ليبيا

المستشار الأكاديمي للمركز المصري: تحركات القاهرة تستهدف ردع تركيا عن التصعيد في ليبيا

أجرى المستشار الأكاديمي للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتور محمد مجاهد الزيات مداخلة تليفزيونية الليلة في النافذة الإخبارية (غرفة الأخبار) على شاشة قناة سكاي نيوز عربية، تناولت تطورات الملف الليبي، عقب قرار مجلس النواب المصري الموافقة على إرسال وحدات قتالية تابعة للجيش المصري لمواجهة أية تهديدات للأمن القومي المصري، خارج حدود الأراضي المصرية.

أوضح الدكتور الزيات أن الموقف المصري من الأزمة الليبية بصفة عامة اتسم منذ البداية بوضوح معالمه، وتدرج مستوياته، ففي بداية التدخلات التركية في هذا الملف أعلنت القاهرة رفضها لعمليات نقل الأسلحة والمرتزقة إلى ليبيا، ثم تدرج الموقف المصري حين تحدث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، عن ضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة الليبية، يرتكز على الحوار الليبي – الليبي، وفي هذا الإطار جاء إعلان القاهرة، الذي يستند على كافة الاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاق الصخيرات، ومقررات برلين وغيرها.

لكن كان الرد التركي على هذه المبادرة، هو تكثيف عمليات نقل الأسلحة والمرتزقة، ودفعت أنقرة بوحدات بحرية قبالة الساحل الليبي، وذلك بالتزامن مع تصريحات تركية رسمية، على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تحدث فيها عن ضرورة السيطرة على مدينة سرت وقاعدة الجفرة الجوية، ومن خلفهما الهلال النفطي، مما حدا بالقاهرة أن تعلن خطها الأحمر الذي اعتبرت أن أية محاولة للهجوم عليه تعد تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، لا يمكن السكوت عليه.

عقب ذلك أعلنت أنقرة عن تنفيذ بحريتها لمناورات قبالة الساحل الليبي، فردت مصر بتنفيذها المناورة (حسم 2020) التي أعلنت من خلالها بوضوح أنها جاهزة للتدخل، وهذا دفع دول أخرى كانت مواقفها من هذه الأزمة تتسم بالرمادية أن تعدل من مواقفها المعلنة، وتتخذ مواقف أكثر وضوحًا، مثل موقف واشنطن، الذي كان في البداية لا يفكر إلا في مواجهة الدور الروسي في ليبيا، لكن مؤخرًا تغير هذا الموقف، وكان البيان الأخير للقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، الذي تحدث عن نقل المرتزقة إلى ليبيا، هو خير دليل على هذا التغير، الذي يعد الموقف المصري الثابت والصارم من أهم مسبباته.

وأضاف المستشار الأكاديمي للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن المواقف الأمريكية من الأزمة الليبية كانت دومًا مرتبكة وغير واضحة، ففي بداية عملية طرابلس، هاتف الرئيس ترامب المشير خليفة حفتر، وهو ما اعتبره البعض تأييدًا ضمنيًا من جانب واشنطن لهذه العملية، لكن بعد أشهر بات الموقف الأمريكي أكثر رمادية. هذا الواقع تغير جذريًا، فبعد المواقف الصارمة الأخيرة من جانب مصر، وجدت واشنطن نفسها مضطرة إلى أن تنظر إلى الملف الليبي بعين مغايرة، خاصة بعد أن تتالت المواقف الأوروبية الداعمة للموقف المصري، ومنها اليونان وفرنسا، وحتى دول مثل إيطاليا، عدلت كثيرًا من توجهاتها في هذا الملف، والآن وبعد بيان أفريكوم الأخير أصبح جليًا أن واشنطن ترى في استمرار الموقف التركي الحالي في ليبيا، خطرًا داهمًا على الأمن والسلم الدوليين.

وردًا على سؤال حول إمكانية تغير الموقف التركي الحالي في ليبيا، قال الدكتور محمد مجاهد الزيات أن الخطاب التركي المعلن في الملف الليبي مازال حتى الآن كما هو، وكذلك مازالت الحشود تتدفق قرب سرت والجفرة، لأن أنقرة على قناعة أنها تستطيع أن تنفذ عملية عسكرية سريعة في اتجاه المدينتين، ومن ثم يتم إيقاف النار. بيانات مجلس الدفاع الوطني، ومجلس النواب، تمثل جانب من جوانب الردع المصري لتركيا، لكن إذا لم يتغير الموقف التركي الحالي، سيكون لمصر حينها موقف حاسم وقوي.

+ posts

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى