سوريا

حدود الاشتباك الموسع .. الجيش السوري يستعيد سراقب والشرطة العسكرية الروسية في الواجهة

في متابعة المرصد المصري للتطورات الميدانية المتسارعة في إدلب، آخر الجيوب العسكرية للمسلحين الموالين لتركيا، في شمال غربي سوريا؛ وَضَع المرصد في تحليلاته السابقة محاور الهجوم المضاد المحتملة، وحدد نقاط انطلاقها، للجيش السوري، والتنظيمات المسلحة والفصائل الإرهابية الموالية لتركيا بعد نجاح الأخيرة في بسط سيطرتها المؤقتة على مدينة “سراقب” الاستراتيجية، تلك السيطرة لم تدم لأطول من 48 ساعة بالرغم من إسناد تركي جوي – مدفعي، كثيف، ومعزز بأحدث طائرات اسطول طيرانها المُسير الغير مأهول. فلم تصمد دفاعات المسلحين أمام أنساق الهجوم البري السوري، الذي حظي هذه المرة بإسناد جوي روسي قطّع أوصال خطوط إمداد المسلحين بين “سراقب” وغربها.

وكانت محاور الهجوم المحددة سابقاً، والتي تشهد الآن مواجهات عنيفة، كالتالي:

  • محور جنوب غربي حلب، حيث قصف المدفعية التركية بلدت قبتان الجبل وعنجارة والشيخ عقيل وكفرحلب، في محاولة لدفع القوات الحكومية السورية بعيداً عن بلدة “دار عزة”، التي تتعرض نقاط المسلحين فيها لقصف مدفعي عنيف بصورة دورية. كما تجدر الإشارة أن أية تقدمات ميدانية للجيش السوري باتجاه “دار عزة” من شأنها عزل المسلحين في إدلب عن مدينة “عفرين”.
  • محور جنوب سراقب، حيث استعاد الجيش السوري السيطرة علي المدينة الاستراتيجية التي تشرف علي مفترق طرقي “إم 5-إم4” الدوليين، أول من أمس، بعد معارك عنيفة مع تشكيلات مسلحة هجينة ( معارضة معتدلة + جبهة النصرة)، حظيت بأكبر غطاء جوي من الطيران المُسير التركي منذ اندلاع الحرب السورية.

الجيش السوري دخل المدينة، وتبعته لأول مرة، وحدات من الشرطة العسكرية الروسية. في إعلان روسي لتثبيت السيطرة النارية علي هذه المدينة الهامة وكذا طريق “إم-5”. فيما أرسلت هيئة تحرير الشام “جبهة النصرة”، ارتالاً من قوات النخبة “العصائب الحمراء”، علي أطراف المدينة.

كما تزال الاشتباكات جارية علي المحاور الجنوبية لسراقبة، في قريتي الترنبة، وجوباس. تجدر الإشارة أن خلال 24 ساعة من المعارك في سراقب وأطرافها خلفت 115 قتيلاً من الفصائل الإرهابية والجيش السوري، وتراجعت بشكل ملحوظ الاستهدافات الجوية من قِبل الطيران التركي المُسيٌر.

  • محور جبل الزاوية، أول من أمس، وصلت تعزيزات عسكرية تركية قادمة من معبر باب الهوي، لبلدات محيط جبل الزاوية، حيث تضغط موسكو لتمكين قوات الجيش السوري من الوصول لطريق “إم-4″، الذي يربط حلب باللاذقية، كما استعاد الجيش السوري السيطرة علي 7 قري في هذا المحور، لكن تشكيلات المسلحين الموالين لتركيا حققت تقدماً  باتجاه بلدة كفرنبل.

محاور الهجوم – الهجوم المضاد، الرئيسية التي التفت حول مدينة سراقب، وشملت الجنوب من إدلب وصولاً لغرب جنوبي حلب، حكمتها قواعد اشتباك، يمكن عدّها كالاتي:

  • تحييد استخدام تركيا لمقاتلاتها، حيث تفرض روسيا منذ اندلاع المعارك في إدلب مطلع ديسمبر الفائت، استخدام تركيا لمقاتلات سلاحها الجوي. خلافاً لما تم في شرق الفرات، حيث استخدمت تركيا مقاتلات الإف 16 لضرب نقاط الأكراد بعمق 30 كم، وبامتداد جبهة تصل لـ 400 كلم حتي الحسكة شرقاً. ما دفع تركيا للاعتماد علي تكتيكين، الأول، الاعتماد علي طيرانها المُسير صاحب البصمة الرادارية والحرارية المنخفضة، في توفير الدعم والإسناد الجوي، وقصف أهداف “مشاة – ميكانيكي” التابعة للجيش السوري.

 الثاني، تنفيذ طلعات لمقاتلات الإف 16 في بطول الحدود السورية التركية، كما تجدر الإشارة أن المقاتلات التركية بدأت باستهداف الطيران الحربي السوري وهي داخل الأجواء التركية، ونتج عن ذلك اسقاط طائرتي سوخوي 24، وطائرة قتال خفيف إل – 39 تابعتين لسلاح الجو السوري، خلال 72 ساعة فقط، كما اسقطت الدفاعات السورية طائرتين تركيتين بدون طيار.

  • منع التوغل شرقاً باتجاه حلب، حيث قامت الوحدات السورية – الروسية،  بتأمين جبهة جنوب غرب حلب، وقوبل التمهيد المدفعي التركي علي نقاط الجيش السوري بقصف مدفعي مكثف علي بلدة ” دار عزة”، التي تعد بوابة فصل التشكيلات المسلحة الموالية لتركيا في إدلب، عن عفرين.
  • تحاشي تركيا اسقاط المقاتلات الروسية، خوفاً من تأزم الوضع الميداني في إدلب، وردّات الفعل الروسية المحتملة إزاء أية عمليات اسقاط لمقاتلاتها، ولاسيما بعد استشعار أنقرة عناد وجدية موسكو، في إنهاء الوضع القائم في ادلب، وتنفيذ مخرجات أستانا وسوتشي فيما يخص فصل المعارضة المعتدلة عن الفصائل الإرهابية وإعادة فتح وتشغيل طريقي “إم 4-إم5” الدوليين، ورفض السماح لتركيا بفرض وقائع ميدانية لصالحها. وعلي الرغم من ظهور عدة تسجيلات مصورة لعناصر مسلحة رفقة ضباط أتراك يقومون باستهداف الطائرة القاذفة الروسية سوخوي 24، إلا أنه لم تُسجل حتي الآن أي خسائر طالت المقاتلات الروسية فوق سماء إدلب.
  • ضمان عدم انخراط الاكراد في معارك إدلب، تحاول تركيا السيطرة علي وضع القوات الكردية شمال حلب، والمجاورة لمناطق عمليات درع الفرات وغصن الزيتون، لضمان الحفاظ علي عدم انخراط عسكري نشط للوحدات التركية في الصراع بإدلب، سواء بالإسناد، أو بتنفيذ العمليات النوعية. حيث تشهد تلك المناطق تبادل للقصف المدفعي واشتباك محدود مع العناصر المسلحة الموالية لتركيا.
  • عدم تجهيز موسكو للجيش السوري بشكل كافِ، يسمح له التصدي وحده لهجمات التنظيمات المسلحة والفصائل الإرهابية، واستكمال شن عملياته الهجومية صوب مدينة إدلب، لضمان توفير الانخراط العسكري الروسي الذي يحقق لموسكو ضبط أوسع لإيقاع الحرب وتباعاً المساومات السياسية.

يستعد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، لزيارة موسكو بعد غد، وذلك بعد اجراء اتصال هاتفي مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي. شهد الاتصال توتراً بينهما، حيث حيث أكد بوتين معارضته للعملية العسكرية التي أعلنت تركيا عنها ضد الجيش السوري في إدلب، كما رفض مقترح انسحاب قوات النظام إلى حدود اتفاق سوتشي 2018، وأصر على مواصلة الهجمات في إدلب. ما دفع الرئيس التركي لمحاولة إيجاد صيغة تفاهمية في لقاؤه المرتقب مع بوتين، تمنحه وقفاً لاطلاق النار، بعدما باتت قواته الميليشياوية والنظامية أمام خطر استنزاف بعد صدقية اختبار القوة السوري – الروسي في إدلب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى