
خالد عكاشة: الفرق العسكرية المشتركة بين ميلشيا الوفاق والميلشيات التركية هي نموذج أقرب للحرس الثوري الإيراني
قال الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في مداخلة هاتفية مع الإعلامية “عزة مصطفى” مقدمة برنامج “صالة التحرير” المذاع عبر قناة “صدى البلد”، أن تركيا تقوم منذ اسابيع بعمليات نقل أسلحة ومعدات ومنظومات دفاع جوي ومنظومات رادارية، وكان الهدف الواضح من نقل هذا العتاد هو تحويل قاعدة الوطية إلى قاعدة عسكرية تركية على غرار القواعد التي أنشأتها تركيا في سوريا والعراق، و تريد أن تعيد النسخة بأكبر وأحدث مما هي عليه قواعدها في المشرق العربي، وترغب في وجود قاعدة ثابتة في الشمال الافريقي ولهذا تستهدف بشكل واضح قاعدة الوطية.
وأضاف “عكاشة” أن هناك غياب كامل للإرادة الدولية في تحجيم تركيا في ما تقوم به من خروقات للقانون الدولي والقرارات الدولية فيما يخص ليبيا تحديدًا، وهذا الغياب الكامل للإرادة الدولية وتباطؤها كان سبب لخلاف كبير بين فرنسا وقيادة الناتو وأعضاء كثيرة من داخل الاتحاد الأوروبي، لأن هذا الأمر مخالف لكل الضوابط الاستراتيجية لمصالح الدول الأوروبية، وهذا الأمر أحدث أزمة في أوروبا.
وقد أستغل أردوغان هذا التخاذل وأخذ يسرع من وتيرة عمله، وهو يقرأ بشكل جيد أن هناك خلافات بين الأطراف الأوروبية وبعضها البعض، وهناك انكفاء ذاتي على المشكلات الداخلية للدول الكبرى، وهو ما جعله يحاول استغلال هذه الفترة لتثبيت أوضاع على الأرض وكسب أراضي جديدة وخلق أمر واقع يستثمره في المستقبل.
ووجه المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية نداءً إلى العقلاء في الغرب الليبي بأن عليهم أن يدركوا أن ماتقوم به تركيا في مدن الغرب تحت ذريعة الدفاع عن الغرب لا توصيف له سوى أنه احتلال تركي حقيقي، وعلى العقلاء في الغرب الليبي أن ينبذوا كل اشكال الخلاف والمغالطات الموجودة ويبدأو في استرداد وقتهم واتخاذ خطوات نحو الحل السياسي وعدم الاستسلام للهيمنة التركية تحت أي ذريعة كانت أو أي شكل من أشكال الخداع التي يمارسها اردوغان.
وأوضاف أن ما يحدث اليوم قد يدفعون له ثمنًا غاليًا في المستقبل عندما يجدوا أن ليبيا ستكون إما تحت فخ التقسيم أو تم استعمارها بشكل كامل، وعندما يتابع العالم وزير الدفاع التركي يتجول في المدن الغربية ويتفقد قواته وغرف عمليات، هذا المشهد لا دلالة له إلا أنه مشهد احتلال وسلب كامل للإرادة الوطنية.
وأن هناك الكثير من الوطنيين الشرفاء الليبيين يبذلون جهدًا كبيرًا وفائقا إن كان عبر البرلمان الليبي بقيادة المستشار عقيلة صالح، أو جنود وضباط في الجيش الوطني الليبي، أو ممثلين أحرار وطنيين للشعب الليبي يقولون بأعلى الأصوات أن هذا الأمر غير مقبول، وهذا احتلال تركي جديد للأراضي الليبية، وأن الأطراف الموجودة في الغرب مخدوعة ومتماهية مع التوجه التركي الذي لا يلعب إلا لصالحه فقط ولن يكون هناك صالح لليبيا على الاطلاق فيما يحدث اليوم بالغرب الليبي.
أوضح أن الفرق العسكرية المشتركة بين ميلشيا الوفاق والميلشيات التركية هي نموذج أقرب للحرس الثوري الإيراني لما تحاول تركيا تنفيذه على الأراضي الليبية، فهي كيان عسكري له ملمح ميلشياتي خارج إطار الدولة، يتم تغذيته بالسلاح الخفيف والمتوسط ليكون قادرًا على ترويع الشعب الليبي، وتوجيه الرصاص والإرهاب والتخويف صوب الشعب الليبي، فالشعب الليبي هو أول المستهدفين من تكوين هذه الميلشيات، وهي في ذات الوقت تحطيم لأسس المؤسسات الوطنية، فليبيا من المفترض كدولة كبيرة وذات سيادة أن تمتلك جيشًا وطنيًا على كامل التراب الوطني دون الدخول في مثل هذه المنزلقات.
وأفاد “عكاشة” أن هناك نوع من المغازلة والرشاوى تحاول تركيا تقديمها للأطراف في الغرب، مؤكدًا أن ما تقوم به تركيا ليس في صالح الأطراف في الغرب الليبي على الإطلاق على المديين المتوسط والبعيد، فتركيا تحاول إيهام الجانب الغربي بأنها قادمة لتصنع لهم جيوش صغيرة أو كيانات مسلحة، مؤكدًا أن هذه الرشوة المقنعة هي من أجل السيطرة والهيمنة على الأراضي الليبية والثروات الليبية والقرار الليبي الوطني المستقل، فهذا هو الهدف التركي بكل وضوح.
وشدد المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، على أن ما يحدث هو سرقة متكاملة الأركان لمقدرات وقرار ليبيا التي هي ملك الشعب الليبي وحده، لافتًا إلى أن الغالبية الكاسحة من الشعب الليبي تشعر بقلق شديد مما يجري، وهو ما ظهر في المظاهرات التي شهدتها مدينة بنغازي اليوم تنديدًا بالعدوان التركي، فيجب أن يصل صوت الليبيين إلى العالم كله، وهذه المظاهرة تعبير عن القلق البالغ الذي يشعر به الشعب الليبي الحقيقي من الاحتلال الذي يجري الآن للأراضي الليبية.