
الجارديان تستعرض تحليلات “6 مفكرين أوروبيين” عن كيف تستعيد القارة العجوز توازنها بعد انتهاء جائحة كورونا؟
عرض – محمد منصور
مثّلت القارة العجوز ومازالت، بؤرة أساسية من بؤر انتشار جائحة كورونا، وهي جائحة ألقت الضوء بشكل لافت على عدة نقاط ضعف في البنية الأوروبية، التي غاب فيها التضامن بين الحكومات، وبرزت الخلافات والصدوع السياسية إلى السطح، في وقت يحتاج فيه الجميع إلى التعاون وتبادل مد يد العون. الخشية الآن تتزايد من أن تؤدي تبعات انتشار هذه الجائحة، خاصة على مستوى الكساد الاقتصادي الذي بات الجميع قاب قوسين أو أدني منه، إلى صعود التيارات اليمينية والقومية المتطرفة، في النسيج السياسي والاجتماعي الأوروبي.
الاتحاد الأوروبي نفسه، معرض لمخاطر عديدة تهدد أسسه وثوابته، وهذا حسب آراء عدد من أعضائه، من بينهم الإسبان والإيطاليين، الذين باتوا يشعرون بخيبة أمل متزايدة من أداء الاتحاد والدول المنخرطة فيه، ويرون شبح نهاية حلف وارسو يلوح في الأفق الأوروبي. حول هذا الإطار، جاءت مقالة مطولة لصحيفة الجارديان البريطانية، كتبتها الصحفية كاثرين بتلر، وفيها استطلعت آراء عدد من المفكرين والباحثين، حول السبل المتاحة من أجل استعادة الدول الأوروبية لتوازنها عقب هذه الجائحة، وتطويق ما نتج عنها من آثار سلبية طالت كافة نواحي الحياة.
التأثيرات الاقتصادية المتفاوتة بين الدول … الحاجة ماسة لاتحاد مالي
تشارلز جرانت، مدير مركز الإصلاح الأوروبي، وهو أحد المراكز البحثية المستقلة في بريطانيا، تناول التحدي الاقتصادي المستقبلي، الذي سيواجه دول الاتحاد في مرحلة ما بعد الجائحة. يرى جرانت أن الخلاف المتفاقم سابقًا بين دول الاتحاد حول مستقبل منطقة اليورو، أصبح مرشحًا لأن يتحول إلى أزمة خطيرة. فقد أصبحت جائحة كورونا، بمثابة فرصة سانحة لمن كانت لديهم آمال سابقة في أن يروا الاتحاد يتداعى، خاصة وأن حكومة كل دولة من دول الاتحاد، تقوقعت على نفسها، وأعطت الأولوية المطلقة لاحتياجاتها الشخصية، وتقلص بذلك بصورة خطيرة مستوى الثقة المتبادلة بين حكومات دول الاتحاد، وهذا كله ببساطة معاكس لما تم تأسيس الاتحاد من أجل تحقيقه.
الكساد الاقتصادي المتوقع من جراء تفشي جائحة كورونا، سيؤثر حسب ما يرى جرانت، على الإيرادات الحكومية لدول الاتحاد، وبالتبعية سيؤدى إلى ارتفاع الدين العام ونسبة البطالة، لكن درجة هذه التأثيرات لن تكون موحدة في كافة دول الاتحاد، فمثلًا ستدخل بعض هذه الدول فترة الكساد مثقلة بالديون، كما أن بعض الأنشطة الاقتصادية التي تعتمد عليها، مثل السياحة مثلًا، ستتأثر بشدة في فترة ما بعد الجائحة، ذلك على الرغم من التسوية الاقتصادية التي اعتمدها وزراء الاتحاد في التاسع من أبريل الجاري، بمبلغ 500 مليار يورو، لدعم دول الاتحاد الأكثر تضررًا من تبعات تفشي جائحة كورونا.
في نفس الإطار، تواجه العديد من دول جنوب أوروبا، خاصة إيطاليا، تحديات ضبابية في المستقبل المنظور، فالإيطاليون أصبحوا على قناعة، أن الاتحاد الأوروبي يتخلى عن بلادهم للمرة الثانية، بعد أن تخلى عنها سابقًا في أزمتي المهاجرين ومنطقة اليورو، وهذا الشعور متأصل من سنوات في دولة بلغت قيمة دينها العام حتى الآن، 135 بالمائة من ناتجها القومي الإجمالي، وبالتالي يحقق اقتصادها بالكاد نموًا منذ إقرار منطقة اليورو, هذا الواقع ربما يستفيد منه ماتيو سالفيني صاحب الشعبية الواسعة، والفرص الجيدة في الفوز بالانتخابات المقبلة، خاصة وأنه مرارًا أثار موضوع مستقبل عضوية بلاد في الاتحاد الأوروبي.
مؤسسات الاتحاد الأوروبي حاولت قدر المستطاع قبيل أزمة كورونا، أن تقوم بتفعيل دور اتحادي جامع لدول الاتحاد، وقد جاهدت المفوضية الأوروبية بشكل مضني، كي تقوم بهذا الدور، لكن ظلت الملفات السيادية والرئيسية، مثل الاقتصاد والصحة والحدود، في قبضة حكومات دول الاتحاد.
على مستوى سندات اليورو، توصل البنك المركزي الأوروبي إلى برنامج جيد وطموح لشراء السندات بقيمة 750 مليار يورو، لكن إجراءات البنك لن تكون كافية في المدى المنظور، وبالتالي يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى القيام بدور قيادي ورئيسي في السياسة المالية الأوروبية. فرنسا وإسبانيا وإيطاليا من جانبهم، يريدون أن يقوم الاتحاد الأوروبي، بإصدار سندات مالية تضمنها الدول الأعضاء، وتذهب الحصة الأكبر من الأموال فيها إلى بلدان الاتحاد الأكثر احتياجًا للموارد المالية، من أجل الإنفاق على الخدمات الصحية ومنح البطالة ومحفزات الاستثمار والحزم المالية المخصصة لدعم الشركات المتعثرة.
ببساطة، هذه الخطة تعني أنه ومن خلال سندات اليورو، ستقوم بلدان الاتحاد المتماسكة ماليًا، بتقديم المساعدة للدول المتعثرة ماليًا، من أجل محاصرة آثار تفشي الجائحة في أوروبا. تعارض كل من هولندا وألمانيا ودول شمالي أوروبا هذه الخطة، وذلك بسبب خشيتهم من أن تعتاد الدول المتعثرة على تلقي المعونات، وتحجم عن القيام بإصلاحات اقتصادية جذرية. على الرغم من وجاهة هذا السبب، إلا أن البديل الآخر لهذه الخطة يبقى أكثر كارثية، وفيه ستغرق دول منطقة اليورو في دوامة لا نهائية من التضخم وانخفاض الناتج القومي، وكذا ارتفاع الديون الداخلية والخارجية، وعمليًا بعد ذلك الخروج من الاتحاد بشكل كامل، وهو السيناريو الأسوأ لجميع دول الاتحاد، الذي حينها سيكون قاب قوسين أو أدنى من التفكك.
خلاصة القول، إنه إذا لم تبادر دول منطقة اليورو، باتخاذ إجراءات عاجلة لتحقيق وحدة مالية واقتصادية فيما بينها، فإن تأثيرات ما بعد الجائحة سوف تضرب مصداقية الاتحاد ودوره في مقتل.
أوروبا تستطيع المساهمة في الحد من آثار الجائحة على المستوى العالمي
شذى الإسلام، مديرة وحدة أوروبا والجيوسياسية في صندوق أصدقاء أوروبا، ومقره بروكسل، ترى أن الإجراءات التي ستتخذها الدول الأوروبية حيال هذا الوباء، قد تحدد مستقبل دول العالم في مرحلة ما بعد هذه الجائحة. على المستوى السياسي، ليست الأوضاع الحالية مثالية بالنسبة للدول الأوروبية، فالنهج الاستبدادي الشمولي في الحكم يزحف ببطء في دول مثل المجر وغيرها، وباتت الشعارات التي قام عليها الاتحاد الأوروبي، مجرد كلام أجوف، وذلك على وقع غياب التضامن والتعاون الغائب بين دول الاتحاد خلال هذه الأزمة. لكن على الرغم من هذا، إلا أنه يجب على دول الاتحاد أن تستغل غياب الدور الأمريكي في الوقت الحالي عن المسرح الدولي، والقيام بثلاث خطوات عاجلة وجريئة، تخترق بها الجمود الناتج عن تفشي الجائحة.
أولًا، وبما أن الصدمة الناتجة عن تفشي الجائحة هي صدمة عالمية، وتأثيراتها تطال الجميع، إذن لن تكون أية إجراءات محلية كافية لتحقيق نتائج مرضية للاتحاد بصورة عامة، لذلك يجب على القادة الأوروبيين، أن يفعلوا بالضبط ما فعله قادة أوروبا في نهاية الحرب العالمية الثانية، عبر اتفاقية (برايتون وودز)، التي أسست لاستقرار النظام العالمي المالي، وإنماء التجارة الدولية في فترة ما بعد الحرب. أوروبا تحتاج لاتفاقية مماثلة، تحقق بها التكامل المالي فيما بين دولها، وتتجنب بها الآثار السلبية للكوارث الطارئة مثل جائحة كورونا.
ثانيًا، بدء دول الاتحاد الأوروبي، في تأسيس شراكة عالمية في مجال الصحة، ومنح منظمة الصحة العالمية، الصلاحيات والسلطات اللازمة، لمراقبة السياسات الصحية الحكومية، وضمان تبادل دولي أفضل للمعلومات حول الأوبئة والأمراض المختلفة، بما يضمن في المستقبل محاصرة أية أوبئة قبل تفشيها على نطاق واسع.
ثالثًا، يجب على أوروبا أن تدفع باتجاه خطة إنقاذ إنسانية دولية، لمساعدة دول جنوب آسيا، ودول أفريقيا خاصة دول جنوب الصحراء، التي تفتقر إلى الإمكانيات الصحية المحلية، أو الموارد المالية، أو القدرات البشرية اللازمة للتعامل مع مثل هذه الكوارث. وفي هذا الإطار، يجب النظر مجددًا في سياسة (الإعانات المالية)، لهذه الدول وغيرها، وكذلك إعادة جدولة الديون المترتبة عليها، وتطوير آليات تقدم المساعدات النقدية والعينية من الدول المتقدمة للدول الفقيرة، بحيث تساهم في تطوير وتقدم هذه الدول، لا أن تكون أداة للسيطرة عليها وعلى قرارها ومقدراتها.
تجنب سياسة التقشف، وتحسين احتمالات نجاح إجراءات الانتعاش الاقتصادي
من جانبه، يرى العضو عن حزب الخضر الهولندي في البرلمان الأوروبي باس أيكخوت، أنه إذا تمكنت أوروبا من إيجاد الآليات المناسبة للتعامل مع آثار هذه الجائحة، على المدى القصير والمتوسط، فإنه يمكن تحويل هذه الأزمة إلى فرصة جيدة للبدء في معالجة مواضع الخلل في البنية الأوروبية. حاليًا الأولوية هي لعمليات العزل والحظر المنسقة، ولتوفير المستلزمات الطبية اللازمة، لكن فيما بعد سيظهر تحديان أساسيان، الأول هو كيفية بناء آلية اقتصادية مشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي، لمعالجة أزمات نقص السيولة، والثاني هو ماهية الخطوات اللازمة من أجل التأسيس لانتعاش اقتصادي ومالي طويل الآجل في أوروبا.
تقاسم المخاطر المالية ما بين دول الاتحاد من أجل معالجة آثار هذه الجائحة يبدو أمر ضروري ومنطقي في هذه المرحلة، لكن على المدى الطويل، ستحتاج أوروبا إلى خطة انتعاش مالي ذات مصداقية وفعالية، يتم فيها التعلم من دروس الماضي، خاصة أزمات منطقة اليورو، التي تعمقت على مدار السنين بفعل لجوء دول الاتحاد الدائم إلى سياسات التقشف، التي أدت على مدار السنوات الماضية إلى تفاقم نسب البطالة حول أوروبا. الآن تحتاج أوروبا إلى برنامج استثمار جدي، ويجب الاستفادة منه لمعالجة أزمات أخرى مثل التغير المناخي، فأوروبا في حاجة إلى أن تفتح صفحة جديدة في مقاربتها للحفاظ على البيئة والمناخ، مما سيخلق فرص عمل جيدة، ستتزايد في ظل اقتصاد يحافظ على التنوع البيئي، ويكافح أية ملوثات للبيئة.
كورونا كارثة نفسية … لكن ليس لأوروبا
بريجيد لافان، مديرة معهد الجامعة الأوروبية، ومقره مدينة فلورنسا الإيطالية، ترى أن الصحة العامة هي مسألة تخص الحكومات الأوروبية المحلية، وليس الاتحاد الأوروبي، لكن مع ذلك فإن الكثير من آليات استجابة الاتحاد الأوروبي لتداعيات هذا الفيروس، يتم تصنيفها على أنها آليات (وجودية)، تمثل اختبار لبقائها، وبرغم ذلك لا يطالب الاتحاد بالموارد التي من الممكن أن تطالب بها الحكومات الأوروبية.
الآن، يجب حسب رأس لافان، أن يحاول الاتحاد تسخير القدرة المالية الجماعية لأوروبا، وفي هذا الصدد وضع وزراء مالية منطقة اليورو، ثلاث أدوات لدعم العمال والشركات والدول الأعضاء في هذه المنطقة. فرنسا وألمانيا كانتا حجر زاوية في تجنب الانهيار المالي المدمر لدول الاتحاد، ولكن يتعين على القادة الأوروبيين منذ هذه اللحظة، تأسيس صندوق (كورونا) مالي، يخصص لإعادة بناء الأنظمة الطبية والصحية داخل دول الاتحاد، ومعالجة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن تفشي الجائحة على المدى الطويل، خاصة وأنه لمواجهة هذا الوباء، يجب ضمان مظلة مالية عامة، وسيطرة حكومية متينة في كافة أنحاء أوروبا.
من المشكلات التي نتجت عن تفشي هذه الجائحة، الفشل في إيجاد بيانات موثوقة قابلة للمقارنة، حول معدلات انتشار الجائحة، ومعدلات الوفيات الناتجة عنها في جميع أنحاء أوروبا. كذلك يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى الاستعداد لمواجهة الأوبئة في المستقبل، من خلال تخزين المستلزمات والمواد الطبية اللازمة، وضمان عدم توريدها من مناطق بعيدة. أخيرًا، يجب على كافة دول أوروبا، فهم أن جائحة كورونا هي في الأساس أزمة نفسية للأفراد والمجتمعات، لكنها لا يجب أن تكون كذلك للحكومات الأوروبية، التي يجب على من تضرر منها بشدة من هذه الجائحة، اللجوء إلى التعاون مع بقية دول الاتحاد، لأن تكاليف الانتعاش المالي والصحي سيدفعها الجميع وليس دولة واحدة.
خطة مارشال جديدة… وهجرة العقول في أوروبا الشرقية
فيسيليا تشيرنيفا، نائبة مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ومقره بلغاريا، ترى أن تفشي جائحة كورونا على مستوى العالم، عمق الهوة بين شرق أوروبا وغربها، فقد شعرت حكومات وسط وشرق أوروبا بالعجز، حين وجدت أنظمتها الصحية مشلولة بشكل تام، حيال هذه الجائحة، وهي الأنظمة التي عانت منذ اوائل التسعينيات، من نقص التمويل، وهذا كان أحد أسباب الحجر الصحي الصارم الذي طبقته على أراضيها. كشف تفشي جائحة كورونا أيضًا عن التأثيرات السلبية لهجرة العقول والخبرات من دول شرق أوروبا إلى غربها، وهذه مشكلة لا يمكن أن يظل الاتحاد الأوروبي متجاهلًا لها، فلا يجوز أن يأتي نجاح ألمانيا في التعامل جزئيًا مع تداعيات هذه الجائحة، على حساب دول شرق ووسط أوروبا، التي هاجر منها نحو الغرب جيش من الأطباء والممرضين، تعتمد عليه الآن دول غرب أوروبا، في مكافحتها هذه الجائحة.
من المفارقات في هذا الصدد، أن تداعيات هذه الجائحة، أدت إلى انعكاس حركة تدفق العمالة، وبدء عودة الملايين من الأوروبيين الشرقيين إلى ديارهم، حيث عاد حوالي 200 ألف بلغاري فقدوا وظائفهم في أوروبا الغربية إلى ديارهم منذ بداية مارس، من بين عدد سكان بلغاريا الذي يبلغ ثلاثة ملايين نسمة. هذا العدد الكبير من العمال، الذين ظهروا فجأة في سوق العمل، وبصرف النظر عن الشك في إصابة بعضهم بجائحة كورونا، قد يشكلون عبئًا كبيرًا على الدولة على المدى الطويل، وهذه الاحتمالية ربما تكون سببًا وجيهًا لجعل الاتحاد الأوروبي، يفكر في تأسيس نظام للتأمين العمالي المشترك.
خلاصة القول، أن احتمالات (خطة مارشال جديدة) لإعادة بناء أوروبا ما بعد الوباء، تبدو كبيرة في مساعدة اقتصادها على الارتداد نحو النمو والانتعاش، وحينها سنجد أن الموجة الشعبوية الشمولية قد بدأت في الانحسار، وأن محاولات الهيمنة المطلقة على السلطة، على غرار أسلوب رئيس وزراء المجر أوربان، ستصبح محاولات قصيرة الآجل، لا تستطيع الاستفادة من كوارث دولية مثل جائحة كورونا.
الديمقراطية تحت التهديد … هناك حاجة إلى تحول كامل في التفكير
روزا بلفور، مديرة مركز كارنيجي أوروبا، ومقره بروكسل، ترى من جانبها، أن الحزمة المالية التي اتفقت عليها الأسبوع الماضي دول الاتحاد الأوروبي، بقيمة 500 مليار يورو، تعد خطوة إلى الأمام، لدعم تعافي دول الاتحاد من الآثار الاقتصادية لجائحة كورونا، لكنها خطوة أبعد ما تكون عن تغطية كافة آثار هذه الجائحة، ومنح أوروبا المناعة الكافية من آثار أية كوارث مماثلة في المستقبل.
دول الاتحاد وغيرها، مازال عليها تحمل تبعات هذه الجائحة، وفي نفس الوقت العمل على توفير ظروف حياة أفضل للأجيال القادمة، قد يكون منها مثلًا التأسيس لنهج اقتصادي رقمي، يراعي البيئة والمناخ. هذا التوجه يتطلب تحولاً كاملاً في التفكير حيال منهجية الاستثمار بشكل عام، وفي هذه المرحلة يصبح تطبيق نظريات الاقتصادي البريطاني الشهير (جون كينز)، أكثر صلة بالواقع من تطبيق النظريات الاقتصادية الليبرالية الجديدة.
لم يتهدد الاقتصاد فقط بجائحة كورونا، بل باتت الديمقراطية مهددة بشكل متزايد عقب تفشي هذه الجائحة، فالاتحاد الأوروبي كتجربة سياسية، سيكون محكومًا عليه بالفشل، إذا سمح بوجود دول ذات أنظمة حكم شمولية ضمن أعضائه، وإذا تم تكريس الانطباع السائد، بأن الاتحاد الأوروبي هو اتحاد شكلي، به الحد الأدنى من التكامل السياسي بين أعضائه، سيكون ذلك بمثابة بداية لفقدان الثقة والربط بين أوروبا وبقية بلدان العالم.
وخلاصة القول، أنه وعلى الرغم من أن المخاطر الحالية فيما يتعلق بهذه الجائحة متركزة بشكل أساسي في الداخل الأوروبي، إلا أنه في حالة انتشار هذه الجائحة بشكل واسع ومكثف في مناطق أخرى في العالم، ستكون أوروبا حينها أمام اختبار جدي حول قدرتها على تقديم المساعدة لهذه المناطق، وإذا فشلت في تحمل المسؤولية، فإن هذا الفشل سيكون مدويُا في كافة أنحاء العالم.
باحث أول بالمرصد المصري