أفريقيا

بوابة العرب والأفارقة الغربية.. دوافع وأدوات التدخل التركي في موريتانيا

يومًا بعد يوم، تتسع رقعة الغضب الشعبي العربي ضد التدخلات التركية غير المشروعة في الشؤون العربية والشرق أوسطية في محاولة لبسط نفوذها وتمرير مصالحها على حساب مكتسبات الشعوب السياسية والاقتصادية.

هذه المرة، الصورة من موريتانيا، تلك البلد العربية الإفريقية القابعة في أقصى الطرف الغربي من العالم العربي، حيث احتشد الموريتانيون من بعض الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، يوم الجمعة 4 سبتمبر، أمام السفارة التركية في نواكشوط، منددين بالتدخل التركي في البلدان الإفريقية كليبيا وتونس، ومطالبين بوقف الدعم التركي للجماعات الإرهابية والأحزاب والميليشيات المتطرفة في الدول الأخرى، والتوقف العاجل واللا مشروط لنهب وسلب الثروات، وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأفريقية، والكف عن التدخل في شؤون بلدهم.

ورفع المحتجون لافتات مكتوبا عليها “لا للتحالف الإخواني التركي القطري ضد الأمن العربي”، و”لا للدعم التركي للإرهابيين في ليبيا”، و”لا للتدخل التركي في القضايا العربية”، و”الشباب العربي يقف صف واحد ضد التغلغل التركي في المنطقة العربية”.

دوافع التوغل التركي في موريتانيا

يأتي الانغماس التركي في موريتانيا كجزء من سياسة أوسع لإيجاد موطئ قدم في القارة الإفريقية، حيث سعت مؤخرًا إلى اقتحام ساحات جديدة بعد خلافاتها الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على خلفية سياساتها التوسعية في شرق المتوسط والتعاون العسكري مع روسيا.

ونستعرض دوافع التوجه التركي نحو موريتانيا كالتالي:  

• نقل الأموال والسلاح إلى إفريقيا والضغط على أوروبا: تمتلك موريتانيا موقعًا جغرافيًا متميزًا بالنسبة للمطامع التركية في إفريقيا، يجعل منها البوابة الاستراتيجية والمدخل الخلفي الذي يُمكن أن تنفذ منه تركيا إلى ثلاث مناطق متداخلة تمثل هدفا استراتيجيا لأنقرة في إفريقيا وهم مناطق؛ المغرب العربي وغرب إفريقيا والساحل والصحراء، وقد عزز ساحلها الغربي المطل على المحيط الأطلنطي من الأهمية الجيوستراتيجية للدولة. ذلك الموقع المتميز جعل من هذا البلد الإفريقي حلقة مزدوجة في السياسة الخارجية التركية تجاه كل من إفريقيا وأوروبا.

فمن ناحية إفريقيا، تعتبر موريتانيا جسرًا لنقل المال والسلاح التركي إلى العناصر والمجموعات الإرهابية التابعة لأنقرة في إفريقيا، إذ ترسو السفن التركية قبالة الساحل الممتد على طول الحدود الغربية، وتنقل منها الأسلحة عبر المساحات الصحراوية الممتدة إلى الحدود مع مالي أو السنغال أو المغرب أو الجزائر، ومنها إلى المقصد الأخير في يد العناصر أو الجماعات الإرهابية التي تدعمها أنقرة، مستغلة في ذلك ضعف الرقابة الأمنية على الحدود حيث تنشط عصابات التهريب، فضلًا عن المناطق الصحراوية الممتدة وحالة السيولة الأمنية في دول الجوار، وبالأخص مالي، حيث تنتشر الجماعات الإرهابية ذات الصلة بتركيا التي يُمكن استخدامها لتمرير المال والسلاح، أو تكون هي المقصودة.


وضبطت السلطات الموريتانية في يوليو الماضي سفينة صيد تركية تحمل اسم “مامول إسماعيل رايس” على متنها مليون وأربع مائة ألف دولار كانت تهم للخروج من موريتانيا في طريقها إلى قادة الإخوان في بلدان أفريقية مجاورة.

أما بخصوص أوروبا، فيُمكن ضم موريتانيا إلى سياسة التهديد بإطلاق اللاجئين صوب أوروبا التي دائمًا ما يلجأ لها أردوغان في أي خلاف مع دول الاتحاد، حيث تعتبر موريتانيا أحد مراكز تصدير اللاجئين الأفارقة إلى أوروبا عبر الساحل الغربي، أو عبر تسربهم من الحدود الشمالية إلى المغرب ومنها ينطلقوا في قوارب باتجاه إسبانيا.

• استنزاف ثروات الدولة الاقتصادية: تتمتع موريتانيا بثروات اقتصادية هائلة، من ذهب ومعادن وثروة سمكية وأراضي شاسعة صالحة للزراعة، لكنها غير مستغلة، وهو ما وضعها على قائمة المطامع التركية في إفريقيا.

حاولت أنقرة تقنين مطامعها في الثروات الموريتانية عبر توقيع اتفاقيات في مجالات الهيدروكربون والمعادن والصيد والاقتصاد البحري والزراعة والسياحة، لكنها في الواقع اتخذت منها مدخلًا لممارسة أسوأ أنواع الاستنزاف لتلك الثروات، وبالأخص الثروة السمكية التي يزخر بها الساحل الموريتاني المعروف بأنه أغنى مناطق العالم بالأسماك بسبب العوامل المناخية والجيومورفولوجية (الأرضية) التي توفر ظروفا ملائمة لنمو الأسماك، حيث نفذت السفن التركية عمليات صيد جائر بواسطة الشبكات الدوارة وسفن الصيد العملاقة التي تستخدم شباك قادرة على جرف جميع الأحياء البحرية، بما فيها الأسماك النادرة الممنوع صيدها، مخالفة بذلك الاتفاقية التي وقعت عليها مع الحكومة الموريتانية والتي تسمح بالصيد في المياه السطحية فقط التي يبلغ طولها 700 كيلومتر، ومخالفة للنظم الدولية الخاصة بالتوازن الحيوي للبحار والمحيطات.

وقد كان للممارسات التركية غير المشروعة تأثيرًا سلبيًا بالغًا على الثروة السمكية الموريتانية حيث أدت إلى جرف أسماك “الكوربين” النادرة الممنوع صيدها، وانقراض سمك “سليمان” المعروفة محليًا بـ “ياي بوي”، وارتفاع أسعار أسماك السطح التي تشكل أهم مكونات النظام الغذائي للموريتانيين نظرًا لندرتها.

وطمعًا فيما للدولة من أراضي خصبة وقدرات زراعية كبيرة، وقعت تركيا اتفاق تعاون يتعلق بمكافحة التصحر والتفتيش حول تدهور الأراضي والانجراف والتشجير وإعادة تأهيل المنظومات البيئية المتدهورة، عام 2016، مدعية أنها ستُفيد موريتانيا بخبرتها في مجال مكافحة التصحر، ومولت في العام 2018 مشروعًا لمكافحة التصحر يهدف إلى تأهيل نحو 5 آلاف هكتار في كل من موريتانيا والسودان وإريتريا، بتكلفة تصل إلى 3 ملايين دولار توفرها وزارة الغابات وشؤون المياه، وينفذ بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة “الفاو”، في الفترة من 2018 حتى 2021.

وتمثل الثروات والموارد غير المستغلة في موريتانيا مطمعًا لتركيا، حيث سعت للسيطرة عليها تحت ستار الاستثمارات، وبالأخص عبر جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين التركية “موصياد” التي تنشط في الداخل الموريتاني. فضلًا عن توقيع عدد من اتفاقيات التعاون الاقتصادي ومنها، اتفاقية لإنشاء مجلس لرجال الأعمال الموريتانيين والأتراك الذي عقد أولى جلساته عام 2015 في نواكشوط، واتفاقية إنشاء المؤسسات الصناعية والتجارية برؤوس أموال مشتركة، والاتفاقية التي وقعها اتحاد أرباب العمل الموريتانيين ممثلا في اتحادية السياحة مع “موصياد” بشأن التعاون في مجال التجارة والصناعة والسياحة. بالإضافة إلى تبادل الزيارات بين رجال أعمال البلدين، إذ زار العديد من رجال الأعمال الموريتانيين تركيا في السنوات الأخيرة، وأنشأوا مكاتب تجارية في اسطنبول.

مدخل للأسواق الإفريقية: إذ إن الحدود الموريتانية المشتركة مع أربع دول جعلها منفذًا للبضائع إلى الأسواق الإفريقية، وبخاصة أسواق غرب إفريقيا التي يبلغ تعداد سكانها نحو 300 مليون نسمة. وقد ساهمت بعض مكاتب التوريد الموريتانية في تنشيط تصدير المنتجات التركية نحو العديد من بلدان غرب إفريقيا، حيث ازداد النشاط التجاري بين البلدين في الآونة الأخيرة، على يد شركات التوريد والمقاولات التجارية المتوسطة والصغيرة، وغزت البضائع التركية الأسواق الموريتانية، ومنها انتقلت إلى إفريقيا.

سوق لتصدير السلاح: تمثل حالة الضعف والسيولة الأمنية داخل الدولة الموريتانية وعلى امتداد حدودها بيئة مناسبة لتركيا لتقديم نفسها كشريك أمني لنواكشوط في مكافحة الإرهاب، لتتحول إلى سوق للمنتجات العسكرية التركية، وقد صدرت أنقرة بالفعل حاملات جنود مدرعة من طراز كوبرا، تصنعها شركة أوتوكار، إلى موريتانيا. وتسعى تركيا إلى الدخول إلى حلبة المنافسة بين كبار مصدري السلاح في العالم.

ويرتبط البلدان باتفاقية تعاون عسكري منذ 2002، أتاحت الفرصة للضباط الموريتانيين للمشاركة في التدريبات والمناورات في تركيا.

أدوات التوغل التركي في موريتانيا

حرصت تركيا في تقربها من موريتانيا على تنوع أدواتها، لكنها استغلت بالأساس الأوضاع الاقتصادية المتراجعة وارتفاع معدلات الفقر، لتكون مدخلًا سهلًا تنفذ منه إلى قلب المجتمع الموريتاني.

وفيما يلي استعراض لأدوات التوغل التركي في موريتانيا:

• الأداة الدبلوماسية: منذ بدأت الالتفات إلى القارة الإفريقية، حرصت تركيا على فتح سفارات في معظم دولها لإدارة مجمل العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية معها ولتكون حلقة الوصل بين الحكومة في أنقرة وأذرعها بالداخل، وقد بلغ عدد السفارات التركية في القارة السمراء حاليًا 41 سفارة منها 27 بعد عام 2009، وكانت موريتانيا أحد تلك الدول التي شهدت افتتاح سفارة تركيا للمرة الأولى عام 2010.

ومنذ ذلك الوقت، تبادل البلدان الزيارات الدبلوماسية على المستوى الرئاسي، حيث كانت الزيارة الأولى للرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، إلى تركيا في فبراير 2010، هي الفاتحة لإقامة العلاقات الرسمية، تلاها زيارة ثانية عام 2016 للمشاركة في قمة العمل الإنساني، ثم زيارة أردوغان إلى نواكشوط في 28 فبراير 2018 ضمن جولة إفريقية شملت أيضًا الجزائر والسنغال ومالي. فضلًا عن لقاءات بين الحين والأخر تجميع المسؤولين في البلدين، ولقاءات يجريها السفير التركي مع المسؤولين في نواكشوط.

المساعدات الإنسانية: لم تترك تركيا بابًا للتوغل في موريتانيا إلا وطرقته، هذه المرة متسترة وراء المساعدات الإنسانية، التي تسعى من خلالها إلى اكتساب تأييد داخل الأوساط الشعبية. لكن نية أنقرة السيئة تتضح جليًا بالنظر إلى الانتماء الأيديولوجي للمنظمات التي تتلقى الدعم التركي، والتي يظهر أن غالبيتها العظمى تتبع جماعة الإخوان الإرهابية ومنها؛ منظمات الخير، والإصلاح، ويدًا بيد، والندوة العالمية للشباب الإسلامي. وقد أدركت الحكومة الموريتانية الأغراض الخبيثة لتلك المنظمات ودورها في نشر الفكر الإخواني، لذا قامت بإغلاقها، في إطار حملة قادها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لمحاصرة الإرهاب في البلاد وشملت تصنيف الإخوان جماعة إرهابية.

وتستغل أنقرة حاجة الناس والأزمات الاقتصادية والمناسبات الدينية كحجة لتقديم المساعدات، التي هي في الحقيقة بمثابة غسيل سمعة لصورة أنقرة التي تلوثت بدعمها للإرهاب، ورشوة تُقدم للشعب الموريتاني للقبول بالتدخلات التركية والتغلغل داخل الأوساط الهشة في المجتمع وتوجيهها لصالح المشروع التركي، وتهيئة المجتمع لتقبل أفكار الإسلام السياسي التي تقدمها الجماعات المدعومة من أنقرة.

ويُعد “وقف الديانة التركي” ومنظمة “تيكا” ذراعا نظام أنقرة الطولتان الممتدتان في عدد كبير من بلدان العالم، ومنها موريتانيا، وهما بمثابة الستار الذي يتخفى وراءه المشروع التوسعي التركي والأطماع في ثروات الشعوب، وهما جزء أصيل من منظومة الاستخبارات التركية، وتستعملان كغطاء للجاسوسية ونقل المعلومات والتجنيد.

وقد وزع الوقف 8 آلاف و407 حصص من لحوم الأضاحي على 50 ألفا من المحتاجين، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، كما وزّع هدايا على الأطفال، وأيضًا حفر 11 بئرًا للمياه في إطار مشروع أطلقه تحت شعار “قطرة ماء تهب حياة”. وتقوم تيكا بالدور ذاته من اختراق للمجتمع بواسطة المساعدات الغذائية التي تقدمها للأسر في عدة مناطق منها العاصمة نواكشوط؛ ففي يونيو 2018، وزعت 1100 كرتونة غذائية في 12 منطقة، وفي يونيو الماذي، قدمت مساعدات غذائية ومواد تنظيف لـ 400 أسرة بالعاصمة بدعوى المساهمة في تخفيف أثار جائحة كورونا.

ويجب الإشارة هنا إلى انه من الخطورة بما كان الاعتماد على تركيا في توفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية للسكان، إذ أنها يُمكن أن تستخدم في هذه الحالة كسلاح في يد أنقرة للضغط على حكومة نواكشوط، ويضع حياه المواطنين رهن ما يُمكن أن نطلق عليه “مستعمر”. وقد اتضحت تلك الخطورة، في الانسحاب المفاجئ غير المسبب أو المبرر لأحد الشركات التركية العاملة في مشروع تزويد مدينة أكجوجت عاصمة ولاية إنشيري بمياه الشرب الصالحة، في نوفمبر الماضي، تاركة سكان الإقليم يعانون العطش.

التعليم والإعلام والثقافة والهوية الدينية: لا تتوقف جهود تركيا للتوغل في موريتانيا عند استخدام أدوات القوة والتأثير التقليدية من قبيل الشراكات الاقتصادية أو العسكرية أو تقديم الدعم المالي للجماعات والمنظمات التابعة لها، لكنها تجاوزتها لأدوات التأثير الناعمة كالتعليم والإعلام والثقافة واللعب على المشاعر الدينية، حيث تمتلك تركيا في موريتانيا 10 مدارس و6 مباني تعليمية تقدم الخدمة التعليمية لنحو 935 طالبًا تطمح إلى زيادتهم لـ 2000 طالب. وكان بعض هذه المدارس مملوكًا في الأصل لحركة الخدمة التي يتزعمها فتح الله جولن، منذ العام 2004 حيث كانت نواة الوجود التركي في موريتانيا. لكن بعد الانقلاب الفاشل في 2016 واتهام أردوغان لجماعة فتح الله جولن بالتورط فيه، صادرت الحكومة الموريتانية بالتنسيق مع نظيرتها في أنقرة تلك المدارس وسلمت إدارتها لوقف المعارف التركي، وبعضها سُلم لرجال أعمال موريتانيين. ووقف المعارف هو مؤسسة أنشأتها تركيا في أعقاب الانقلاب الفاشل عام 2016 للاستحواذ على مؤسسات حركة الخدمة التابعة لفتح الله جولن في الخارج.


يذكر أن السماح لوقف المعارف بإيجاد موطئ قدم له في موريتانيا، يعني السماح بوجود جهاز أمني تركي داخل البلاد يلعب أدورًا بعيدة عن مسألة التعليم، حيث إن أموال الوقف لا تخضع للمتابعة ولا التفتيش وتتميز بسهولة الحركة ومبررات التحويل والصرف، ما يجعله أداة لتقديم الدعم المالي والسياسي لحلفاء تركيا في الداخل.

كما يوفر وقف الديانة التركي، منحًا دراسية لعشرات الطلاب الموريتانيين، للدراسة في ثانوية الأئمة والخطباء وكليات الإلهيات الدولية بتركيا، تتضمن دورات لتعليم اللغة التركية، ويتكفل الوقف بكامل نفقاتهم التعليمية والمعيشية خلال مدة دراستهم، ويوفر للطلاب تذاكر سفر إلى بلادهم ذهابا وإيابا خلال العطلة الصيفية.

وتحرص تركيا الساعية لتقديم نفسها كقائد للعالم الإسلامي، إلى مغازلة المشاعر الدينية للموريتانيين الذين يدين كافتهم بالدين الإسلامي (إجمالي عدد السكان 3.5 مليون نسمة)، وهو ما اتضح في وصف أردوغان لموريتانيا، خلال زيارته التي أجراها للبلاد في فبراير 2018، بأنها دار العلماء وحافظي القرآن، وأن حوالي نصف السكان يحفظون القرآن، وهي “عادة مهمة ورثوها من حضارتهم”.

وتتولى السفارة التركية في نواكشوط مهمة احتواء وتجنيد وسائل الإعلام الموريتانية من خلال إرسال مجموعات من الصحافيين بشكل منتظم إلى تركيا في زيارات للترويج وغض الطرف عن طبيعة وأهداف نفوذها المتزايد في موريتانيا.

• جماعات الإسلام السياسي: وبالأخص جماعة الإخوان المسلمين، وحزبها الرئيسي التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل”، الذي تدعمه تركيا بشكل غير مباشر عن طريق الجمعيات الخيرية ذات المرجعية الإخوانية إذ تحصل على الأموال التركية وتوظفها للدعاية السياسية لتواصل عبر توفير الخدمات ومياه الشرب وبناء المستوصفات وتمويل الأنشطة المدرة للدخل في الأرياف والمدن الداخلية وبعض الأحياء الفقيرة في نواكشوط. ومن الجدير بالذكر أن 85% من الدعم التركي للجمعيات الخيرية الموريتانية، المقدر بحولي 2 مليون دولار، يدخل لصالح تلك المرتبطة بالإسلام السياسي. كما تدعم أنقرة قناة “المرابطون”، الأداة الإعلامية لحزب تواصل، التي تستخدم لتلميع صورته وبث الفكر الإخواني بين طبقات المجتمع.

ولتحجيم أذرع تركيا في موريتانيا، قرر الرئيس السابق، ولد عبد العزيز، إغلاق جمعية المستقبل للدعوة والثقافة والتعليم، وسحبت ترخيصا كانت قد منحته لجامعة عبد الله ياسين، هما جمعيان تتلقيان أموال من تركيا وقطر، وعلى علاقة وثيقة بحزب تواصل.

وتتضح العلاقة الوثيقة بين حزب تواصل وتركيا، في استضافة الاخيرة لمحمد الحسن ولد الددو الشنقيطي، والأب الروحي للإخوان والجماعات المتطرفة في موريتانيا ومحمد جميل منصور، الأمين العام السابق للحزب.

ختامًا،

يفرض الوجود التركي في موريتانيا تحديًا يضاف إلى التحديات الأمنية التي تشهدها منطقة شمال إفريقيا، وهو ما يجب الالتفات له ومواجهته عبر إقامة شراكات اقتصادية وأمنية وسياسية مع تلك الدولة التي تمثل البوابة الغربية للعرب وإفريقيا، لإبعادها عن الانزلاق في المستنقع التركي لتكون شوكة جديدة في ظهر العرب.

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

ماري ماهر

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى