
سباق عالمي لإيجاد لقاح لفيروس كورونا
في غضون شهور قليلة اجتاح العالم قادما من مدينة ووهان الصينية فيروس من عائلة الفيروسات التاجية يحمل اسم “كوفيد-19 “، او ما يطلق عليه فيروس كورونا المستجد، وانتشرت المخاوف من سرعة انتشار هذا الفيروس، وبدأت المحاولات لاحتواء الفيروس والسيطرة عليه، وتسابقت الدول لإيجاد علاج او لقاح فعال يحد من الانتشار العنيف لهذا الفيروس الذي تم وصفه من قبل منظمة الصحة العالمية بانه وباء عالمي “جائحة” تهز العالم اجمع.
وتبذل الدول جهودا حثيثة للتصدي لفيروس كورونا وكبح انتشاره حول العالم، ويحاول العلماء الاستعانة بنماذج محاكاة حاسوبية معقدة لمتابعة أنماط انتشار الفيروس والتنبؤ بها، بينما يعكف علماء الفيروسات على تطوير لقاح جديد باستخدام أساليب التعديل الجيني، وفي الوقت نفسه تُجرى أبحاث على عقاقير لعلاج المصابين بالفيروس، وتتسابق في ذلك أمريكا وألمانيا والصين استراليا واسرائيل وفرنسا وايطاليا، وغيرها من الدول، خاصة بعد ما نشر الأكاديميون الصينييون التسلسل الجيني للفيروس في قاعدة بيانات مفتوحة حتي يتسني للجميع اجراء الابحاث .
الصين
أجرت الصين تجارب عديدة لمحاولة اكتشاف طريقة لعلاج فيروس كورونا المستجد او حتي السيطرة عليه، فبدأت تجارب علاج من خلال بلازما الدم من الاشخاص المتعافين من الاصابة من خلال تصميم علاج الجلوبيولين المناعي لفرط المناعة (H-IG) المضاد للفيروس واستخدامها لعلاج الاشخاص المصابين حيث تمنح الجهاز المناعي للمريض الجديد دفعة من الأجسام المضادة، وقد اثبتت هذه الطريقة جدواها مع، وقد دعت الصين العديد من المتعافين للتبرع بالدم لإجراء الاختبارات اللازمة عليه ومحاولة ايجاد علاج من خلال الاجسام المضادة والبروتينات النافعة الموجودة في دمائهم، وسعي مجموعة اخري من العلماء لإجراء تجارب سريرية على عدد من الأدوية التي يأتي في مقدمتها تلك المستخدمة في علاج الانفلونزا العادية، والإيبولا، ونقص المناعة المكتسبة (الايدز)، والسارس، والملاريا، لاختبار مدى فعاليتها وتطويرها في علاج مصابي كورونا.
ووفقا لما ذكره ( Xu Nanping ) نائب وزير العلوم والتكنولوجيا الصيني فانه من المتوقع بدء التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا المستجد في عدد كبير من شركات الادوية في الصين والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، و تخطط شركة ( Pharmaceuticals Inovio) لبدء التجارب السريرية للقاح ابريل القادم على 30 متطوعًا صحيًا في الولايات المتحدة ، تليها الصين ، وكوريا الجنوبية، ومن المقرر إجراء تجربة سريرية للمرحلة الأولى بالتوازي في الصين بواسطة “بكين أدفاتشين” ومن المتوقع أن تكون نتائج التجارب السريرية متاحة في سبتمبر 2020، وتهدف شركة Inovio إلى إنتاج مليون جرعة من اللقاح بحلول نهاية عام 2020 لإجراء تجارب سريرية إضافية أو استخدام طارئ.
وقد أعلنت كل من( GeoVax) الأمريكية، و(BravoVax ) الصينية، خطة مشتركة لأجل تطوير لقاح ضد الفيروس، وستركز الصين على إجراء الاختبارات والتصنيع وكذلك التواصل مع السلطات الصينية، بينما الشركة الأمريكية تعمل على تحسين فعالية اللقاحات المنتظرة وجعلها أكثر مناعة.
كما تقوم شركة (Clover Biopharmaceuticals) الصينية بتطوير اللقاح على أساس بروتين (S-Trimer) من فيروس كوفيد-19، وهو المسؤول عن الربط مع الخلية المضيفة والتسبب في العدوى الفيروسية.
الولايات المتحدة
تبحث الولايات المتحدة مع قطاعات الصحة الوطنية والعديد من شركات الادوية جهود مكافحة انتشار الفيروس، وتُطوّر اختبارات للكشف عنه، وايجاد لقاح مناسب في اقرب وقت، وبتمويل من المعاهد الوطنية الأميركية للصحة تجري الان التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا المستجد علي 45 متطوع تتراوح اعمارهم من 18-55 سنه غير مصابين بالفيروس داخل معهد بحوث “Kaiser” لبحوث الصحة في ولاية واشنطن بالتعاون مع شركتي ( Moderna و Novavax )، و ونفذت بالفعل اولي تجارب اللقاح الذي يطلق عليه “1273 ” mRNAعلي المتطوعين الاثنين الماضي، وفي حال نجاح التجارب والتأكد من عدم وجود اثار جانبية ، من المتوقع ان تستكمل باقي اجراءات انتاج اللقاح في خلال عام علي الاقل.
كم تم الاعلان عن الانتهاء من صنع جرعة واحدة من لقاح يمكن ان يستخدم لفيروس كورونا المستجد من خلال بخاخ الانف من قبل شركة الادوية البيولوجية الامريكية ( Altimmune) تم تطويره من لقاح فيروس نقص المناعة البشرية التاجي المشابه للقاح الأنفلونزا المنتج بواسطة نفس الشركة والمعروف باسم ” NasoVAX” وجاري اختباره علي الحيوانات.
كما دخلت شركة “Tonix ” للأدوية في شراكة مع شركة ” Southern Research” وهي منظمة بحثية غير ربحية لتطوير لقاح لفيروس كورونا يسمى” TNX-1800″، وهو مستحدث من فيروس جدري الحصان، وتم تطويره ليتعامل مع البروتين المستمد من الفيروس الذي يسبب عدوى كورونا، وسيتم تقييم نتائج التجارب قريبا.
وتقوم شركة ( Vaxart ) الامريكية بتطوير لقاح في شكل تركيبة من اقراص عن طريق الفم باستخدام منصة لقاح الفم الخاصة بها “VAAST”، وتخطط الشركة لتطوير لقاحات على أساس الجينوم المنشور لـفيروس كوفيد-19 ليتم اختباره في نماذج ما قبل السريرية للاستجابات المناعية المخاطية والجهازية.

ألمانيا
في ألمانيا أعلنت شركة (CureVac) التوصل لنتائج واعدة في انتاج لقاح ضد فيروس كورونا، ونتيجة لمحاولة جذب الولايات المتحدة للشركة الالمانية للعمل لصالحها ، دعمت المفوضية الاوروبية الشركة ب 80 مليون يورو لاستكمال الابحاث والوصول للقاح بأسرع وقت.

ايطاليا
مع تفشي الفيروس في ايطاليا وزيادة عدد المصابين، تسعى روما إلى تطوير عقار مقاوم للفيروس، وذلك عبر شركتي( Takis وEvvivax )من خلال استخدام تقنيات التلقيح الوراثي سعياً لتوليد أجسام مضادة للفيروسات واختبار مدى تمكنها من التعامل مع الفيروس.
أستراليا
تحاول استراليا ايضا اللحاق بسباق الدول لإنتاج لقاح ضد هذا الفيروس المستجد بمجرد اعلان الصين التركيب الجيني له ، فقد أعلن فرق بحثي في جامعة ( Queensland UQ) انه بدأ التجارب قبل السريرية والاختبارات علي الحيوان والنتائج مبشرة، ويأمل ان يبدأ تجارب علي البشر في يونيو القادم.
ولكن هناك محاولة اخري من معهد “Doherty ” جامعة ميلبورن ، والذي حصل فريق البحث فيه علي نسخة من التركيب الجيني للفيروس بعد النسخة التي اعلنتها الصين، ويختلف هذا اللقاح في انه يعتمد علي الاجسام المضادة التي كونها الجسم نفسه لمقاومة الفيروس من خلال اخذ عينات من مرضي بالفيروس، ومحاولة تطويرها لتقوية المناعة ومنع دخول الفيروس للجسم في محاولة لمحاكاة الاستجابة المناعية للجسم عن طريق هذا اللقاح.

الدنمارك
تستخدم شركة (AJ Vaccines ) الدنماركية أحدث التقنيات لتطوير المستضدات التي يمكن أن تحاكي الهياكل الأصلية للفيروس، واللقاح سيكون قادراً على تحفيز استجابة مناعية قوية في الجسم وبالتالي الحماية من العدوي وتعلن انها ستكون قادرة علي انتاجه للطلب العالمي بحلول عام 2021.
فرنسا
تتعاون حاليا شركة الأدوية الفرنسية (Sanovy )مع الولايات المتحدة لاستخدام ما يسمى بـ”منصة الحمض النووي المؤتلف” لإنتاج لقاح محتمل، حيث تتيح هذه الطريقة أخذ الحمض النووي للفيروس ودمجه مع الحمض النووي لفيروس غير ضار، فيحدث استجابة مناعية، ويمكن بعد ذلك زيادة المستضدات التي ينتجها، وهذه التكنولوجيا هي أساس للقاح الأنفلونزا الذي طورته سانوفي وكذلك لقاح سارس، وقد يكون هذا اللقاح جاهز للتجارب السريرية النهائية في غضون عام ونصف .
بريطانيا
كشف البروفيسور روبن شاتوك، المتخصص في الأمراض المعدية من جامعة “إمبريال كوليدج لندن”، عن التوصل الي لقاح محتمل لفيروس كورونا، كما اعلن عن خطة فريقه البحثي للبدء بتجارب حقيقية على الحيوانات ، ثم تطبيق التجربة على البشر خلال فصل الصيف.
اسرائيل
أعلن معهد بحوث (MIGAL) الإسرائيلي عن تطوير لقاح فيروس التهاب الشعب الهوائية الحاد (IBV) لعلاج فيروس كورونا، وقد أثبت اللقاح فعاليته في التجارب السريرية التي أجراها المعهد، ويحاول المعهد حاليا الحصول علي الموافقات اللازمة لتجريبه علي البشر وايجاد التمويل والشراكات لإنتاجه خلال شهرين.
في النهاية تسابقت حتى الان اكثر من 35 شركة ادوية عالمية ومؤسسة بحثية في الاسراع لتطوير لقاح ضد فيروس كورونا المستجد، منها ما وصل الي التجارب علي الحيوان، ومنها ما بدء بالفعل تجاربه علي البشر، وعلي الرغم ان تطوير اللقاحات صناعة ذات مخاطر متزايدة، وتحتاج العديد من التجارب والاختبارات وعلي الرغم من التقدم العلمي والتكنولوجي السريع، فان تكاتف وتعاون المؤسسات الدولية ودعم الحكومات وتوفير التمويل هو الطريق الوحيد للإسراع بإيجاد اللقاح الامن والسيطرة علي هذا الوباء.
باحثة ببرنامج السياسات العامة