:

  1. حالة الوضع القائم: محتملة للغاية. فيعلن مجلس الخبراء المرشد الأعلى الجديد بعد تأجيل قصير. وسيكون الاختيار في هذه الحالة إما مجتبى خامنئي أو علي رضا أعرافي. وسيؤدي اختيار شخص آخر إلى نشأة خطر وقوع حرب على السلطة لا مصلحة للنظام فيها.
  2. مرشد أعلى مطلق: وهو سيناريو غير محتمل. حيث سوف يسحق المرشد الأعلى الجديد، المعين من قِبل مجلس الخبراء، فصائل اليسار واليمين الإسلامي ويركز جميع سلطاته في كيان واحد، وهو المرشد الأعلى نفسه. وتعتد احتمالية وقوع هذا بشكل كبير على تعامل المرشد الأعلى بعد وفاة خامنئي، ومدى القوة التي يتمتع بها في ذلك الوقت، وما هو هدفه. وتُعد الشخصيات التي من المحتمل أن تنفذ هذا السيناريو هي مجتبى خامنئي، إبراهيم رئيسي، أو أحمد خاتمي.
  3. مرشد أعلى صوري: غير محتمل بشكل كبير. يتم تعيين مرشد أعلى جديد ويتولي مسؤوليات شرفية فقط كقائد للمجتمع الإسلامي. وهذا من غير  المحتمل أن يحدث، ولو حدث فستندلع حرب واسعة على السلطة. ولن يقبل أبداً مكتب المرشد- وما به من آلاف الموظفين والموالين- مجرد دور شرفي للمرشد الأعلى الجديد. وإذا وقع هذا السيناريو، فإن المرشح المحتمل في هذه الحالة سيكون علي رضا أعرافي.
  4. مجلس قيادة: مرجح بشكل كبير. إذا أصبحت الحرب على السلطة عنيفة للغاية وكان هناك توازن رعب بين الفصيلين السياسيين، فإنه من المرجح أن يتم إنشاء مجلس للقيادة. ففي عام 2015، قال رفسنجاني إنه من المرجح تماماً لمجلس الخبراء أن يختار مجلساً للقيادة بدلاً من فرد واحد لإدارة البلاد. وإذا حدث هذا، فلن يُمس نسيج النظام الإسلامي. ويمكن لهذا المجلس أن يتكون من واحد من بين اثنين من هياكل القيادة: 1) الرئيس، رئيس القضاء، رئيس البرلمان، القائد العام للحرس الثوري الإيراني، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، أو 2) أفراد رفيعي المستوى من حاملي لقب آيات الله.
  5. إلغاء منصب المرشد الأعلى، وهو غير محتمل إن لم يكن مستحيلاً. ففي هذه الحالة سيتم إلغاء منصب المرشد الأعلى ومجلس الخبراء. ولكن هذه الفكرة ستواجه معارضة كبيرة من كلا الفصيلين السياسيين. حيث إن نظام المرشد الأعلى مكتوب في الدستور ويعتمد على تعاليم الخميني. وسيكون التخلص من هذا بمثابة تفكيك أساس كل شئ أقامته الجمهورية الإسلامية منذ الثورة.
  6. انقلابٌ من قِبل الحرس الثوري، ممكن لكنه غير مرجح. فإذا لم يتمكن مجلس الخبراء من التوافق حول مرشح معين، أو أن يقود النزاع حول شخصية المرشد الجديد إلى حرب على السلطة، فإن الحرس الثوري من الممكن أن يشعر بأن مصالحه مهددة. وإذا وقع هذا، فربما يقوم الحرس بانقلاب ويركز كل السلطات في يده.

 وفي هذا الوقت، وطبقاً لما يتوافر من معلومات وطبيعة المشهد السياسي الحالي، يُعد السيناريو الأول هو الأكثر احتمالاً، يليه السيناريو الرابع.

 وتأتي احتمالية تغير الجمهورية الإسلامية إلى ديمقراطية كسيناريو سابع، غير محتمل للغاية، وذلك بعد وفاة خامنئي. ولسوء الحظ، لا يسمح دستور الجمهورية بإقامة ديمقراطية في البلاد – وعلى أي حال، لا ترغب النخبة في الداخل بإجراء انتخابات حرة وديمقراطية حقيقية؛ حيث سينتج عنهم إلغاء الجمهورية الإسلامية. وكان البروفيسور ميساغ بارسا قد أورد في كتابه “الديمقراطية في إيران” أنه “من المستبعد للغاية أن تتحول إيران لديمقراطية عن طريق الإصلاح”.

الرابط:https://besacenter.org/perspectives-papers/when-khamenei-dies/

+ posts

باحث بالمرصد المصري

علي عاطف

باحث بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى