إيران

ما بين اتهامات “واشنطن” ونفي “طهران”.. ما حقيقة “التدخل الإيراني” في الانتخابات الأمريكية المقبلة؟

قبل أيامٍ قليلة من إجراء الانتخابات الأمريكية المقرر إجراؤها في 3 نوفمبر المقبل، تثار التساؤلاتُ بشأن محاولات إيرانَ التدخل في هذه الانتخابات عن طريق عمليات القرصنة والهجمات الإلكترونية، ووصل صدى هذه المساعي الإيرانية إلى الحد الذي استحوذت فيه على جانب من المناظرات الانتخابية التي تجري بين المرشّحَين الحاليين في الولايات المتحدة، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن. 

وعلى الرغم من التصريحات الأمريكية المتكررة الصادرة عن مسؤولين بعضهم أمنيون، إلا أن إيران تنفي صحة هذه التقارير، وما بين الاتهام الأمريكي والنفي الإيراني، نتساءل: هل تدخلت إيران بالفعل في الانتخابات الأمريكية؟

هل لدى إيران القدرة العملية على التدخل في الانتخابات الأمريكية؟

عملت إيران خلال السنوات الأخيرة على تطوير قدراتها السيبرانية والدخول إلى ميدان الحرب الإلكترونية، وذكرت تقاريرُ دولية إن إيران تمكنت خلال العِقدين الماضيين من تحسين قدراتها السيبرانية خلال الأعوام الأخيرة، وأشارت أحداث الأعوام السابقة إلى أن إيران شنت عددًا من الهجمات السيبرانية الخارجية، ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن في بعض الدول العربية والأوروبية بعد أن طورت من قدراتها السيبرانية نسبيًا(1) خاصة منذ عام 2009، وذلك على الرغم من المشكلات والنقائص التي تواجهها. 

فقد سبق على سبيل المثال، وأن قرصنت إيران موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” الدولي صباح يوم 18 ديسمبر 2009، وكذلك مهاجمة شركة أرامكو السعودية في أغسطس 2012، ولاحقًا مواقع للسدود الأمريكية. 

وباتت طهران توظف هذه الأداة في صراعها مع القوى الخارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. وتعد الانتخابات الأمريكية واحدة من أهم الميادين التي تحاول إيران خلالها استخدام أدواتها السيبرانية من أجل تحقيق مساومات سياسية مستقبلية. 

 فقد اتهمت الولايات المتحدة النظام الإيراني مرارًا بمحاولة التدخل في الانتخابات الأمريكية وآخرها انتخابات العام الجاري 2020، وذلك عن طريق القيام بعمليات قرصنة واستهداف للناخبين الأمريكيين. وتنفي إيران هذه التصريحاتِ الأمريكية، زاعمة أن أيّا من المرشحين الاثنين ترامب أو بايدن، لن يؤثر في سياستها.

وعلى أي حال، فإن جميع هذه الوقائع تثبت أن إيران لديها القدرة العملية على الأقل على التدخل في الانتخابات الأمريكية، وهو ما أشار إليه العديد من المسؤولين الأمريكيين وبعضهم من المؤسسات الاستخباراتية.

الاستخبارات الأمريكية تؤكد تدخل إيران في الانتخابات الأمريكية

محفزات أمام إيران للتدخل في الانتخابات الأمريكية فهل ستؤثر؟ | صحيفة المواطن  الإلكترونية

وجّهت الاستخبارات الوطنية الأمريكية خلال شهر أكتوبر الجاري، اتهاماتٍ لإيران بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الجارية المقرر عقدها في 3 نوفمبر 2020، حيث قالت إن طهران مسؤولة عن رسائل تهديد وصلت عبر البريد الإلكتروني إلى ناخبين أمريكيين من مؤيدي الحزب الديمقراطي، وقال مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، جون راتكليف إن هذه الرسائل بدت وكأنها مُرسَلة من حسابات تتبع جماعة يمينية متطرفة مؤيدة لترامب، وكانت تهدف إلى إثارة الاضطرابات. 

وأضاف أن إيران حصلت على معلومات وبيانات خاصة بالناخبين، وأن إيران “على وجه التحديد” أرسلت رسائل مخادعة عبر البريد الإلكتروني إلى ناخبين في الولايات المتحدة؛ بهدف “ترهيب الناخبين والتحريض على اضطرابات اجتماعية والإضرار بالرئيس ترامب“.

وأوضح راتكليف أن إيران “اتخذت إجراءاتٍ محددة للتأثير على الرأي العام فيما يتعلق بانتخاباتنا“، وأن الأمن القومي الأمريكي خلص إلى أن إيران حصلت على معلومات متعلقة بالقوائم الانتخابية الأمريكية يمكن لها أن تستخدمها في تزويد الناخبين بمعلومات مضللة تبث من خلالها الفوضى وتقوض الثقة بالديمقراطية الأمريكية.(2) 

بايدن يؤكد تدخل إيران في الانتخابات الأمريكية

على الرغم من أن إيران تعقد أملًا كبيرًا في فوز المرشح الديمقراطي “جو بايدن” بانتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2020، إلا أن هذا الأمل أصابه بعض الشكوك الخميس الماضي حينما حذر جو بايدن إيران خلال المناظرة الرئاسية من سعيها للتدخل في الانتخابات الأمريكية. 

فحينما سألت مديرة المناظرة الانتخابية، كريستن واكر، كلاً من ترامب وبايدن بشأن سعي إيران للتدخل في الانتخابات أجاب بايدن أولاً وحذّر من أنه سيعاقب إيران بسبب هذه المحاولات، وأكد قائلاً: “نحن الآن نعلم أن إيران متورطة، إنهم سوف يدفعون الثمن إذا ما تم انتخابي”. بينما كانت إجابة ترامب على السؤال نفسه مختلفة، حيث ذَكَرَ أن الإيرانيين يفضلون فوز بايدن وليس ترامب. (3) 

ختامًا

تخلص المؤشرات السابقة، من تطوير إيران لقدراتها السيبرانية خلال الأعوام الماضية إلى تأكيد المسؤولين الأمنيين في الولايات المتحدة، إلى نتيجة واحدة مفادها أن إيران لديها القدرة على التدخل في الانتخابات الأمريكية إليكترونيًا، حتى ولو كان ذلك بشكل نسبي أو محدود، وأنها تدخلت بالفعل فيها. 

ومن الممكن لهذه القضية أن تتسبب في إيجاد مزيد من التوتر في علاقات طهران وواشنطن مستقبلاً، خاصة وأن جميع الأمريكيين، جمهوريين وديمقراطيين يستنكرون هذا الفعل ويرفضونه بشدة، وهو ما كان واضحًا من حديث جو بايدن خلال المناظرة الانتخابية يوم الخميس الماضي، علاوة على أن إيران كثفت من هذه العمليات السيبرانية الموجهة ضد الولايات المتحدة منذ يناير الماضي بعد مقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني. 

المصادر والمراجع: 

1 –   إلى أين وصلت قدرات إيران السيبرانية؟، المرصد المصري، 19 أكتوبر 2020.

https://cutt.us/KHbE7

2-    “واشنطن تتهم طهران وموسكو بالحصول على سجلات للناخبين للتأثير على الانتخابات الأمريكية”، فرانس 24، 22 أكتوبر 2020.

https://cutt.us/MDmlq

3-           Adam Lucente, “Trump, Biden talk reported Iranian election interference at final debate”, Al-Monitor, Oct., 23th, 2020.

https://cutt.us/HvFWo

+ posts

باحث بالمرصد المصري

علي عاطف

باحث بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى